السبيل – خاص
شهد قطاع غزة خلال الأيام القليلة الماضية تصعيداً نوعياً في العمليات التي نفذتها كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة “حماس” شمال القطاع.
وتميزت هذه العمليات بجرأة كبيرة وتطور ملحوظ في التكتيكات والأساليب القتالية، ما أدى إلى خسائر فادحة في صفوف الاحتلال الإسرائيلي.
ويكشف استعراض هذه العمليات عن تحول استراتيجي في أداء المقاومة، يعتمد على المرونة والابتكار في مواجهة قوات الاحتلال.
ففي يوم الأربعاء الماضي؛ نفذ مجاهدو القسام سلسلة من العمليات النوعية شمال قطاع غزة. في بيت لاهيا، تمكن أحد المقاتلين من الإجهاز على جندي صهيوني بجوار دبابة “ميركافاه”، حيث استولى على سلاحه وألقى قنبلتين يدويتين داخل الدبابة.
وفي مخيم جباليا؛ أجهز مقاتلو القسام على خمسة جنود إسرائيليين من مسافة صفر قرب مسجد الخلفاء، في عملية أظهرت دقة التنسيق وسرعة التنفيذ.
والخميس؛ شهد مخيم جباليا عملية نوعية نفذها أحد مجاهدي القسام، حيث طعن ضابطاً وثلاثة جنود من نقطة الصفر، ما أدى إلى مقتلهم واغتنام أسلحتهم. وتمت العملية في وضح النهار، ما أظهر شجاعة المقاتلين وقدرتهم على التحرك في ظل انتشار قوات الاحتلال.
وفي يوم الجمعة، نفذت كتائب القسام عملية أمنية معقدة في مخيم جباليا، حيث تمكن مجاهد من قتل قناص إسرائيلي ومساعده. ولم يتوقف المقاتل القسامي عند ذلك، إذ تنكر بزي جنود الاحتلال واقترب من قوة عسكرية مكونة من ستة جنود، ثم فجر نفسه فيهم بحزام ناسف، ما أسفر عن سقوطهم بين قتيل وجريح.
والسبت؛ نفذ مقاتلو القسام عمليتين مركبتين في مخيم جباليا. في الأولى أجهزوا على ثلاثة جنود صهاينة طعناً بالسكاكين، واغتنموا أسلحتهم، قبل أن يقتحموا منزلاً تحصنت فيه قوة إسرائيلية، حيث قتلوا جنديين واشتبكوا مع آخرين عند بوابة المنزل. وفي العملية الثانية ألقى مقاتلو القسام قنابل يدوية صهيونية الصنع صوب تجمع للجنود بجوار ناقلة جند، ما أسفر عن وقوع إصابات بين قتيل وجريح.
تحليل العمليات
وتعكس العمليات الأخيرة التي نفذتها كتائب القسام في قطاع غزة تطوراً ملحوظاً في التكتيكات المستخدمة، ما يشير إلى تحول استراتيجي في نهج المقاومة.
ويظهر هذا التطور من خلال اعتماد أساليب جديدة تعزز عنصر المفاجأة والالتحام المباشر، وتزيد من فعالية الهجمات على قوات الاحتلال.
وفيما يلي أبرز التحليلات لهذه العمليات:
- تطور التكتيكات القتالية:
العمليات الأخيرة تُظهر تحولاً في أسلوب المقاومة، حيث يتم الاعتماد على استهداف الجنود من مسافة قريبة باستخدام الأسلحة البيضاء أو القنابل اليدوية. كذلك لوحظ استخدام الحزام الناسف، ما يعكس استعداداً نفسياً وعملياتياً عالياً لدى المقاومين. - التكيف مع الميدان:
تكتيك التنكر بزي جنود الاحتلال واستخدام أسلحتهم يعكس ذكاءً عملياً في التكيف مع ظروف المعركة. وهذه الأساليب تهدف إلى استغلال نقاط ضعف العدو وتعزيز عنصر المفاجأة. - استهداف المعدات الثقيلة:
استهداف الدبابات وناقلات الجند يشير إلى رغبة المقاومة في تعطيل القدرات الميدانية الإسرائيلية وإضعاف معنويات الجنود. - التأثير النفسي والمعنوي:
هذه العمليات تسببت في إرباك الجنود الإسرائيليين ورفع مستوى التوتر في صفوفهم. وتعزز القدرة على تنفيذ عمليات معقدة والاشتباك من مسافة صفر؛ صورة المقاومة أمام الجمهور الفلسطيني، وتشكل ضغطاً نفسياً على الاحتلال. - التخطيط والتنفيذ:
التنوع في أسلوب العمليات بين الطعن، القنابل اليدوية، التنكر، والتفجير بالحزام الناسف، يعكس مستوى عالٍ من التخطيط المسبق والتنسيق، مما يدل على وجود قيادة ميدانية واعية ومتمرسة.
أبعاد العمليات
تُظهر العمليات الأخيرة لكتائب القسام عدة أبعاد مهمة، تبرز تأثيرها في تغيير ديناميكيات الصراع مع الاحتلال الإسرائيلي، وذلك على مستويات مختلفة:
1- أمنياً:
العمليات القريبة والمباشرة ضد الجنود الإسرائيليين تسببت في إرباك المنظومة الأمنية للاحتلال، حيث عجزت القوات الإسرائيلية عن توقع أو منع هذه الهجمات، رغم الحصار المشدد على قطاع غزة.
2- ميدانياً:
استهداف المركبات الثقيلة والقوات الراجلة يعكس محاولة المقاومة تعطيل التفوق التكنولوجي الإسرائيلي، وتوجيه ضربات مباشرة تُضعف قدرة الاحتلال على المناورة أو الاستمرار في عملياته الهجومية.
3- معنوياً ونفسياً:
العمليات التي شملت التنكر والاشتباك من مسافة صفر أظهرت تفوقاً في الجرأة والتكتيك، ما زاد من حالة القلق والرعب في صفوف جنود الاحتلال، ورفع معنويات الفلسطينيين وداعمي المقاومة.
4- إستراتيجياً:
هذه العمليات توصل رسالة واضحة بأن المقاومة، رغم الحصار والتفوق العسكري الإسرائيلي، قادرة على إحداث تغيير نوعي في معادلة الاشتباك، وتعطيل خطط الاحتلال العسكرية في شمال القطاع.
خلاصة الأمر.. العمليات الأخيرة لكتائب القسام ليست مجرد ردود فعل على اعتداءات الاحتلال، بل هي جزء من استراتيجية طويلة الأمد تهدف إلى تحقيق توازن الردع، واستنزاف قوات الاحتلال على جميع المستويات. وتعكس هذه التطورات النوعية في أساليب المقاومة؛ روحاً قتالية عالية، وإصراراً على مواجهة الاحتلال بكل الوسائل الممكنة، ما يضع الاحتلال أمام تحديات متزايدة في الميدان، وعلى المستوى النفسي والمعنوي.
0 تعليق