المرونة «بطولة» حين تكون إيرانية.. و«خيانة» حين تكون عربية

الوطن البحرينية 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

اللهجة المتشددة التي تكلم بها نعيم قاسم أمين «حزب الله» اللبناني من طهران حول قضية نزع السلاح تزامنت مع الجولة الثانية للمفاوضات الإيرانية! وهو ما تفعله إيران دوماً بتوجيه الأذرع للتصعيد، حتى تستفيد هي تفاوضياً.

الملفت للنظر هو أن التبعية والتقليد التام للأذرع الإيرانية لمصادرها الرئيسة، فحزب الله يطلق على مفاوضات نزع السلاح «بالاستراتيجية الدفاعية» هذا الأسلوب الذي يحرص على الصورة والانطباع لدى جمهوره بغض النظر عن ما يجري على الأرض مع بقية الأطراف المفاوضة.

سابقاً كان الرفض الإيراني قاطعاً لإجراء مفاوضات مع إدارة ترامب المسؤولة عن قتل قاسم سليماني وحين أجبرت عليه أصبح ممكناً، ولهذا وجد الخطاب الإيراني مخرجاً شكلياً يبرر التراجع، فقالوا لمفاوضهم عباس عراقجي «اذهب إلى فرعون إنه طغى»!! هكذا يتم التكويع، ويقبل المرفوض إن كان فيه مصلحة إيرانية مع استغلال الخطاب الديني وتوظيفه وفقاً لتوجهاتهم.

بل إنهم حين أصروا على مفاوضات غير مباشرة كشكل من أشكال الغرور، ظل الوفدان الأمريكي والإيراني ساعتين في غرف منفصلة، ثم بعدها اجتمعا في غرفة واحدة بعد ذلك 45 دقيقة إنما وقوفاً!إلى هذه الدرجة تحرص المرجعية الإيرانية على إرضاء الأذن كما يقال دونما اعتبار إلى حقيقة وواقع ما يجري ودون النظر إلى تراجعات إيران وتنازلها.

إنما المرجعية الإيرانية لم تعطِ هذه «المرونة» لحزب الله في مفاوضاته مع الحكومة اللبنانية لا خطاباً ولا واقعاً، والتشدد كان سمة كل الاجتماعات والمفاوضات وإنهاك الأطراف الأخرى، رغم أن الحزب يتفاوض مع مواطنيه وأبناء بلده لا شيطان أكبر.

إنما جازت «المرونة» للمفاوضين الإيرانيين، حين جلسوا مع خصومهم الأمريكيين، بل الأدهى أن تلك المرونة تصبح «بطولية» إن استخدمها الإيراني مع الأمريكي، لكنها خيانة وتطبيع وعمالة إن استخدمها اللبناني مع اللبناني.

إذ أجاز المرشد الأعلى السيد علي خامنئي للمفاوض الإيراني تقديم تنازلات في المفاوضات عام 2013 مع الولايات المتحدة الأمريكية، وأطلق عليها حين ذاك وصف «المرونة البطولية» وحينها طلب المرشد من قيادات الحرس الثوري الإيراني عدم تعطيل الدبلوماسية، بل والابتعاد عن السياسة.

الخطاب الإيراني حريص جداً جداً على التشكل والتلون وفقاً للمتلقي الذي ينظر لهذا الخطاب كمرجعية دينية ونصوص مقدسة، فيمنحه ما يريد سماعه وما تطرب له أذنه، بغض النظر عن مدى دقته أو صحته داخل ما يجري في غرف الاجتماعات، فالخطاب الثوري بالتحديد أحد أهم أدوات الاستقطاب بالنسبة للأتباع والكوادر والمقلدين، ودونه تتفكك خيوط تلك التبعية وتضعف، لذلك يوجد حرص كبير على انتقاء الأوصاف وتحويرها وفقاً للنهج الثوري لولاية الفقيه التاريخية، لدرجة أن توصف المرونة «بالبطولية» والانهزام يسمى «إعادة تموضع» إن استخدمها رجال المرشد في المفاوضات.

السؤال ألا يحق لحزب الله اللبناني أن تكون لديه مرونة بطولية هو الآخر، وهو يتفاوض مع حكومته وأشقائه وأبناء بلده، ويقبل بالانصهار داخل الدولة اللبنانية؟ أليست تلك المرونة بطولية حين يحفظ فيها الدماء والأرواح المقدرات الوطنية؟ أليست تلك بطولة بأن يكون جسراً للمستقبل لأبنائه وأبناء بلده بدلاً من أن يكون سداً أمام ذلك المستقبل؟ أم أن المرونة بطولية فقط حين تكون إيرانية، وخيانة حين تكون لبنانية؟

الله يعين اللبنانيين وحكومتهم وجيشهم إلى أن تنتهي المفاوضات الأمريكية الإيرانية.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق