كيف يمكن للأردن تجاوز التعقيدات الدولية لإصلاح المياه ومشاريع البنى التحتية؟

الغد 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

loading ad...

عمان - عزز تقرير دولي متخصص من شأن أهمية التغلب على ظروف الترابط الدولية والإقليمية والمحلية المعقدة التي تحوم حول الأردن، مع إصلاحات المياه، وفي وقت أكد فيه مختصون في قطاع المياه الأردني، عدم إمكانية فصل ملف المياه الأردني فصلا كليا، واعتباره ملفا فنيا محليا لا يرتبط بتلك المتغيرات.اضافة اعلان
وفي حين سلّط تقرير دولي صدر أخيرا عن "مركز الدراسات الإستراتيجية والدولية CSIS"، وحصلت "الغد" على نسخة منه، الضوء على أهمية مجموعة مما أسماها بـ"الاعتبارات الدولية والإقليمية والمحلية المعقدة التي تواجه الأردن عندما يتعلق الأمر بإصلاحات المياه ومشاريع البنية التحتية وطرق التغلب على هذه العقبات السياسية"، دعا خبراء مياه أردنيون لأهمية قياس أثر تنفيذ المبادرات المعتمدة  في خطة الإستراتيجية الوطنية لـ "المياه" بتحقيق الأهداف الوطنية والإفصاح عنها بشكل دوري لكافة الشركاء.
وفيما طرح التقرير الذي حمل عنوانه "التعطش للسلطة.. التغلب على سياسات المياه في الشرق الأوسط"، تساؤلات جمّة إزاء مخاوف كبيرة جراء تضاعف تهديدات تغير المناخ والإفراط في استخدام موارد المياه بشكل غير مسبوق في الآونة الأخيرة بالمنطقة، أكد المختصون أن تجاوز معضلة الأمن المائي، والحد من مخاطرها وآثارها المستقبلية على الاستقرار والتنمية، يتطلب إرادة جماعية قائمة على تعظيم المصالح المترابطة، وربط مسارات التنمية، لا سيما تلك المتعلقة بالزراعة والطاقة والمياه. 
وفي الوقت الذي رأى فيه تقرير المركز أنه "أصبح  من الصعب أكثر من أي وقت مضى؛ وضع اتفاقيات وإصلاحات من شأنها التخفيف من ندرة المياه"، حذر الخبراء، في تصريحات لـ "الغد"، من إمكانية معاناة أغلب الدول العربية، ومن ضمنها الأردن، مستقبلا من أزمة مياه حادة، وهذه هي الصورة الحقيقية التي تستدعي دعم كفاية الموارد المائية لتلبية متطلبات الموازنة مع تزايد السكان.
وذهب التقرير لما هو أبعد من تلك المخاوف، مطلقا تحذيرات عالية الشدّة إزاء مخاطر من "معاناة كل دولة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا من شح مائي شديد بحلول العام 2050"، وهو ما أبدى المختصون قلقهم حياله، مشيرين لعكس معالجة قضية الأمن المائي العربي، أو في الشرق الأوسط، إلى حالة من عدم التوازن في مراعاة مصالح الدول، وضعف آليات التنسيق والتعاون في المنطقة، رغم المبادرات والأفكار المطروحة، وبعض المشاريع التعاونية. 
"المياه" لا يمكن فصله عن المتغيرات السياسية
وفي السياق ذاته، أكد الأمين العام الأسبق لوزارة المياه والري م. باسم طلفاح، أنه "لا يمكن فصل ملف المياه الأردني فصلا كليا، واعتباره ملفا فنيا محليا لا يرتبط بالمتغيرات السياسية الإقليمية والدولية".
وقال طلفاح، إنه بالإضافة لشح المصادر المائية الداخلية ذات الكلفة المعقولة، فإن الموارد المالية للحكومة الأردنية مثقلة بأعباء قطاع المياه، حيث يزيد مقدار العجز المتراكم والمتمثل بالدعم الحكومي والقروض من المؤسسات المالية الدولية والذي يتزايد سنويا عن 2.5 مليار دينار.
وأضاف، " إن مشروع الناقل الوطني سيضيف مبلغا لا يقل عن 600 مليون دينار سنويا لأعباء وزارة المياه وسلطة المياه".
وبين أن أهمية ملف المياه تظهر من اهتمام جلالة الملك عبد الله الثاني، ومن خلفه الحكومة الأردنية بمشروع الناقل الوطني، ويكاد لا تخلو كتب التكليف السامي للحكومات من إعطاء القطاع الأهمية والأولوية الوطنية.
وتابع "أدركت وزارة المياه والري مبكرا تشابك ملف المياه بأبعاده البيئية والاقتصادية مع الأبعاد السياسية والإستراتيجية ضمن حسابات إقليمية ودولية بما في ذلك تعاظم الأهمية في ظل تزايد الضغوط السكانية، وتراجع مستويات الموارد الطبيعية، ومحدودية الموارد المالية وتداعيات المشهد الإقليمي على قطاع المياه".
وقال "وعليه فإن الأردن يجد نفسه مضطرا لإعادة رسم إستراتيجيته المائية بعيدا عن الأطر التقليدية عبر الدبلوماسية والإبداع والتفاني في تأدية الواجبات المترافقة مع ضرورة الإصلاح الداخلي".
وأكد الأمين العام الأسبق لـ "المياه" أهمية أن تلامس هذه المنهجية جوهر التحديات في مجال المياه، لافتا لأن ذلك قد يستدعي الانخراط المستمر في مفاوضات مائية مع دول الجوار التي تتشارك معها في المصادر لضمان حقوق الأردن المائية، سواء عبر مراجعة المعاهدات عبر القنوات الرسمية وغير الرسمية بما فيها الدبلوماسية الهادئة والفعالة.
وأوضح أن الأمر يستدعي بناء تحالفات دولية تضمن تعزيز الشراكات مع الدول المانحة، مثل ألمانيا، اليابان، الولايات المتحدة، والاتحاد الأوروبي، لدعم مشاريع المياه؛ "باعتبارها قضايا أمن إقليمي تحقق تنمية مستدامة وليس فقط ملفات بنية تحتية". 
وذلك إلى جانب ضرورة استخدام المنصات الإقليمية والدولية، مثل المنتدى العالمي للمياه، مؤتمر الأمم المتحدة للمياه، لطرح قضية المياه الأردنية كقضية أمن مائي عالمي، وكسب التأييد السياسي والدعم المالي، وفق طلفاح.
وسلط الضوء على أهمية تعزيز الشراكات مع القطاع الخاص والتي تشمل التشاركية في إيجاد مصادر جديدة، وتنفيذ مشاريع المياه الكبرى، بما فيها التحلية والنقل وإعادة الاستخدام والمياه العميقة، بما يقلل الاعتماد الكلي على التمويل الحكومي أو الدعم السياسي المباشر. 
ولفت لإمكانية تعزيز الوعي والمشاركة المجتمعية في الحصاد المنزلي لمياه الامطار عبر تطوير الكودات وإدخال تقنيات متطورة لحصاد مياه الرطوبة الجوية ورطوبة التربة، واستغلال المياه المسماه "المياه الزرقاء" المتواجدة كرطوبة في التربة في المواسم المختلفة.
وفيما يخص مشاريع المياه الإقليمية الممكنة مع الدول التي تشارك الأردن مصادرة الجوفية أو السطحية، فشدد على ضرورة " العمل على تنفيذها بمعزل عن التوترات السياسية ما أمكن، وسط إمكانية الاستفادة من التجارب السابقة كاستغلال مياه حوض الديسي، حيث تم عقد اتفاقية مع المملكة العربية السعودية لإدارة فنية بحتة للحوض".
وأشار لأهمية ترافق الاستمرار في البحث وتطوير مصادر محلية تشكل أولوية إلى جانب السعي للشراكات الإقليمية والعالمية، نحو مزيد من الشفافية والحوكمة في القطاع بما يضمن أن كافة المشاريع تخضع للمعايير الدولية والحوكمة الرشيدة، مما يزيد من فرص نجاح القطاع في إدارة هذه المشاريع، ويضمن إنفاق مخصصاتها في الوقت المخطط له،  مما يخفف العبء المالي للفوائد وعمولات الالتزام التي تفرضها شروط التمويل للقطاع عادة، ويوفر انسيابية أكثر للتمويل.
كما تشمل حوكمة القطاع؛ بناء القدرات الوطنية بمجالات التفاوض المائي، والدراسات الهيدرولوجية، والتمويل الأخضر، حتى يصبح الأردن أكثر قدرة على إدارة ملفه المائي من موقع قوة معرفية وتقنية، بحسبه.
ودعا لأهمية البناء على ما تم إنجازه والتوسع بإعادة استخدام المياه المعالجة للزراعة والصناعة، مما يقلل الاعتماد على المياه العذبة التقليدية، إضافة للتوجه نحو الطاقة المتجددة مما يجعل كلفة المشاريع أقل عرضة للتقلبات الإقليمية.
غياب إستراتيجية أمنية عربية لحماية المياه
من جانبها، رجحت الخبيرة الأردنية في دبلوماسية المياه م. ميسون الزعبي أن تحتل قضية الأمن المائي قمة اهتمامات معظم الدول العربية، ولارتباطها الوثيق بقضية الأمن القومي العربي.
وقالت، " إن هذا الإدراك لم يترجم حتى الآن إلى سياسة عربية موحدة تجاه قضية المياه، كما أن غياب إستراتيجية أمنية عربية جادة لحماية هذه الثروة الحيوية، فاقم من أزمة المياه".
وأضافت الزعبي أن قضية المياه برزت كإحدى القضايا الأساسية التي تبشّر بتعاون مستقبلي في المنطقة، أو كسب محتمل للصراع، إلا أن القواسم المشتركة بينها أقرب إلى التعاون منها إلى الصراع، مبينة أن ذلك يتجلى في جهود الدول لتغيير الوضع الراهن والسعي إلى خلق واقع جديد قائم على التشارك في المياه.
ونبهت الزعبي من انعكاس أي استمرار لدول الشرق الأوسط ومنها الأردن، في اتباع النهج التقليدي بالتعامل مع مشكلة ندرة المياه الإقليمية، مشيرة لـ"عواقب وخيمة على المديين المتوسط والطويل، تشمل خسائر في الأرواح، وتهديدات للأمن الغذائي، وتأخرا بخطط التنمية الاقتصادية، واندلاع أزمات إنسانية، وتصاعدا في الهجرة القسرية، وتزايدًا في الاضطرابات السياسية، وتزايدا في احتمالية نشوب صراعات مسلحة على المياه. 
وتابعت "مع ذلك، ورغم هذه السيناريوهات الكارثية المحتملة، ما تزال مشكلة ندرة المياه لا تحظى بالاهتمام العام والاستثمار المالي الذي تحظى به مخاطر أخرى مماثلة، مثل تغير المناخ والأوبئة المستقبلية، ما يعيق التطوير المستدام لحلول ناجحة وفعّالة لحل هذه المشكلة".
ورأت أن الأساليب الحالية لمعالجة شح المياه لا تكفي لمنع هذه الكوارث المتوقعة وعواقبها، مشددة على أهمية التحرك العاجل من جانب المجتمع الدولي لإيجاد حلول جذرية ومبتكرة لمواجهة هذا التحدي المعقد، شأنه شأن تهديدات مماثلة أخرى كتغير المناخ وانتشار الأوبئة.
ولم تتوقع الخبيرة الأردنية حلا واحدا شاملا، "بل ستكون هناك حاجة لمجموعة متنوعة من الحلول الإقليمية، المصممة خصيصا لظروف كل منطقة، للمضي قدما والبدء في معالجة مشكلة ندرة المياه العالمية".
ودعت جميع الأطراف المعنية وأصحاب المصلحة، سواء الحكومات أو جهات القطاع الخاص أو الباحثين أو رجال الأعمال أو الجمعيات الخيرية أو المنظمات الدولية أو حتى الأفراد العاديين، لتحمل مسؤولية كبرى تتطلب منهم لعب دور حاسم في التغلب على هذا التهديد المتزايد للأمن والازدهار الدوليين.
وقالت، " إن الخطوات المطلوبة للأمن المائي العربي؛ هي التحرر السياسي وكسر التبعية السياسية، وربط الأمن المائي بالأمن الغذائي واعتبارهما خطين حمراوين للأمن القومي العربي، والاعتماد على الكفاءات العربية في دراسات المياه، والمبادرة إلى عقد اتفاقيات دولية تؤكد الحقوق العربية في المياه المشتركة العابرة من خارج الوطن العربي، وتبني المحاصيل الإستراتيجية للزراعة ونظم الري الحديثة، واعتبار المياه الجوفية غير المتجددة احتياطياً إستراتيجيا.
وذلك إلى جانب أهمية اتخاذ موقف عربي موحد تجاه مقترحات البنك الدولي والمنظمات الدولية بشأن تسعيرة المياه وبيعها وبنوك المياه، فضلا عن موقف عربي موحد تجاه مشاريع نقل المياه خارج أحواض الأنهار الدولية، وتعزيز الوعي باتساع نطاق مخاطر ندرة المياه عالمياً، وتوجيه نداء لتحرك دولي عاجل في إطار تعاوني أكثر فعالية لمواجهة هذا التحدي المتصاعد.
وشددت على دور الموارد المائية المشتركة بين دول عديدة كعامل أساسي بتحفيز عملية التعاون والتكامل من جهة، عبر الاستغلال المشترك لهذه الموارد المائية لتحقيق المصلحة الجماعية لهذه الوحدات السياسية، ودور هذه الموارد المائية المشتركة كعامل محفّز أيضا لاندلاع النزاعات والصراعات، لا سيما في ظلّ التحديات البيئية الخطيرة التي تؤثّر على كمية ونوعية المياه، والتي تزداد تعقيدا مع النموّ السكاني الهائل، من أخرى.
وأشارت في هذا السياق، لأهمية مساهمة تعزيز الرؤى التنموية العربية المشتركة، بعيدا عن التجاذبات السياسية والتنافس واختلاف وجهات النظر حول التهديدات وأولوياتها، في تنشيط الدبلوماسية المائية العربية تجاه دول المنبع خارج الدول العربية.
وذلك إلى جانب دورها في منح الحيوية والقدرة على تعزيز فرص التعاون المائي، ومواجهة تكلفة عمليات التحلية والتدوير، وتفعيل مكونات الإدارة المتكاملة للمياه في الأنهار العابرة للحدود، كسبيل للحد من الأنماط التنافسية والصراعية على ورقة المياه كأساس لتحقيق مصالح دول المنبع والمصب، مما ينعكس إيجاباً على معادلة الاستقرار والتنمية في المنطقة.
وتابعت "هذا يدفعنا لطرح تساؤل جوهري حول إمكانية طرح رؤى عربية عملية لمشاريع بديلة لمواجهة جميع احتمالات تهديدات الأمن المائي، المتوقعة وغير المتوقعة، في ظل إضافة أبعاد داخلية خاصة بالعالم العربي".
وبينت أن تلك الأبعاد تتمثل في مشكلات التصحر، وهدر المياه، وغياب رؤية عربية شاملة، وفق الزعبي التي لفتت لدور الارتقاء بمستوى التفاعل إلى مستوى شراكات تنموية تزيد من كفاءة إدارة الموارد المحدودة، ليكون السبيل للحد من نفوذ دول المنبع، والحد من تداعيات سياساتها على معادلة الاستقرار والتنمية، لا سيما مع تنامي الدور الإثيوبي، إلى جانب الدورين التركي والإسرائيلي، في السعي للسيطرة على الموارد المائية العربية.
ودعت للحاجة لـ"عمل مشترك لمعالجة الممارسات المائية غير المستدامة الحالية، وخاصة الإفراط في ضخ المياه الجوفية وفقدان السيطرة على تلوث المياه، بالإضافة لانعكاسات النقص المتوقع في هطول الأمطار في العقود القادمة، واحتمالية إلحاقه بضرر في سبل عيش الأجيال القادمة في هذه المنطقة من العالم.
وأشارت لضرورة أن تتضمن الجهود الدولية للحفاظ على السلام والأمن، سياسات فعّالة تمكّن من حماية البنية التحتية للمياه من جميع الهجمات، بما في ذلك الهجمات الإرهابية، وفقا لأولوية محددة تُلبّي احتياجات المدنيين والمتضررين.
وأضافت أن قضية الأمن المائي تكتسب أهمية خاصة في المنطقة العربية نظراً للظروف الطبيعية للموقع وامتداد معظم أراضيها عبر مناطق شديدة الجفاف تتميز بندرة المياه وتواتر فترات الجفاف بسبب التغيرات المناخية التي بدأت تسود العالم بما في ذلك المنطقة العربية، وخاصة الأردن.  
وبحسب تقارير منظمة الأغذية والزراعة (الفاو)، تأثرت المنطقة العربية بشكل كبير بهذه الظاهرة، مما أدى لانخفاضات وتغيرات كبيرة في معدلات هطول الأمطار، إذ تشير توقعات مستقبلية لهطول الأمطار خلال الـ 50 عاما المقبلة لانخفاضه بنسبة 20 % مقارنة بمستواه الحالي في معظم المناطق العربية، وفق الزعبي.
وأوضحت أن ندرة المياه في الأردن، تشكل تحديا كبيرا للتنمية المستدامة، إذ إن تفاقمها يؤثر على الأمن المائي الذي يؤثر بدوره على الأمن الغذائي وأمن الطاقة والتنمية الاقتصادية وسبل العيش والصحة البشرية.
 الأمن المائي هو جانب حاسم من جوانب الأمن الإقليمي والوطني، مستبعدة إمكانية توافر أمن اقتصادي بمعزل عن الأمن الغذائي، وهو نتيجة للأمن المائي.
وحذرت الزعبي من أن فكرة الحروب على المياه أصبحت "واردة" على نطاق واسع في الساحتين العالمية والإقليمية وخاصة في الدول العربية، وذلك رغم تعدد التوجهات في الفقه القانوني الدولي الذي يهتم بالتعاون المائي أو الصراع على الموارد المائية التي تتعرض لتحديات أكثر كما ونوعا، والجهود القضائية لحل النزاعات المائية بالطرق السلمية وإرساء نهج وقائي لمنع مثل هذه النزاعات التي قد تؤدي إلى مزيد من التعقيدات في العلاقات الدولية. 
الأردن يمتاز بالقدرة على تجاوز التعقيدات
وبدوره، أكد الأمين العام الأسبق لوزارة المياه والري م. إياد الدحيات، امتياز الأردن دوما بالقدرة على تجاوز التعقيدات المتعلقة بمتطلبات إصلاح القطاع العام، ومنها قطاع المياه، وتوفير التمويل لتنفيذ مشاريع البنية التحتية.
وقال إن ذلك عبر تبنّيه لإستراتيجيات وسياسات تراعي الواقع الوطني الأردني وتحدّد أولويات الإنجاز، بناء على برنامج تنفيذي قطاعي يحقق مستهدفات ركائز النمو الاقتصادي وجودة الحياة على المستوى الكلّي.
