دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- هل هناك فرق بين السعادة والازدهار؟ وجدت الأبحاث الجديدة، أن امتلاك أحدهما لا يعني بالضرورة امتلاك الآخر أيضًا.
ذكر تقرير جديد أن الشعور بالازدهار يعني أنك تعيش حياة جيدة، وهو يتجاوز السعادة الفردية، إذ يتم تقييمه من عدة أبعاد، بما في ذلك الصحة، والأمان المالي، والمعنى، والعلاقات.
تصدرت إندونيسيا قائمة الدول التي يزدهر فيها الناس بشكل كبير، تليها المكسيك والفلبين، وذلك بحسب "دراسة الازدهار العالمي" التي نُشرت الأربعاء.
لم تحتل العديد من الأماكن التي سجلت أعلى النقاط من حيث الازدهار مراتب متقدمة بتقييم الدول الأكثر سعادة في العالم، وفقًا للتقرير الجديد الذي طوره معهد دراسات الدين في جامعة بايلور وبرنامج الازدهار الإنساني في جامعة هارفارد، بالشراكة مع مؤسسة "غالوب" ومركز العلوم المفتوحة.
تشمل الدراسة 22 دولة وهونغ كونغ، وهي منطقة إدارية خاصة تابعة للصين.
وأشار الدكتور بايرون جونسون، المشرف على الدراسة وأحد المساهمين في التقرير، وهو أستاذ بارز بالعلوم الاجتماعية بجامعة بايلور في مدينة واكو بولاية تكساس الأمريكية، إلى أن البحث صُمم ليقدم لمحة شاملة عن جزء كبير من العالم.
وقال جونسون: "أبرز ما يميز دراسة الازدهار العالمي يتمثل بحجمها: نحن نتابع 207 ألف مشارك من جميع أنحاء العالم، يتحدثون أكثر من 40 لغة مختلفة، في القارات الست المأهولة"، مضيفًا: "هذا يمنح صوتًا لنحو 64% من سكان العالم".
رغم وجود بعض القيود، إلا أن الدراسة تُعد مصدرًا طموحًا ومرحبًا به عند النظر إلى الرفاه العالمي، بحسب ما ذكره الدكتور فيليكس تشيونغ، وهو الأستاذ المساعد في علم النفس بجامعة تورونتو، ورئيس أبحاث كندا في مجال رفاهية السكان.
وكان تشيونغ قد شارك بتأليف فصل في تقرير السعادة العالمي الأخير، الذي لم يكن جزءًا من دراسة الازدهار العالمي.
ولفت الباحثون إلى أن التقرير ليس سوى البداية، إذ سيتم متابعة الأشخاص الذين شملهم الاستطلاع سنويًا على مدى خمس سنوات لرصد كيفية تغير مستويات الازدهار، والبحث بشكل أعمق في العوامل التي تصنع حياة جيدة.
الشباب يواجهون تحديات
تتمثل إحدى النتائج البارزة في هذا البحث الجديد، وتقارير أخرى حول الرفاه في أن الشباب لا يبلون بلاءً حسنًا مقارنةً بالفئات العمرية الأخرى.
وقال الدكتور تايلر فاندر ويل، وهو قائد الدراسة وأحد المشاركين في إعداد التقرير: "ربما من أكثر الجوانب المثيرة للقلق في هذه البيانات هو أننا عندما نجمع البيانات من 22 دولة، نجد أن الازدهار يميل إلى الزيادة مع التقدم في العمر، بحيث يسجل الأفراد الأصغر سنًا أدنى المستويات".
وهذا لا ينطبق على كل مكان، إذ أنه على سبيل المثال في بولندا وتنزانيا، يميل الشباب إلى أن يكونوا أكثر ازدهارًا. لكن بالنسبة للكثيرين في أنحاء العالم، يبدو أن أنماط الازدهار عبر مراحل الحياة قد بدأت تتغير، وفقًا لما قاله فاندر ويل، وهو أستاذ علم الأوبئة في كلية تي إتش تشان للصحة العامة بجامعة هارفارد.
وقال تشيونغ: "الشباب يخبروننا أن هناك شيئًا خاطئًا".
توجد بعض النظريات حول سبب معاناة الشباب، إذ أوضحت إحدى الدراسات أن الدول المتقدمة عادةً ما تفرض بيئات تنافسية أكثر في أنظمة التعليم من أجل الحصول على وظائف أفضل، مما يؤدي إلى زيادة التوتر بين الشباب.
ووجدت إحدى دراسات تشيونغ السابقة أن الأمريكيين لا يرون فرصًا كبيرة للتنقل الاجتماعي، مما يعني أن الناس يشعرون أن العمل الجاد لا يؤدي بالضرورة إلى نتائج ملموسة.
وأوضح: "من الممكن أن يكون هذا التصور بعدم وجود فرص للتنقل الاجتماعي مؤذيًا بشكل خاص للشباب لأنهم يحاولون فقط الانتقال من الجامعة أو المدرسة إلى مسيرتهم المهنية".
مفاجآت في البيانات
تم تقييم الازدهار من خلال سؤالين في كل من المجالات الستة التالية: السعادة، والصحة، والمعنى، والطابع الأخلاقي، والعلاقات، والأمان المالي.
رغم أن الناس في الدول الغنية والمتقدمة أفادوا بشعورهم بمزيد من الأمان المالي وتحسّن حياتهم، فإن هذه الدول لم تحتل مراتب عالية ضمن فئات أخرى شملت المعنى، والعلاقات، أو الطابع الإنساني المؤيد للخير الاجتماعي، وهو السلوك الذي يعزز اللطف والتماسك الاجتماعي.
وأشار فاندر ويل إلى أن "هذا يطرح أسئلة مهمة حول كيفية تحقيق التنمية الاقتصادية من دون الإضرار بالمعنى والغرض، والعلاقات، والطابع الأخلاقي".
وأضاف أن بعض الدول التي سجلت أعلى مستويات الازدهار كانت غير متوقعة، حيث جاءت إندونيسيا بالمرتبة الأولى في مستوى الازدهار، تلتها الفلبين في المركز الثالث، ونيجيريا في الخامس، وجميعها دول لم تكن ضمن أفضل 20 دولة في تقرير السعادة العالمي.
من ناحية أخرى، احتلت السويد المركز الرابع ضمن أسعد الدول، لكنها جاءت بمنتصف الترتيب في تقرير الازدهار. كذلك احتلت الولايات المتحدة مرتبة متوسطة في تقرير الازدهار.
وأشار فاندر ويل إلى أن هذه من الأمور التي علينا محاولة فهمها وتحليلها في السنوات المقبلة.
جوانب من الازدهار تحت سيطرتك
رغم أن الدراسات المستقبلية ستواصل استكشاف العوامل الأكثر تأثيرًا على الازدهار، إلا أن هذه الأبحاث تتيح للناس فرصة البدء في تقييم حياتهم بشكل أفضل بناءً على هذه المعطيات.
اعتبر فاندر ويل أن "إحدى الطرق للتفكير في ازدهار الإنسان هي ببساطة مراجعة أسئلتنا الـ12 الأساسية حول الازدهار".
وأضاف تشيونغ أن البيانات تُظهر أيضًا أن هناك طرقًا للعثور على الرفاهية في ظل ظروف متعددة، وليس فقط في البلدان المتقدمة ذات الناتج المحلي الإجمالي المرتفع.
وقال إن إحدى النتائج المتكررة للدراسة، وأبحاث أخرى حول الرفاهية، هي أن التواصل الإنساني ضروري لحياة جيدة، موضحًا أن الأشخاص الذين يشاركون في الحياة الدينية أو المدنية يميلون إلى الإبلاغ عن مستوى أعلى من الرفاهية، وكذلك أولئك الذين يعيشون مع الآخرين أو يشاركون وجبات الطعام بانتظام.
0 تعليق