الأردن في مؤشر مستقبل النمو.. استمرار التقدم يتطلب استدامة الجهود

الغد 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

loading ad...

عمان- بعد أن حقق الأردن تقدما في مؤشر "مستقبل النمو" ومحاوره الفرعية خلال الربع الأول من العام الحالي، يرى خبراء اقتصاديون أن مواصلة التقدم تتطلب خطوات إستراتيجية واضحة، على رأسها تسريع الإصلاحات الهيكلية في عدد من المجالات الحيوية للاقتصاد الوطني كالنظام الضريبي والتعليم التقني وتحفيز القطاع الخاص. اضافة اعلان
كما دعا الخبراء إلى أهمية تعزيز التكيف مع التغيرات التكنولوجية، وتوسيع استخدام الاقتصاد الرقمي، وتطبيق مفهوم الرقمنة في الإدارة الحكومية، من خلال تطوير الخدمات الإلكترونية وتحويل معظم أو كافة الخدمات الحكومية إلى خدمات رقمية.
واعتبر الخبراء أن التقدم الذي أحرزه الأردن أخيرا في "مؤشر مستقبل النمو"  يعد خطوة إيجابية على طريق تعزيز الاقتصاد الوطني، كما تعكس تقدما وثباتا إيجابيا في بعض هذه المحاور، وهو ما يدل على أن بعض السياسات الاقتصادية المطبقة بدأت تؤتي ثمارها، ما يعكس جهودا ملموسة ضمن تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي.
وبين هؤلاء أن هذا المؤشر يعد أداة مهمة لصانعي السياسات الاقتصادية، إذ يمنحهم تصورا واضحا عن واقع الاقتصاد، ويساعدهم في رسم السياسات الاقتصادية المستقبلية ووضع الخطط التنفيذية المناسبة استنادا إلى الأداء في تلك المحاور.
وكان تقرير الربع الأول 2025 للبرنامج التنفيذي لرؤية التحديث الاقتصادي 2025-2023، أفاد بإحراز الأردن تقدم في مؤشر "نمو المستقبل وتحقيق درجات متقدمة في محاوره الفرعية، إذ أحرز في محور الابتكار 45.1/100 درجة، وفي محور الشمولية 53/100 درجة، وفي محور الاستدامة 100/ 58.2 درجة، وفي محور المنعة 55/100 درجة.
وأشار التقرير إلى أن وزارة العمل أعدت خطة لتحسين مؤشر التوظيف الذي يتطلب معرفة مكثفة، كنسبة من إجمالي التوظيف، شملت تشغيل 1000 متعطل عن العمل في المحافظات ضمن مبادرة الفروع الإنتاجية، كما أقرت الحكومة السياسة الأردنية للشمول الرقمي 2025 ضمن مؤشر الأفراد الذين يستخدمون الإنترنت كنسبة من السكان، لتعزيز البنية التحتية الرقمية وتقليص الفجوة الرقمية، خاصة في المناطق الأقل حظاً.
وفي جانب معالجة البيانات، وقعت الحكومة اتفاقية مع المنتدى الاقتصادي العالمي لإجراء مسح آراء المديرين التنفيذيين للأعوام 2025 - 2026، كما شاركت وزارة التخطيط في الاجتماع الافتتاحي للمنتدى وقدمت العينة النهائية لضمان دقة التمثيل في التقارير الدولية.
التقدم في مؤشر مستقبل النمو.. يعكس التقدم في تنفيذ رؤية التحديث
وقال مدير مركز الفينيق للدراسات الاقتصادية والاجتماعية، تقدم الأردن في مؤشر مستقبل النمو يعد مؤشرا إيجابيا، رغم أن الدرجات المحققة ما تزال عند مستويات متوسطة تقارب أو تتجاوز قليلاً حاجز 50 من 100.
ومع ذلك، فإن هذا التحسن في محاور الابتكار، والشمولية، والاستدامة، والمنعة يعكس جهودا ملموسة ضمن تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي. 
وأضاف، " هذه النتائج تكشف عن حدوث تحسن نسبي في البيئة الداعمة للابتكار، رغم الحاجة إلى تعزيز التمويل والربط بين المؤسسات الأكاديمية والقطاع الخاص، حيث يعد ذلك مجالا أساسيا لتحقيق نمو اقتصادي أكثر إنتاجية وتنوعا، ودليلا على توسع الجهود نحو دمج فئات أوسع من المجتمع في العملية التنموية، بما في ذلك النساء والشباب والفئات المهمشة، مشيرا أن ذلك يعد توجه مهما لتعزيز العدالة الاجتماعية والاستقرار". 
ولفت عوض إلى أن التقدم المحرز في المؤشرات الفرعية للمؤشر تعكس تحسنا في التوجه نحو التوازن بين النمو الاقتصادي وحماية البيئة، حيث يشكل هذا التقدم خطوة مهمة نحو تلبية الالتزامات المناخية وتعزيز فرص الاستثمار الأخضر. إضافة إلى تحسن في قدرة الاقتصاد الأردني على الصمود أمام الأزمات والصدمات. 
وأوضح عوض، أن التحسن المحقق ما يزال بحاجة إلى تدعيم عبر سياسات مالية واقتصادية مرنة. بالمجمل، يظهر هذا التقدم أرضية جيدة للبناء عليها، لكنه يتطلب تسريع وتيرة الإصلاحات الهيكلية، وتعزيز البيئة التشريعية والمؤسسية، لضمان تحول النمو إلى عملية مستدامة، شاملة، ومقاومة للصدمات.
السياسات الاقتصادية الوطنية في الاتجاه الصحيح
قال الخبير الاقتصادي منير دية " إن النتائج التي حققها الأردن في مؤشر مستقبل النمو تعكس تقدما ثابتا إيجابيا في بعض هذه المحاور، وهو ما يدل على أن بعض السياسات الاقتصادية المطبقة بدأت تؤتي ثمارها".
وبين دية، أن هذا المؤشر يعد أداة مهمة لصانعي السياسات الاقتصادية، إذ يمنحهم تصورا واضحا عن واقع الاقتصاد، ويساعدهم في رسم السياسات الاقتصادية المستقبلية ووضع الخطط التنفيذية المناسبة استنادا إلى الأداء في تلك المحاور.
ولفت دية إلى أن نتائج مؤشر "مستقبل النمو" التي حصل عليها الأردن تشير إلى أنه يصنف ضمن الدول متوسطة الدخل من الفئة العليا، وفقًا للأداء في المحاور الأربعة التي يعتمد عليها المؤشر، وهي: الابتكار، الشمولية، الاستدامة، والمنعة والمرونة.
وأوضح أن المحور الأول، وهو الابتكار، يقيس قدرة الاقتصاد على التكيف مع التغيرات والتطورات التكنولوجية، ومدى دمج التكنولوجيا في العملية الاقتصادية.
أما محور الشمولية، يعنى بقياس مدى شمولية الاقتصاد لمختلف الفئات الاجتماعية، ومدى استفادتها من التحولات الاقتصادية في حين أن المحور الثالث الاستدامة يعنى بقدرة الاقتصاد على تحقيق نمو مستمر مع المحافظة على بصمته البيئية، بينما المنعة والمرونة تشير إلى قدرة الاقتصاد على الصمود أمام التحديات والتغيرات المفاجئة، والتكيف معها.
وشدد دية على أن الحفاظ على هذا التقدم ومواصلة تحسين التصنيف يتطلب خطوات إستراتيجية واضحة، أهمها تعزيز التكيف مع التغيرات التكنولوجية، وتوسيع استخدام الاقتصاد الرقمي، وتطبيق مفهوم الرقمنة في الإدارة الحكومية، من خلال تطوير الخدمات الإلكترونية وتحويل معظم أو كافة الخدمات الحكومية إلى خدمات رقمية.
وأكد دية أن هذه المتطلبات لا يمكن تحقيقها دون إصلاح عميق في نظام التعليم، والتركيز على التعليم التقني والرقمي والتخصصات التكنولوجية المتقدمة، بما يُسهم في إنتاج كوادر بشرية مؤهلة وقادرة على مواكبة التحولات الرقمية وتلبية متطلبات سوق العمل المستقبلي.
استمرار التقدم في المؤشر يتطلب إصلاحات هيكلية 
من جانبه، عد الخبير الاقتصادي وجدي المخامرة أن التقدم الذي أحرزه الأردن مؤخرا في "مؤشر مستقبل النمو"، يعد خطوة إيجابية على طريق تعزيز الاقتصاد الوطني، لكنه يبقى غير كاف ما لم يتم تسريع الإصلاحات الهيكلية في عدد من المجالات الحيوية، وعلى رأسها النظام الضريبي، والتعليم التقني، وتحفيز القطاع الخاص. وأشار إلى أن تحويل هذا التقدم التدريجي إلى قفزات نوعية يتطلب مراقبة دقيقة لأثر كل مبادرة عبر مؤشرات أداء واضحة وشفافة.
وفي قراءته للأداء الأردن في المؤشرات الفرعية للمؤشر، بين المخامرة أن المؤشر الفرعي للاستدامة حقق أعلى درجة (58.2/100)، مما يشير إلى تركيز الحكومة على سياسات بيئية واقتصادية طويلة الأمد، مثل تعزيز البنية التحتية الرقمية ومبادرات التشغيل التي تستهدف المناطق المهمشة.  
وأشار إلى أن أداء المحور الفرعي الشمولية:(53/100) يعكس جهود الحكومة لدمج الفئات الأقل حظا، وذلك يتمثل، بنجاح الحكومة في تشغيل ألف متعطل خلال الربع الأول، إضافة إلى تقليص الفجوة الرقمية عبر سياسة الشمول الرقمي 2025.
ولفت المخامرة  إلى أن المحور الفرعي المنعة: (55/100) أظهر تحسنا في قدرة الاقتصاد على مواجهة الصدمات، خاصة مع تعزيز جمع البيانات النوعية عبر شراكات دولية (مثل المنتدى الاقتصادي العالمي).  
أما في ما يتعلق بتقييم المحور الفرعي الرابع الابتكار:(45.1/100)، صنفه المخامرة بالأضعف، لكن خطط مثل البرنامج الوطني للتشغيل وجلسات الإرشاد الوظيفي قد تسهم في تحسينه تدريجيا.  
وبين المخامرة أن حضور الاقتصاد الأردني على المؤشر المذكور، يواجه عدة تحديات، منها تواضع الدرجات العامة، والتي ما تزال متواضعة (أقل من 60/100 في معظم المحاور)، مما يؤكد الحاجة إلى تسريع الإصلاحات، فضلا عن ضعف الابتكار قد يعيق تحول الاقتصاد نحو الصناعات المعرفية والرقمية.  
وحول انعكاسات التقدم الذي تحقق في المؤشر على الاقتصاد الوطني، بين المخامرة بأن لذلك آثارا إيجابية تتمثل في تحفيز قطاع التشغيل المحلي، لا سيما بالنسبة للمبادرات مثل "الفروع الإنتاجية"، مما يقلل البطالة (خاصة بين الشباب)، ويعزز الإنتاجية في المناطق النائية، مما يحسن الدخل الفردي والاستهلاك المحلي.  
ويضاف إلى ذلك جذب الاستثمارات، التي لها انعكاس على تحسين البنية الرقمية والشراكات الدولية (مثل اتفاقية المنتدى الاقتصادي العالمي)، وهو ما يرفع تصنيف الأردن في المؤشرات العالمية، مما يجذب استثمارات في القطاعات التكنولوجية والخدمية.
وبغية البناء على التقدم المحقق في المؤشر واستدامته، دعا المخامرة إلى ضرورة تعزيز الابتكار، من خلال زيادة الاستثمار في البحث والتطوير (R&D) وربط الجامعات بالقطاع الخاص، إضافة إلى تحفيز الشركات الناشئة (Startups) عبر تمويل ميسر وحاضنات أعمال متخصصة.  
ويضاف إلى ذلك تعميق الشمولية من خلال توسيع نطاق "المبادرات الإنتاجية" ليشمل المزيد من المحافظات والفئات (كالنساء وذوي الإعاقة)، إضافة إلى تسريع تنفيذ الشمول الرقمي عبر توفير الإنترنت المجاني أو المدعوم في المناطق الريفية.  
كما دعا إلى أهمية تعزيز الاستدامة وذلك من خلال تبني مشاريع تحويل النفايات إلى طاقة، وزيادة الاعتماد على الطاقة الشمسية، فضلا عن دمج معايير الاستدامة في المشاريع الحكومية والخاصة (مثل البناء الأخضر)، إلى جانب تحسين جودة البيانات من خلال إنشاء منصة وطنية موحدة لجمع البيانات المفتوحة (Open Data) لضمان الشفافية واتخاذ قرارات قائمة على الأدلة، وتعزيز التعاون بين الجهات الحكومية (مثل التخطيط والعمل) لربط المؤشرات ببعضها.  
إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق