يعد قطاع الصحة من القطاعات الحيوية التي توليها الحكومة المصرية اهتمامًا كبيرًا في إطار تعزيز التنمية المستدامة وتحقيق تحسينات ملموسة في حياة المواطنين، وهذا ما دفع الدولة إلى تخصيص جزء كبير من استثماراتها لتطوير هذا القطاع، مع توجيه الموارد البشرية والمالية نحو تحسين مستوى الخدمات الصحية والاجتماعية التي يحصل عليها المواطن المصري.
وشهد قطاع الرعاية الصحية خلال السنوات الماضية نقلة نوعية في مجالات متعددة، سواء من حيث تطوير البنية التحتية أو تحسين مستوى الخدمات المقدمة، وهو ما انعكس إيجابًا على صحة المواطنين.
وقال الدكتور عبد المنعم السيد الخبير الاقتصادي ومدير مركز الدراسات الاقتصادية، إن تعزيز خدمات الرعاية الصحية والاجتماعية يعد خطوة حاسمة نحو تحقيق التنمية المستدامة في مصر. فعلى الرغم من التحديات التي يواجهها القطاع الصحي، فإن الحكومة المصرية استطاعت تحقيق تقدم كبير في تطوير هذا القطاع، من خلال الاستثمار في البنية التحتية والتكنولوجيا وتحسين مستوى الخدمات المقدمة للمواطنين. وفيما يتعلق بالخدمات الاجتماعية، فقد تم تخصيص موارد مالية وبرامج حكومية تساهم في تحسين مستوى المعيشة للفئات الأكثر احتياجًا.
وتابع كما أن هذه الإصلاحات الكبيرة في القطاعين الصحي والاجتماعي تعد تجسيدًا حقيقيًا لرؤية الدولة في تحسين جودة الحياة للمواطنين وتعزيز العدالة الاجتماعية.
التطوير الشامل للخدمات الصحية
في إطار تعزيز صحة المواطن المصري، أوضح الخبير الاقتصادي في تصريحات خاصة لـ “الدستور” أن الدولة عملت على دعم وتطوير البنية التحتية للقطاع الصحي، من خلال زيادة الاستثمارات وتوسيع نطاق الخدمات الصحية المقدمة للمواطنين.
ففي خطة عام 24/2025، تم تخصيص نحو 68 مليار جنيه لدعم القطاع الصحي، وهي زيادة بنسبة 50% مقارنة بالعام السابق، كما أن هذا الاستثمار الكبير يعكس التزام الدولة بتوفير خدمات صحية متكاملة لجميع المواطنين، وتعزيز دور الرعاية الصحية الأولية في كل أنحاء البلاد.
وأضاف أن التحول الرقمي في القطاع الصحي أحد أبرز محاور التطوير، حيث تم تطبيق نظام التأمين الصحي الشامل في عدد من المحافظات، مما مكن المواطنين من الحصول على الرعاية الصحية بطريقة أكثر تطورًا وسهولة.
وتابع: “كما تم إنشاء 4.5 مليون ملف صحي إلكتروني، مما يساعد في متابعة حالة المرضى بشكل دوري، ويوفر معلومات دقيقة عن صحتهم. كما تم تطبيق نظام الإحالة الإلكترونية بين وحدات الرعاية الصحية الأولية والمستشفيات، ما يضمن تقديم العلاج المناسب وفي الوقت المناسب”.
وأوضح أنه تم تبني استخدام التكنولوجيا الحديثة في الرعاية الصحية، مثل نظام الأكواد الصحية الدولية (ICD11) الذي يساعد في تصنيف الأمراض والتشخيصات الطبية بشكل دقيق. كما تم إصدار 42 مليون روشتة إلكترونية باستخدام الوصفات الطبية الإلكترونية، وهو ما ساعد في تقليل الأخطاء الطبية وتحسين دقة العلاج. تجسد هذه الخطوات التحول الرقمي في القطاع الصحي الذي يساهم في توفير خدمات صحية مبتكرة ومتطورة تلبي احتياجات المواطنين.
وذكر أن هذا التطور الكبير في النظام الصحي كان محط تقدير عالمي، حيث حصلت مصر على جائزتين مرموقتين من اتحاد المستشفيات العربية في مجالي سلامة المرضى والتحول الرقمي، ما يعكس نجاح جهودها في تحسين جودة الرعاية الصحية. كما فازت خمسة مستشفيات تابعة للهيئة العامة للرعاية الصحية بجوائز في مجالات متعددة ضمن الملتقى السنوي لاتحاد المستشفيات العربية «ميدهيلث»، الذي عُقد في الإمارات في 2024.
الإصلاحات التشريعية في القطاع الصحي
وأشار إلى أن جهود الدولة لم تقتصر على تحسين الخدمات الصحية فقط، بل شملت أيضًا تطوير التشريعات والقوانين المنظمة للقطاع الصحي. فقد تم إصدار عدد من القوانين الهامة التي تهدف إلى رفع كفاءة الخدمات الصحية، وتشجيع استثمار القطاع الخاص في هذا المجال، وذلك وفقًا لرؤية مصر 2030. ومن أبرز هذه القوانين قانون تنظيم منح التزام المرافق العامة لإنشاء وإدارة وتشغيل المنشآت الصحية (رقم 87 لسنة 2024)، الذي يهدف إلى جذب الاستثمارات الخاصة والأهلية في قطاع الرعاية الصحية.
كما تم إصدار قانون آخر يتعلق بزيادة أجور وبدلات الأطقم الطبية العاملين في وزارة الصحة والسكان، بهدف تحسين مستوى دخلهم ورفع الحوافز والامتيازات المالية لهم. هذا القانون يعد خطوة هامة نحو جذب الكفاءات الطبية في ظل حاجة القطاع إلى المزيد من التخصصات الطبية، وهو ما يساهم في تحسين جودة الرعاية الصحية المقدمة للمواطنين.
تعزيز الخدمات الاجتماعية
إلى جانب قطاع الصحة، أوضح السيد أن الدولة تولي اهتمامًا كبيرًا بتحسين الخدمات الاجتماعية التي تساهم في تحسين مستوى حياة المواطنين، وخاصة الفئات الأكثر احتياجًا. تم تخصيص برامج دعم مالية مباشرة للأسر الفقيرة والمحتاجة، مما يساعد في توفير حياة كريمة لتلك الأسر ويعزز العدالة الاجتماعية. وفي إطار تنفيذ هذه البرامج، تم تطبيق العديد من السياسات الاجتماعية التي تهدف إلى الحد من الفقر وتحقيق تنمية شاملة. وقد تميزت هذه السياسات باستهداف الفئات الأكثر احتياجًا من خلال برامج تكافل وكرامة التي تضمن وصول الدعم إلى مستحقيه.
الرعاية الاجتماعية للمسنين وذوي الاحتياجات الخاصة
وأشار إلى أن قطاع الخدمات الاجتماعية شهد اهتمامًا كبيرًا من الدولة بتطوير برامج الرعاية الاجتماعية للمسنين وذوي الاحتياجات الخاصة. تم تنفيذ برامج متعددة تهدف إلى توفير حياة كريمة لهذه الفئات، من خلال تحسين جودة الخدمات المقدمة لهم وزيادة الدعم الموجه إليهم. في هذا الصدد، تم توسيع نطاق الرعاية الصحية والاجتماعية للأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة، وزيادة مخصصات الدعم المالي لهم، ما يعكس التزام الدولة بمبدأ المساواة والعدالة الاجتماعية.
0 تعليق