loading ad...
لا أحد يعرف إلى ماذا سيفضي الصراع الأميركي الصيني، والحرب الاقتصادية التي تدور رحاها الآن، لكن الجميع يعرفون أن أميركا تغيرت، وأن الرئيس الحالي، ترامب، خلط الأوراق، وأعاد كثيرًا من دول العالم إلى المربع الأول الذي يدعوها إلى التفكير مجددًا بالمستقبل، وترتيب الأولويات بطريقة جديدة، قد تخرجها من الفلك الأميركي. اضافة اعلان
هناك عدد من الركائز التي جعلت الولايات المتحدة الأميركية تسود العالم، وفي هذا السياق لا يمكن الحديث عن سبب واحد، بل عن مجموعة من العوامل التي استُثمرت على مر عقود طويلة، فأدت إلى الواقع الحالي الذي بدأ يهتز في ظل التفوق الصيني، والاختراقات العلمية والاقتصادية التي تبهر بها العالم، وإذا كان البعض يشير إلى أن تسيُّد الصين لن يكون مثل الولايات المتحدة، فالصين لا تمتلك نمط حياة يمكن تعميمه على الآخرين، وهي ليست منفتحة على الهجرة، واستقطاب كفاءات العالم – وهذا جزء من التفوق الأميركي – وغيرها من العوامل.
لن نتطرق إلى التاريخ الأميركي المبكر، والمذابح التي أدت إلى القضاء على غالبية السكان الأصليين، بل إلى بعض الركائز التي يكاد العالم يتفق على أنها سبب تفوق الولايات المتحدة، التي جمعت بين عدد سكان كبير – يصل إلى ما يقرب من 342 مليون نسمة –، ومساحة أقل من 10 ملايين كيلومتر مربع، بذلك تكون ثالث أكبر دولة في العالم مساحةً بعد روسيا وكندا، إضافة إلى وجود ثروات طبيعية ضخمة مثل النفط، والغاز الطبيعي، والفحم الحجري، والمعادن النادرة، والذهب، والغابات، والمياه العذبة، وغيرها.
في الجانب الآخر، فإن سيطرة الدولار – غير المغطى بالذهب –، وقبوله في العالم كله، زاد من قوة هذه الدولة، وهناك ارتباط بين هيمنتها والدولار، ويكفي القول إن الدولار عملة الاحتياط العالمية (Global Reserve Currency) الأولى، فهناك حوالي 58 ٪ من الاحتياطيات النقدية للبنوك المركزية حول العالم بالدولار، وأكثر من 80 ٪ من الصفقات التجارية العالمية تُنجز بالدولار حتى لو لم تكن الولايات المتحدة طرفًا مباشرًا فيها، وهذا يجعل قدرة أميركا على الاستدانة أكبر، ويقلل من خطر الانفجار الكبير في حجم ديونها، وغيرها من العوامل.
تمكنت أميركا من التفوق على العالم كله من خلال نظام قضائي حازم، وعن طريق استقطاب أقوى الكفاءات في العالم، ومقولة أن العالم يلد المتميزين، وأميركا تتلقاهم صحيحة، وهذا جعل أكثر الأشخاص طموحًا في العالم يجدون هذه الدولة مكانًا لتحقيق أحلامهم، وهذا يعني أن أفضل المخترعين والمبتكرين يصبون في النهاية في مصلحة هذه الدولة.
وفوق ذلك كله، فإن الإنفاق العسكري الأميركي الهائل جعلها في المقدمة، والذي يصل إلى 37 ٪ من الإنفاق العالمي، والتكنولوجيا المتقدمة، والصناعات التي ليس لها منافس، والابتكار الدائم، والإنفاق غير المسبوق على البحث العلمي الذي يبلغ 784 مليار دولار، تليها الصين بـ723 مليار دولار، وبفارق كبير تأتي بعدهما اليابان بـ184 مليار دولار، وهذا يجعلها القوة الأولى في الأرض، والأكثر قدرة على امتلاك القوة والتطور.
وفي الجانب الآخر، فإن للولايات المتحدة الأميركية مشروعًا عالميًا ثقافيًا، ونمط حياة عملت على تعميمه قصدًا أو بغير قصد، فهناك القوة الإعلامية الهائلة والتحكم بها (Global Media Dominance)، وشبكة التحالفات الدولية والنظام الأمني – لا تستطيع روسيا مثلًا منافستها في هذا المجال –، والتنوع الداخلي المضبوط بتقاليد عريقة يجعله مصدر قوة وتقدم، والقدرة على فرض السيطرة العسكرية – أساطيل وقواعد في كل مكان في العالم – ناهيك عن القدرة على التحكم بالقوى الأخرى في البلدان المختلفة في العالم.
هذه الركائز جعلت الولايات المتحدة القوة الأكبر في العالم، ولولا تقدم الصين القوي والثابت على مدى عقود، لما تمكن أحد من اللحاق بها، مع اختلاف نمط التقدم الصيني وعدم تركيزه على الهيمنة الثقافية – للآن –، ومع مجيء الرئيس الأميركي ترامب، فإن بعض مصادر القوى الأميركية تتعرض لاختبار، فمرونة أميركا في قبول المهاجرين – وهم مصدر قوة عظيم لها من أجل استقطاب أفضل كفاءات العالم – تنهار في ظل نزوع إلى تقليل الهجرة، وهناك تحديات قضائية بين الرئيس والقضاء في مسائل عديدة، كما أن منظومة التحالفات الأميركية باتت على المحك بسبب اشتراطات الرئيس الجديدة، والهزات التي أعقبت فوزه في الانتخابات، وبعض أعداء الرئيس الأميركي يشيرون إلى أنه بادعائه إعادة أميركا إلى العظمة إنما يفكك مصادر قوتها المختلفة، بينما يجادل مناصروه بأنه يحاول جعل الآخرين يدفعون ثمن الحماية الأميركية، وفوق ذلك فإن تقييدات الحرية تضعف أميركا، فالقاعدة تقول دائما إن الحرية مصدر قوة، والقمع يؤدي إلى الفساد، وتراجع التطور، والتقدم، وهذا ما يخشاه بعض الأميركيين.
وفي هذا السياق، جاء في مقال لموقع (CounterPunch)، أن الولايات المتحدة الأميركية في طريقها لمواجهة انهيار لا يمكن إيقافه أو احتواء تداعياته الكارثية، ومن جهة أخرى تتساءل بعض الصحف اليسارية الأميركية عن المصير الذي سيواجه أميركا في ظل قرارات ترامب غير المسبوقة، وسياسته غير المتزنة، ومساهمته في قمع حرية التعبير خاصة فيما يتعلق بالتعاطف مع غزة، أو حربه وتهديداته المستمرة للجامعات العريقة التي يهددها بقطع التمويل، وتجفيف مصادر البحث العلمي فيها.
في النهاية، فإن أميركا تفوقت لأسباب وركائز، بدأت تتخلى عنها، ولا أحد يعرف إذا كان هذا أمرًا مؤقتًا، أم سيدوم، وهل هذا يعني تسريعًا لأفول الزمن الأميركي؟ وفرصة للتفوق الصيني الحتمي؟
هناك عدد من الركائز التي جعلت الولايات المتحدة الأميركية تسود العالم، وفي هذا السياق لا يمكن الحديث عن سبب واحد، بل عن مجموعة من العوامل التي استُثمرت على مر عقود طويلة، فأدت إلى الواقع الحالي الذي بدأ يهتز في ظل التفوق الصيني، والاختراقات العلمية والاقتصادية التي تبهر بها العالم، وإذا كان البعض يشير إلى أن تسيُّد الصين لن يكون مثل الولايات المتحدة، فالصين لا تمتلك نمط حياة يمكن تعميمه على الآخرين، وهي ليست منفتحة على الهجرة، واستقطاب كفاءات العالم – وهذا جزء من التفوق الأميركي – وغيرها من العوامل.
لن نتطرق إلى التاريخ الأميركي المبكر، والمذابح التي أدت إلى القضاء على غالبية السكان الأصليين، بل إلى بعض الركائز التي يكاد العالم يتفق على أنها سبب تفوق الولايات المتحدة، التي جمعت بين عدد سكان كبير – يصل إلى ما يقرب من 342 مليون نسمة –، ومساحة أقل من 10 ملايين كيلومتر مربع، بذلك تكون ثالث أكبر دولة في العالم مساحةً بعد روسيا وكندا، إضافة إلى وجود ثروات طبيعية ضخمة مثل النفط، والغاز الطبيعي، والفحم الحجري، والمعادن النادرة، والذهب، والغابات، والمياه العذبة، وغيرها.
في الجانب الآخر، فإن سيطرة الدولار – غير المغطى بالذهب –، وقبوله في العالم كله، زاد من قوة هذه الدولة، وهناك ارتباط بين هيمنتها والدولار، ويكفي القول إن الدولار عملة الاحتياط العالمية (Global Reserve Currency) الأولى، فهناك حوالي 58 ٪ من الاحتياطيات النقدية للبنوك المركزية حول العالم بالدولار، وأكثر من 80 ٪ من الصفقات التجارية العالمية تُنجز بالدولار حتى لو لم تكن الولايات المتحدة طرفًا مباشرًا فيها، وهذا يجعل قدرة أميركا على الاستدانة أكبر، ويقلل من خطر الانفجار الكبير في حجم ديونها، وغيرها من العوامل.
تمكنت أميركا من التفوق على العالم كله من خلال نظام قضائي حازم، وعن طريق استقطاب أقوى الكفاءات في العالم، ومقولة أن العالم يلد المتميزين، وأميركا تتلقاهم صحيحة، وهذا جعل أكثر الأشخاص طموحًا في العالم يجدون هذه الدولة مكانًا لتحقيق أحلامهم، وهذا يعني أن أفضل المخترعين والمبتكرين يصبون في النهاية في مصلحة هذه الدولة.
وفوق ذلك كله، فإن الإنفاق العسكري الأميركي الهائل جعلها في المقدمة، والذي يصل إلى 37 ٪ من الإنفاق العالمي، والتكنولوجيا المتقدمة، والصناعات التي ليس لها منافس، والابتكار الدائم، والإنفاق غير المسبوق على البحث العلمي الذي يبلغ 784 مليار دولار، تليها الصين بـ723 مليار دولار، وبفارق كبير تأتي بعدهما اليابان بـ184 مليار دولار، وهذا يجعلها القوة الأولى في الأرض، والأكثر قدرة على امتلاك القوة والتطور.
وفي الجانب الآخر، فإن للولايات المتحدة الأميركية مشروعًا عالميًا ثقافيًا، ونمط حياة عملت على تعميمه قصدًا أو بغير قصد، فهناك القوة الإعلامية الهائلة والتحكم بها (Global Media Dominance)، وشبكة التحالفات الدولية والنظام الأمني – لا تستطيع روسيا مثلًا منافستها في هذا المجال –، والتنوع الداخلي المضبوط بتقاليد عريقة يجعله مصدر قوة وتقدم، والقدرة على فرض السيطرة العسكرية – أساطيل وقواعد في كل مكان في العالم – ناهيك عن القدرة على التحكم بالقوى الأخرى في البلدان المختلفة في العالم.
هذه الركائز جعلت الولايات المتحدة القوة الأكبر في العالم، ولولا تقدم الصين القوي والثابت على مدى عقود، لما تمكن أحد من اللحاق بها، مع اختلاف نمط التقدم الصيني وعدم تركيزه على الهيمنة الثقافية – للآن –، ومع مجيء الرئيس الأميركي ترامب، فإن بعض مصادر القوى الأميركية تتعرض لاختبار، فمرونة أميركا في قبول المهاجرين – وهم مصدر قوة عظيم لها من أجل استقطاب أفضل كفاءات العالم – تنهار في ظل نزوع إلى تقليل الهجرة، وهناك تحديات قضائية بين الرئيس والقضاء في مسائل عديدة، كما أن منظومة التحالفات الأميركية باتت على المحك بسبب اشتراطات الرئيس الجديدة، والهزات التي أعقبت فوزه في الانتخابات، وبعض أعداء الرئيس الأميركي يشيرون إلى أنه بادعائه إعادة أميركا إلى العظمة إنما يفكك مصادر قوتها المختلفة، بينما يجادل مناصروه بأنه يحاول جعل الآخرين يدفعون ثمن الحماية الأميركية، وفوق ذلك فإن تقييدات الحرية تضعف أميركا، فالقاعدة تقول دائما إن الحرية مصدر قوة، والقمع يؤدي إلى الفساد، وتراجع التطور، والتقدم، وهذا ما يخشاه بعض الأميركيين.
وفي هذا السياق، جاء في مقال لموقع (CounterPunch)، أن الولايات المتحدة الأميركية في طريقها لمواجهة انهيار لا يمكن إيقافه أو احتواء تداعياته الكارثية، ومن جهة أخرى تتساءل بعض الصحف اليسارية الأميركية عن المصير الذي سيواجه أميركا في ظل قرارات ترامب غير المسبوقة، وسياسته غير المتزنة، ومساهمته في قمع حرية التعبير خاصة فيما يتعلق بالتعاطف مع غزة، أو حربه وتهديداته المستمرة للجامعات العريقة التي يهددها بقطع التمويل، وتجفيف مصادر البحث العلمي فيها.
في النهاية، فإن أميركا تفوقت لأسباب وركائز، بدأت تتخلى عنها، ولا أحد يعرف إذا كان هذا أمرًا مؤقتًا، أم سيدوم، وهل هذا يعني تسريعًا لأفول الزمن الأميركي؟ وفرصة للتفوق الصيني الحتمي؟
0 تعليق