سجون النظام المخلوع بسورية.. هل تفتح طريقا لمحاكمة الأسد؟

الغد 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف
 أنقرة - تُشير الأدلة المستخرجة من مراكز التعذيب في السجون التابعة لنظام البعث المنهار في سورية، وكذلك من المقابر الجماعية التي ظهرت بعد سيطرة فصائل المعارضة المسلحة على دمشق إلى أنها مرشحة للعب دور حاسم في أي محاكمة دولية محتملة للرئيس المخلوع بشار الأسد.اضافة اعلان
وبعد سقوط نظام البعث الذي ربض على صدور السوريين نحو 61 عامًا، وحكم عائلة الأسد الذي دام 53 عامًا، تحولت عملية الكشف عن الانتهاكات الأخيرة التي ارتكبها النظام أحد المحاور التي قد تدفع نحو محاكمة الأسد في المحافل الدولية.
وفي 2011 بدأت الاحتجاجات السلمية في سورية لكنها تحولت إلى حرب أهلية بسبب القمع العنيف الذي مارسه النظام ضد المتظاهرين المدنيين. ومع تصاعد المواجهات بين النظام والجماعات المعارضة، تعقد المشهد مع دخول تنظيمات إرهابية مثل "داعش"، كما شهدت الحرب تدخلات إقليمية ودولية أدت إلى مقتل آلاف الأشخاص وتشريد الملايين.
وتناول الدكتور لوند أرسين أوراللي من جامعة "حاجي بيرم والي" التركية في أنقرة، وفضل عبدالغني مدير الشبكة السورية لحقوق الإنسان، ونوشا قبوات مسؤولة سورية في المركز الدولي للعدالة الانتقالية، كيفية وسبل محاكمة الأسد على الجرائم التي اقترفها ضد الإنسانية في إطار القانون الدولي.
وأجمع الخبراء على أن سقوط النظام أتاح الوصول إلى أدلة تثبت تورط الأسد في جرائم حرب وانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، وأن قبول سورية الانضمام إلى المحكمة الجنائية الدولية قد يمهد الطريق لإصدار "قرار اعتقال" بحق الأسد.
محاكمة الأسد خلال رئاسته
لا تمتلك المحكمة الجنائية الدولية صلاحية مباشرة لمحاكمة الأسد بسبب عدم توقيع سورية على اتفاقية روما الخاصة بتلك المحكمة.
ولكي تتمكن المحكمة من التدخل، يجب أن تقبل سورية اختصاص الجنائية الدولية أو أن يُحال الملف إلى المحكمة من قبل مجلس الأمن الدولي.
يذكر أنه سابقا تم رفض مشروع القرار الذي قدمته فرنسا في هذا الإطار بسبب حق النقض (الفيتو) الذي استخدمته روسيا ضد المشروع.
وفي هذا الإطار، أشار أوراللي إلى أن جمع الأدلة كان صعبًا أثناء فترة حكم النظام بسبب المخاطر الأمنية والتحديات في المنطقة.
ولفت إلى أن سقوط النظام فتح المجال أمام عمل جميع الجهات الفاعلة في إطار القانون الدولي، بما في ذلك المحكمة الجنائية الدولية.
وعندما لا تكون هناك هجمات ضد دولة أخرى أو مواطنيها، يستمر الإجراء القانوني ضمن إطار "الانضباط"، ومع ذلك، فإن التصرفات التي تنتهك القانون الدولي مثل المجازر الجماعية والإعدام خارج إطار القانون في سورية، لا بد وأن يكون لها تبعات قانونية، وفق الأكاديمي.
من جانبه، أشار عبد الغني إلى أن سورية كانت تحت "حكم ديكتاتوري" خلال فترة الأسد، ولذلك لم يكن من الممكن محاكمة الأسد على الانتهاكات المرتكبة".
واعتبر أن "إمكانية ملاحقة الأسد، الذي أصبح الآن مطلوبًا للعدالة، أصبحت أسهل بعد سقوط نظامه".
من جهتها، قالت نوشا قبوات مسؤولة سورية في المركز الدولي للعدالة الانتقالية إن "الأسد، وخلال فترة استيلائه على السلطة، كان محميًا بفضل تحالفاته مع دول قوية مثل روسيا وإيران".
هل من الممكن محاكمة الأسد الفار؟
ووفقًا للفقرة 3 من المادة 12 من النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، يمكن لدولة ليست طرفًا في نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية أن تقدم إعلانًا توافق من خلاله على اضطلاع المحكمة بالاختصاص القضائي.
وبعبارة أخرى، إذا قبلت الحكومة الجديدة التي ستتولى مقاليد السلطة في سورية الاختصاص القضائي للمحكمة الجنائية الدولية، سيتم فتح الطريق أمام محاكمة الأسد على الجرائم التي ارتكبها.
إضافة إلى ذلك، يمكن للدول الأعضاء في مجلس الأمن الدولي، طالما لم يتم استخدام حق النقض، أن تقدم طلبًا إلى الجنائية الدولية للتحقيق في الجرائم التي ارتكبها الأسد.
وفي هذا الإطار، لفت أوراللي إلى أن القانون الدولي سيدخل حيز التنفيذ إذا وصلت الجرائم المرتكبة في سورية إلى حد الإبادة الجماعية، وانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، واستخدام الأسلحة الكيميائية والبيولوجية، بما يؤدي إلى تعرض المدنيين لأضرار كبيرة.
ولفت إلى أن الاتهامات الموجهة ضد نظام الأسد تتوافق مع هذه المعايير.
وأضاف أوراللي أن الأدلة المستخلصة والقرائن المستخرجة من مراكز التعذيب والمقابر الجماعية ستزيل العقبات أمام محاكمة الأسد دوليًا، وستتيح تقديم لائحة اتهام قوية ضده.
وأضاف: "أنا أعتقد أن إصدار قرار قوي بالقبض عليه أصبح مسألة وقت فقط".
من جانبه، شدد عبد الغني على ضرورة قبول الحكومة المؤقتة في سورية النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية لكي تتم محاكمة الأسد.
وأضاف: "لكن هذا ليس مقتصرًا على الأسد فقط، بل يجب محاكمة جميع المجرمين كشقيقه ماهر (القائد السابق للحرس الجمهوري والفرقة الرابعة)، وعلي مملوك (رئيس مكتب الأمن الوطني السابق)، وغيرهم ممن فروا خارج البلاد مع سقوط النظام.
وأكّد عبد الغني أن الأسد لا يستطيع طلب اللجوء، لأن ذلك يتعارض مع قانون اللجوء، مضيفًا: "إذا قامت روسيا بتسليم الأسد، فإنها ستكون مسؤولة عن محاكمته في إطار عملية قانونية عادلة".
وزاد: "لن يتعرض الأسد للتعذيب وسيحصل على محامٍ. ستجري محاكمته بطريقة عادلة. بالطبع، هناك أدلة قوية تدينه بارتكابه جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب، وهذا سيجعله مدانًا بتلك الجرائم. نحن على يقين من أن أي محكمة مستقلة لا بد وأن تصدر حكمًا قاسيًا ضد الأسد".
من جانبها، أوضحت قبوات أن من الممكن محاكمة الأسد بسبب "جرائم الحرب وجرائم ضد الإنسانية والإبادة الجماعية المحتملة"، مشيرة إلى أن الاتفاقيات الدولية مثل جنيف والنظام الأساسي لروما توفر الإطار القانوني لهذه المحاكمات".
وتبدأ الإجراءات القضائية في المحكمة الجنائية الدولية إما بتقديم طلب من دولة طرف في النظام الأساسي أو من مجلس الأمن الدولي، أو من خلال فتح المدعي العام تحقيقًا تلقائيًا. وعن ذلك أوضحت قبوات، أنه في البداية، يجب فتح تحقيق ضد الأسد لكي تبدأ مرحلة المحاكمة.
واضافت: "في مرحلة المحاكمة، يتم عرض الأدلة أمام محكمة أو هيئة محلفين أو محكمة ذات اختصاص قضائي، مع ضمان حق الأسد في الدفاع عن نفسه، في إطار المساعي لتحقيق العدالة للضحايا".
لكن قبوات أكدت في هذا الإطار أن عملية المحاكمة قد تستغرق سنوات، وأن تسليم الأشخاص المتهمين إلى المحكمة يعتمد في النهاية على تعاون الدول الأطراف واستعدادها للمشاركة في الإجراءات القضائية.-(وكالات)
إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق