توفيق السباعي
احتفت مملكة البحرين الأربعاء الفائت بيوم الصحافة البحرينيّة، والّذي يصادف السابع من مايو من كلّ عام، وهو يوم ليس كباقي الأيّام في روزنامة الوطن؛ بل هو محطّة اعتزاز بمسيرة الكلمة الحرّة المسؤولة، ويوم لتجديد العهد مع رسالة الصحافة الّتي اختارت أن تكون شريكاً صادقاً في مسيرة النهضة الوطنيّة والتنمية المستدامة. واكتسب يوم الصحافة البحرينيّة لهذا العام 2025 بُعداً رمزيّاً خاصّاً، إذ يتزامن مع مرور ربع قرن على تأسيس جمعيّة الصحفيّين البحرينيّة، هذا الكيان المهنيّ العريق الّذي لطالما كان بيتاً للصحفيّين، وصوتاً للحريّة، ومنصّة للدفاع عن القيم الصحفيّة الأصيلة.
لقد تبوّأت الصحافة البحرينيّة مكانة مرموقة بفضل الدعم الكبير الّذي حظيت به في ظلّ العهد الزاهر لحضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، ملك البلاد المعظم حفظه اللّه ورعاه، حيث حظيت بحريّة مسؤولة مكّنها الدستور، وكرّسها ميثاق العمل الوطنيّ، فكانت على الدوام مرآة صادقة لما يشهده الوطن من تطوّر ونماء، ومنصّة تنويريّة تعكس نبض الشارع، وتعزّز التلاحم بين القيادة والمواطنين.
وتأتي رعاية صاحب السموّ الملكيّ الأمير سلمان بن حمد آل خليفة، وليّ العهد رئيس مجلس الوزراء، حفظه اللّه، امتداداً لهذا النهج الراسخ، حيث تحظى الصحافة والصحفيّون بتقدير رفيع يعكسه التكريم السنويّ بجائزة رئيس مجلس الوزراء للصحافة، ويترجمه الدعم المستمرّ لتطوير المنظومة الإعلاميّة وتحفيز الكفاءات الوطنيّة؛ إيماناً بدور الصحافة والإعلام الوطني، كشريك فاعل ومؤثر في دعم مسيرة التنمية المستدامة، والحفاظ على الهوية الوطنية الأصيلة، وترسيخ قيم التعايش والانفتاح الحضاريّ.
الصحافة البحرينيّة لم تكن يوماً مجرّد ناقل للحدث، بل كانت ولا تزال صانعة للرأي، ومؤثّرة في تشكيل الوعي العامّ، وشريكة في صناعة القرار التنمويّ والاجتماعيّ والثقافيّ. إنّها منصّة للحوار، وجسر للثقة، ودرع للحقيقة، لا سيّما في زمن التحدّيات الرقميّة وتزاحم المعلومات. ففي خضمّ التحوّلات المتسارعة في عالم الإعلام الرقميّ، أثبتت الصحافة البحرينيّة وعيها وقدرتها على مواكبة هذا العصر بثقة وحكمة، فتبنّت التكنولوجيا الحديثة وأدوات الذكاء الاصطناعيّ في صناعة المحتوى، دون أن تغفل عن أهمّيّة التحقّق، والتمسّك بأخلاقيّات العمل الصحفيّ. وواصلت تطوير بنيتها التحتيّة وتدريب كوادرها المهنيّة، واضعة نصب عينيها التوازن بين الابتكار والمصداقيّة، الكلمة المسؤولة والخطاب المتّزن؛ لتستمرّ في أداء رسالتها السامية بمهنيّة راسخة ورؤية وطنيّة.
ولا يمكن الحديث عن هذا اليوم دون التوقّف عند الدور الرياديّ الّذي تقوم به جمعيّة الصحفيّين البحرينيّة، والّتي استطاعت عبر ربع قرن أن تكون مظلّة جامعة للصحفيّين ومركزاً لمبادرات التطوير المهنيّ وتعزيز العلاقات الخليجيّة والعربيّة والدوليّة. وقد شكّل تعاونها الوثيق مع وزارة الإعلام نموذجاً ناجحاً في النهوض بالعمل الصحفيّ وتقديم صورة مشرّفة للبحرين في كافّة المحافل الإعلاميّة.
نوجّه تحيّة مستحقّة لكلّ من حمل أمانة الكلمة وراية الحقيقة، من الصحفيّين والصحفيّات في مملكة البحرين، الّذين جعلوا من مهنة الصحافة رسالة وطنيّة، ومنبراً للدفاع عن القيم، وصوتاً لصون المكتسبات ودفع عجلة التنمية. فتحيّة لكلّ قلم وميكروفون وعدسة التزموا المهنيّة، وجعلوا من الصحافة البحرينيّة عنواناً للمسؤوليّة والانتماء.
وفي ختام هذه الإطلالة، لا يسعني إلّا أن أتقدّم بخالص الشكر والتقدير لصحيفة «الوطن»، رئاسة تحرير وإدارة وزملاء صحفيّين، على الجهود المتواصلة والتطوير الكبير الّذي تشهده في كافّة أقسامها، وعلى تغطياتها المتميّزة ورسالتها الإعلاميّة الهادفة، ومواقفها الوطنيّة المشرّفة الّتي تجعل منها نموذجاً للصحافة المهنيّة الأصيلة. ومن محاسن الصدف بالنسبة لي أن يمرّ عام كامل على كتابتي في هذه الصحيفة، وهي تجربة أعتزّ بها كثيراً، وأجد فيها مساحة فكر ومسؤوليّة تجاه قرّاء كرام ووطن يستحقّ أن يُروى عنه كلّ ما هو مضيء ومُلهم.
0 تعليق