بين اليمن وإيران

الغد 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

loading ad...

هآرتس
عاموس هرئيل
8/5/2025
 لم يكن لدى حكومة إسرائيل وقت طويل للتفاخر أول أمس بالهجوم الجوي الثاني في اليمن في غضون يومين. عشرات الطائرات الحربية في الواقع حلقت مسافة حوالي 2000 كيلومتر وخلفت وراءها اضرار كبيرة في مطار صنعاء العاصمة ردا على الصاروخ الذي سقط في ارض مطار بن غوريون في يوم الاحد الماضي. ولكن حتى صور الحرائق الكبيرة هناك التي اثارت النشوة الخفيفة في بعض القنوات هنا لم تستمر لفترة طويلة في العناوين. هذا حدث بسبب التصريح المناوب للرئيس الأميركي، دونالد ترامب، الذي اعلن بعد بضع ساعات عن وقف الهجمات الأميركية ضد الحوثيين.اضافة اعلان
 ترامب برر هذا قرار وقف الحملة الجوية التي في اطارها تكبدت اليمن عمليات قصف جوية شديدة بشكل خاص، وبهذا "استسلم" الحوثيون. حسب قوله هم طلبوا من الأميركيين وقف الهجمات مقابل وقف اطلاق النار على السفن في البحر الأحمر وفي خليج عدن. رواية الحوثيين مختلفة، لكن المهم هو أن القتال توقف وإسرائيل ليست جزء من الاتفاق. الحوثيون اعلنوا بأنهم سيستمرون في اطلاق الصواريخ والمسيرات نحوها "الى أن يتم ادخال المساعدات الى غزة". أيضا هذا يعكس تغيير في موقفهم. الحوثيون استأنفوا اطلاق النار على إسرائيل في نهاية آذار بعد أن خرقت الأخيرة اتفاق وقف اطلاق النار مع حماس واستأنفت القتال في غزة. الآن ربما هم يلمحون الى الاستعداد لتبني تسوية أخرى، التي لا تشترط انهاء مطلق للقتال في القطاع.
 هذه هي المرة الثانية في غضون شهر، التي يسقط ترامب على رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو بشرى سيئة بالنسبة له مع إعطائه انذار لفترة قصيرة. في بداية شهر نيسان استدعى ترامب نتنياهو بشكل مستعجل الى البيت الأبيض، فقط من اجل أن يشكل رئيس الحكومة متفرج صامت على اعلان الرئيس استئناف المفاوضات مع ايران بشأن الحد من مشروعها النووي. المتحدثون بلسان الحكومة يصفون ترامب بأنه صديق حقيقي لإسرائيل، لكن يبدو أنه في كل مرة يتخذ قراراته بناء على اعتبارات أميركية فقط، وأنه يغير مواقفه بشكل متقلب وبدون أي تنسيق تقريبا مع نتنياهو.
البيان الأخير لترامب يكشف الصعوبة الموجودة في اعتماد إسرائيل على دعمه، الذي يبدو مائع جدا ويعتمد على ما هو مناسب للرئيس في تلك اللحظة. الحملة الهجومية ضد الحوثيين بدأت بتهديد ترامب باخضاعهم وتعليمهم درس لن ينسوه. ولكن عندما لم ينفع ذلك – لأنه كما هو متوقع يصعب ردع قيادة دولة هي في الأصل من افقر دول العالم – قرر ترامب ببساطة المضي قدما، في حين يبيع للجمهور الأميركي (الذي تقريبا لا يهتم في كل الحالات) كذبة أخرى حول النصر الساحق الذي كان من المفروض أن يتحقق في ساحة بعيدة.
 المخاطرة والضرر من اليمن يمكن لإسرائيل استيعابها، رغم أن إصابة الصاروخ لمطار بن غوريون اضرت كثيرا برحلات الطيران لشركات اجنبية التي تأتي الى هنا. ما يجب أن يقلق نتنياهو اكثر هو الاحتمالية المتزايدة لترامب للتوقيع على اتفاق جديد مع ايران في القريب. الرئيس الأميركي وعد بـ"انباء كبيرة" في القريب، ربما حتى قبل زيارته في دول الخليج في الأسبوع القادم. ربما سيكرر مناورة مشابهة في القضية الإيرانية. سيعلن عن اتفاق رائع نجح في تحقيقه مع النظام في طهران، الذي هو بالفعل لن يكون مختلف جدا عن الاتفاق الذي بلورته إدارة أوباما في 2015، وهو نفس الاتفاق الذي دأب ترامب ونتنياهو على التشهير به خلال العقد الماضي.
اذا حدث ذلك فان نتنياهو سيتعين عليه قبول الاتفاق مع صك الاسنان. ولكن خلافا للتهديد من اليمن هنا يدور الحديث عن مسألة استراتيجية حاسمة التي ينشغل رئيس الحكومة فيها منذ ثلاثين سنة تقريبا، من اجل أن يقوم بتغيير كهذا في مواقفه فانه سيحتاج الى التحدث بشكل منفتح اكثر ومفصل اكثر مع الجمهور الإسرائيلي. من جهة أخرى، اذا تم التوقيع على الاتفاق بالفعل فان اختيار نتنياهو لعملية عسكرية إسرائيلية ضد المنشآت النووية سيكون مصحوب بخطر مزدوج: إسرائيل ستجد صعوبة في تعطيل المنشآت التي بعضها متناثر تحت الأرض، بدون مساعدة أميركية؛ ومثل هذه الخطوة ستؤدي الى احتكاك شديد مع الإدارة الاميركية.
رحلة ترامب يمكن أن تثمر إنجازات في مجال واحد (صفقات صخمة مع دول الخليج)، وربما مجالين (أمس لمح بأنه يحتمل حدوث تقدم قريب في عقد الصفقة في غزة). ربما ان تلميحات ترامب تستهدف الموضوع الأول، والسعوديون يظهر أنهم متحمسون بشكل خاص لدمج الاتفاقات مع الأميركيين برفع خطر ايران من جدول الاعمال. يمكن أن تنشأ هنا ديناميكية مثيرة للاهتمام بين ترامب ونتنياهو: بعد ان أوقع عليه وقف الهجمات الاميركية في اليمن، وعلى فرض ان الرئيس يسعى الى اتفاق مع ايران، هل ترامب سيجمد تطلعات التطبيع بين إسرائيل والسعودية أم سيربط ذلك بوقف اطلاق النار في قطاع غزة؟ من جهة أخرى، هل يمكن أن يكون ترامب ينوي السماح لنتنياهو بفعل ما يريد في غزة كجائزة ترضية عن الضرر الذي لحق بمكانة نتنياهو في قضايا أخرى؟.
  في جهاز الامن، الذي هو أيضا يجد صعوبة في تحليل التطورات إزاء السلوك غير المتوقع لترامب، يوجد شعور بأن الأمور بدأت تتحرك. اذا نشرت في القريب بيانات عن اتفاقات إنسانية جديدة في القطاع مثل استئناف تزويد الوقود أو الدفع قدما باتفاقات مع شركات أميركية لتوزيع الغذاء على السكان الفلسطينيين، فان هذا الامر يمكن أن يدل على تفاهمات اعمق من خلف الكواليس، في الوقت الذي يجند فيه الجيش الإسرائيلي عشرات آلاف جنود الاحتياط ويهدد بتوسيع العملية البرية في القطاع، بعد انتهاء زيارة ترامب في المنطقة.
 رئيس الأركان ايال زمير، القى اول امس قنبلة خاصة به، عندما اعلن بأنه اصدر تعليماته لقسم القوة البشرية في هيئة الأركان بأن يعرض عليه بشكل فوري خطة "لتوسيع وزيادة اصدار أوامر التجنيد للحريديين"، القصد هو ارسال امر اول لكل شاب بلغ 16.5 سنة، بما في ذلك الحريديين. ومن لا يمتثل سيتم الإعلان عنه كمتهرب من الخدمة. هذه العملية تم تمريرها بـ"الوضع العملياتي وتطور المعركة"، أي النقص في المقاتلين. مصدر رفيع في قسم القوة البشرية قال أول من أمس في الكنيست بأنه ينقص الجيش تقريبا 7 آلاف مقاتل.
ان خطوة زمير لن توصل الى الجيش شباب حريديين لديهم دافعية للقتال. وهي أيضا لن تحل مشكلة القوة البشرية في الجيش الإسرائيلي قبل الدخول الى الهجوم الموسع المخطط له في غزة. ولكن يوجد لها تداعيات أخرى. أمس جرى نقاش لدى المستشارة القانونية للحكومة، غالي بهراف ميارا، حول ازمة قانون التجنيد. زمير المح للمستشارة القانونية والمحكمة العليا بأنه يدرك خطورة الازمة وأنه لا يتساوق مع توقعات الحكومة منه، أي أن يكون خاتم مطاطي لها في القضية التي تهز الائتلاف.
 هذه أيضا رسالة لرجال الاحتياط الذين يتم استدعاءهم مرة أخرى والغاضبون بسبب عدم المساواة في تحمل العبء. رئيس الأركان يدرك ضائقتهم ويتماهى معها. هناك شك اذا كان يوجد تطور سيؤثر مباشرة على الحرب أو على ازمة التجنيد. مع ذلك، يبدو ان زمير يزيد بشكل متعمد الاحتكاك العلني مع الحكومة بشكل يتجاوز الخلاف مع نتنياهو في مسالة ماذا يسبق ماذا في اهداف الحرب: تحرير المخطوفين أم هزيمة حماس.
إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق