كيف نعلم أطفالنا الامتنان والشكر؟

الوطن البحرينية 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

أمل محمد أمين

من أجمل الكلمات التي نسمعها كلمة شكراً، وهي تعبير عن الامتنان لمن قدّم هدية أو صنع لنا معروفاً، فما بالك إذا كان من قام بهذا الأب أو الأم، فمن المفترض أن يشكرهم الأبناء على كل صغيرة وكبيرة. لكن للأسف، نلاحظ أن بعض الأبناء لا يشعرون بالامتنان على أي شيء مهما كان عظيماً.

وعلى الرغم من أنك تعمل ليل نهار مثل معظم الآباء لجعل العالم في متناول أطفالك، فإنك قد لا تسمع منهم سوى حديث التذمّر وعدم الرضا ونكران الجميل أو هدم إبداء الشعور بالامتنان.

قد يجعلك ذلك تفكر في إلقاء محاضرة عليهم تقارن فيها بين ما يحصلون عليه الآن وما حصلت عليه أنت في طفولتك، فأنت لم تحصل سوى على لعبة واحدة في صغرك، ولم تذهب إلى حديقة الحيوانات سوى مرتين فقط في طفولتك بأكملها، إضافة إلى أنه كان عليك السير إلى المدرسة ذهاباً وإياباً كل يوم.

لكن، هل هذه هي الطريقة الصحيحة التي نعلّم بها أطفالنا الامتنان؟ هل تكرار ما نفعله لهم أو تهديدهم بسحب كل ألعابهم؟ هل يساعدهم ذلك على رؤية أنهم في الواقع يتمتعون بحياة جيدة وراقية؟

تجيب الكاتبة أدريان -وهي أم لـ3 أطفال- في مقالها على موقع "رايزنغ كيدر وذ بربس" (Raising KKids With Purpose)، أن هذا في الواقع لا يمنع أطفالنا من أن يكونوا جاحدين كما نادراً ما تفعل المحاضرات التي نلقيها على مسامعهم.

ومن المهم أن ننظر في جميع الأسباب التي تجعل أطفالنا غير ممتنين حتى نتمكّن من غرس الامتنان لأنه مهم لصحتهم ورفاهيتهم.

فوائد الامتنان: تعليم الامتنان يعني تقدير حياتك وكل الأشياء الموجودة فيها، ومجرد التفكير فيما نحن ممتنون له مفيد لصحتنا النفسية والعاطفية وحتى الجسدية، وتربية الأطفال على الامتنان تؤدي إلى تنشئة طفل سوي يقدّر النعم، كما أن الأطفال الممتنين غالباً ما يكبرون ليكونوا ناجحين عاطفياً وجسدياً واجتماعياً.

ويؤدي التعبير عن الامتنان إلى زيادة هرمون الأوكسيتوسين في الدماغ مما يعزّز التعاطف والاسترخاء والكرم والهدوء والثقة والتعلق والحميمية والشعور بالأمان، كما أنه يقلّل من هرمون التوتر والذي بدوره يقلّل من القلق.

من المهم أن ننظر في جميع الأسباب التي تجعل أطفالنا غير ممتنين حتى نتمكّن من غرس الامتنان.

أسباب عدم امتنان الأطفال: يُمكن للأطفال فهم الامتنان عادة بدءاً من سن الرابعة إلى السادسة. وبالرغم من ذلك يوجد بعض الأسباب التي تجعل الأطفال يستمرون في طلب المزيد، وليس قول "شكراً" على ما تقدّمه لهم وما يملكونه بالفعل، وبعض الأسباب الأكثر شيوعاً يُمكن أن يتسبب فيها الآباء أنفسهم عن طريق الخطأ.

- السبب الأول: الشعور بالاستحقاق: أي شعور الطفل بالاستحقاق أن ما يحصل عليه يستحقه وذلك نتيجة الإفراط في الأبوة والأمومة، والإفراط في الحماية، والتدليل، والثناء، والقفز عبر جميع العقبات لتلبية مطالب الأطفال التي لا نهاية لها.

- السبب الثاني: العيش في فقاعة: الأطفال ليس لديهم أي خبرة لمقارنة حياتهم بحياة الآخرين. عندما يكون الأطفال صغاراً عادة يتم تشجيعهم على التبرع بالألعاب أو حقائب الظهر للمحتاجين. ومع ذلك، لن يتعلموا الدرس ما لم يتمكنوا من عيش تجربة مباشرة لما قد يعانيه الآخرون بالفعل.

- السبب الثالث: توقع العطاء: وجدت إحدى الدراسات التي أجريت في "جامعة ييل" (Yale University) أن الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 4 و8 سنوات كانوا أقل عرضة للشعور بعمق بالامتنان إذا اعتقدوا أنهم حصلوا على مكافأة أو هدية كانت متوقعة، في هذه الحالة لم يكن لدى الأطفال أيضاً رغبة في العطاء للآخرين.

في حين أنه عندما تم منح الأطفال المكافأة بشكل عشوائي بدافع الكرم الخالص، كان هناك تأثير عاطفي أكبر، وقد تسبب هذا الشعور العميق بالامتنان في تحفيز الأطفال جوهرياً على العطاء للآخرين.

حينما يتوقع الأطفال الهدايا في وقت معيّن فإنهم يتعاملون مع الأمر كأنه من حقهم الحصول على تلك الهدايا.

- السبب الرابع: الحاجة إلى الشعور بالذات: يمكن أن يبدو أطفالك كأنهم غير ممتنين لأنهم بحاجة إلى الاستقلالية. في كتابه "تغذية الصدمة" (Nurture Shock)، يقول برو برونسون "الأطفال الذين لديهم حاجة قوية للاستقلالية، قد يكون من المحبط لهم معرفة مدى اعتمادهم على الكبار".

ويضيف "قد يكون إحساسهم بالاستقلال وهما، لكنه وهم ضروري لتحقيق التوازن النفسي والنمو المستقبلي إلى الاستقلال الحقيقي. قد يكون عدم امتنانهم هو الطريقة التي يحافظون بها على الوهم بأنهم يتحكمون في حياتهم".

كيف تعلّم أبناءك الامتنان؟

يجب تعليم الأطفال أن يكونوا ممتنين لما لديهم بالفعل، من خلال التحدث معهم كل ليلة عن الأشياء البسيطة التي يمتلكونها وأنهم يجب أن يشعروا بالامتنان لها، مثل المياه النظيفة، وما تناولته من الشاي، والأغطية الموجودة على السرير، ونبض القلب، وغيرها من الأشياء البسيطة التي يعتبرها الكثير من الأشخاص بأن وجودها أمر عادي مُسلّم به.

-علّم أطفالك قيمة المال: يجب على الوالدين التحدّث مع الأطفال عن قيمة المال وكذلك ضرورة كسبه وطرق إنفاقه الصحيحة مع تحديد مهام صغيرة لهم للمساعدة في كسب المال، حيث يساعدهم ذلك في تعلّم قيمة المال والامتنان لكل ما اشتريته بالمال، مثل الطعام والحليب وفواتير المياه، والتحدث مع الأطفال عن ضرورة الشعور بالامتنان للأشياء التي تشتريها لهم، ثم الأشياء التي يتمكنون من شرائها بأنفسهم يوماً ما.

- مارس الامتنان في حياتك اليومية: يقلد الأطفال من سن 0 إلى 7 سنوات سلوك من حولهم، لذلك يجب على الوالدين أن يظهروا دائماً الامتنان أمام الأطفال، حتى يتعلموه من والديهم ويقلدوهم عند تعاملهم مع الآخرين، سواء مع زملائهم في المدرسة أو مع أصدقائهم في محيط منزلهم ويظلون يتعاملون كذلك مع الآخرين في المستقبل.

ووفقاً لموقع "فيري ويل مايند" (Verywellfamily)، يحتاج الأطفال إلى المساعدة في فهم كيفية تأثير سلوكهم على الآخرين. تحدث معهم حول كيفية تأثير كلماتهم أو سلوكياتهم على الآخرين وعلمهم كيفية التعاطف وعدم إيذاء الناس من حولهم.

إن الخطأ الكبير هو أن تمنح طفلك أشياء مادية لا حصر لها وتساهلاً لا حصر له. لا يمكن للأطفال أن يكونوا ممتنين لما لديهم ما لم يتم تأخير إشباع احتياجاتهم.

ولا بأس من أن تقول "لا" عندما يطلب أطفالك لعبة جديدة أو شيء ما باهظ الثمن. أخبرهم أنهم بحاجة إلى الانتظار حتى عيد ميلادهم. أو يمكنك تعليمهم كيفية ادخار مخصصاتهم مقابل شيء يريدونه.

ممارسة التطوع بالنسبة للأطفال له فوائد عديدة، فهو يبني الشعور بالتعاطف والرحمة، كما أن التفكير في الآخرين يمكن أن يغير وجهة نظر المرء في حياته.

وتمنح مساعدة الآخرين لطفلك إحساساً بالهدف والرضا الشخصي مما يؤدي إلى مزيد من السعادة، كما تعزز التعاون والعمل الجماعي، وهذا بدوره يمكن أن يساعد الطفل على أن يصبح أكثر امتناناً للأشخاص الذين يدعمونهم والذين يخدمونهم.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق