وقالوا لوكالة الأنباء الأردنية (بترا)، إن تطوير الصناعات عالية القيمة سيسهم بتوفير فرص العمل، وزيادة الصادرات، وخفض عجز الميزان التجاري، واستقطاب الاستثمارات الأجنبية المباشرة، ونقل وتطوير التكنولوجيا، وتحقيق الاستدامة.
ويضم محرك الصناعات عالية القيمة في رؤية التحديث الاقتصادي 9 قطاعات تندرج تحتها 104 مبادرات، من خلال عملية تنفيذ الاستراتيجيات المستقبلية للنهوض بالاقتصاد الصناعي الأردني وتحويل المملكة لتكون مركزا لتصدير المنتجات.
كما يتم إيلاء اهتمام خاص لبناء سلاسل القيمة المتكاملة وحفز الإنتاجية والابتكار وتحقيق التآزر عبر المحفظة الصناعية في المملكة من خلال ربط القطاعات بسلاسة من حيث العرض والمعرفة وتدفقات السوق.
وقال رئيس غرفتي صناعة الأردن وعمان المهندس فتحي الجغبير إن رؤية التحديث الاقتصادي ركزت ضمن أولوياتها على دعم القطاعات ذات القيمة المضافة العالية وهي التعدين والصناعات الكيماوية والصناعات الدوائية والمحيكات والغذائية والهندسية، إضافة إلى دعم وتطوير الصناعات الإبداعية.
وأضاف أن رؤية التحديث الاقتصادي تضمنت العديد من المبادرات الكفيلة بدعم القطاع الصناعي، مثل برامج ترويج المنتجات المحلية، واستقطاب استثمارات وصناعات جديدة، وخفض كلف الطاقة وبخاصة الكهرباء، ومساعدة الصناعات الصغيرة والمتوسطة على تحسين الإنتاجية وتنافسية الكلف، وتشجيع الشراكة بين القطاعين العام والخاص، وتبسيط الإجراءات، وغيرها من المبادرات الأخرى الكفيلة بدعم نمو وتطوير القطاع الصناعي.
وأشار إلى أن تعزيز دور القطاع الصناعي والصناعات عالية القيمة باعتبارها قاطرة النمو والأقدر على إحداث النمو الاقتصادي وتوفير فرص العمل، يتطلب الإسراع في تنفيذ مختلف مبادرات وأولويات رؤية التحديث الاقتصادي وبشكل تكاملي شمولي.
وبين انه لتحقق التميز في الصناعات الأردنية عالية القيمة لابد من توفير ممكنات أبرزها خفض كلف الإنتاج، مشيدا بهذا الصدد بقرارات ومبادرات الحكومة بايصال الغاز للمناطق والتجمعات الصناعية ما سيسهم في خفض كلف الطاقة وتنويع مصادرها.
وشدد المهندس الجغبير على ضرورة توفير سياسات لحماية الصناعات الوطنية من اغراق المنتجات الأجنبية ووقف تدفق المستوردات ذات البديل المحلي، وتطبيق مبدأ المعاملة بالمثل، فضلاً عن تكثيف عمليات ترويج الصادرات.
وأوضح أن تعزيز التكامل الرأسي والافقي للصناعات عالية القيمة يتطلب استقطاب الاستثمارات النوعية والتركيز على استثمارات تكمل هذه السلاسل وتضمن تقويتها، ما يتطلب استراتيجية واضحة وتوفير حوافز تستقطب المستثمرين لهذه الصناعات، ما سيسهم بتعزيز سلاسل القيمة الأفقية والعامودية داخل الاقتصاد الوطني.
وبين أن نجاح القطاعات الصناعية عالية القيمة يرتبط بشكل وثيق بتطوير ورفع كفاءة الأيدي العاملة الأردنية وتزويدها بالمهارات المطلوبة لدعم النمو الصناعي، موضحا أن الاستثمار في التعليم التقني والتدريب المهني يعد من العناصر الأساسية لتوفير قوى عاملة قادرة على مواكبة التطورات التكنولوجية في الصناعات المختلفة.
وأكد المهندس الجغبير أن القطاع الصناعي متفائل بتوجهات الحكومة بضرورة اطلاق قدرات القطاع الخاص وتمكينه من تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي الذي يشكل جوهر وأساس التنفيذ الصحيح لمبادراتها واهدافها، إلى جانب القرارات الاقتصادية التي اتخذتها ما يدل على النهج الاقتصادي الجديد القائم على التمكين والاعتماد على الذات وتطوير القدرات الانتاجية.
من جهته، أكد رئيس النقابة اللوجستية الأردنية نبيل الخطيب، ان القطاع اللوجستي يمكن أن يكون له تأثير كبير على قطاع الصناعات عالية القيمة كونها تعتمد بشكل رئيسي على كفاءة وفاعلية سلاسل التوريد والخدمات اللوجستية.
وبين أن الاثر يتركز في تحسين الكفاءة التشغيلية، حيث أن تطوير القطاع اللوجستي يؤدي إلى تحسين عمليات النقل والتخزين وايصال المواد والمنتجات النهائية، ما يسهم في تقليل التكاليف التشغيلية، ويعزز القدرة التنافسية للصناعات، لافتا إلى ان وجود بنية تحتية لوجستية متطورة يعزز من القدرة الاستثمارية واستقطاب الاستثمارات للشركات ذات الصناعات عالية القيمة.
ولفت إلى أن القطاع اللوجستي يقلل من الهدر بالوقت وزمن وصول البضائع عبر الموانىء من خلال تحسين عمليات التخطيط والتوزيع، مبينا أن الصناعات عالية القيمة تعتمد على التسليم بالوقت المحدد وتقليل التأخير ما يحافظ على الربحية العالية للشركات.
واشار إلى أن تحسين الخدمات اللوجستية يحفز الابتكار في التكنولوجيا والبنى التحتية ويعزز الاقتصاد الوطني بشكل عام، مؤكدا ان ضعف القطاع اللوجستي ينعكس سلبا على الصناعات عالية القيمة ويؤثر على عمليات ايصال المواد الخام والمنتجات النهائية ما يضر بجودة السلع.
وأكد الخطيب أن تطوير القطاع اللوجستي يعد عاملا اساسيا لدعم ونمو الصناعات عالية القيمة بالمملكة، كونه يسهم في تحسين كفاءتها وخفض التكاليف وزيادة قدرتها التنافسية بالأسواق الإقليمية والعالمية.
واشار إلى أن دعم قطاع الصناعات عالية القيمة يتطلب تشريعات وسياسات عامة عصرية ومتطورة، وتوفير حوافز وتخفيضات ضريبية وجمركية، وتبسيط إجراءات الحصول على التراخيص وتشجيع الاستثمار الأجنبي من خلال تحسين بيئة الأعمال وتطوير البنى التحتية بالمناطق الصناعية والحرة، وانشاء مراكز بحث وتطوير.
وشدد على ضرورة التركيز على التدريب والاستثمار بالتعليم الفني والتقني، وتحسين مهارات الأيدي العاملة، وانشاء برامج تدريبية بالتعاون مع الشركات الصناعية، علاوة على تشجيع الابتكار والريادة ودعم الشركات الناشئة وتوفير التمويل والدعم المالي.
وأكد الخطيب ضرورة انشاء صناديق استثمارية وتوفير قروض ميسرة وتشجيع الشراكات الدولية من خلال توقيع المزيد من اتفاقيات التجارة مع الدول المتقدمة بالصناعات للاستفادة من التكنولوجيا المتطورة والخبرات، وزيادة الصادرات، بالإضافة لتشجيع الصناعات التي تعتمد على تقنيات الطاقة المتجددة، والترويج وإقامة المعارض.
بدوره، قال رئيس جمعية مستثمري شرق عمان الصناعية الدكتور أياد أبو حلتم، أن رؤية التحديث الاقتصادي أولت الصناعات عالية القيمة اهتماما كبيرا، والكثير من المبادرات والخطط التي استعدت بها الحكومة تندرج تحت هذا المحرك الرئيسي.
واضاف أن الصناعات عالية القيمة لها مساهمة كبيرة في الاهداف الاستراتيجية لرؤية التحديث الاقتصادي المتعلقة بتحقيق معدلات نمو تبلغ 5.6 بالمئة، وتوليد فرص العمل علاوة على استقطاب الاستثمارات، على مدى السنوات المقبلة.
واشار إلى أن الصناعات عالية القيمة هي تلك التي تعتمد على توطين التكنولوجيا، وتطوير تكنولوجيا محلية غير مستوردة، سواء لجهة التصنيع أو تكنولوجيا المنتج، أو الانتاج، مؤكدا أن هذا يولد فرص عمل كبيرة، ونشوء صناعات تكاملية ولا سيما بالزراعة والأمن الغذائي، أي تحويل المنتجات الزراعية إلى صناعات غذائية تنعكس على أرقام مستوردات الغذاء.
وبين الدكتور ابو حلتم أن الصناعات عالية القيمة هي صناعات مستدامة وذات قيمة مضافة للاقتصاد الوطني، وذلك من خلال خفض فاتورة الاستيراد وزيادة الصادرات والاعتماد على مدخلات الانتاج المتوفرة محليا.
وأوضح الدكتور أبو حلتم أن الصناعات عالية القيمة تملك ميزة الخروج من المنافسة التقليدية، والأسعار، وسياسات الإغراق، والدخول لأسواق جديدة غير تقليدية، وزيادة الصادرات، وتسهم في توفير الأيدي العاملة المحلية الماهرة، مشددا على ضرورة تطوير منظومة التدريب المهني والتقني.
وأكد أن خروج المملكة من منظومة الصناعات التقليدية إلى عالية القيمة سيسهم بتمكين المملكة من منافسة اقتصاديات ضخمة وكبرى، وتبعد الصناعة الأردنية عن ما اسماه- المنافسة غير الشريفة- والتجارة غير العادلة، علاوة على إطلاق آفاق أرحب للصناعة نحو أسواق غير تقليدية.
وأشار الدكتور أبو حلتم إلى أن نجاح الصناعات عالية القيمة يحتاج إلى حوافز مشجعة، وتحفيز الجامعات ومراكز البحث العلمي لرفد القطاع الصناعي بالتقنية العالية، والربط بين الاكاديميا والمراكز البحثية والصناعة من خلال تشريعات وأنظمة ممكنة ومسهلة.
بدوره، أشار ممثل قطاع الصناعات الجلدية والمحيكات في غرفة صناعة الأردن المهندس أيهاب قادري، ان القطاع جاء كأحد القطاعات الرئيسية ذات الأولوية، وكمحور أساسي بين الصناعات عالية القيمة، من خلال مضاعفة مؤشراته بأكثر من ثلاثة أضعاف القائم حاليا، وذلك برفع مستويات التشغيل بأكثر من 149 ألف وظيفة خلال السنوات المقبلة.
ولفت إلى أن القطاع نجح في ترسيخ دوره كأحد المحركات الأساسية والأعمدة التي تُعوّل عليها رؤية التحديث الاقتصادي، نظرًا لما يمتلكه من مزايا تنافسية وإمكانات هائلة قادرة على دفع عجلة النمو الاقتصادي وتوفير آلاف فرص العمل للأردنيين، وهو ما أشارت إليه الرؤية بوضوح باستهدافها استحداث 140 ألف فرصة عمل للأردنيين حتى عام 2033 في قطاع المحيكات لوحده.
ورأى ان اختيار القطاع كأحد القطاعات الصناعية عالية القيمة جاء بفعل تطوره خلال العقدين الماضيين، كونه أثبت بأنه من اكثر القطاعات الاقتصادية والصناعية خلقاً للقيمة المضافة وبنسبة تصل لنحو 42 بالمئة، من إجمالي عملياته الإنتاجية وهي أعلى من المتوسط الصناعي وأعلى من نسب العديد من دول المنافسة.
وبين أن قطاع المحيكات اصبح احد أعلى القطاعات تشغيلاً للعمالة وتوليدا لفرص العمل بتشغيله أكثر من 90 ألف عامل وعاملة، وتضاعف عدد العمالة الأردنية داخله إلى 29 ألف عامل وعاملة اي بأكثر من 4 مرات عما كان عليه قبل 10 سنوات، علاوة على افتتاح 30 فرعا إنتاجيا وفرت 10 آلاف فرصة عمل مباشرة للأردنيين.
واشار إلى نجاحات القطاع بالجانب التصديري حيث بلغت صادرته 1.4 مليار دينار نهاية العام الماضي بعد أن كانت لا تتجاوز 80 مليون دينار خلال عام 2000 ما يعني تسجيلها نمواً بما يقارب 15.5 ضعف قيمتها خلال العقدين الماضيين.
وأوضح ان القطاع ورغم الظروف غير المستقرة بالمنطقة، حقق نمواً في صادراته خلال الأشهر التسعة الماضية من العام الحالي بنسبة 24 بالمئة، بفعل عودة الطلب في السوق الأميركية والتوسع في الأسواق الأوروبية.
ولفت قادري إلى أن رؤية التحديث الاقتصادي وضعت مبادرات لزيادة القيمة المضافة للقطاع بنسبة 10 بالمئة سنويا لتصل لنحو 1.8 مليار دولار عام 2033، ودعم صادراته بنحو 5.5 مليار دولار، وإستقطاب استثمارات داخلة بقيمة 3.1 مليار دولار خلال السنوات المقبلة وبمتوسط 258 مليون دولار كاستثمارات كل عام.
وبين أن رؤية التحديث الاقتصادي وضعت عددا من المبادرات للقطاع منها: تعزيز سلاسل القيمة الأفقية والعامودية وانشاء الصناعات التكاملية وتوفير العمالة المدربة وتشجيع توظيف المواهب المحلية واستقطاب الاستثمارات، وزيادة الترابط بين الشركات الصغيرة والكبيرة.
واوضح ان تنفيذ هذه المبادرات استدعى إعداد استراتيجية للقطاع تتماشى مع التوجهات العالمية المنبثقة عن السياسة الصناعية، وترسم مكانةً مرموقة للقطاع على المستوى العالمي ومستقبل الانتاج وكخريطة عمل مستقبلية.
وبين المهندس قادري أن قطاع المحيكات يمتلك رؤية مستقبلية طموحة، ستبقيه ركيزة أساسية لتحقيق التنمية الاقتصادية المستدامة وتعزيز تنافسية المملكة على الساحة العالمية، باعتباره مهيئا ليكون أنموذجا بالتميز والإبداع، مؤكدا أن هذا يتطلب توفير العمالة المحلية الماهرة والمؤهلة وتطوير المناهج وبرامج التعليم والتدريب المهني.
من جهته، قال الخبير الاقتصادي المهندس موسى الساكت أن رؤية التحديث الاقتصادي تسعى إلى توظيف الصناعات عالية القيمة لتحسين تنافسية الاقتصاد الوطني وتحقيق الاستدامة ودعم النمو واستقطاب الاستثمارات وتوليد فرص العمل.
وأضاف أن محرك الصناعات عالية القيمة في رؤية التحديث الاقتصادي يشتمل على 9 قطاعات رئيسية يندرج تحتها 104 مبادرات، لافتا إلى ان هذه القطاعات تضم الصناعات التحويلية والغذائية والدوائية والمحيكات والكيماوية والتعدين.
واوضح ان الصناعات عالية القيمة لن تستطيع قيادة النمو الاقتصادي الا من خلال بناء منظومة سلاسل القيمة المضافة التي تشمل توفير المواد الخام وعمليات الانتاج ما يتطلب استحداث تكنولوجيا غير تقليدية ومتقدمة، إلى جانب التخزين وتصدير المنتجات للأسواق الخارجية المستهدفة.
واشار إلى ضرورة توفير المواد الأولية لمختلف الصناعات باسعار منافسة، وخفض كلف الانتاج ولا سيما فيما يتعلق بالطاقة، مؤكدا أن تطوير الصناعات عالية القيمة سيسهم في توفير فرص العمل، وزيادة الصادرات، وخفض عجز الميزان التجاري، واستقطاب الاستثمارات الأجنبية المباشرة، ونقل وتطوير التكنولوجيا.
وشدد المهندس الساكت على أهمية تحفيز الابتكار، ودعم البحث العلمي والتطوير، وتحفيز بيئة الأعمال، مؤكدا أن هذا يسهم بتعزيز منظومة السلاسل المتكاملة بين الصناعات الأردنية، ما يزيد من تنافسيتها بالأسواق التصديرية.-(بترا)
0 تعليق