كيف ألهمت ثقافة السكن الفريدة في كوريا الجنوبية معرضًا فنيا في لندن؟ - الأول نيوز

cnn 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- ثمة أمر غريب من دخول مبنى لتجد داخله مبنًى آخر.. ما يستغرق الزائر برهة قصيرة حتى يتأقلم عند الوصول إلى الطبقة الثانية من صالة عرض "تيت مودرن" الشهيرة بـلندن

فمباشرة أمام المدخل، تقف نسخة مطابقة بالحجم الكامل لمنزل طفولة دو هو سوه في سيؤول، الذي لفّه بورق التوت بعناية، وقام بتتبّع تفاصيله باستخدام الغرافيت لإنتاج طباعة دقيقة لتفاصيل الواجهة. وهذا العمل ليس سوى واحد من العديد من تصورات المنزل التي ابتكرها الفنان الكوري خلال الثلاثين عامًا الماضية.

ويستمر معرض "Walk the House" (امشِ داخل المنزل) في "تيت مودرن" حتى شهر أكتوبر/ تشرين الأول، ويُعد أكبر عرض فردي مؤسسي لسوه في المملكة المتحدة حتى الآن، حيث يقيم هناك منذ العام 2016. وقبل ذلك، عاش في الولايات المتحدة بعدما درس في كلية رود أيلاند للتصميم وجامعة ييل في التسعينيات.

ويأتي اسم المعرض من تعبير يُستخدم في سياق "الهانوك"، وهو منزل كوري تقليدي يمكن تفكيكه وإعادة تركيبه في مكان آخر، بفضل طريقة بنائه ومواده الخفيفة. ومع مرور الوقت، أصبحت هذه المباني نادرة بسبب التوسّع العمراني والحروب والاحتلال، ما أدى إلى تدمير العديد من المنازل التقليدية في البلاد.

كيف ألهمت ثقافة السكن بكوريا الجنوبية معرضًا فنيا بلندن؟
ينبع اسم معرض سوه في "تيت مودرن" من تعبير يُستخدم في سياق "هانوك"، وهو منزل كوري تقليدي أصبح نادرًا بمرور الوقت.Credit: Jai Monaghan/Tate Modern

وكان منزل سوه في طفولته استثناءً وسط المشهد العمراني المتغير في سول خلال السبعينيات، وهي الفترة التي شهدت تطورًا سريعًا بعد ما خلّفته الحرب الكورية من خراب في المدينة. 

وقد أثارت هذه التجربة اهتمام الفنان بفكرة المنزل، ليس فقط كمكان مادي يمكن أن يزول ويُعاد إحياؤه، بل أيضًا كبناء نفسي يعكس الذاكرة والهوية.

وبين المعروضات أعمال فنية مطرزة، ونماذج معمارية مصنوعة من مواد وأحجام مختلفة، وأعمال سينمائية تتضمن تقنيات ثلاثية البعد معقّدة. 

تتردد التفاصيل الدقيقة التي التُقطت في طباعة سوه لمنزل الهانوك في عملين كبيرين مترابطين يُعرضان للمرة الأولى، وكلاهما يتيح للزوار الدخول إليه والمشي داخله.

ويحمل العمل الأول عنوان "المنزل المثالي: لندن، هورشام، نيويورك، برلين، بروفيدنس، سول" (2024)، ويجمع تركيبات وتجهيزات ثلاثية البعد مأخوذة من منازل عاش فيها سوه حول العالم، تم تركيبها على نموذج يشبه الخيمة يمثل شقته في لندن. أما العمل الثاني "عش/ أعشاش" (2024)، فهو نفق بألوان الباستيل، يستند أيضًا إلى أماكن مختلفة سكنها الفنان، لكنه يجمع ممرات غير منسجمة معًا، وهي بيئة تحمل دلالات رمزية عميقة بالنسبة للفنان.

وقال سوه لـCNN خلال افتتاح المعرض: "أعتقد أن تجربة الاغتراب الثقافي ساعدتني على رؤية هذه المساحات البينية، والمساحة التي تربط بين الأماكن. هذه الرحلة سمحت لي بالتركيز على المساحات الانتقالية، مثل الممرات، والسلالم، والمداخل". 

ويضم المعرض أيضًا عملا بعنوان "السلم" (2016)، وهو هيكل ثلاثي البعد تم طيّه لاحقًا ليصبح كتلة ثنائية البعد، حمراء ومتعرّجة تشبه الأوتار. 

وأضاف سوه: "أعتقد أننا بشكل عام نميل إلى التركيز على الوجهات، لكن الجسور التي تربط بين هذه الوجهات غالبًا ما نتجاهلها، بينما في الواقع نقضي معظم وقتنا في هذه المرحلة الانتقالية".

إزالة الجدران الداخلية

كيف ألهمت ثقافة السكن بكوريا الجنوبية معرضًا فنيا بلندن؟
لأول مرة منذ عام 2016، سيتم هدم جميع الجدران الداخلية لمعارض "تيت" من أجل استيعاب الأعمال واسعة النطاق في معرض سوهCredit: Jeon Taeg Su/Courtesy the artist/Lehmann Maupin/Tate Modern

وتتميز العديد من الأعمال المعروضة بصفة شفافة. حيث تُستخدم الأقمشة الرقيقة الشبيهة بالشاش بشكل مباشر في العديد من القطع، وكذلك على شكل فاصل خفيف بين الغرف، وهو أقرب ما يكون إلى جدار داخلي في المساحة الرئيسية.

من جهتها، أوضحت دينا أخماديفا، القيّمة المساعدة للفن الدولي في "تيت مودرن"، التي شاركت في تنسيق المعرض مع نبيلة عبد النبي، القيّمة الأولى للفن الدولي لدى مركز هيونداي تيت للأبحاث العابرة للحدود: "لأول مرة منذ العام 2016، ستُزال جميع الجدران في صالات العرض من أجل استيعاب الأعمال الكبيرة المتعددة التي ستتجسد داخلها، بالإضافة إلى الأزمنة والمساحات المتعددة التي تحملها تلك الأعمال". 

كيف ألهمت ثقافة السكن بكوريا الجنوبية معرضًا فنيا بلندن؟
حفزت التغيرات التي شهدتها مدينة سول خلال السبعينيات انشغالات سوه بالمنزل باعتباره مساحة يمكن حلها وإعادة إحيائها، ولكن أيضًا باعتباره بناءً يمكن أن يعكس الذاكرة والهوية.Credit: Jai Monaghan/Tate Modern

وأضافت: "وبذلك، فإن التصميم المفتوح للمكان لن يشكل ممرًا أو سردًا خطيًّا، بل سيشجع الزوار على التجول، والعودة، والتكرار، ما يستحضر تجربة أقرب إلى طبيعة الذاكرة نفسها".

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق