رئيس الوزراء العراقي يواجه تصريحات مستشاريه المثيرة وأطماع أمريكا و”إسرائيل”

السبيل 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

ديسمبر 19, 2024 6:18 م

حازم عيّاد
بعد ان أدلى أحد مستشاري رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني بتصريحات مثيرة حول ضرورة أن يبادر العراق إلى هيكلة الفصائل المسلحة الموالية لإيران وحلّها قبل أن تُحلّ بالقوة من قِبل دول خارجية، دعا رئيس الوزراء محمد السوداني مستشارية إلى التوقف عن اطلاق التصريحات أو الاستقالة من مناصبهم.
التصريحات ورد الفعل السريع من رئيس الوزراء العراقي جاء بعد زيارة خاطفة قام بها السوداني للسعودية، وهي تعكس طبيعة النقاشات المداولات والرسائل الحادة والمتوترة المتناقلة في بغداد والاقليم حول مستقبل الحشد الشعبي والفصائل العراقية والضغوط الامريكية المرافقة لذلك.
العراق كما اليمن وحكومة صنعاء وجيشها تقع اليوم في سلم أولويات واشنطن والكيان الاسرائيلي ففي محاولة سريعة للاستثمار في وقف إطلاق النار الهش في لبنان والتغيرات الديناميكية السريعة في سوريا تعمد أميركا لتوظيفها بما يخدم استراتيجيتها لفصل الجبهات وتحقيق أقصى مكاسب ممكنة قبل أن تنقلب المعادلة وتتبدد الومضة الاستراتيجية الخاطفة في سورية والتي ابهرت واعمت بايدن ومستشاريه عن تجاوز اللحظة الراهنة وتعقيداتها.
فالعراق الذي تحرك بنشاط مفرط من الناجية الدبلوماسية حاول تجنب السيناريو الأسوأ وهو الصدام والتصعيد من خلال الدبلوماسية، إلا أن ذلك ترافق مع تبادل رسائل تهديد وتصعيد متبادلة بين الجانب الامريكي والاسرائيلي والفصائل العراقية وايران وجماعة انصار الله الحوثية والجيش في صنعاء.
ففي الوقت الذي تناقلت الأنباء فيه تهديدات أمريكية للفصائل العراقية مترافقة مع ضغوط دبلوماسية لحل الفصائل العراقية او دمجها بالجيش العراقي، اعلن عن تشكيل فصيل جديد شمال العراق كتحدي واضح للنفوذ الأمريكي في اقليم كردستان العراق أطلق عليه مسمى حزب الله في كردستان العراق مبددا وهج الومضة الاستراتيجية، اذ يتوقع ان يستهدف القواعد والمصالح الامريكية اسوة بما يحدث شرق الفرات من قبل الحكومة السورية الجديدة والجيش التركي حيث يواجه النفوذ الأمريكي المتجسد بقوات (قسد الانفصالية) شرق الفرات السوري بقيادة الزعيم الانفصالي (مظلوم عبدي) تحديا حقيقا من تركيا ومن ادارة العمليات والحكومة الجديدة في دمشق.
النفوذ الأمريكي وخلافا لما هو متوقع يواجه اليوم تحديا مزدوجا من ايران وتركيا في الآن ذاته على نحو لم يسبق له مثيل، فأميركا تسابق الزمن قبل تفاقم أزمتها ولكن الزمن يسبقها كونها منشغلة بالانتقال بين إدارتين، ادارة جو بايدن والرئيس المنتخب دونالد ترمب، ما يجعل من خطواتها تاتي على هيئة قفزات عمياء في الهواء لا يعلم على أي أرض رخوة ستستقر.
فالحراك الأمريكي السريع والمنفعل يسمح لخصومها بالمناورة عبر تحديها وارتباكها وواضعاف وتوهين الأرض تحت قدميها لتصبح رخوة وزلقة، فالجيش اليمني في صنعاء الخاضع لقيادة حركة انصار الله سارع لإطلاق صواريخ فرط صوتية ومسيرات للكيان الاسرائيلي بمجرد وصول مجموعة حاملة الطائرات (هاري ترومان) الى مياه البحر الأحمر مستبقا الهجمات الامريكية الاسرائيلية بهجمات يمنية افقدت الضغوط الأمريكية والتهديدات الاسرائيلية معناها، وهددت بتصعيد يشعل المنطقة ويوسع القتال الى دول الجوار العربي، الأمر ذاته المتوقع في حال توسع نطاق المواجهة في العراق اذ سارع العراق للتواصل مع المملكة العربية السعودية في محاولة لاحتواء المواجهة التي تدفع نحوها ادارة الرئيس جو بايدن وحكومة نتنياهو قبيل التوقيع على اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة واستلام دونالد ترمب مهامه في البيت الأبيض.
لم تقتصر التهديدات والتصعيد على العراق واليمن وكردستان العراق، فهناك رسائل مماثلة نقلتها طهران اشارت فيها الى التزامها بالرد على هجمات الاحتلال الاسرائيلي على اراضيها في اكتوبر/ تشرين اول الماضي على لسان أحد جنرالاتها السابقين يوم أمس الأربعاء، فعملية التفاوض تتضمن استعدادات للحرب والمواجهة بشكل الى جانب الدبلوماسية، بشكل يربك ويعقد حسابات واشنطن وقدرتها على الاستثمار الأمثل بالملف السوري الذي بدوره على المحك السياسي والأمني بتأثير من الضغط التركي والحكومة الجديدة في دمشق.
أمريكا رغم استعراض القوة وحالة الاحتفاء وقائمة الشروط الطويلة التي تقدمها لعواصم الإقليم كمنتصر في المواجهة، فإنها تواجه تحديات متعاظمة وسباقا مع الزمن يهدد بإضعاف استراتيجيتها في الإقليم كون الحقائق على الأرض ديناميكية وسريعة التغيير، فبعد سيطرة المعارضة السورية على دمشق لم تعد اميركا تواجه ايران وحدها بل في حالة صدام ومواجهة مباشرة مع انقرة ودمشق التي تضغط بقوة على نفوذها في سوريا والإقليم وفي شرق الفرات الى حد بلغ اسقاط طائرة مسيرة من طراز (ام كيو 9 ربير) قبل أيام في حادثة تذكر بإسقاط طهران مسيرة أميركية من طراز (آر كيو-4 غلوبال هوك) في مياه الخليج خلال عام ترمب الأخير في الرئاسة 2019.
ختاما ..الملفات تبدو أكثر تعقيدا مما يظهر للعيان والتصعيد ما زال سيد الموقف، فرغم اتفاقات وقف إطلاق النار الهش فإن خروقات الكيان الاسرائيلي في جنوب لبنان والجولان وحوض اليرموك السوري، والهجمات على صنعاء وميناء الحديدة والتهديد والوعيد لبغداد وفصائلها وايران وبرنامجها النووي، تجعل من صفقة وقف إطلاق النار في غزة المخرج الوحيد المتبقي لخفض التصعيد وترتيب اميركا اوراقها المبعثرة في الاقليم فبدون الاتفاق لن يتراجع التصعيد في الاقليم كما لن تتمكن ادارة ترمب المقبلة من التعامل مع هذا الواقع الرخو والمتغير بكفاءة عالية في الإقليم.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق