تأملات في منهجية المؤثر الاجتماعي عبدالعزيز بوحجي

الوطن البحرينية 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف
نجوى عبداللطيف جناحي

باتت وسائل التواصل الاجتماعي منصة سهلة المنال ليقدم الجميع من خلالها موضوعات مختلفة، فهي تعج بالمتحدثين، الذين يقدمون محتوى إعلامياً في موضوعات متنوعة، ولكل منهم هدف وغاية، فالبعض غايته خدمة الناس، والبعض الآخر غايته الشهرة والظهور، وربما كسب المال. فعلى الرغم من أن الكثيرين يتقنون فنون الظهور الإعلامي والتواصل الاجتماعي، إلا أن قلة منهم الذين يتقنون فن إحداث التأثير الاجتماعي.

والتأثير الاجتماعي عبر وسائل الإعلام المختلفة ليس بجديد على المجتمعات، فالمؤثرون الاجتماعيون يستخدمون وسائل التواصل المتاحة في زمنهم، وما يميز الزمن القديم أن وسائل الإعلام كالإذاعة والتلفزيون لا يعتليها، إلا من لديه محتوى إعلامي مفيد، لذا فقد كان المؤثرون الاجتماعيون هم من الكفاءات الذين يؤمنون بقضية معينة ويسعون لنشرها.

ودعت البحرين قامة من قامات المؤثرين الاجتماعيين وهو المقدم المتقاعد عبدالعزيز بوحجي، فبرحيله فقدت البحرين شخصية وطنية تركت أثراً كبيراً في المجتمع في مجال توعية الجمهور بقوانين وأنظمة المرور، والحفاظ على النظام في الشوارع حماية لأرواح الناس، هو مؤثر اجتماعي من الطراز الأول كونه قادراً على تغير قناعات الناس والتأثير في سلوكهم، بأسلوبه المميز الذي يصل إلى قلوب وعقول الجمهور، هو مدرسة يقتدى بها في أساليب التأثير الاجتماعي، فله منهجيته الخاصة به، فبوحجي التزم بموضوع معين وهو توعية الجمهور في مجال المرور وحفظ النظام في السير في الشوارع، ولم يُعهد عنه أنه طرق قضايا أخرى، فالتزام المؤثر الاجتماعي بقضية واحدة تعزز ثقة الناس بخبرته، وتجعله مرجعاً لهم، ومن مميزاته أنه كان يتحدث بلغة عامية بسيطة، تستوعبها ويتقبلها جميع فئات المجتمع كالأميين والمثقفين، وجميع الأعمار، كما أن أسلوبه المرح الفكاهي العفوي جعله قريباً لقلوب الناس فلا يعتبرون نصائحه أوامرَ أو توجيهات جادة، بل يتقبلونها بصدر رحب، وقد اختار المؤثر الاجتماعي توقيتاً هاماً ليتواصل مع الجمهور من خلال برنامجه الإذاعي التوعوي، وهو الصباح الباكر وقت استعداد الناس للذهاب للعمل، ولتوصيل أبنائهم للمدارس، كما تميز بحرصه على التواصل مع الجمهور بشكل يومي إما من خلال برنامجه الإذاعي اليومي الذي كان يقدمه على مدى ثلاثين عاماً، ومن خلال لقاءاته التلفزيونية، أو محاضراته التوعوية في المؤسسات الاجتماعية، كالمدارس والأندية، فلا يكاد يمر يوم على المواطن أو المقيم إلا وسمع فيه صوت بوحجي، حتى ألفه الناس واعتبروا صوته وحديثه الشيق بداية جميلة ليومهم. ومن مميزات أسلوبه في التأثير أنه كان يتحدث بلغة المخاطِب، فيشعر كل مستمع أنه يخاطبه شخصياً، وأحياناً كان يخص بالخطاب شريحة معينة من السواق، مثل سائقي سيارات الأجرة، أو أولياء الأمور وتصرفاتهم المرورية أمام أبواب المدارس، أو سائقي الدراجات النارية.

لقد وفق المؤثر بوحجي في تحقيق هدفه وهو نشر الوعي المروري بين الناس، لتصبح شوارع البحرين أنموذجاً راقياً في السير بنظام وانضباط ذاتي من جميع مستخدمي الطريق، ذلك أن الوعي المروري والقناعة المتأصلة في المواطن بأهمية الحفاظ على النظام في السير في الشوارع هي أقوى وأهم من الانضباط خوفاً من عقوبات القانون.

نعم لقد كان قضيته التي اشتغل بها طوال حياته انضباط السير في الشوارع، ولم يكتفِ بالتوعية المرورية، بل اهتم بتطوير تقنيات السير في الشوارع، حيث كان يطلع على التجارب العالمية لينقل لشوارع البحرين أفضل الممارسات، ويعززها كقناعة لدى المواطنين. سيبقى بوحجي مؤثراً اجتماعياً؛ لأنه عزز الانضباط الذاتي في استخدام الطريق، ليكون جزءاً أصيلاً من ثقافة المجتمع،لا يقبل التغير، ليس هذا فحسب، بل هو قدم نموذجاً فريداً في التأثير الاجتماعي، وابتدع أساليب تحقق الاستدامة في التغير الاجتماعي، رحم الله الأستاذ القدوة عبدالعزيز بوحجي وجزاه الله خير الجزاء على نصائحه للناس لحفظ أرواحهم وحمايتهم من الحوادث المرورية.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق