ما هو "الخلط المعرفي" وكيف يساعدك على النوم؟ - الأول نيوز

cnn 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- كان الدكتور لوك بودوين يواجه صعوبة بالنوم في ليالي الآحاد عندما كان طالبًا بمرحلة البكالوريوس، قبل نحو 40 عامًا، وكان حريصًا على إيجاد حل.

وروى كيف استلهم بودوين، الذي أصبح الآن عالمًا في مجال الإدراك المعرفي، من درس في علم النفس الإدراكي كان يحضره ونظرية أستاذه حول اكتشاف الحركة البصرية التي تشير إلى قدرة النظام البصري على إدراك ومعالجة الحركة بناءً على التغيرات في أنماط الضوء على شبكية العين.

وبودوين، الذي يعمل أيضًا أستاذًا مساعدًا بمجال التعليم في جامعة سايمون فريزر بكولومبيا البريطانية، قال لـCNN: "فكرت أنه في حال تمكّنت من فهم 'نظام التحكم في بداية النوم' بالدماغ البشري، ربما أتمكن من ابتكار تقنية لخداع الدماغ لكي ينام". 

وتمّ تثبيت هذه التقنية التي أطلق عليها اسم "الخلط المعرفي" في العام 2009، عندما كان في الـ41 من عمره، ويعاني من صعوبة أخرى في النوم، سواء في بداية النوم، أو في النوم مجددًا بعد الاستيقاظ في منتصف الليل.

وشرح بودوين تقنية "الخلط المعرفي" التي تتضمّن عادةً استحضار كلمات عشوائية، وغير شخصية، وغير مشحونة عاطفيًا. ولكلّ حرف من الكلمة التي تختارها عشوائيًا، تفكر في أكبر عدد ممكن من الكلمات المتوافقة مع هذا الحرف لمدة تتراوح بين خمس إلى ثماني ثوانٍ قبل الانتقال إلى الحرف التالي.

على سبيل المثال، إذا كانت الكلمة "بيانو"، قد تفكر في "كمثرى، مظلة، بول، بروفات.. عنصر، نية، غير ناضج، كوخ..."، وهكذا. 

ويملك بودوين شركة CogZest، مؤسّس مشارك لشركتي CogSci Apps Corp. وSomnolence+ Inc، التي تطوّر منتجات بناءً على أبحاثه. 

رغم أنّ هذه التقنية قد لا تبدو مريحة، إلا أنّها "تساعد على إبعادك عن التفكير بمشاكلك وهمومك، وتساعدك على الدخول في حالة ذهنية أكثر استرخاءً"، وفق الدكتورة فريحة عباسي-فاينبرغ، طبيبة طب النوم واختصاصية الأعصاب لدى مجموعة أطباء ميلينيوم في فورت مايرز، بفلوريدا.

وأضافت عباسي-فاينبرغ، التي غالبًا ما تقترح هذه التقنية على مرضاها الذين يعانون من مشاكل في النوم: "أقول لهم دومًا أنه 'لا يمكنك إجبار نفسك على النوم. عليك السماح لنفسك بالنوم'. وهذه واحدة من الطرق التي نستخدمها للمساعدة على ذلك". 

وأحيانًا يمكنك حتى تخيّل سيناريوهات أو حركات متوافقة، مثل أن تتخيّل نفسك تعزف على البيانو أو شخصًا يسقط بالمظلة، بحسب بودوين.

 العلم وراء "الخلط المعرفي"

لِمَ نجح "الخلط المعرفي"؟ قليلة هي الأبحاث التي تناولت "الخلط المعرفي" حتى الآن، لكن ما الذي يجعل بعض الأطباء يدعمون هذا الحل الذاتي للنوم رغم قلة الأدلة الملموسة؟

اتضح أن النظرية الأساسية وراء "الخلط المعرفي"، رغم أنها نظرية افتراضية، "تتوافق مع المبادئ الراسخة في علوم الأعصاب الإدراكية وعلم نفس النوم"، بحسب ما قالت الدكتورة ليا كيلور، اختصاصية نفسية سريرية، وكاتبة، تأخذ من لويزيانا مقرًا لها. 

كما أوضحت لـCNN إنها مستندة إلى عدد كبير من الدراسات التي راجعها بودوين وباحثون آخرون بورقة منشورة بمجلة Sleep Medicine Reviews بأبريل/ نيسان 2020 .

فبالإضافة إلى إبعاد الذهن عن القلق والمشاكل، قال بودوين إنّ "الخلط المعرفي يشبه في جوانب حاسمة بداية النوم الطبيعية".

أوضح كل من بودوين وكيلور أنه في مرحلة الانتقال الطبيعي إلى النوم، يميل الناس إلى تجربة "أحلام صغيرة"، وأفكار مجزّأة وغير خطية. قد يساعد الانخراط بشكل متعمّد في التفكير العشوائي، وغير المتّصل في محاكاة هذه الحالة الإدراكية المبدئية للنوم، الناس على النوم.

وأعرب بودوين عن الاعتقاد بأنّ "هناك حلقة ارتجاع إيجابي في الدماغ: الأحلام الصغيرة ليست مجرد نتيجة للنوم، بل تنبّه الدماغ بأنّ الوقت بات مناسبًا وآمنًا للنوم".

ونظرًا لأنّ أدمغتنا تميل إلى "الخلط" بين الأفكار العشوائية خلال الفترات الهادئة، كما قالت الدكتورة كامي مكمانوس، اختصاصية نفسية في طب النوم بقسم طب النوم في "بين ميديسن" بفيلادلفيا، لـCNN، فإنّ إعطاء الدماغ تشتيت مهدئ أو محايد قد يكون أكثر فائدة من السماح له بالتركيز على أمر ما بمفرده.

نشر بودوين دراسته الثالثة حول "الخلط المعرفي" في العام 2016. كان حجم العيّنة صغيرًا، لكنّ نتائجها كانت مشجعة: تم تعيين 154 طالبًا جامعيًا، معظمهم من الإناث، عشوائيًا للخضوع إلى علاج قياسي يتم قبل النوم، أو لممارسة تمرين "الخلط المعرفي" الذي يُعرف رسميًا بمهمة التخيل المتنوع المتسلسل (SDIT)، أو لكليهما.

في مجموعة الـSDIT، قدم تطبيق تسجيلات للكلمات واحدة تلو الأخرى بفواصل زمنية مدتها ثماني ثوانٍ، حيث كان المشاركون ينشئون ويحافظون على صورة للكلمة حتى يظهر التسجيل التالي ويحرك الصورة التالية، وهكذا.

كان المشاركون في مجموعة الـSDIT أكثر احتمالًا لتحسين جودة نومهم، وصعوبة النوم، والإثارة قبل النوم، مثل النشاط البدني أو العقلي المرتفع أثناء محاولة النوم. استمرت هذه الفوائد طوال الفصل الدراسي.

يخطط بودوين وفريقه لإجراء أبحاث إضافية، هذه المرة مقارنةً بين "الخلط المعرفي" وتقنيات التصور العقلي والتقنيات المعرفية الأخرى.

التخيّل الذاتي للنوم

لممارسة "الخلط المعرفي"، لا يوجد عدد محدد من الكلمات أو مدة زمنية معيّنة مطلوبة. كما أنّ الكلمات التي تختارها لكل حرف لا يجب أن تكون مترابطة منطقيًا، بحسب كيلور، فمحاولة التحكم بالعشوائية ستقلّل من فعالية التقنية.

عادةً ما يذكر الأشخاص أنهم ينامون في حوالي خمس إلى خمس عشرة دقيقة، بينما قد يستغرق آخرون وقتًا أطول، خصوصًا إذا كانوا يعانون من التوتر الشديد، أو يميلون إلى الإفراط في التفكير، بحسب كيلور.

إذا وجدت نفسك مشغولًا بالتقنية لأكثر من 20 دقيقة، أو بدأت تشعر بالإحباط، من الأفضل التوقف والخروج من السرير، كما قالت مكمانوس. قد لا يكون جسمك جاهزًا، لذا من الأفضل القيام بنشاط مهدئ في مكان آخر لمدة 20 إلى 30 دقيقة قبل العودة إلى السرير والمحاولة مجددًا عوض محاولة الضغط على نفسك بشكل مفرط ما قد يؤدي إلى تفعيل المشاعر السلبية وجعل النوم أكثر صعوبة.

جرب هذه التقنية لليالٍ عدة متتالية قبل أن تقرر ما إذا كان "الخلط المعرفي" ناجع معك، كما أوصى هؤلاء الخبراء. لكن تذكر أن هذه الطريقة ليست بديلاً عن عادات النوم السليمة أو علاجًا لحالة نوم معينة.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق