الدم المنسى.. فلسطينيون يطلقون النداء الأخير لـ«فتح وحماس»: «أنهوا خلافاتكم»

الدستور 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

طالب خبراء وسياسيون فلسطينيون جميع الفصائل الفلسطينية، خاصة حركتى فتح وحماس، بتحقيق أقصى درجات التفاهم والتوافق من أجل المساهمة فى الوصول لاتفاق لوقف إطلاق النار فى غزة، مشددين على أهمية تغليب المصلحة الوطنية وإنهاء الانقسام الذى أرهق الشعب الفلسطينى وأضر بقضيته.

ورأوا أن الوساطة التى تجريها مصر والمقترحات التى تطرحها لإنهاء الانقسام الفلسطينى، فرصة حقيقية لإعادة ترتيب الوضع الفلسطينى فى الضفة والقطاع، والانتصار للقضية الفلسطينية فى المحافل الدولية.

فى السطور التالية، يشرح الخبراء خلال حديثهم، لـ«الدستور»، رؤيتهم للمشهد العام والتطورات الجارية لإنهاء الانقسام، وجهود الوساطة المصرية لإعادة ترتيب البيت الفلسطينى والتوصل إلى صفقة لوقف إطلاق النار فى القطاع.

 

أحمد رفيق عوض:  «حماس» تمر بمرحلة ضعف كبيرة وعليها تقديم مرونة وتنازلات لتحقيق التوافق

 

رأى المحلل السياسى الفلسطينى، الدكتور أحمد رفيق عوض، أن الفصائل الفلسطينية، خاصة حركتى فتح وحماس، لم ترتق بعد إلى مستوى المسئولية الوطنية فى هذه المرحلة الدقيقة، خاصة فى ظل استمرار العدوان الإسرائيلى على قطاع غزة منذ أكثر من عام. 

وأوضح «عوض» أن هناك تفاوتات كبيرة بين «فتح وحماس»، ليس فقط على مستوى الأيديولوجيا والمواقف السياسية، بل أيضًا فى التحالفات والتوجهات الإقليمية، و«هذه الفروق قد تؤدى إلى تأخير المصالحة الوطنية، وربما تجعلها أمرًا غير ممكن فى المدى القريب».

وأشار إلى أنه على الرغم من الظروف الصعبة والتضحيات التى قدمها الشعب الفلسطينى، فإن الفصائل لم تترقَّ بعد إلى اللحظة التاريخية الفارقة التى يمر بها الشعب الفلسطينى، مشيرًا إلى أن هذا الوضع ينبع من التوجهات الفصائلية الضيقة التى تركز على المصالح الخاصة دون النظر إلى المصلحة العليا للفلسطينيين، بينما يأمل المواطنون فى أن ترتقى الفصائل إلى مستوى هذه اللحظة المصيرية التى قد تحدد مصير القضية الفلسطينية.

وعن استغلال الاحتلال الإسرائيلى الانقسام الفلسطينى، لفت «عوض» إلى أن إسرائيل تستفيد بشكل كبير من غياب التوافق بين الفصائل الفلسطينية، حيث تدعى عدم وجود طرف يمثل الفلسطينيين فى المفاوضات، ما يجعل من الصعب التوصل إلى حلول سلمية. 

وبيّن أن إسرائيل تروج لفكرة أن الشعب الفلسطينى ليس ناضجًا بما يكفى لإقامة دولة، بل هو مجرد مجموعة من العشائر والأفراد غير المتفقين فيما بينهم، مشيرًا إلى أن هذا الانقسام يؤدى لتفتيت الموقف الفلسطينى على مختلف الأصعدة، سواء فى الميدان أو على الصعيدين السياسى والدبلوماسى.

وفيما يتعلق بمستقبل المصالحة بين الحركتين، لفت «عوض» إلى أن «حماس» تمر فى الوقت الراهن، بمرحلة ضعف كبيرة، ما أدى إلى تقلص قدرتها على المناورة وفرض شروطها، معتبرًا أن منطق العدالة والاعتدال يقتضى أن تُظهر الحركة مرونة أكبر فى التفاوض مع «فتح»، خصوصًا فيما يتعلق بإدارة قطاع غزة.

وأضاف أن استمرار الوضع الراهن سيجعل الأمور أكثر تعقيدًا، وأن «حماس» عليها أن تدرك أن رهاناتها السابقة قد باءت بالفشل، وبالتالى يتعين عليها أن تتنازل عن بعض مطالبها، وأن تعترف بالواقع الجديد الذى يفرض عليها الدخول فى مفاوضات حقيقية مع «فتح».

وشدد على أن أى حلول مستقبلية للصراع الفلسطينى بحاجة إلى توافق حقيقى بين الفصائل، وأن التحديات الحالية تتطلب وحدة الصف الوطنى بعيدًا عن الانقسام والصراعات الداخلية.

وقال إن إمكانية التوصل إلى هدنة فى غزة تظل قائمة، إلا أن العديد من التساؤلات تطرح نفسها حول مدى استدامتها وطول مدتها، لافتًا إلى أن الأمر لا يتعلق فقط بما تريده حركة حماس، بل بما تقبله إسرائيل وكيفية تعاملها مع هذه الهدنة.

وأضاف أن «حماس» تطالب بوقف إطلاق نار دائم أو على الأقل هدنة طويلة الأمد، بينما ترفض إسرائيل ذلك، وتصر على أن تكون الهدنة ذات ثمن مرتفع، مشيرًا إلى أن إسرائيل تسعى مقابل كل يوم هدنة إلى الحصول على تعويضات، مثل الإفراج عن المحتجزين.

وأشار إلى أن إسرائيل لا تسعى فقط إلى وقف إطلاق النار، بل إلى تركيع حركة حماس بشكل كامل، موضحًا: «إسرائيل تريد شطب حماس من المشهد الفلسطينى، وليس الوصول إلى اتفاق معها»، لافتًا إلى أن هذا يجعل المسألة أكثر تعقيدًا، حيث تسعى إسرائيل إلى تحقيق أهدافها العسكرية والسياسية، من خلال الضغط المستمر على الشعب الفلسطينى.

وفيما يتعلق بمقترح لجنة «الإسناد المجتمعى» فى غزة، التى تهدف إلى تخفيف معاناة سكان القطاع وتقديم الدعم الإنسانى، شدد الدكتور عوض على أهميتها فى هذه المرحلة الحرجة.

وقال: «الوضع فى غزة أصبح كارثيًا وفقًا لتقارير المنظمات الدولية، ما يجعل إنشاء هذه اللجنة خطوة ضرورية لتوفير المساعدات وتخفيف التوتر بين المواطنين، وهذه اللجنة قد تسهم فى تحسين الحياة اليومية للسكان فى ظل الأوضاع الصعبة التى يعيشونها».

 

لؤى الغول: توحدوا من أجل دماء الشهداء وآلام الجرحى والأسرى والمفقودين

 

أكد لؤى الغول، مدير نقابة الصحفيين الفلسطينيين، أن اللحظة الراهنة تتطلب من حركتى «فتح» و«حماس»، وكل فصائل العمل الوطنى الفلسطينى، الترفع عن الخلافات الداخلية، والنأى بنفسها عن الصراعات الحزبية. 

وقال «الغول»: «ما يواجهه الشعب الفلسطينى من عدوان همجى ودمار شامل يرتكبه الاحتلال الإسرائيلى يستوجب توحيد الصف الفلسطينى، والعمل المشترك لحماية القضية الوطنية»، مشددًا على أن «الانقسام أضر بالقضية الفلسطينية وأعادها عقودًا إلى الوراء، وهو ما دفع ثمنه الشعب الفلسطينى من دمائه ومعاناته».

وواصل: «دماء الشهداء الذين تجاوزت أعدادهم عشرات الآلاف، وآلام الجرحى والأسرى والمفقودين، يجب أن تكون الدافع الأساسى لوحدة الصف الفلسطينى»، داعيًا إلى الالتزام بإطار منظمة التحرير الفلسطينية، الممثل الشرعى والوحيد للشعب الفلسطينى، والعمل على إعادة هيكلة النظام السياسى الفلسطينى، ما يضمن وحدة الصفوف لمواجهة الاحتلال. 

وأكمل: «الشعب الفلسطينى يطالب قياداته بالتكاتف تحت مظلة منظمة التحرير، ورص الصفوف لمواجهة التحديات الكبيرة التى تهدد القضية الوطنية، خاصة فى ظل الجرائم المستمرة ضد المدنيين والبنية التحتية، سواء فى قطاع غزة أو الضفة الغربية».

وتابع: «حجم التضحيات التى قدمها الشعب الفلسطينى، من شهداء وأسرى وجرحى، يضع مسئولية كبيرة على عاتق القيادات الفلسطينية»، مشددًا على أن «دماء الشهداء أغلى وأسمى من كل الخلافات، وتستدعى أن تكون بوصلتنا نحو الوحدة الوطنية، بعيدًا عن المصالح الحزبية الضيقة».

وحذر مدير نقابة الصحفيين الفلسطينيين من أن استمرار الانقسام لن يؤدى إلا إلى مزيد من التدمير والمعاناة، مضيفًا: «الشعب الفلسطينى لم يعد يحتمل ويلات الانقسام التى أضعفت موقفه أمام الاحتلال الإسرائيلى، وأضرت بمقومات الصمود والثبات».

وواصل «الغول»: «الشعب الفلسطينى، الذى يعيش فى ظل ظروف إنسانية صعبة، يظل متمسكًا بأرضه وحقوقه المشروعة»، داعيًا جميع الأطراف إلى تحمل المسئولية التاريخية، والعمل الفورى على إنهاء الانقسام، لتمهيد الطريق نحو بناء مستقبل أفضل للشعب الفلسطينى وللقضية الوطنية التى تستحق كل التضحيات.

فراس ياغى:  من مصلحة «فتح» إنهاء الانقسام لأن بقاءها فى الضفة مهدد بتطرف اليمين الإسرائيلى

رأى الباحث الفلسطينى والخبير فى الشأن الإسرائيلى، فراس ياغى، أن تحقيق التوافق بين حركتى فتح وحماس بات قريبًا جدًا، مشيرًا إلى أن هذا التوافق أصبح ضرورة ملحة فى ضوء الأوضاع الإنسانية الكارثية التى يعانى منها قطاع غزة. 

وقال «ياغى» إن الوضع فى غزة تجاوز كل الحدود الإنسانية، والكارثة التى يعيشها الشعب الفلسطينى فى القطاع تتطلب من كل الأطراف الفلسطينية أن يرتقوا إلى مستوى المسئولية التاريخية وأن يتوافقوا من أجل مصلحة الإنسان الفلسطينى فى غزة، الذى يتعرض للإبادة والتطهير العرقى ولا يجد سبيلًا للحياة.

وبين أن عدم التوافق بين «فتح وحماس» ليس خيارًا قابلًا للاستمرار، لافتًا إلى أن الفصائل الفلسطينية فى كل الأراضى الفلسطينية، سواء فى غزة أو الضفة الغربية، لا يمكنها الاستمرار فى سياسة الانقسام. 

وأضاف: «إذا استمر هذا الانقسام، فإن الجميع سيخسر، لأن فتح مهددة فى الضفة الغربية بفعل التطرف الإسرائيلى، فى ظل حكومة يمينية متطرفة يقودها بنيامين نتنياهو، فى حين أن غزة تتعرض لكارثة إنسانية غير مسبوقة، والتفكير الإسرائيلى يتجه نحو الاستيطان فيها، إذا لم يتفق الفلسطينيون، فإنهم سيتحملون مسئولية ضياع القضية الفلسطينية».

ورأى «ياغى» أن هذا التوافق يجب أن يشمل جميع الفصائل الفلسطينية، مضيفًا أن المصير المشترك للفلسطينيين فى غزة والضفة يقتضى وحدة الصف. وقال: «الكل مهدد، والكل فى نفس القارب، لذا يجب أن يبقى القارب طافيًا على سطح الماء حتى يصل إلى بر الأمان، وليس أن تغرقه الخلافات الداخلية. الكل يعانى، خاصة فتح وحماس، فالمعركة واحدة والمخاطر مشتركة».

وحول السياسة الإسرائيلية فى فصل الضفة الغربية عن قطاع غزة، أكد أنها تهدف إلى تصفية القضية الفلسطينية بشكل كامل، موضحًا: «إسرائيل لا تريد ربط الضفة الغربية بغزة، وهذه السياسة فى جوهرها محاولة لتصفية القضية الفلسطينية. والجغرافيا الفلسطينية فى الضفة وغزة والقدس الشرقية وفقًا لقرارات الشرعية الدولية، وأى محاولة لفصلها يعنى القضاء على فكرة الدولة الفلسطينية».

وشدد «ياغى» على أن هذه السياسة الإسرائيلية تتماشى مع أهداف نتنياهو الذى يصر على عدم وجود رابط بين الضفة وغزة، مضيفًا: «نتنياهو رفض فى السابق وجود السلطة الفلسطينية فى غزة، لأنه كان يعنى ربط القطاع بالضفة، وهذا ما كان يرفضه تمامًا. إذا استمر الفلسطينيون فى الانقسام، فلن تكون هناك جغرافيا فلسطينية واحدة».

وأشار إلى أن «حماس» يجب أن تستوعب هذا الواقع وتضع المصلحة الوطنية العليا للشعب الفلسطينى فى أولوياتها، موضحًا: «حماس جزء من الشعب الفلسطينى، ويجب أن يكون لها دور فى النظام السياسى الفلسطينى مستقبلًا، ولكن المرحلة الحالية تتطلب مصلحة الشعب الفلسطينى على حساب أى حسابات أخرى، يجب أن نفكر فى مصلحة الشعب فى غزة، وأن نعيد اللُحمة بين جناحى الوطن».

وأكد أن «لجنة الإسناد المجتمعى» المقترحة لإدارة قطاع غزة، التى طرحتها مصر، تمثل خطوة رائدة قد تفضى إلى حلول استراتيجية تسهم فى ترتيب الوضع الفلسطينى ما بعد الحرب على غزة. ش

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق