loading ad...
في محاولة لتوثيق واقع الفلسطينيين تحت وطأة الإبادة التي ترتكبها تل أبيب بحقهم، رافق مراسل الأناضول مجموعة مواطنين أثناء تنقلهم بين شمال قطاع غزة وجنوبه عبر "شارع الرشيد" الساحلي، الطريق الوحيد المتاح بسبب إغلاق الجيش الإسرائيلي "شارع صلاح الدين" منذ مارس/آذار.اضافة اعلان
خلال الرحلة، بدت المعاناة واضحة على وجوه الفلسطينيين، إذ يضطر الكثير لاستخدام عربات تجرها الدواب أو عربة "توكتوك" وهي مركبة خفيفة ثلاثية العجلات، بسبب حظر تحرك المركبات والشاحنات التي تظل عرضة لخطر القصف.
** تجويع قاس
ماجد دبور، أحد ركاب "التوكتوك" الذي استقله مراسل الأناضول خلال رحلته من شمال غزة إلى وسطها، يقول إنه يقضي ساعتين بدلاً من ربع ساعة في الطريق للوصول إلى أقاربه في مخيم النصيرات للحصول على دقيق.
ويصف دبور الرحلة بأنها "مليئة بالغبار والخطر"، قائلاً: "التوكتوك بدون كراس، رائحة الوقود (المنبعثة من التوكتوك) خانقة، والضغط كبير".
ويضيف: "الطريق الساحلي هو الوحيد المفتوح، لكن أي سيارة تتحرك فيه تُستهدف بقصف الجيش الإسرائيلي، لذلك نضطر للتنقل بعربات بدائية".
ويؤكد أنهم يضطرون للمخاطرة خلال هذه الرحلات من أجل الحصول على دقيق لإطعام أطفالهم الذين يتعرضون لتجويع ممنهج جراء إغلاق إسرائيل المعابر منذ 2 مارس/آذار الماضي.
وتواصل إسرائيل منذ نحو شهرين منع دخول جميع الإمدادات والمساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة، ما أدى إلى كارثة إنسانية ومجاعة غير مسبوقة.
والأربعاء، حذر مدير الاتصال بوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا" جوناثان فاولر، في مقابلة مع الأناضول، من فظاعة الوضع في قطاع غزة.
وقال فاولر: "عاد شبح المجاعة ليخيم على الفلسطينيين في ظل أزمة إنسانية دخلت أخطر مراحلها جراء حرب الإبادة التي تواصل إسرائيل ارتكابها وإغلاقها المعابر".
ويشتكي الفلسطيني ماجد دبور من المجاعة الشديدة التي يعيشها الناس بقطاع غزة، مبينا أنه "حتى الطحين الموجود في الشمال فاسد ومسوس ولا يصلح للاستهلاك الآدمي".
ويضيف: "لا مساعدات تدخل، ولا غذاء متوفر، والناس بلا عمل أو دخل، ولا يوجد في البيوت شيء يؤكل".
ووصف المسؤول الأممي الوضع الإنساني بقطاع غزة بأنه "الأسوأ" منذ بدء إسرائيل الإبادة الجماعية بحق الفلسطينيين في 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023.
** مجازفة يومية
في عربة بدائية بلا نوافذ ولا مقاعد مريحة، يجلس الركاب متلاصقين، يُطاردهم الغبار ويُحيطهم دخان الوقود، في مشهد يختصر قسوة الرحلة وضيق الخيارات. إنها ليست مجرد وسيلة تنقل بل رحلة فرار من موت إلى آخر، في محاولة للتشبث بالحياة.
عبد الحميد، أحد الركاب، يصف رحلته من شمال غزة إلى وسطها بأنها "مجازفة محفوفة بالموت".
يقول: "ننطق بالشهادتين قبل أن نتحرك، الزوارق الإسرائيلية خلفنا في البحر، والدبابات أمامنا، والطيران فوقنا، بأي لحظة ممكن نتعرض للقصف".
ويضيف أن الشارع الساحلي بات "طريق الخطر الوحيد" بعدما منع الجيش الإسرائيلي حركة المركبات، مضيفًا: "نستعين بالله ونتحرك".
أما المسنة أم إياد اللحام، فتقول إنها تتنقل لأول مرة عبر هذا الطريق للوصول إلى خان يونس (جنوب)، واصفةً الرحلة بأنها "مرهقة وصعبة خاصة على الكبار".
وتعكس هذه الرحلات اليومية مدى صعوبة الحياة في القطاع المحاصر، بسبب إغلاق المعابر ومنع دخول الوقود والمواد الغذائية وتصاعد القصف في كل زاوية.
وتحاصر إسرائيل غزة منذ 18 عاما، وبات نحو 1.5 مليون من مواطنيها، البالغ عددهم حوالي 2.4 مليون فلسطيني، بلا مأوى بعد أن دمرت حرب الإبادة مساكنهم.
** رحلة مرهقة
أحمد البنا، سائق "التوكتوك" الذي ينقل المواطنين من شمال القطاع إلى وسطه، يقول إن الرحلة "مرهقة للمحرك وللركاب معًا"، موضحًا أن "الماتور ضعيف والتعب كبير"، في إشارة إلى مشقة الطريق وطول مدته.
ويضيف البنا في حديثه لمراسل الأناضول: "نضطر للتوقف أكثر من مرة لإراحة الركاب، معظمهم متعبون وجوههم منهكة، بعضهم لا يتكلم من شدة التعب أو الخوف... لكن لا يوجد خيار، يريدون الوصول بأي طريقة".
ومنذ بداية الإبادة بقطاع غزة، يجبر الجيش الإسرائيلي سكان المناطق التي يتوغل بها على إخلائها، عبر إرسال إنذارات يتبعها بغارات عنيفة على المناطق المستهدفة للضغط على سكانها وإجبارهم على النزوح.
وتزداد معاناة المدنيين في قطاع غزة بشكل مروّع مع كل توغل إسرائيلي جديد وأوامر إخلاء قسرية، حيث يُجبر الآلاف على الفرار من منازلهم تحت القصف والتهديد المباشر، دون أي مكان آمن يلوذون به.
ومطلع مارس، انتهت المرحلة الأولى من اتفاق لوقف إطلاق النار وتبادل أسرى بين حركة "حماس" وإسرائيل بدأ سريانه في 19 يناير/ كانون الثاني 2025، بوساطة مصرية قطرية ودعم أمريكي.
وبينما التزمت حركة "حماس" ببنود المرحلة الأولى، تنصل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، المطلوب للعدالة الدولية، من بدء مرحلته الثانية استجابة للمتطرفين في ائتلافه الحاكم، وفق إعلام عبري.
وبدعم أمريكي ترتكب إسرائيل منذ 7 أكتوبر 2023، جرائم إبادة جماعية في غزة خلّفت أكثر من 170 ألف شهيد وجريح من الفلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود.-(الأناضول)
0 تعليق