loading ad...
عمان - في وقت تتجه فيه إيران لإعادة صياغة حضورها الإقليمي، وتتحرك نحو مفاوضات إستراتيجية غير مسبوقة حول برنامجها النووي، ما تزال الدول العربية عالقة في مأزق غياب الرؤية الموحدة، برغم إمكاناتها السياسية والاقتصادية الهائلة.اضافة اعلان
واستطاعت طهران، بفعل ضغط التهديدات الأمنية وتراجع حلفائها الإقليميين، تغيير إستراتيجيتها من سياسة "النفوذ الخارجي" إلى التركيز على الداخل ومصالحها المباشرة، متخلية عن عدد من أدواتها التقليدية الخارجية، وفي مقدمتها أذرعها في لبنان وسورية، لتعيد تموضعها في مشهد دولي متغير.
هذا التحول الإيراني، لم يكن نتيجة تفوق ميداني أو إنجاز دبلوماسي، بل كان استجابة واقعية لبيئة ضاغطة فرضت عليها مراجعة أدواتها وتحالفاتها، وامام هذه المعطيات الجديدة: الانكشاف الجيوسياسي وتراجع قدرة أذرعها الإقليمية على التأثير، رأت أن التفاوض، هو الخيار الأفضل لحماية الداخل.
ويبدو أن الإدارة الأميركية الجديدة، برغم تهديداتها المتكررة، تدرك هذا التحول، وتبقي الباب مفتوحا أمام تفاهمات، قد تشمل تخفيف العقوبات مقابل تنازلات نووية وتقليص دعم إيران لحلفائها في اليمن وسواها.
وبحسب محللين، تبدو الساحة العربية عاجزة عن تقديم مقاربة موحدة، أو حتى موقف متماسك تجاه هذه التحولات الكبرى، فالدول العربية برغم تمتعها بمواقع جيوسياسية محورية وموارد اقتصادية ضخمة، ما تزال تخوض معاركها من منطلقات جزئية وفردية.
تموضع إستراتيجي ناجح
من هنا، أكد أستاذ العلوم السياسية بالجامعة الألمانية الأردنية د. بدر الماضي، أن إيران التي تميزت بقدرتها على التحرك بمرونة ضمن مساحات نفوذ متاحة أو مصنوعة، باتت حاليا أمام واقع إستراتيجي أكثر ضيقا وتعقيدا.، ففي الآونة الاخيرة فقدت كثيرا من أوراقها الإقليمية، وعلى رأسها حلفاؤها الرئيسون في المنطقة العربية.
وأشار الماضي، إلى أن أذرع طهران الإقليمية في سورية ولبنان، لم تكن مجرد أدوات ضغط محلية، بل كانت ورقة تفاوضية مهمة أمام القوى الدولية، لا سيما في حوارها مع واشنطن، ومع تراجع دورها، تضاءلت قدرتها على رفع سقف مطالبها في أي مسار تفاوضي.
وأضاف، أن إيران، بفضل مرونتها السياسية، نجحت بإعادة تموضعها إستراتيجيا، لكنها لم تحقق ذلك بفعل إنجازاتها، بل بفعل الضغوط المتزايدة التي دفعتها لإعادة النظر في مكاسبها بطريقة مختلفة، لذا باتت تدرك بأنها بحاجة ملحّة لاتفاق مع الولايات المتحدة، في ظل التشدد الأميركي جهتها، والدعم العسكري والسياسي الذي يحظى به الاحتلال الصهيوني.
وتوقّع الماضي، أن تشهد الأشهر المقبلة توافقا بين إيران والولايات المتحدة، مشيرا إلى أن إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، لن تمنح إيران مساحة زمنية كبيرة للمناورة، بل ستصعّد الضغط باستخدام أدوات الردع العسكري والسياسي.
واقع عربي صعب
وفي معرض حديثه عن الموقف العربي، أوضح الماضي، بأن من أكبر الأخطاء المتكررة، افتراض وجود "صوت عربي موحد"، مشيرا إلى أن المنطقة تعاني من غياب التوافق الإستراتيجي، وتفتت الأمن القومي العربي إلى كيانات متفرقة، تبحث كل منها عن مصالحها الخاصة، إذ إن هناك أنظمة عربية تضع بقاءها السياسي فوق مصلحة بناء الدولة، ما يحول دون صياغة رؤية موحدة للتعامل مع التحديات الإقليمية والدولية، مبينا أن تحركات إيران لم تعد تعكس قوة فعل، بل استجابة لضغوط لم تترك لها خيارا سوى إعادة التموضع.
خيار العمل العسكري
فيما أكد المحلل السياسي د. عامر السبايلة، أن المكاسب التي تحققت للآن لا ترقى الى مستوى التنازلات الكبيرة المطلوبة من إيران، فما واجهته وأدى لتجريدها من معظم أدوات نفوذها، تجعل من الضروري عليها، تقديم مزيد من التنازلات، كإعادة صياغة سياساتها الإقليمية وتعديل منظومتها العسكرية ومراجعة برنامجها النووي، ما يعني أن هناك قضايا يتعين عليها معالجتها.
وأشار السبايلة، إلى أن الولايات المتحدة، تتجه نحو خيار العمل العسكري كبديل، حال عدم تقدم في المفاوضات مع ايران.
وبشأن الدول العربية، فأوضح أن غياب مشروع عربي موحد، سمح لإيران باستغلال الجغرافيا الإقليمية خلال أعوام، عبر دعمها لميليشيات وتنظيمات تحولت إلى مراكز قوة في دة دول.
وأكد السبايلة، أن الوضع الراهن يتطلب إعادة تقييم مفهوم الدولة الوطنية في عدة دول عربية، مع التركيز على الاستفادة من المشاريع الاقتصادية الضخمة، إلى جانب التحرر من الأطر الفكرية التي ركزت على استدامة الصراعات، دون السعي لحلول نهائية، مشددا على أهمية وضع أسس جديدة للتعاون الإقليمي والتنمية.
استغلال الموقف الأميركي
الخبير العسكري والإستراتيجي نضال أبوزيد، قال إن البراغماتية الإيرانية ظهرت واضحة أثناء المفاوضات النووية مع أميركا، ويبدو ان الجولة الثانية من المفاوضات التي عقدت في روما، نجحت لدرجة أن اجتماعا على مستوى الخبراء الفنيين سيُعقد اليوم في مسقط، ما يشير إلى أن المفاوضات وصلت لمستوى البحث في التفاصيل الفنية.
وأضاف أن إيران تستغل فشل واشنطن ضد الحوثيين في اليمن، بتعزيزه على نحو غير معلن عبر تزويد الجماعة بردارات وتقنيات، يمكن من خلالها تجنب الاستطلاع الأميركي، ما يفسر نجاح جماعة الحوثي بإسقاط 4 طائرات استطلاع أميركية متطورة.
وقال أبوزيد، إن إيران تحاول عبر ورقة الحوثيين، تعزيز أوراقها التفاوضية أمام أميركا، فيما يبدو أن المفاوض الأميركي يدرك هذه الخطوة الايرانية، لذلك يمكن لإدارة ترامب تقديم تنازلات تتعلق بأموال طهران المجمدة، ونسبة تخصيب اليورانيوم مقابل تخلي إيران عن دعم الحوثيين بشكل كامل، فترامب لا يريد التعرض لفشل عسكري في اليمن، في ظل تأخر الحسم وتجريد الحوثيين من قدراتهم.
إرهاق المفاوضين الأميركيين
وأشار إلى أن إيران لن تقبل إقحام ملف الصواريخ البالستية في المفاوضات، وفي الوقت نفسه، قد تقبل بالتفاوض على نسبة تخصيب لليورانيوم، والعودة لنسبة 3.67 % بدلا من النسبة الحالية وهي 60 %، وتخزين اليورانيوم المخصب الموجود لديها على أجهزة الطرد المركزي، مقابل تنازلات أميركية بتخفيف العقوبات المفروضة، الى جانب بحث ملف الأموال الإيرانية المجمدة.
ولفت أبوزيد، إلى أن رئيس الوفد الإيراني عباس عراقجي من مدرسة وزير الخارجية الإيراني ورئيس وفد التفاوض في مفاوضات (5+1) التي جرت في العام 2015، ما يعني أنه قد يُرهق الوفد الأميركي بالتفاصيل، ويتّبع إستراتيجية "حافة الهاوية"، وهي التوصل لاتفاق في آخر أيام المدة المحددة من ترامب، وهي 60 يوما.
وأضاف "قد الجانب الأميركي موقف الاحتلال الذي يسعى لتغليب الخيار العسكري على الدبلوماسي، لذلك ستكون هناك تنازلات أميركية محدودة، يجري اطلاع الاحتلال عليها من ناحية، ومن ناحية أخرى قد تكون هناك ملاحق متفق عليه".
وبين أبوزيد، أن ذلك يأتي في ظل غياب أي طرح أو مشاركة عربية سوى الوساطة العمانية، فيما تأتي زيارة وزير الدفاع السعودي إلى طهران، لتؤكد نأي الرياض بنفسها عن المفاوضات وعن أي حلول عسكرية مستقبلا في اليمن.
واستطاعت طهران، بفعل ضغط التهديدات الأمنية وتراجع حلفائها الإقليميين، تغيير إستراتيجيتها من سياسة "النفوذ الخارجي" إلى التركيز على الداخل ومصالحها المباشرة، متخلية عن عدد من أدواتها التقليدية الخارجية، وفي مقدمتها أذرعها في لبنان وسورية، لتعيد تموضعها في مشهد دولي متغير.
هذا التحول الإيراني، لم يكن نتيجة تفوق ميداني أو إنجاز دبلوماسي، بل كان استجابة واقعية لبيئة ضاغطة فرضت عليها مراجعة أدواتها وتحالفاتها، وامام هذه المعطيات الجديدة: الانكشاف الجيوسياسي وتراجع قدرة أذرعها الإقليمية على التأثير، رأت أن التفاوض، هو الخيار الأفضل لحماية الداخل.
ويبدو أن الإدارة الأميركية الجديدة، برغم تهديداتها المتكررة، تدرك هذا التحول، وتبقي الباب مفتوحا أمام تفاهمات، قد تشمل تخفيف العقوبات مقابل تنازلات نووية وتقليص دعم إيران لحلفائها في اليمن وسواها.
وبحسب محللين، تبدو الساحة العربية عاجزة عن تقديم مقاربة موحدة، أو حتى موقف متماسك تجاه هذه التحولات الكبرى، فالدول العربية برغم تمتعها بمواقع جيوسياسية محورية وموارد اقتصادية ضخمة، ما تزال تخوض معاركها من منطلقات جزئية وفردية.
تموضع إستراتيجي ناجح
من هنا، أكد أستاذ العلوم السياسية بالجامعة الألمانية الأردنية د. بدر الماضي، أن إيران التي تميزت بقدرتها على التحرك بمرونة ضمن مساحات نفوذ متاحة أو مصنوعة، باتت حاليا أمام واقع إستراتيجي أكثر ضيقا وتعقيدا.، ففي الآونة الاخيرة فقدت كثيرا من أوراقها الإقليمية، وعلى رأسها حلفاؤها الرئيسون في المنطقة العربية.
وأشار الماضي، إلى أن أذرع طهران الإقليمية في سورية ولبنان، لم تكن مجرد أدوات ضغط محلية، بل كانت ورقة تفاوضية مهمة أمام القوى الدولية، لا سيما في حوارها مع واشنطن، ومع تراجع دورها، تضاءلت قدرتها على رفع سقف مطالبها في أي مسار تفاوضي.
وأضاف، أن إيران، بفضل مرونتها السياسية، نجحت بإعادة تموضعها إستراتيجيا، لكنها لم تحقق ذلك بفعل إنجازاتها، بل بفعل الضغوط المتزايدة التي دفعتها لإعادة النظر في مكاسبها بطريقة مختلفة، لذا باتت تدرك بأنها بحاجة ملحّة لاتفاق مع الولايات المتحدة، في ظل التشدد الأميركي جهتها، والدعم العسكري والسياسي الذي يحظى به الاحتلال الصهيوني.
وتوقّع الماضي، أن تشهد الأشهر المقبلة توافقا بين إيران والولايات المتحدة، مشيرا إلى أن إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، لن تمنح إيران مساحة زمنية كبيرة للمناورة، بل ستصعّد الضغط باستخدام أدوات الردع العسكري والسياسي.
واقع عربي صعب
وفي معرض حديثه عن الموقف العربي، أوضح الماضي، بأن من أكبر الأخطاء المتكررة، افتراض وجود "صوت عربي موحد"، مشيرا إلى أن المنطقة تعاني من غياب التوافق الإستراتيجي، وتفتت الأمن القومي العربي إلى كيانات متفرقة، تبحث كل منها عن مصالحها الخاصة، إذ إن هناك أنظمة عربية تضع بقاءها السياسي فوق مصلحة بناء الدولة، ما يحول دون صياغة رؤية موحدة للتعامل مع التحديات الإقليمية والدولية، مبينا أن تحركات إيران لم تعد تعكس قوة فعل، بل استجابة لضغوط لم تترك لها خيارا سوى إعادة التموضع.
خيار العمل العسكري
فيما أكد المحلل السياسي د. عامر السبايلة، أن المكاسب التي تحققت للآن لا ترقى الى مستوى التنازلات الكبيرة المطلوبة من إيران، فما واجهته وأدى لتجريدها من معظم أدوات نفوذها، تجعل من الضروري عليها، تقديم مزيد من التنازلات، كإعادة صياغة سياساتها الإقليمية وتعديل منظومتها العسكرية ومراجعة برنامجها النووي، ما يعني أن هناك قضايا يتعين عليها معالجتها.
وأشار السبايلة، إلى أن الولايات المتحدة، تتجه نحو خيار العمل العسكري كبديل، حال عدم تقدم في المفاوضات مع ايران.
وبشأن الدول العربية، فأوضح أن غياب مشروع عربي موحد، سمح لإيران باستغلال الجغرافيا الإقليمية خلال أعوام، عبر دعمها لميليشيات وتنظيمات تحولت إلى مراكز قوة في دة دول.
وأكد السبايلة، أن الوضع الراهن يتطلب إعادة تقييم مفهوم الدولة الوطنية في عدة دول عربية، مع التركيز على الاستفادة من المشاريع الاقتصادية الضخمة، إلى جانب التحرر من الأطر الفكرية التي ركزت على استدامة الصراعات، دون السعي لحلول نهائية، مشددا على أهمية وضع أسس جديدة للتعاون الإقليمي والتنمية.
استغلال الموقف الأميركي
الخبير العسكري والإستراتيجي نضال أبوزيد، قال إن البراغماتية الإيرانية ظهرت واضحة أثناء المفاوضات النووية مع أميركا، ويبدو ان الجولة الثانية من المفاوضات التي عقدت في روما، نجحت لدرجة أن اجتماعا على مستوى الخبراء الفنيين سيُعقد اليوم في مسقط، ما يشير إلى أن المفاوضات وصلت لمستوى البحث في التفاصيل الفنية.
وأضاف أن إيران تستغل فشل واشنطن ضد الحوثيين في اليمن، بتعزيزه على نحو غير معلن عبر تزويد الجماعة بردارات وتقنيات، يمكن من خلالها تجنب الاستطلاع الأميركي، ما يفسر نجاح جماعة الحوثي بإسقاط 4 طائرات استطلاع أميركية متطورة.
وقال أبوزيد، إن إيران تحاول عبر ورقة الحوثيين، تعزيز أوراقها التفاوضية أمام أميركا، فيما يبدو أن المفاوض الأميركي يدرك هذه الخطوة الايرانية، لذلك يمكن لإدارة ترامب تقديم تنازلات تتعلق بأموال طهران المجمدة، ونسبة تخصيب اليورانيوم مقابل تخلي إيران عن دعم الحوثيين بشكل كامل، فترامب لا يريد التعرض لفشل عسكري في اليمن، في ظل تأخر الحسم وتجريد الحوثيين من قدراتهم.
إرهاق المفاوضين الأميركيين
وأشار إلى أن إيران لن تقبل إقحام ملف الصواريخ البالستية في المفاوضات، وفي الوقت نفسه، قد تقبل بالتفاوض على نسبة تخصيب لليورانيوم، والعودة لنسبة 3.67 % بدلا من النسبة الحالية وهي 60 %، وتخزين اليورانيوم المخصب الموجود لديها على أجهزة الطرد المركزي، مقابل تنازلات أميركية بتخفيف العقوبات المفروضة، الى جانب بحث ملف الأموال الإيرانية المجمدة.
ولفت أبوزيد، إلى أن رئيس الوفد الإيراني عباس عراقجي من مدرسة وزير الخارجية الإيراني ورئيس وفد التفاوض في مفاوضات (5+1) التي جرت في العام 2015، ما يعني أنه قد يُرهق الوفد الأميركي بالتفاصيل، ويتّبع إستراتيجية "حافة الهاوية"، وهي التوصل لاتفاق في آخر أيام المدة المحددة من ترامب، وهي 60 يوما.
وأضاف "قد الجانب الأميركي موقف الاحتلال الذي يسعى لتغليب الخيار العسكري على الدبلوماسي، لذلك ستكون هناك تنازلات أميركية محدودة، يجري اطلاع الاحتلال عليها من ناحية، ومن ناحية أخرى قد تكون هناك ملاحق متفق عليه".
وبين أبوزيد، أن ذلك يأتي في ظل غياب أي طرح أو مشاركة عربية سوى الوساطة العمانية، فيما تأتي زيارة وزير الدفاع السعودي إلى طهران، لتؤكد نأي الرياض بنفسها عن المفاوضات وعن أي حلول عسكرية مستقبلا في اليمن.
0 تعليق