عمان - وسط دعوات دولية لتعزيز مبادئ حوكمة إدارة المياه الجوفية المستدامة، أكد خبراء في قطاع المياه، أهمية تنظيم "الحوكمة" المبعثرة حالياً بين مؤسسات بقطاع المياه.اضافة اعلان
وفيما حذر التقرير الصادر أخيرا عن المجلة العلمية المتخصصة "نيتشر" وحصلت "الغد" على نسخة منه، من تهديدات مخاطر استنزاف طبقة المياه الجوفية جراء الري المكثف، ما يهدد الاقتصادات العالمية والأمن الغذائي والنظم الإيكولوجية، دعا مختصون، في تصريحات لـ"الغد"، لإجراء دراسات فنية حول استغلال المياه في الطبقات المائية للأحواض الجوفية داخل حدود المملكة أو المشتركة.
وفي وقت أشار فيه التقرير الذي تمحور عنوانه حول مبادرة حوكمة إدارة المياه الجوفية، لأهمية دراسة "التعقيدات الهيدرولوجية والاجتماعية والاقتصادية لإدارة موارد المياه الجوفية، مع التركيز على منطقة الإدارة المحلية المحسنة"، شدد خبراء على الشراكات بين القطاعين العام والخاص، للتصدي بفعالية لتحديات إدارة طبقات المياه الجوفية، ولخصوا تدابير مهمة، تضمن تحسين إدارة المياه المدعومة بالحوكمة الفعالة والمؤسسات المتينة، كونه عاملاً اساسياً لاستدامة المياه، وتعزيز الإدارة الشاملة للمياه، بحيث تدمج إدارة المياه السطحية والجوفية معا، وهو نهج عالمي جديد بإدارة المياه.
وفي السياق ذاته، أكد الأمين العام الأسبق لسلطة المياه إياد الدحيات، أهمية تنظيم حوكمة المياه الجوفية المبعثرة حالياً بين مؤسسات بقطاع المياه كوزارة المياه والري وسلطة المياه وشركات توزيع المياه، لتكون تحت مسؤولية الوزارة، وتصبح مسؤولة كليا عن ملكية وإدارة مصادر المياه الجوفية، وإجراء دراسات فنية حول استغلال المياه في الطبقات المائية للأحواض الجوفية في داخل حدود المملكة أو المشتركة.
كما دعا الدحيات للقيام بدور مراقبة استغلال المياه من آبار المياه العاملة المرخصة في الأحواض المائية، وإصدار رخص حفر واستخراج للمياه سنويا، والحد من انتشار الآبار غير المرخصة وإحكام سيطرة القانون عليها. إلى جانب أتمتة مصادر المياه الجوفية بنظام إلكتروني، يستخدم تطبيقات الذكاء الاصطناعي في المراقبة والتحليل لتعزيز آلية اتخاذ القرار.
ويعتبر نظام المياه الجوفية رقم (85) لسنة 2002 وتعديلاته هو التشريع الناظم والصادر بموجب قانون سلطة المياه لحوكمة المياه الجوفية، حيث تبلغ إجمالي المساحة المزروعة في المناطق المرتفعة 1,4 مليون دونم بعلي كلها في المناطق الجبلية، و650 ألف دونم مروي في المناطق الجبلية والبادية تستهلك 260 مليون م3 سنويا مياه جوفية، اذ تقسّم الـ650 ألف دونم لـ360 ألفا للأشجار المثمرة؛ و70 ألفا للمحاصيل الحقلية؛ و220 ألفا للخضراوات.
وحول بعض التحديات المتعلقة بها، أشار لضرورة المتابعة المستمرة للآبار العاملة في المملكة، ومراقبة كميات المياه التي تستهلك من كل بئر، بموجب الكميات المحدّدة في رخص الاستخراج الممنوحة، ومطابقة الوضع القائم للبئر مع مواصفاته الواردة في رخصة الحفر والتي تحدّد عمق الحفر والمضخة، منبها من أن "تجاوز كل ذلك، يؤدي للتأثير على المخزون الجوفي، وتجاوز حدود السحب المقررة في موازنة المياه السنوية بشكل جائر".
ومن ضمن تلك التحديات، تخفيض حصة المياه الجوفية المجانية التي تمنح للآبار الزراعية الخاصة في بلد يصنّف من الأفقر مائياً وتترواح بين 75 و150 ألف م3، بالإضافة لتعديل تعرفة هذه الآبار لتتوافق مع نوع المنتج الزراعي والمياه المتوافرة، وحسب المردود والربح المالي المتوقع لكل منتج زراعي.
من جانبها، أكدت الخبيرة بدبلوماسية المياه ميسون الزعبي، إدراك قطاع المياه بأن "المياه الجوفية مورد حيوي"، داعية "المعنيين بإدارة المياه لأخذ ذلك في الحسبان، بتوفير إمدادات مياه موثوقة للزراعة والأغراض الأخرى التي تحقق الاستدامة بإدارة المياه الجوفية". مبينة أن المشاركة الاستشرافية من الحكومات وقادة الصناعة والأفراد، ترجمة عملية للمسؤولية المشتركة عن الأمن المائي للجميع، مضيفة بأن هذه الحقائق تتطلب إدارة موارد المياه الجوفية على النحو الأمثل واستدامتها للأجيال القادمة.
وأكدت "الحاجة لتقديم حلول متقدمة لإدارة المياه الجوفية، بما في ذلك أنظمة الضخ الذكية وتقنيات المراقبة المتقدمة، لتحسين كفاءة استخراج المياه وتوزيعها". لافتة لمساهمة هذه الحلول بضمان الاستخدام الأمثل لموارد المياه الجوفية، وتعزيز استدامتها على المدى الطويل، مشددة على أهمية الشراكات بين القطاعين العام والخاص للتصدي بفعالية لتحديات إدارة طبقات المياه الجوفية، لأنها تسمح بالاستفادة من نقاط القوة في القطاعين، وتعزيز الابتكار وتحسين الأطر التنظيمية وضمان استراتيجيات التكيف.
ورأت الزعبي، أن تنويع استخدام الموارد المائية واعتماد ممارسات الإدارة المتكاملة للمياه، "يمكن أن يفتح إمكانيات جديدة في الحفاظ على صحة طبقات المياه الجوفية، وضمان الأمن المائي للجميع على المدى الطويل".
وبينت أن الاردن "أدرك أهمية الحد من الاعتماد على المياه الجوفية، والحاجة لتنويع مصادر المياه، وبدأ بتحقيق ذلك عبر مبادرات استراتيجية، تشمل توسيع السعة التخزينية الرئيسة للسدود، واستصلاح وإعادة استخدام مياه الصرف الصحي، والتوجه لتحلية مياه البحر والمياه المسوس".
وأوضحت الزعبي، أن استنزاف موارد المياه الجوفية المصحوب بتأثيرات التغير المناخي ألقى بظلاله على أنماط هطول الأمطار، ما يؤدي لهطولات غزيرة مفاجئة، مسببة فيضانات كارثية تعيق تغذية طبقات المياه الجوفية، وتمنع تسرب المياه إليها؛ ما يسهم مع مرور الوقت بتقليل منسوب المياه الجوفية وبخفض مخيف في توافر موارد المياه الجوفية، ما يهدد الأمن المائي.
وتعاني العديد من طبقات المياه الجوفية في الأردن من الاستغلال المفرط بسبب التوسع الكبير في الزراعة المروية التي تعتمد على المياه الجوفية، بخاصة لأغراض الري في المرتفعات، وفق الزعبي التي أرجعت ذلك لعوامل عدة، منها، الاستجابة لفترات الجفاف وانخفاض إمدادات المياه السطحية، أو زيادة الإنتاج الزراعي إما لأغراض الاكتفاء الذاتي أو لتصدير المحاصيل المروية، والإفراط في الاستخدام، كما أن المياه الجوفية في الأردن مهددة بالتلوث الناتج عن الأنشطة البشرية والزراعية والصناعية والمنزلية.
ودعت لـ"تخفيض كمية المياه العذبة المستخدمة في الري واستبدالها بمعالجة للحفاظ على أحواض المياه الجوفية، بما يحافظ على الحدود الآمنة للضخ منها، وتوجيه إعادة استخدام مياه الصرف الصحي المعالجة في المرتفعات لتحل محل الجوفية وليس لري مناطق جديدة".
وأوصت بوضع حد أقصى لمخصصات المياه العذبة للزراعة المروية في المرتفعات وتخفيضها في نهاية المطاف، وفقاً للخطط متوسطة وطويلة الأجل، ومن ثم يمكن تحديث خطة إعادة التوزيع وفقاً لذلك، توازيا وإعادة النظر في معايير الجودة لمياه الصرف الصحي المعالجة لتتناسب مع مختلف مجالات إعادة الاستخدام، بالاضافة لدعم البحث العلمي في مجال الاستفادة من مصادر المياه غير التقليدية وتقنيات تحسين استخدامها، وإرشاد خدمات الإرشاد الزراعي التي تستهدف حالات استخدام المياه غير التقليدية، وتطوير البنية التحتية لنقل مياه الصرف الصحي المعالجة للمزارعين في المرتفعات.
كما شددت الزعبي على ضرورة وضع حد أقصى لحصة القطاع الزراعي من موارد المياه الجوفية، مع إعطاء الأولوية للقطاعات الأخرى ذات العائد الاقتصادي الأعلى لكل م3 مستهلك، وإغلاق الآبار مقابل التعويض عن قيمة الأرض أو حقوق استخدام المياه، عندما يتبين أن العائد من هذه الآبار صفر أو سلبي.
وبينت أن هناك حاجة لاستكشاف تقنيات جديدة، تقلل من الاعتماد على المياه الجوفية في الري كالزراعة العمودية التي تعد حلاً مبتكراً يسهم بالحفاظ على المياه ويعزز الأمن الغذائي، ويقلل من البصمة البيئية. فالزراعة العمودية لا تقلل الضغط على مصادر المياه الجوفية حسب، بل توفر أيضاً حلاً للتحديات المتعلقة بالمياه، كتغير المناخ والجفاف، بضمان إمدادات مياه موثوقة وآمنة للزراعة، وتسهم الزراعة العمودية بتحقيق مستقبل مستدام.
وأشارت لدور إعداد الدراسات الفنية والعلمية الكافية لكميات المياه المطلوبة قبل التوسع في أعمال التطوير، بخاصة في المناطق الجديدة، لتحديد إمكانات الخزانات الجوفية، الهادفة لتنظيم استخدام المياه، ووضع الحدود الآمنة للسحب، وحماية مناطق إعادة تغذية المياه الجوفية من التلوث من جميع المصادر، والتوسع في برامج التحول الرقمي ونظم الري الحديثة في منظومة الاستفادة من المياه الجوفية العميقة، والاستفادة من التقنيات الرقمية المتطورة لدعم هذا الإجراء، وتحقيق أكبر استفادة ممكنة من تقييم كميات المياه في أعماق الأرض.
كذلك إعداد وتحديث النماذج الرياضية للمياه الجوفية لطبقات المياه الجوفية والأحواض، لتقدير طاقتها الإنتاجية في ظل احتمالات الضخ المختلفة، وإعداد خطة تقييمية لسيناريوهات تكلفة استخراج المياه الجوفية، والتوسع بتنفيذ شبكات المراقبة والتحكم لتنظيم استخدام الآبار علميا، لتحقيق استدامة المخزون على أطول فترة ممكنة.
وأشارت الزعبي، لأهمية تطبيق اللوائح وإنفاذها، إذ تعد تحدياً لتحقيق الفائدة المرجوة، لذا يتطلب الأمر من الحكومة والجهات المعنية، تشديد العقوبات على المخالفين وتعزيز قدراتها على الإنفاذ بتعزيز الأطر التنظيمية ومراجعة القوانين واستخدام التكنولوجيا الحديثة للمراقبة، ورفع الوعي المجتمعي بأهمية الحفاظ على المياه الجوفية، وفرض تشريعات إدارة المياه الجوفية على أصحاب الآبار على قدم المساواة، ووضع وإنفاذ تدابير صارمة لردع الانتهاكات المستقبلية.
من جانبه، أشار الخبير الدولي في القطاع محمد ارشيد لإمكانية تطبيق النموذج الرقمي لحركة المياه الجوفية، كأداة قائمة بحد ذاتها لتقييم آثار استراتتجيات الإدارة على موارد المياه الجوفية، والتنبؤ بالانخفاض في مستويات المياه الجوفية بحقول الآبار.
ولفت ارشيد لدور استخدام تقنيات الاستشعار عن بعد، ونتائج وبيانات آبار المراقبة لاستخدامها بتقييم مصادر المياه، وتحديد مقدار الهبوط في منسوب المياه الجوفية، إذ وصل الهبوط في بعض المناطق لـ10م وما يتراوح بين 4 و5 م في معظم حقول الآبار.
