على سبيل المثال تجربة طائر الغراب التطبيقية التي أوردها الله سبحانه وتعالى في القرآن الكريم بسورة المائد الآية 31 حين بعثه ليري القاتل كيف يواري سوءة أخيه.
كذلك حيوان القنفذ هذا الكائن الشوكي العجيب في خلقته والغريب في سلوكه منحنا تجربة رائعة في تحديد العلاقات ورسم الحدود البينية حتى نعيش ونتعايش مجتمعيا بسلام.
هنالك نظرية تسمى بـ"معضلة القنفذ" للفيلسوف الألماني آرثر شوبنهاور، أطلقها عام 1851م من خلال ملاحظته لسلوكيات مجموعة من القنافذ في فصل الشتاء حين تلاصقوا فيما بينهم ليشعروا بدفء التقارب، لكن سرعان ما حدث التباعد عن بعضهم تاركين مسافات بسبب أشواكهم البارزة؛ ومن ذلك المشهد أدرك شوبنهاور أن المسافات ضرورية كآلية شعورية لدرء ألم التقارب المؤذي.
استوحى عالم النفس التحليلي سيجموند فرويد من قصة شوبنهاور ونقلها بما أسماه "بقايا مشاعر العداء والنفور" كنظرية نفسية تؤثر بمفهوم العلاقات الاجتماعية والتعاملات الإنسانية، وفسرها بأن مشاعر النفور تلازم العلاقات التي تستمر لفترات زمنية طويلة نوعا ما، إذ يبدأ أحد طرفي العلاقة أو كلاهما بالتساؤل كم بقي من المشاعر الحميمية في العلاقة وهل تكفي تلك المشاعر لاستمرار العلاقة؟
الإجابة تكمن في أن النوايا صادقة وطيبة في أصل التقارب، إلا أن التركيبة الخاصة لكل شخصية سواء كانت نفسية أو جسدية قد تؤثر وتتأثر جراء اختلاف المواقف وتنوع النفسيات واختلاف العادات، وربما نؤلم بعضنا بأسلوب فعلي أو لفظي أو إيمائي من خلال التقارب، وللمحافظة على العلاقات الطيبة في حدود الاعتدال من المفترض أن لا يكون هنالك تقارب حد الالتصاق ولا تباعد حد الفراق.
إدراكنا بردود أفعالنا المتباينة وكذلك الحال لدى الآخرين يمنحنا الوعي بفهم الإشارات والسلامة في ترك المسافات بأن هذه حدودي وتلك حدودك من خلال 5 قوانين مهمة لبناء العلاقات:
- استيعاب معنى "أنا لست أنت وأنت لست أنا".
- التركيز على الذات قبل الآخرين.
- تجنب التدخل في شؤون الغير.
- احترام خصوصية الآخر.
- مراعاة اختلاف الطباع.
الفطرة التكوينية قادت القنافذ لرسم حدودها وحماية نفسها؛ والإنسان يجب عليه أن يفهم أهمية رسم حدوده في العلاقات لضمان الاستقرار وتجنب أشواك التقارب الزائد.
Yos123Omar@
0 تعليق