الماء الأبيض الكتاراكت (Cataracts)، هو تغيّم للعدسة يؤدي إلى ضعف البصر، وبحسب الأطباء المختصين يتطور بشكل رئيسي في الشيخوخة، ويشيرون إلى أن خطر ظهور ضبابية العدسة بعد الـ60 عاماً، يراوح بين 60-90%، وأن 50% من جميع حالات العمى تتطور بسبب الماء الأبيض الذي يمثل 35% من جميع جراحات العيون في العالم.
وأشارت الصحة العالمية إلى أن 285 مليون شخص على الصعيد العالمي مصابون باختلال البصر، وأن أكثر من 80%، يمكن الوقاية منه أو معالجته، فيما قدرت دراسات طبية، أن 7 ملايين شخص يصابون بالعمى سنويا، ونحو نصف مليون طفل يفقدون أبصارهم في كل عام، معظمهم يتوفى قبل إكمالهم العام من أعمارهم نتيجة أمراض مصاحبة للعمى، الغالبية منها وراثية، والإناث أكثر عرضة للإصابة بهذا المرض.
هل تقدمت بك السن؟
لخطورة مرض العين، جاءت المملكة في أوائل الدول التي وقعت على وثيقة دعم (مبادرة الرؤية 2020: الحق في الإبصار)، وصدر أمر ملكي، بالموافقة على إنشاء لجنة سعودية وطنية لمكافحة العمى؛ لدعم وتفعيل هذه المبادرة، فتأسست اللجنة الوطنية لمكافحة العمى. وفي 2013م، كانت المملكة من أوائل الدول التي وقعت وحثت الدول الأعضاء بمنظمة الصحة العالمية على التوقيع على خطة عمل منظمة الصحة العالمية، وعلى ضوئها أنشأت وزارة الصحة «البرنامج الوطني لصحة العين»؛ لتفعيل خطة عمل منظمة الصحة العالمية، وذلك بالإتاحة الشاملة لرعاية صحة العين.
وأوضحت وزارة الصحة، «أن التقدم بالعمر والوراثة وتعرض العين لضربة أو إصابة مؤثرة على أنسجة العين من أهم المسببات التي تصيب العين بالعتامة، وأعراضها تختلف من شخص إلى آخر». ودعت الوزارة، «إلى عدم إهمالها ومراجعة الطبيب وضرورة المواظبة على مواعيد الكشف الدورية على العيون لاكتشاف وجود أي خلل مبكراً».
قصور «الدرقية» الكاذب
أخصائي طب العيون الدكتور جابر أنور إبراهيم، أوضح لـ«عكاظ»، أن المياه البيضاء عتامة تصيب عدسة العين الطبيعية وتفقدها شفافيتها وتسبب ضعفاً وخللاً في البصر والرؤية. ويرى المريض هالات حول مصادر الضوء أو الأجسام التي ينظر إليها، وقد يرى الأجسام بألوان باهتة، وقد تصعب عليه الرؤية بالظلام والقيادة ليلاً.
ومن الشائع في أغلب الحالات أن الإصابة بـ«الكتاراكت» أو المياه البيضاء، تحدث لدى كبار السن، لذلك تسمى مياها بيضاء بسبب الشيخوخة. وتحدث العتامة تدريجياً بعدسة العين نتيجة التقدم بالعمر، وفي حالات معينة قد تصيب المواليد وذلك ما يسمى بالمياه البيضاء الخلقية أو الوراثية نتيجة عيب تخليقي أو جيني، أما بالنسبة لفئة الشباب، فتحدث نتيجة حادث أو إصابة عنيفة بالعين، كما تحدث كمضاعفات لمرضى السكري أو نتيجة الإصابة بالتهاب في العين مثل التهاب القزحية والتصاقها بعدسة العين أو على المدى البعيد من استخدام قطرات قد تحتوي على الكورتيزون، وقد تحدث أيضا عتامة في المحفظة الخلفية لعدسة العين نتيجة نقص الكالسيوم بالدم في كثير من الحالات المرضية مثل قصور الدرقية الكاذب.
لا تؤخرها.. ربما تصاب بـ«الزرقاء»!
أخصائي طب العيون الدكتور جابر حذر من إهمال هذا المرض أو تجاهله، مضيفاً: أن الكثير من المصابين يعتقدون أنه من الأفضل طالما أنه يبصر يترك الوضع كما هو لفترات طويلة حتى يتجمع الماء بالكامل، وهذا اعتقاد خاطئ، فالأفضل إجراء العملية متى لاحظ الطبيب أن الوقت مناسب حتى لا تعيق المياه البيضاء المصاب بها عن الرؤية الواضحة، كما أن ترك المياه البيضاء قد تكون له مضاعفات تصل إلى الإصابة بالمياه الزرقاء، وهذا يشكل خطرا على العين، فنسبة نجاح عمليات المياه البيضاء تصل إلى 98%؛ نظراً للتقنيات الحديثة مثل أجهزة الفيكو والليزر التي تفتت المياه البيضاء في فترة قصيرة قد لا تتجاوز 15 دقيقة، لذلك أصبحت هذه العمليات من عمليات اليوم الواحد، إذ يمكن للمريض أن يغادر المستشفى في نفس يوم إجراء العملية.
تجنبوا الكورتيزون واستخدموا النظارة
رئيس قسم البصريات بمستشفى الملك عبدالعزيز بجدة الدكتور يوسف غوص، قال لـ«عكاظ»: إن الإصابة بمرض المياه البيضاء في الغالب تحدث مع التقدم في العمر وتحديدا بعد سن الخمسين، وتوجد حالات مرضية أو وراثية تبدأ بها المياه البيضاء بالتجمع في عمر أصغر، فبعض المواليد يولدون وهم مصابون بالماء الأبيض، كما أن بعض الأدوية التي تحتوي على مادة الكورتيزون واستخدامها بجرعات عالية خلال فترة طويلة تؤدي إلى الإصابة بالماء الأبيض، ولهذا شددت وزارة الصحة، على منع بيع أو صرف الأدوية للعامة إلا بوصفة طبية معتمدة. وأكد رئيس قسم البصريات بمستشفى الملك عبدالعزيز بجدة الدكتور غوص، أهمية الوقاية بإجراء فحوص منتظمة للعين والإقلاع عن التدخين، واتباع خطة علاج للتحكم الجيد في السكري، مع ضرورة ارتداء النظارة الشمسية التي تمنع الأشعة فوق البنفسجية، وتجنب استخدام الكورتيزون قدر المستطاع، ومتى شعر الإنسان بتأثير في الرؤية البصرية بات عليه مراجعة الطبيب حتى لا تتفاقم حالته، التي قد تصل إلى مرض المياه الزرقاء المؤدي إلى العمى بسبب ارتفاع ضغط العين. ويرى الدكتور غوص، أنه لا توجد أي أدوية تفيد إزالة الماء الأبيض، والعلاج الوحيد هو الدخول إلى غرفة العمليات لإزالة العدسة الداخلية للعين وزراعة أخرى، ناصحاً من يعملون تحت أشعة الشمس وفي مواقع مواجهة النيران (الخباز والحداد) بضرورة استخدام نظارات واقية لحماية العين من الأشعة الضارة.
الحذر من أشعة فوق البنفسجية
من جانبه، يشير استشاري أمراض وجراحة العيون (تخصص دقيق الماء الأزرق) الدكتور محمد خليفة لـ«عكاظ»، إلى أن الماء الأبيض ليس مرضاً إنما هو عتامة في عدسة العين، ممكن أن يكون خلقياً منذ الولادة أو ثانوياً، والغالبية العظمى نتيجة طبيعية لكبر السن، ومع ذلك ربما يصاب بها الإنسان وهو في سن مبكرة لأسباب مختلفة، إما نتيجة إصابة العين بضربة أو حادث أو إصابته بمرض السكري، خصوصا إذا كان دائماً مرتفعاً وغير منتظم، والتعرض الدائم وبكثرة لأشعة الشمس الضارة (فوق البنفسجية)، لا سيما الذين يعيشون في المرتفعات العالية والذين يعملون في البحار أو الذين يعيشون في الأماكن الثلجية.
وحذر استشاري أمراض وجراحة العيون الدكتور خليفة، من لبس النظارات الشمسية التجارية، خصوصا من قبل الأطفال، موضحا أن الماء الأبيض لا يمكن أن يعود بعد إزالته، ولكن تحصل عتامة في الكيس الخلفي لعدسة العين، ونتركه لتركيب عدسة العين الصناعية عليه فيظن بعض الناس أن الماء الأبيض عاد مرة أخرى، مشيرا إلى أن الإنسان المصاب بهذا المرض يدخل غرفة العمليات لإجراء عملية الماء مرة واحدة فقط إلا إذا حدثت بعض المضاعفات النادرة جدا.
ونفى استشاري العيون الدكتور خليفة، أن يكون لقصر النظر دور في تكون الماء الأبيض، موضحاً أنه في بعض الحالات قد يصاب الإنسان بالماء الأبيض والأزرق في آن واحد، وأن الفرق بينهما أن الماء الأبيض عتامة في مكونات عدسة العين، فيما الماء الأزرق مرض خطير وإهماله يؤدي إلى العمى، ويجب الكشف عليه ومعالجته مبكراً.
هل تغيّر النظارة باستمرار..
أنت مصاب!
فني البصريات صلاح أمين محمد، أكد لـ«عكاظ»، أن الماء الأبيض يؤدي إلى نقصان تدريجي في النظر، وأعراضه تتمثل في رؤية ضبابية أو مشوشة أو معتمة ليلاً وحساسية تجاه الأضواء والوهج، وهو بحاجة إلى ضوء أكثر عند القراءة. ومن الأعراض رؤية هالات حول المصابيح وخفوق للألوان واصفرارها وتؤثر هذه الأعراض على القدرة على السياقة ليلاً، موضحاً أن بعض الدراسات أشارت إلى أن 33% من اعتلال أو ضعف النظر تحدث بسبب المياه البيضاء التي يأتي في مقدمة أسباب الإصابة بها التقدم في العمر أو داء السكري والتعرض لضوء الشمس لفترات طويلة إلى جانب التدخين والسمنة، ومن أسبابها عوامل وراثية أو إصابات سابقة أو التهابات، مبيناً أن إعتام العدسة قد يصيب مركز العدسة (الإعتام التودي) أو حواف العدسة (الإعتام العشري).
وحذر فني البصريات صلاح، إلى خطورة المياه البيضاء على العين كتسببها في ارتفاع ضغط العين أو الإصابة بالتهابات قزحية أو غيرها، داعياً إلى ضرورة إجراء العملية فوراً لتفادي تفاقم الحالة التي قد يلاحظها الإنسان من خلال تغير لون بؤبؤ عينه وظهور لون أصفر أو أبيض فيها، ملمحاً إلى طريقة أخرى يمكن فيها التأكد من الإصابة بمرض المياه البيضاء متى شعر بتكرار الحاجة إلى تغيير النظارات الطبية خلال فترات متقاربة أكثر من المعتاد، وأحياناً خلال بضعة أشهر فقط.
أخبار ذات صلة
0 تعليق