وقال الدحيات إنه من أهم تلك الإستراتيجيات؛ رؤية التحديث الاقتصادي التي تمّ إطلاقها العام 2022 براية ملكية سامية، والتي شملت ثمانية محرّكات للتنفيذ، أحدها محرّك الموارد المستدامة، والذي ضم تنفيذ 10 مبادرات لتحسين استخدام ولتعزيز استدامة قطاع المياه.
وأهم تلك المبادرات؛ إعادة هيكلة قطاع المياه، تحسين إدارة العرض والطلب على إمدادات المياه، إطلاق مشاريع تحلية لتعزيز الأمن المائي للمواطنين، وتقليل نسبة الفاقد من المياه، وفق الدحيات.
وبين الأمين العام الأسبق لـ"المياه" أن هذه المبادرات شكّلت محاور العمل الرئيسة عند إعداد إستراتيجية قطاع المياه للأعوام 2023-2040، وبرنامج المشاريع الرأسمالية والاستثمارية المرفق بها وخطة الاستدامة المالية لقطاع المياه، والتي تعد الوثائق الرئيسة لتطوير عمل قطاع المياه وللجهات التمويلية في توفير التمويل من منح وقروض تنموية لتمويل مشاريع البنى التحتية.
ورأى أنه بالتالي، فإن وجود هذه الوثائق المرجعية القطاعية يعد أساسياً لكافة الشركاء العاملين مع قطاع المياه لخلق حالة توافق بين المتطلبات الخارجية، وخاصة التمويلية، والأولويات الوطنية القطاعية.
وأكد على الحاجة دوما لقياس أثر تنفيذ المبادرات في تحقيق الأهداف الوطنية والإفصاح عنها بشكل دوري لكافة الشركاء؛ موضحا أن أهمها زيادة حصة الفرد من المياه بما فيها انتظام أدوار المياه، وتخفيض فاقد المياه ووقف الاعتداءات الذي يساهم في استدامة التزويد المائي وتحسين المردود المالي، وتغطية كلفة خدمات المياه والصرف الصحي التشغيلية والكلية.
وذلك إلى جانب توطين واستخدام التكنولوجيا في عمليات تشغيل المياه والصرف الصحي بهدف تعزيز أمن التزوّد المائي، وزيادة الاستثمارات من القطاع الخاص لتنفيذ مشاريع مصادر المياه وخلق فرص العمل.
ولفت لدور ذلك كله في توحيد المعلومات، والإبلاغ عن الإنجاز وفق الأهداف المرجعية، وخاصة للجهات التمويلية التي هي بحاجة بدورها لتقديم تقارير الإنجاز تلك، لمؤسساتها الرقابية التي تعمل على تخصيص التمويل من منح وقروض تنموية داعمة للخطط الوطنية المذكورة. 
وفي تفاصيل التقرير، فإنه أشار لأن الشرق الأوسط "يكافح انعدام الأمن المائي لقرون، لكن المنطقة اليوم على حافة الانهيار"، عازيا ذلك لتهديدات تغير المناخ والإفراط في استخدام موارد المياه بشكل غير مسبوق.
وقال " في منطقة تعاني من الحروب والهشاشة والتوترات السياسية، أصبح من الصعب أكثر من أي وقت مضى وضع اتفاقيات وإصلاحات من شأنها التخفيف من ندرة المياه".
وتابع "الاتجاهات واضحة: بحلول العام 2050، ستعاني دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا من شح مائي شديد".
ويقدم تقرير مركز الدراسات الإستراتيجية والدولية، منظورا جديدا لموضوع قديم، مستعينا بخبراء إقليميين للتعمق في أربع من أكثر دراسات الحالة تعقيدا في الشرق الأوسط: الأردن، وشمال شرق سورية، والمرتفعات اليمنية، وجنوب العراق.
وأبدى التقرير قلقه إزاء مساهمة عدم مراعاة هياكل السلطة وديناميكياتها بشكل كامل، في التسبب بتأخر تنفيذ المشاريع الرامية لمعالجة انعدام الأمن المائي بشكل كبير، أو فشلها تماما.
إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق