القاهرة، مصر (CNN)-- ارتفعت تحويلات المصريين العاملين بالخارج، إلى 2.9 مليار دولار خلال يناير/ كانون الثاني 2025، لتسجل أعلى تدفقات خلال هذا الشهر منذ تسجيل البيانات، وفق بيان البنك المركزي المصري.
وأرجع مصرفيون سبب قفزة التحويلات إلى استقرار سعر صرف الجنيه أمام الدولار، ووجود أوعية ادخارية مرتفعة العائد تجذب هذه التحويلات.
ووفق بيانات البنك المركزي قفزت التحويلات منذ تحرير سعر صرف الجنيه أمام الدولار في مارس/ آذار 2024، مسجلة 20 مليار دولار خلال الشهور السبعة الأولى (يوليو/ تموز إلى يناير) من السنة المالية الحالية 2024/2025 مقابل 11 مليار دولار خلال نفس الفترة من العام الماضي بنسبة نمو 81%.
وقال الخبير المصرفي وعضو مجلس إدارة بنك قناة السويس سابقًا، طارق حلمي، إن تحويلات المصريين بالخارج ارتفعت للشهر الـ11 على التوالي منذ قرار تحرير سعر صرف الجنيه أمام الدولار في مارس 2024، مشيرا لأهمية هذا القرار في القضاء على السوق الموازية للعملات، وتحقيق استقرار في سعر الصرف، مما انعكس على انتظام التحويلات من خلال النظام المصرفي الرسمي.
وعانت مصر من نقص في النقد الأجنبي في أعقاب الحرب الروسية الأوكرانية وموجة التضخم العالمي خلال 2022 و2023 وخروج الاستثمارات الأجنبية غير المباشرة، مما تسبب في ظهور سوق موازية للنقد الأجنبي، وعدم توافر معظم السلع المستوردة، مما دفع البنك المركزي في 6 مارس 2024 باتخاذ قرارًا بتبني سياسة سعر صرف مرن للجنيه أمام العملات الأجنبية، نتج عن ذلك انخفاض سعر الجنيه أمام الدولار بنسبة 50%، وأثمر عن القضاء على السوق الموازية وتدبير النقد الأجنبي للشركات لاستيراد السلع تدريجيًا.
وتوقع حلمي، في تصريحات خاصة لـ"CNN بالعربية"، استمرار نمو تحويلات المصريين بالخارج، دون أن تتأثر بانخفاض أو ارتفاع سعر صرف الجنيه أمام الدولار، لتحركه في نطاق محدود، لافتًا إلى دور الاستثمارات الخليجية المباشرة المنتظرة من السعودية وقطر والكويت خلال الفترة المقبلة، وكذلك الاستثمارات الصينية الضخمة في المنطقة الاقتصادية لقناة السويس، مما ينعكس على تعزيز احتياطي البلاد من النقد الأجنبي، وتحقيق استقرار في سعر الصرف.
ونما الاحتياطي النقدي الأجنبي للمصر، للشهر الـ31 على التوالي، مسجلًا 47.757 مليار دولار في نهاية مارس 2025، وفق بيانات البنك المركزي المصري.
وردًا على تأثير انخفاض أسعار النفط على تحويلات المصريين العاملين بالدول الخليجية، استبعد طارق حلمي، تأثير التحويلات بأسعار النفط، والتي عادت مجددًا للصعود مرة ثانية، مؤكدا أنه حال عودة انخفاض أسعار النفط لمستويات غير مجدية، قد يؤثر على تراجع عدد العمالة، مذكرا بما حدث خلال انخفاض أسعار النفط منذ عدة سنوات، وأثر ذلك على العمالة المصرية في الخليج.
ووفق تصريحات تليفزيونية لوزيرة الهجرة السابقة، سها جندي، يبلغ عدد العاملين المصريين بالخارج نحو 12 مليون يتواجد معظمهم في دول الخليج، حيث تضم السعودية أكبر جالية تضم 2.5 مليون مصري.
وقال الخبير المصرفي وعضو مجلس إدارة البنك المصري الخليجي، محمد عبدالعال، إن تحويلات المصريين بالخارج خلال ديسمبر/ كانون الأول ويناير الماضيين كانت استثنائية إذ سجلت 3.2 مليار دولار، 2.9 مليار دولار، على الترتيب، مرجعا سبب ذلك إلى حصول بعض المقيمين في الخارج على عوائد سنوية ضخمة يرغبون في تحويلها إلى ذويهم في الوطن، فضلًا عن استمرار استقرار سعر الصرف في القنوات الرسمية، وتطبيق سياسة سعر صرف مرن للجنيه المصري أمام الدولار، ووجود أوعية ادخارية مرتفعة العائد تجذب هذه التحويلات.
واستبعد عبدالعال، في تصريحات خاصة لـ"CNN بالعربية"، أن تتأثر تحويلات المصريين بالخارج بشكل مباشر بالحرب التجارية العالمية، مضيفًا أن معظم الجالية المصرية تتواجد بدول الخليج، وقد تتأثر اقتصادات هذه الدول بانخفاض أسعار النفط عالميًا، مما قد يؤثر على خططها للتنمية الاقتصادية، غير أنه توقع ألا تنخفض أسعار النفط، بسبب اتجاه منظمتي أوبك وأوبك بلس لتخفيض الإنتاج اليومي حال انخفاض الطلب، وكذلك ستعمل أمريكا على الحفاظ على سعر معقول لسعر الخام الأمريكي، والذي يتكلف كثيرًا لإنتاجه، علاوة على وجود صناديق ثروة خليجية ستوفر تمويلات للمشروعات الإنتاجية.
وقال محمد عبدالعال، إن هناك نوعين من العمالة المصرية بالخارج، الأولى من العمالة المتخصصة ذات الخبرة النادرة، وهؤلاء الطلب عليهم غير مرن سواء في الدول الخليجية أو أوروبا، وبالتالي دخولهم لن تتأثر، والفئة الثانية وهي الأكبر وتتواجد بالدول الخليجية من العمالة اليدوية المهرة أصحاب الرواتب المنخفضة، وبالتالي لن يتم عمليًا تخفيضها أو الاستغناء عنها، وستظل تحويلاتهم ثابتة، مضيفًا أن العمالة اليدوية المصرية مازال عليها طلب في دول إعادة الإعمار مثل العراق وليبيا، متوقعًا أن تستقر تحويلات المصريين بالخارج عند ذات معدلات العام الماضي.
ونمت تحويلات المصريين بالخارج بنسبة 51.3% خلال عام 2024 لتصل إلى 29.6 مليار دولار مقابل 19.5 مليار دولار خلال عام 2023، وفق بيانات البنك المركزي.
0 تعليق