بدأت الكنيسة القبطية الأرثوذكسية هذا الأسبوع في إحياء طقوس أسبوع الآلام، الذي يُعد أقدس أيام السنة في التقويم الكنسي، حيث تتذكر الكنيسة أحداث صلب السيد المسيح وموته على الصليب، وسط أجواء من الحزن الروحي والخشوع.
وتحمل أيام الأسبوع، التي تبدأ من أحد الشعانين وتنتهي بسبت النور، رموزًا طقسية وروحية عميقة تعبّر عن مراحل آلام المسيح، وتدعو المؤمنين للتأمل والتوبة والاتحاد بالمسيح المتألم.
الستائر السوداء.. رمز الحزن والصمت
مع بداية أسبوع الآلام، تتحول الكنائس إلى حالة من السكون والخشوع، حيث تُستبدل الستائر والملابس الكنسية باللون الأسود، في إشارة إلى الحزن العميق الذي تعيشه الكنيسة.
كما تُضاء الكنائس بشكل خافت، أحيانًا بالشموع فقط، وتُرفع الألحان الحزينة التي تتماشى مع روح المناسبة.
“لك القوة والمجد”.. لازمة تتكرر في كل صلاة
تقام صلوات “البصخة المقدسة” يوميًا صباحًا ومساءً، وتُختتم كل ساعة من ساعتها بعبارة “لك القوة والمجد”، وهي جملة تُردد بشكل جماعي، تعبّر عن الإيمان بقوة المسيح رغم الألم، وتؤكد على المجد الإلهي الذي لا يُهزم حتى وسط الصليب.
تغطية الأيقونات.. غياب المجد وقت الصليب
من أبرز الرموز التي تلفت الأنظار خلال هذا الأسبوع تغطية الأيقونات داخل الكنيسة، وهي ممارسة تُعبّر عن “غياب المجد” وقت آلام المسيح، وكأن الكنيسة تشارك مخلصها في الألم بالصمت والحداد، إلى أن يُكشف الغطاء صباح يوم القيامة.
طقس البصخة.. عبور من الظلمة إلى النور
كلمة “بصخة” مأخوذة من اللغة السريانية وتعني “العبور”، وهو نفس المفهوم الذي تحمله صلوات هذا الأسبوع، حيث تعبّر الكنيسة من خلال الطقس عن العبور من الموت إلى الحياة، ومن الصليب إلى القيامة.
وتشمل كل ساعة من ساعات البصخة قراءات من العهد القديم والإنجيل، وطلبات وصلوات تُتلى وسط حضور شعبي كثيف، خاصة في الكنائس الكبرى.
قراءات نبوية تكشف آلام المسيح قبل حدوثها
تعتمد صلوات أسبوع الآلام على عدد من القراءات النبوية من كتب العهد القديم، مثل إشعياء ودانيال وزكريا، التي تكشف بالأمثلة والرموز عن صلب المسيح وآلامه قبل مئات السنين من تجسد الكلمة، في تأكيد على وحدة الكتاب المقدس وتحقيق النبوات.
الجمعة العظيمة.. قلب أسبوع الآلام
تصل مشاعر الحزن والخشوع إلى ذروتها يوم الجمعة العظيمة، حيث تبدأ الصلوات من السادسة صباحًا وتمتد حتى السادسة مساءً، في واحدة من أطول صلوات العام. وتشمل اليوم مراحل محاكمة المسيح وصلبه وموته، وتنتهي بـ”سجدة الصليب”، وهي سجدة يتجه فيها المؤمنون إلى الصليب وسط صلوات وابتهالات.
سبت النور.. الاستعداد للفرح بعد الحزن
في الساعات الأولى من فجر الأحد، تحتفل الكنيسة بقداس سبت النور، والذي يُعد ختامًا لأسبوع الآلام وبداية لأفراح القيامة. وفيه تُنار الكنائس مرة أخرى، وتُعاد الألحان الفريحي، وتُعلن الكنيسة أن “المسيح قام”، بعد أسبوع كامل من الحزن والتأمل في الألم.
0 تعليق