ساعتي تشير إلى العاشرة.. وأنت إلى التاسعة

الوطن البحرينية 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

إنه أول يوم في إجازة نهاية الأسبوع، استيقظت صباحاً على صوت تنبيهات الهاتف للرسائل النصية، إنها صديقتي تطلب مني اللقاء لأمر طارئ بعد ساعتين معتذرة عن قيامها بمراسلتي في وقت «مبكر جداً» كانت الساعة حينها تشير إلى الثامنة، نهضت مسرعة وارتديت ملابسي، وذهبت إلى مكان اللقاء، كانت صديقتي تجلس منتظرة في إحدى زوايا المقهى القريب من منزلي، وما إن وصلت حتى وقفت مرحبة مكررة اعتذارها لمراسلتي في وقت مبكر من صباح يوم الإجازة، قلت لها مطمئنة «لا بأس لقد كانت الساعة الثامنة ليس إلا» نظرت إلي باستغراب، وحولت نظرها إلى ساعة يدها، وقالت «الساعة الآن التاسعة وأنا راسلتك في تمام السابعة، وظننت حينها أنك مازلت نائمة» محتارة قلت لها «لكن ساعتي تشير إلى العاشرة وليس التاسعة» لحظة صمت كسرتها ضحكة خجولة منها وقالت مستدركة «يا إلهي لقد نسيت تماماً إعادة ضبط ساعتي بعد عودتي من السفر، لقد كنت مسافرة إلى إحدى الدول التي يتأخر فيها التوقيت عنا بفارق ساعة كاملة، لذا ظننت أنني راسلتك في وقت مبكر جداً».

للحظة جلست أتأمل الموقف، ماذا لو أن لكل منا توقيتاً خاصاً به مختلف عن الآخر؟ ماذا لو أن ساعتي متأخرة أو متقدمة بفارق ساعة أو ساعتين عن الآخرين دائماً؟ كيف كانت ستمضي أحداث اليوم؟ لو أنني قدمت ساعتي للأمام بفارق ستين دقيقة مثلاً هل يعني ذلك أنني كسبت ساعة كاملة من الزمن عن غيري من الناس؟ يُقال دائماً إن الوقت ما هو إلا مجرد وهم، وإن الثواني والدقائق والساعات لا تساعدنا في تنظيم الوقت، ولكنها تساعدنا في تقييده، فكر جيداً ألم تشعر مرة بالخذلان؛ لأنك نظمت يومك على أساس قيامك بالمهام في ساعات محددة جداً وعند انتهاء الوقت المحدد شعرت بالإحباط لأنك لم تنجز المهمة المطلوبة، في حين أنك مازلت تملك من الوقت ما يكفي لأن تعمل وتنجز؟ نعم هذه هي الحقيقة نحن نملك الوقت لا هو.

ما يثير الحيرة حقاً إنه لو كان لكل منا توقيته الخاص فنحن سنعيش وكأننا في عوالم متوازية، سأقوم حينها بإنجاز عملي وفق توقيتي الخاص بي أنا، في حين سيقوم زميل لي بإنجاز عمله وفق توقيته هو، نحن هنا سنتشارك المكان لا الزمان، كثيرون هم من يعيشون معنا على نفس الأرض، وفي نفس حدود المكان، لكنهم اختاروا عالماً موازياً لنا، يؤدون أعمالهم ومهامهم وفق قدراتهم وإمكانياتهم متجاهلين حاجز الزمن، واضعين أمام أعينهم أهدافاً محددة يجب أن يتم إنجازها خلال اليوم، ولكنهم لا يقيدون أنفسهم بساعات أو جدول عمل صارم، لا أنكر أن تنظيم اليوم شيء في غاية الأهمية، لكن تقيدنا بجدول محدد الساعات والدقائق يجعلنا نبدو وكأننا نفشل في كل مرة نعجز فيها عن الانتهاء من أداء مهمة أو عمل في ساعة محددة.

لنقس على ذلك كل جوانب الحياة التي نعيشها، لو أننا عشنا وفق رؤيتنا الخاصة، فما أراه أنا جميلاً قد يراه غيري قبيحاً لكن رأيه الخاص لن يؤثر على ما أعتقده أنا، في منزل واحد قد يعيش العديد من الأشخاص لكن لكل منهم عالمه الخاص ورؤيته للأمور مع أنهم كلهم يعيشون في نفس المكان، ويتشاركون نفس الظروف، في المدرسة يتشارك كل الطلاب نفس الصف ونفس الكتاب لكن هناك من يراه سهلاً يسيراً وهناك من يستصعبه ويراه مستحيلاً، في العمل هناك من يرى المدير شخصاً شريراً متسلطاً وهناك من يراه طيباً متساهلاً، يتشكل عالمنا وفق رؤيتنا له لا وفق الظروف والأحداث.

الخلاصة: علينا أن نعيش وننظم حياتنا وفق ما يتناسب مع إمكانياتنا وقدراتنا، وفق تطلعاتنا وأهدافنا الخاصة، لا وفق ما عاشه غيرنا من ظروف ومشاكل وأحداث، لا بأس بأن نعيش في عالم موازٍ لما يعيشه أغلب الناس، لا بأس أن أعبر رحلتي في هذا العالم وفق قدراتي أنا وإمكاناتي، لا تقارن نفسك بأحد ولا تسمح لحدود الوقت أن تمنعك من أداء مهامك كاملة كما يجب تذكر دائماً أنه في الوقت الذي تشير فيه الساعة في يد الناس إلى التاسعة، فإن ساعتك تشير إلى العاشرة.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق