المجلس الأعلى للسكان يؤكد على أهمية دور القابلات في الرعاية الصحية

الغد 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

loading ad...

يُحيي المجلس الأعلى للسكان بهذه الإحاطة اليوم الدولي للقابلات والذي يصادف بتاريخ الخامس من أيار، تحت شعار "القابلات: دور حاسم في كل أزمة". يمثل هذا اليوم فرصة للإضاءة على الدور الهام الذي تضطلع به القابلات في تقديم الرعاية الصحية للأمهات والمواليد والأطفال وفي تقديم المشورة والمعلومات والخدمات حول تنظيم الحمل والأسرة والرضاعة الطبيعية، لا سيما في أوقات الأزمات الإنسانية.اضافة اعلان


تقف القابلات في خط الدفاع الأول في منظومة الرعاية الصحية الأولية التي هي الركيزة الأساسية في الرعاية الصحية، فهن يوفرن دعماً شاملاً قبل وأثناء وبعد الولادة. وضمن فعاليات هذا العام، أطلقت الأمم المتحدة في الدورة الثامنة والخمسين للجنة الأمم المتحدة للسكان والتنمية (CPD58)، مبادرة عالمية لتعزيز دور القبالة، تهدف إلى الحد من الوفيات المرتبطة بالحمل والولادة من خلال توسيع نطاق الرعاية الجيدة المقدمة عبر القابلات.


وتشير بيانات الأمم المتحدة إلى وفاة نحو 260 ألف امرأة خلال عام 2023 بسبب مضاعفات الحمل والولادة، أي بمعدل وفاة واحدة كل دقيقتين. ورغم الانخفاض بنسبة 40% منذ عام 2000، فإن وتيرة التقدم لا تزال بطيئة وغير متكافئة، خاصة في المناطق الهشة المتأثرة بالصراعات. 


القابلات: العمود الفقري لصحة الأمهات والأطفال

تمتد مسؤوليات القابلات لتشمل جميع مراحل الأمومة، بدءاً من التخطيط للحمل، مروراً بفترة الحمل والولادة، وحتى ما بعد الولادة. فهن يقدمن الفحوصات الدورية، والإرشادات الصحية، ويتابعن نمو الجنين واكتشاف المضاعفات مبكرًا. كما يسهمن في إدارة الولادات الطبيعية وتقديم الدعم العاطفي والجسدي خلال مخاض الولادة، إضافة إلى متابعة صحة الأم والمولود بعد الولادة، ودعم الرضاعة الطبيعية والتثقيف في مجالات تنظيم الأسرة، والتغذية، والنظافة، والصحة النفسية.


تلعب القابلات دورًا محوريًا في المناطق النائية، حيث يكنّ غالبًا مقدّمات الرعاية الوحيدات، مما يجعلهن ركناً أساسياً في تحسين مؤشرات الصحة المجتمعية. وتشير الأبحاث إلى أن رعاية القبالة الجيدة تسهم في تحسين أكثر من 50 مؤشرًا صحيًا، وتقلل من التدخلات غير الضرورية مثل العمليات القيصرية (بعكس الأردن فإنهن يسهمن في زيادة الولادات القيصرية)، مما يجعلها من أكثر التدخلات الصحية فعالية من حيث التكلفة والجودة.

القابلات في الأردن: نموذج مشرّف

في الأردن، تساهم القابلات بدور محوري في تقديم خدمات الصحة الإنجابية، حيث يلعبن دور مهم في تقديم المشورة المتعلقة بتنظيم الأسرة، ومتابعة صحة النساء خلال فترة الحمل، إضافة إلى الإشراف على تطعيم الأطفال وتقديم الدعم والرعاية خلال عمليات الولادة في كل من القطاعين العام والخاص. ووفقًا لتقرير وزارة الصحة لعام 2023، بلغ عدد القابلات في المملكة 4984 قابلة موزعات على مختلف القطاعات، منها 1630 في وزارة الصحة، و495 في الخدمات الطبية الملكية، و35 في المستشفيات الجامعية، و2824 في القطاع الخاص، ما يعكس الدور الحيوي الذي تلعبه هذه الفئة في تعزيز منظومة الرعاية الصحية في المملكة.


ويزور الأمانة العامة للمجلس الأعلى للسكان كل عام أفواج من القابلات الملتحقات بكلية الخدمات الطبية الملكية للمهن المساعدة، وينظم المجلس لهن يوماً علمياً يشتمل على عروض عن دورهن في تنفيذ الاستراتيجية الوطنية للصحة الإنجابية 2020-2030 ومساهمتهن في تغطية الخدمات المتصلة بعناصر الصحة الإنجابية كالاستعداد للزواج، سن المراهقة، الأمومة الآمنة، تنظيم الأسرة، أورام الجهاز التناسلي والأمراض المنقولة جنسياً، سن الأمل، والعنف، والنوع الاجتماعي. 

 

وتأتي هذه الجهود في إطار الحرص على رفع الوعي المجتمعي وتحسين جودة حياة الأفراد في مختلف المراحل العمرية.

 

ومن الجدير بالذكر، أنه منذ إقرار نظام ترخيص مزاولة مهنة التمريض والقبالة عام 2019 شهدت المهنة نقلة نوعية من حيث ضمان الكفاءة والجودة، عبر امتحانات الترخيص، وتحديث المناهج، وبناء بنوك أسئلة، إلى جانب إطلاق منصة إلكترونية لتسهيل الإجراءات.

تقديرات للاحتياجات المستقبلية من القابلات في الأردن

في إطار جهود التخطيط لتلبية احتياجات خدمات الصحة الإنجابية، أعد المجلس الأعلى للسكان تقديرات لاحتياجات المملكة من القابلات للفترة 2025 – 2035، استنادًا إلى سيناريو ثبات معدل استخدام الوسائل الحديثة لتنظيم الأسرة عند مستوياتها في عام 2023. ووفقًا لهذه التقديرات، تم احتساب عدد الأحمال والولادات السنوية لكل من الأردنيين والسوريين، وافترضت الدراسة ثبات معدل القابلات لكل 10 آلاف حمل (184 قابلة) ومعدل القابلات لكل 10 آلاف ولادة (271 قابلة) كما هو في عام 2023، مع الأخذ بالاعتبار أن مواقع رعاية الحوامل تختلف عن مواقع الولادة. وتشير التقديرات إلى أن الحاجة إلى القابلات ستشهد ارتفاعًا تدريجيًا، من 5147 قابلة في عام 2025 إلى 5701 قابلة في عام 2030، وصولًا إلى 6201 قابلة في عام 2035، يُضاف لهن الأعداد الإضافية اللازمة لتعويض حالات التقاعد أو الوفاة بين القابلات.

القابلات في الأزمات: استجابة إنسانية حاسمة

أثناء النزاعات والكوارث الطبيعية وحالات الطوارئ المتعلقة بالصحة العامة، غالبًا ما تُهمل احتياجات الصحة الإنجابية مما يؤدي إلى عواقب وخيمة. وتتعرض النساء الحوامل لخطر حدوث مضاعفات تهدد حياتهن إذا لم يحصلن على خدمات الولادة والرعاية التوليدية الطارئة. وقد تفقد النساء والفتيات إمكانية الوصول إلى خدمات تنظيم الأسرة، مما يعرضهن للحمل غير المقصود في ظروف محفوفة بالمخاطر.


وتبرز هنا أهمية القابلات بشكل خاص في حالات الطوارئ والكوارث الإنسانية، حيث يكنّ في طليعة الاستجابة الصحية، ويمثلن عنصرًا أساسيًا في إنقاذ الأرواح وتقليل المعاناة، وتؤكد منظمة الصحة العالمية أن القابلات الماهرات يُشكلن الفارق بين الحياة والموت لمئات الآلاف من الأمهات والمواليد سنويًا. حيث تواجه النساء الحوامل اللواتي يعشن في حالات طوارئ إنسانية بعضًا من أعلى المخاطر عالميًا. إذ يحدث ما يقرب من ثلثي وفيات الأمهات عالميًا في البلدان المتضررة من الهشاشة أو النزاعات. وبالنسبة للنساء في هذه البيئات، فإن المخاطر هائلة وتشهد المنطقة العربية بشكل عام تحدي في هذا الموضوع بسبب النزاعات وعدم الاستقرار في بعض البلدان العربية.


وجدير بالاهتمام في هذا السياق يقدم الأردن خدمات طبية متميزة للمواطنين واللاجئين على حد سواء، فاستضافته لأعداد ضخمة من اللاجئين السوريين وغيرهم، وضعت ضغطًا كبيرًا على مرافقه الصحية، لكنه نجح في توفير الرعاية من خلال المستشفيات الميدانية، العيادات المتنقلة، وتعاونه مع المنظمات الدولية. كما أن النظام الصحي الأردني يعمل بجد لمواكبة احتياجات الرعاية الصحية للأمهات والأطفال، في وقت يتزايد فيه الضغط الأسري على مهنة القبالة والكوادر الصحية. 


الحاجة إلى دعم مستمر لمهنة القبالة

يشدد المجلس الأعلى للسكان على أهمية الدور الذي تضطلع به القابلات المؤهلات، حيث تشير الدراسات العالمية إلى أن القابلات المدربات يمكن أن يسهمن في تقليل وفيات الأمهات والمواليد، بالإضافة إلى تقليل الولادات المبكرة، وتقليص احتمال فقدان المواليد، ويوصي المجلس بالاعتراف بالدور الإنساني للقابلات وتكريم جهودهن في إنقاذ الأرواح، والعمل لتعزيز الاستثمار في مهنة القبالة، من خلال التوسع في برامج التدريب والتعليم المستمر، مما ينعكس تحسين ظروف العمل والأجور، بما يضمن بيئة آمنة ومحفزة للقابلات بالإضافة الى ضمان توافر المستلزمات الطبية الأساسية والمرافق الصحية المناسبة، خاصة في المناطق النائية، وزيادة برامج رفع  الوعي المجتمعي بدور القابلة في الرعاية الصحية المتكاملة كما يوصي بضرورة تعزيز مشاركة القابلات في السياسات الصحية لضمان تمثيل صوتهن في صنع القرار.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق