التشتيت في العمل أو الدراسة.. هل نضع الحق على الهاتف الذكي؟ - الأول نيوز

cnn 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- حان وقت دفع ضرائبك، فتجلس أمام الكمبيوتر لدفعها، ثمّ تضطر إلى مراسلة شريكك للحصول على تفاصيل حول فائدة قرضك العقاري.

تتحوّل هذه الرسالة إلى تفقّد سريع لبريدك الإلكتروني، وتصفّح سريع لوسائل التواصل الاجتماعي، ثم التسوّق عبر الإنترنت من متجرك المفضل، ومن دون أن تدرك تكون مرّت ساعة من دون أن تنجز دفع ضرائبك!

لا تلقِ اللوم على التكنولوجيا والهواتف الذكية لأن الناس يتشتتون سواءً استخدمتها أم لا، بحسب دراسة جديدة نُشرت في مجلة Frontiers in Computer Science.

وقال الدكتور ماكسي هايتماير، المحاضر الأول بعلم النفس في جامعة الفنون بلندن، والباحث والزميل الزائر بكلية لندن للاقتصاد والعلوم السياسية، ومؤلف الدراسة: "فيما يتفاعل المستخدمون بشكل أكبر مع الهاتف الذكي عندما يكون من السهل الوصول إليه، فإنّ مقدار الوقت الذي يقضونه في ممارسة أنشطة متصلة بالعمل وأمور أخرى، وتجزئة أيام عملهم لا يعتمد على إمكانية الوصول إلى الهاتف الذكي".

لإجراء بحثه، طلب هايتماير من مجموعة من 22 شخصًا المشاركة في جلستي عمل حاسوبيتين مدة كل منها 5 ساعات: واحدة منها مع هواتفهم الذكية، والأخرى وضعت خلالها هواتفهم بعيدًا عن متناول أيديهم.

وأظهر البحث أنّ الناس يميلون إلى استخدام هواتفهم أكثر عندما تكون في متناول أيديهم، لكن عند تعذّر الوصول إليها، يستخدمون أجهزة الكمبيوتر لتشتيت انتباههم عن عملهم.

قال الدكتور نوح كاستيلو، غير المشارك في الدراسة، وأستاذ سلوك المستهلك في جامعة ألبرتا، إنّ الدراسة صغيرة لذا يصعب استخلاص استنتاجات شاملة تنسحب على عامة السكان. 

لكن هايتماير لفت إلى أنّ النتائج تشير إلى أنّ حظر الهواتف داخل الفصول الدراسية أو أماكن العمل قد لا يحل بالضرورة مشكلة التشتيت، وأن التركيز على عاداتك وسلوكياتك في محيط التكنولوجيات قد يكون أفضل خطوة أولى لحل مشكلة تشتيت الانتباه.

التشتّت يحدث

أوضح هايتماير أن معظم الأشخاص الذين تحدث إليهم يقولون إنهم لا يحبون طريقة استخدامهم لهواتفهم أو مقدار الوقت الذي يقضونه عليها، وهذا أمر منطقي، لافتًا إلى أن الهواتف الذكية مصممة لإبقائك مهتمًا، حتى عندما تريد القيام بأمر آخر.

وقال: "هناك صراع مفتوح لشد انتباهك يدور في جيبك. أعتقد أن هذه هي أفضل الأدوات التي اخترعناها. لكن هناك أيضًا برامج مجانية تستحوذ على انتباهنا".

واستدرك بأنّ الهواتف ليست دومًا المشكلة الوحيدة، لأنّ العالم مليء بالمشتتات، وكثيرًا ما نبحث عنها.

وأضاف، مستشهدًا بدراسة أجراها في العام ٢٠٢١: "هذه المشتتات، في ٨٩٪ من الأحيان، سببها البشر أنفسهم. ليست ناجمة عن اهتزاز الهاتف، أو إضاءته، أو إصداره صوتًا. بل هي تفكيرك، 'يا إلهي، لقد فاتني شيء ما'. ولذلك، يتحقق الناس منه".

وبرأي هايتماير، أنّ عدم تركيز انتباهك على شيء واحد طوال الوقت أمر منطقي للبقاء على قيد الحياة، لافتًا إلى أنّ مراقبة المجموعة والوعي بالديناميكيات الاجتماعية أمر مفيد وطبيعي للبشر منذ التطور.

وقال: "لسنا روبوتات، ولن نجلس أمام الكمبيوتر، على الأقل معظمنا، ونركز بشكل ضيق لساعات. يبدو أن هناك رغبة لدينا بالتشتيت".

قد يكون أخذ فترات راحة وتشتيت انتباهك مفيدًا ليوم عمل أكثر إنتاجية. لكن إذا لم تكن على دراية بكيفية جذب هاتفك الذكي انتباهك بمجرد التقاطه، فقد تجد نفسك تتصفحه في حين أنك كنت تفضل النهوض والمشي.

الهاتفك ليس بمتناول يدك

إذا كنت ترغب بقضاء وقت أقل على هاتفك، فإن إبعاده عن متناول اليد أفضل إجراء يمكن اتخاذه بحسب البحث الجديد، لأنه حين كان في متناول أيدي المشاركين أمضوا عليه ضعف الوقت تقريبا مقارنةً بوقت اضطرارهم للنهوض والإمساك به.

وعلق هايتماير: "إن وضعه بعيدًا يعني أنه يتعين عليك رفع مؤخرتك. إذا تمكنت من التمدد بطريقة ما، فسيظل في متناول اليد. وعندها سيظل الناس يستخدمون هواتفهم". 

وأضاف أن الطريقة التي تتعلق بها في الهواتف تختلف عن الإدمان: عندما تكون مدمنًا على مادة ما أو على المقامرة، يميل المرء إلى الشعور بأنه كلما طالت مدة عدم احتفاظك بالشيء الذي تدمن عليه، زادت حاجتك إليه، لكن الأمر مختلف مع الهاتف. عندما يكون معك، تستخدمه أكثر؛ وكلما زاد استخدامك له، طالت مدة بقائك تتصفحه. فيما إذا كان بعيدًا عنك تنشغل بأمر آخر، مثل المشي في الخارج أو محادثة مع صديق  وتنساه. 

كيفية معالجة عادات استخدام الهاتف

قد يكون استخدام هاتفك بطريقة صحية أمرًا معقدًا.

ليس من المستغرب أن يجد الدكتور بول بافلو، عميد كلية ميامي هربرت للأعمال في جامعة ميامي، ببحثه للعام ٢٠٢١، أن الطلاب الذين لديهم وصول غير محدود للهواتف الذكية كان أداؤهم أسوأ مما كان عليه عندما مُنعت هواتفهم في الفصل الدراسي. لكن الطلاب المشاركين حققوا أداءً أفضل بكثير عندما طُلب منهم استخدام هواتفهم لمساعدتهم في التعلم.

وبرأي بافلو، غير المشارك في الدراسة الجديدة: "ستكون التكنولوجيا موجودة، وأعتقد أنه من الأفضل لنا الاستفادة منها قدر الإمكان".

ويتوافق هايتماير مع وجهة النظر هذه، إذ "لدينا هذه الرواية المتمحورة حول الأجهزة: نحن مدمنون على الهاتف، والهاتف هو المشكلة، وبالتالي يجب على شخص آخر الاهتمام به نيابةً عنا"، مضيفًا "من الأصعب بكثير، بالطبع، تقبّل فكرة أن عاداتي مع هذا (الجهاز) هي المشكلة".

وقال كاستيلو إن الحد من وقت استخدامك للشاشة يمكن أن يساعدك على قضاء وقت فراغك بالطريقة التي تريدها حقًا..

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق