لم يعد سباق «الفورمولا 1» في البحرين مجرد حدث رياضي عالمي ينظم سنوياً، بل تحول إلى ظاهرة اقتصادية وسياحية تعكس بوضوح إمكانات المملكة وقدرتها على الاستفادة الذكية من الأحداث الكبرى.
في نسخة 2025، لم يكن الرقم 105 آلاف متفرج خلال أيام السباق الثلاثة مجرد إحصائية جافة، بل كان بمثابة رسالة تؤكد أن البحرين باتت وجهة جماهيرية من الطراز الأول.
أكثر من 37.7 ألف مشجع حضروا يوم السباق الرئيسي وحده، مقارنة بـ37 ألفاً في عام 2024، و36 ألفاً في 2023، و35 ألفاً في 2022. أما الحضور التراكمي، فارتفع تدريجياً من 98 ألفاً عام 2022، إلى 99.5 ألف في 2023، ثم 100 ألف في 2024، وصولاً إلى الرقم القياسي هذا العام.
الأرقام تتحدث عن نفسها، فهناك زخم يتصاعد، وثقة تتجدد، وحدث ينمو عاماً بعد عام، وهذا النمو اللافت لم يأتِ من فراغ، إنه نتيجة عمل ممنهج، واستثمار طويل الأمد في البنية التحتية والتنظيم والخدمات، والأهم في بناء سمعة دولية رصينة للبحرين كدولة صغيرة بحجمها، كبيرة بأثرها.
«الفورمولا 1» ليست مجرد سباق، بل منصة عالمية تبث إلى ملايين المتابعين، وتجذب جمهوراً نوعياً من مختلف دول العالم، هؤلاء لا يأتون فقط لمتابعة سباق، بل يحملون معهم إمكانات إنفاق واستهلاك واكتشاف، يمكن أن تتحول إلى فرص حقيقية للقطاعات السياحية والتجارية في البلاد.
نجاح «الفورمولا 1» لم يكن ليتحقق لولا التنسيق بين الجهات المختلفة، لكن القطاع الخاص مطالب اليوم بالدخول بقوة على خط الاستفادة، من شركة طيران، إلى الفنادق، إلى المطاعم، إلى شركات السياح، الكل معني بتحويل هذا الحضور إلى عائد.
نجاح التنظيم واضح، الفنادق ممتلئة، الإشغال السياحي مرتفع، والتجربة الشاملة للزائر آخذة في التحسن، ومع فوز فريق ماكلارين بالمركز الأول على أرض البحرين، ازداد زخم الحدث إعلامياً وجماهيرياً.
لِمَ لا يكون السباق بوابة لحملات ترويجية كبرى؟ ولِمَ لا تتحول البحرين خلال أسبوع «الفورمولا 1» إلى منصة عرض لثقافتها وتراثها وتجربتها السياحية؟ السائح الذي يزور اليوم من أجل السباق قد يعود غداً من أجل الشواطئ، أو الفنون، أو الأسواق، أو حتى للاستثمار.
نجحنا في الوصول إلى رقم قياسي في عدد الزوار، لكن التحدي الحقيقي يبدأ الآن، وكيف نجعل من الزائر المتفرج، زائراً دائماً؟.
0 تعليق