«رب صدفة خير من ألف ميعاد»، عبارة نقولها كثيراً حين نلتقي عشوائياً بأشخاص لم نرهم من سنين، وأحياناً نتعرض لمواقف لم نخطط لها أو نتوقع حدوثها ويكون لها أثر مباشر في مسيرة حياتنا، كأن يعود لقاء الشمل أو بداية لشراكة عمل أو حتى علاقة نسب جديدة، فهل فعلاً ذلك بمحض الصدفة؟
المواقف التي تواجهنا بها الحياة هي جزء من نسيج واسع ومعقّد من الأحداث، ويربطنا بها -المواقف- تجاربنا واختياراتنا وقراراتنا، ومن السهل رفض هذه الروابط «العشوائية» باعتبارها مجرد حظ، ولكنها في الواقع أعمق من ذلك للتفاعل بين السبب والنتيجة.
لا أؤمن بالصدف أبداً، فكلّ ما يعترضنا هي أحداث متزامنة بمشيئة رب العالمين وترتيبه، وبشكل عام لو نلقي نظرة فاحصة على اللّحظات التي لها صدى، ومغزى في شبكة يومياتنا لربما نجدها تنسج درباً أو قصّة لبلوغ هدف ساقه لنا القدر أو نصيب من مصلحة أعمّ وأشمل، وإن كان هناك نصيب للحياة من العشوائية، فليس كل ما نمرّ به يكون ذات معنى مباشر لمسيرتنا.
وبحسب تعريف كارل يونغ وهو عالم وطبيب وأحد أهم مؤسسي علم النفس الحديث، فإنّ «مفهوم التزامن» هو مصطلح لوصف المصادفات ذات المغزى للأحداث التي تبدو غير ذات صلة، ولكنها تحدث معاً بطريقة مهمة، إنه ذلك الشعور الغريزي والإحساس بأن شيئاً ما هو أكثر من مجرد فرصة عشوائية.
هناك عدد لا حصر له من الأمثلة ذات المصداقية في حياتنا لهذا المفهوم، فكلما وجدت متسعاً لمراجعة سنواتنا الماضية بإنجازاتها وإخفاقاتها وما تزامن معها من مواقف وأحداث ومشاعر، سنجد خلال كل منعطف ساق الله لنا أشخاصاً وأحداثاً ساهمت في تشكيل الوعي لدينا، وبناء قواعدنا القيمية التي صاغت كل ما في شخصياتنا ومسيرة حياتنا وقراراتنا وخياراتنا.
بالتأكيد كلّ قصّة حدثت لفرد ما وفي زمن معيّن ومكان محدد ومع شخص بعينه لم تكن صدفة، فلا بد من التفكّر والتأمّل في تلك الخيوط الخفيّة لنكتشف أنّ فيها من الوجوه والجوانب أكثر وأكبر ما نراه.
0 تعليق