وهما مسجّيان في أكفانهما، يقترب الفلسطيني عبد القدوس المدلل من طفليه اللذين قتلا في قصف إسرائيلي على مدينة خان يونس جنوب قطاع غزة الثلاثاء، ليتأمل ملامحهما ويلمس للمرة الأخيرة وجنتيهما بعد أن خطفت إسرائيل طفولتهما وأحلامهما في إبادتها الجماعية المتواصلة.اضافة اعلان

ووفق ما وثقه مقطع فيديو التقطه المصور إبراهيم محارب، وتداولته مواقع التواصل الاجتماعي، قال المدلل بصوت مكلوم وهو يودع طفليه يوسف وميسرة، إنه لا يليق بهما إلا أن يكونا "عصافير في الجنة".

وأوضح أن هذه المعاناة التي يعيشها سكان القطاع جراء استمرار الإبادة والحصار وسياسية التجويع الإسرائيلي من المؤسف أن يمرا بها، قائلا: "حرام يعيشوا هذه المعاناة".

ومنذ 2 مارس/ آذار الماضي تغلق إسرائيل معابر القطاع أمام دخول المساعدات الغذائية والإغاثية والطبية والبضائع، ما تسبب بتدهور كبير في الأوضاع الإنسانية للفلسطينيين وفق ما أكدت تقارير حكومية وحقوقية ودولية.

وسبق أن حذرت مؤسسات حقوقية وأممية من دخول القطاع في مرحلة المجاعة ومراحل حادة من سوء التغذية التي تؤثر بشكل كبير على الأطفال.

واقترب المدلل من طفله يوسف، وألبسه نظارته وقال: "اليوم لبس نظارتي وقالي صرت دكتور".

وطلب المدلل من المتواجدين في المستشفى عدم رفع النظارة عن وجه يوسف.

فيما قال في مقطع آخر نشره المصور حسيب الوزير، وتداولته مواقع التواصل الاجتماعي، إن "يوسف كان الأول على مدرسته ومتميزا، كما أنه كان الناطق الرسمي باسم الأطفال والطلاب في وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)".
وذكر أن يوسف كان مسؤول البرنامج الإذاعي في مدرسته.

واستكمل قائلا بصوت مكلوم: "الكل يشهد له بالفصاحة وأنه أكبر من عمره بكثير".
واستذكر المدلل حديثه الأخير مع يوسف، قائلا إنه أبلغه بنيتهم في السفر ليجيب الطفل رافضا: "سافروا جميعكم، لو بقي حجر تحت شجرة أنا سأجلس أسفلها".

وانتقل بحزنه وكلماته المؤثرة لوداع طفله ميسرة والذي يلقبه بـ"ميسو"، قائلا: "لو صار عمره 30 أو 40 سنة سيبقى طفلا، حبيب والده".

والثلاثاء، قصف الجيش الإسرائيلي الذي يعتمد على تقنيات عسكرية متطورة ودقيقة خيام نازحين في شارع الإسطبل بمنطقة المواصي غرب مدينة خان يونس ما أسفر عن مقتل 5 فلسطينيين بينهم الشقيقان المدلل.

ومنذ 7 أكتوبر 2023، وبدعم أمريكي مطلق، ترتكب إسرائيل حرب إبادة ممنهجة ضد سكان قطاع غزة، أودت بحياة أكثر من 170 ألف فلسطيني بين قتيل وجريح، غالبيتهم من الأطفال والنساء، كما أُعلن فقدان أكثر من 11 ألف شخص.-(الأناضول)