في مكتبة آل عبد المتعالي وثائق ومخطوطات نادرة ومشجّرات تعود إلى 204هـ !

عكاظ 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

في مكتبة الباحث محمد بن علي آل عبدالمتعالي المنزليّة وثائق ومخطوطات ومشجّرات وصور عن منطقة عسير إنسانها ومكانها، إضافة إلى كتب في مختلف العلوم والمعارف. كنت لسنوات أمنّي النفس بزيارة هذه المكتبة إلاّ أنها لم تتحقق إلاّ هذه الأيام!

لم تكن محتويات المكتبة بالنسبة لي مفاجئة، فقد كنت أعلم عن صاحبها الاهتمام الكبير بالتاريخ وأهله، والتوثيق، ومطاردة الجديد والغريب والنادر، لكنّ المفاجئ بالنسبة لي -بعد هذه السنوات من التجوال- الحضور الذهني للباحث آل عبدالمتعالي، إذ لم يدر حديثنا عن موضوع يخصّ منطقة عسير أو مشكلة اختلف حولها المؤرخون واتسعت دائرة الجدل إلاّ وكانت الوثيقة لديه حاضرة، والدليل ناجزاً!

لفت انتباهي في هذه المكتبة رحابتها، فقد اختار لها صاحبها مكانا بارزا ومطلّا على فناء فسيح يستمدّ وهجه من إشراقة الشمس، وهواء أبها العليل، ودفء الكتب، وأحاديث الكبار، وصور المكان والإنسان التي عني بها الباحث آل عبدالمتعالي في شبابه، وما زالت تسكنه، ويخلص لها في كبره !

فمتى بدأ آل عبدالمتعالي هذا الاهتمام وكيف؟!

انتساب آل عبدالمتعالي إلى أسرة كبيرة لها مكانتها البارزة في منطقة عسير كان له دور كبير في هذا الاهتمام، فقد شُغل بالكتب جمعاً في عام 1396هـ وبالتصوير في عام 1394هـ، وكان لكتب عائلته دور كبير في هذا، فقد جمع كتب أسرته في عام 1398هـ، ثم انتقل هذا الاهتمام إلى تكوين مكتبة خاصّة شاملة للعلوم والمعارف في عام 1399هـ.

هذا الاهتمام كان حصيلته مخطوطات ووثائق نادرة يعود تاريخها إلى 900هـ و 1168هـ و1181هـ، ومشجّرات تعود إلى 204هـ، إضافة إلى عشرات الألبومات من الصور النادرة لمنطقة عسير إنسانا ومكانا، وما يزيد على 20 ألف كتاب في مختلف العلوم والمعارف، كان للتاريخ فيها نصيب الأسد !

مرجع الباحثين

لا يكاد باحث في تاريخ المنطقة ولا كتاب حديث يصدر عن المنطقة إلاّ ويكون لهذه المكتبة نصيب في الذكر، والشكر، إذ تعدّ مكتبة آل عبدالمتعالي المنزليّة واحدة من أهمّ المكتبات الخاصة في منطقة عسير التي يعود إليها الباحثون عن تاريخ المنطقة، وبفضلها كُتبت العديد من الدراسات والرسائل الجامعيّة وبحوث الترقية الأكاديميّة، وإليه يعود الكثيرون للبحث عن وثيقة أو حدث أو قصّة أو موقف يتداوله الناس، ويجدون في مكتبة آل عبدالمتعالي ما يؤكد هذا أو ينفيه، ولا يخلو حديث آل عبدالمتعالي من رجاء الباحثين في المنطقة الاستفادة من هذه الوثائق، وتأكيده أنّه لن يبخل على الجادين منهم بأغلى ما يملك من هذه الوثائق والمخطوطات!

أخبار ذات صلة

 

مشاغبات واختلافات

لا يتعصب آل عبدالمتعالي لرجال ألمع باعتباره واحداً من أبنائها، ومن أكثرهم اهتماما بالكتابة عنها، فقد كتب عن أعلامها وروادها، كما كتب عن المعلامات فيها، والتقط لمعالمها التاريخية وآثارها الصور، واحتلت الكتب التي تتحدث عنها مساحة كبيرة في مكتبته، وأنشأ في عام 1399هـ دارا باسمها (دار ألمع للثقافة والتراث)، تهتمّ بجمع التراث وتوثيقه وتصويره، كما أصدر عنها سلسلة تحت عنوان "آثار ألمع الإنسان والمكان"، قاربت هذه السلسلة على الأربعين جزءاً، إلاّ أنّ هذا الحبّ لم يزح عن كاهله همّ عسير المنطقة، فتراه يجمع ما كتب عن سراة عبيدة، وأحد رفيدة، وبيشة، ومحايل عسير، والبرك، ويتتبع الأحداث التاريخيّة في عسير، شمالها وجنوبها شرقها وغربها، ويحتفظ بالمخطوطات والرسائل والصور والمقابلات وقصاصات الصحف والمجلات في مكتبته، ويشعرك وهو يتحدث إليك بأنّ هناك شتاتاً في الجهود، لأنها لم تتوحد وتكتب كتابة تليق بالمكان وأهله، فغالبيّة الجهود كما يراها مهدرة. أما همّه الأكبر فيمكنك القبض عليه أثناء حديثه، إذ يشكو إلينا قلّة الباحثين من أبناء المنطقة القادرين على استنطاق الصور والوثائق والمخطوطات الكثيرة التي تعب في الحصول عليها، ودفع فيها الكثير من المال والجهد، ويمتد عتبه إلى الأكاديميين المتخصصين في التاريخ من أبناء المنطقة الذين لم يلتفت بعضهم (كما قال) لإرث المنطقة الآثاري والحضاري الكبير، ولا ينسى أن يرحّب بعد كلّ حديث وحديث بالباحث الجادّ إنْ في محافظته رجال ألمع بشكل خاص، وإنْ في منطقة عسير بشكل عام، ومع أنّ آل عبدالمتعالي قد أصدر عشرات الكتب والمجلات والأدلة التعريفيّة والكتيّبات إلاّ أنّه لا يتردد في الاعتراف بأنّ ما يقوم به لا يتجاوز المعلومات التي يضعها بين يدي القارئ مؤملاً أن تلفت أنظار الباحثين، فتدرس وتقدّم للقارئ والمكتبة بعلميّة أكبر!

كنت وأنا أستمع إليه في مكتبته الخاصة أشاغبه ببعض الاستفسارات والاعتراضات وحتى المعلومات التي ترد في سياق حديثنا الطويل الذي امتد لساعات، أشاكسه باعتراض هنا، واختلاف هناك، وكان يدلي بدلوه دون أن يكون قاطعاً في رأيه ولا متعصّباً له!

رسالة إلى الباحثين

خرجت من مكتبة آل عبد المتعالي سعيدا، ومتسائلا في الوقت ذاته عن الباحثين في منطقة عسير، واخترت أن أوجّه هذا النداء إلى الجادين منهم، فأقول: أيها الباحثون والمتخصصون في منطقة عسير، أليست منطقتكم بحاجة إلى الكتابة عن أسواقها وأعرافها، عن عاداتها وتقاليدها، عن تاريخها وتراثها، عن علمائها ومعلاماتها، عن إنسانها وحياة أهلها الاجتماعيّة، والاقتصادية؟!

إن كانت بحاجة إلى كلّ هذا ومثل محمد بن علي آل عبدالمتعالي قد اختصر عليكم الكثير، واستعدّ بخدمتكم من أجل عسير المكان والإنسان، أليست هذه المنطقة أحقّ بجهودكم العلمية من تاريخ الأمويين والأندلسيين والعثمانيين وصلاح الدين الأيوبي وخالد بن الوليد وآخرين أُشبعوا بحثاً ودرساً؟!

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق