قال الدكتور محمد مهنا، أستاذ الشريعة الإسلامية بجامعة الأزهر، إن وصية النبي صلى الله عليه وسلم لعبد الله بن عباس – رضي الله عنهما تُعد أصلًا عظيمًا في تربية النفوس، خاصة في مرحلة الطفولة والشباب.
وصية النبي صلى الله عليه وسلم
وأشار أستاذ الشريعة الإسلامية بجامعة الأزهر، خلال حلقة برامج "أوصاني الحبيب"، المذاع على قناة الناس، اليوم الخميس، إلى ما روى عن وصية النبي، فى حديثه الشريف الذي قال فيه: "يا غلام، إني أعلّمك كلمات: احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده تجاهك، إذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله..."، مؤكدًا أن هذا الحديث يحمل معاني توحيدية وتربوية عميقة.
وأوضح أن هذه الوصية النبوية توجّه القلوب إلى التعلّق الكامل بالله تعالى، دون ما سواه، وتدعو إلى مراقبة الله، وحُسن التوكل عليه، وتفويض الأمر إليه.
وأضاف: "في هذا الحديث تعليم بالغ للأطفال والشباب، ليشبّوا على الوعي بالله، وشهود توحيده، والانقياد لقضائه، والإيمان بأن النفع والضر لا يكون إلا بإذنه سبحانه وتعالى".
وأشار إلى قول النبي: "واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك..."، مؤكدًا أن هذا النص يحمل معنى التسليم المطلق لقدَر الله، والثقة في تدبيره، وعجز الخلائق عن التصرف خارج مشيئة الله عز وجل، وهو ما يزرع الطمأنينة في قلب المؤمن.
واستشهد بكلام الإمام ابن عطاء الله السكندري، الذي قال: "إذا رزقك في الظاهر الامتثال لأمره، وفي الباطن الاستسلام لقهره، فقد أعظم المنة عليك". موضحًا أن الامتثال في الظاهر هو التزام أحكام الشريعة، والطاعات، واجتناب المعاصي، بينما الاستسلام لقهره هو الرضا بأقدار الله، والتسليم لحكمه، والثقة برحمته وعدله.
وأضاف: "هذه الموازنة بين الظاهر والباطن، بين العمل والانقياد، بين السعي والتسليم، تمثّل جوهر العلاقة بين العبد وربه، ومن وُفّق لذلك فقد نال أعظم منّة من الله تعالى، كما قال ابن عطاء".
وتابع: "احفظ الله برعاية حقوقه، يحفظك في دينك ودنياك.. وهذا هو سر التربية النبوية التي بها تسمو القلوب وتتزكى النفوس".
0 تعليق