واشار الخبير الدولي في "المياه" لإعداد خريطة حساسية المياه الجوفية للتلوث، لاسيما وأن الهبوط المستمر في منسوب المياه الجوفية وجفاف العديد من الينابيع "مؤشرات واضحة على الاستخدام المفرط جداً للمياه الجوفية"، مؤكدا ضرورة اتخاذ تدابير حكومية حاسمة للتخفيف من هذه الظروف، توازيا وتأمين إمدادات المياه مستقبلا، من اهمها: القيام بتحسين إدارة المياه المدعومة بالحوكمة الفعالة والمؤسسات المتينة، والاستمرار بمشاريع إعادة تأهيل شبكات الري وتقليل الفاقد ومشروع حوكمة قطاع المياه والمشاريع الأخرى.
كذلك دعا للعمل على الادارة الشاملة للمياه، بحيث تدمج إدارة المياه السطحية والجوفية معا، وهو نهج عالمي جديد في إدارة المياه، والحد من الاعتماد على المياه العذبة في الري، وتكثيف استخدام المياه المعالجة في الزراعة المروية، وزيادة الوعي ببن صانعي القرار وطنيا، وبين أهم مستخدمي المياه من القطاع الخاص، وحماية الموارد المائية من التلوث، وتحديد مصادر بديلة كتحلية المياه، والتركيز على دقة البيانات، وإنفاذ القوانين المتعلقة بالاستخدام غير المشروع.
وفيما حذر التقرير الصادر أخيرا عن المجلة العلمية المتخصصة "نيتشر" وحصلت "الغد" على نسخة منه، من تهديدات مخاطر استنزاف طبقة المياه الجوفية جراء الري المكثف، ما يهدد الاقتصادات العالمية والأمن الغذائي والنظم الإيكولوجية، دعا مختصون، في تصريحات لـ"الغد"، لإجراء دراسات فنية حول استغلال المياه في الطبقات المائية للأحواض الجوفية داخل حدود المملكة أو المشتركة.
وفي وقت أشار فيه التقرير الذي تمحور عنوانه حول مبادرة حوكمة إدارة المياه الجوفية، لأهمية دراسة "التعقيدات الهيدرولوجية والاجتماعية والاقتصادية لإدارة موارد المياه الجوفية، مع التركيز على منطقة الإدارة المحلية المحسنة"، شدد خبراء على الشراكات بين القطاعين العام والخاص، للتصدي بفعالية لتحديات إدارة طبقات المياه الجوفية، ولخصوا تدابير مهمة، تضمن تحسين إدارة المياه المدعومة بالحوكمة الفعالة والمؤسسات المتينة، كونه عاملاً اساسياً لاستدامة المياه، وتعزيز الإدارة الشاملة للمياه، بحيث تدمج إدارة المياه السطحية والجوفية معا، وهو نهج عالمي جديد بإدارة المياه.
وفي السياق ذاته، أكد الأمين العام الأسبق لسلطة المياه إياد الدحيات، أهمية تنظيم حوكمة المياه الجوفية المبعثرة حالياً بين مؤسسات بقطاع المياه كوزارة المياه والري وسلطة المياه وشركات توزيع المياه، لتكون تحت مسؤولية الوزارة، وتصبح مسؤولة كليا عن ملكية وإدارة مصادر المياه الجوفية، وإجراء دراسات فنية حول استغلال المياه في الطبقات المائية للأحواض الجوفية في داخل حدود المملكة أو المشتركة.
كما دعا الدحيات للقيام بدور مراقبة استغلال المياه من آبار المياه العاملة المرخصة في الأحواض المائية، وإصدار رخص حفر واستخراج للمياه سنويا، والحد من انتشار الآبار غير المرخصة وإحكام سيطرة القانون عليها. إلى جانب أتمتة مصادر المياه الجوفية بنظام إلكتروني، يستخدم تطبيقات الذكاء الاصطناعي في المراقبة والتحليل لتعزيز آلية اتخاذ القرار.
ويعتبر نظام المياه الجوفية رقم (85) لسنة 2002 وتعديلاته هو التشريع الناظم والصادر بموجب قانون سلطة المياه لحوكمة المياه الجوفية، حيث تبلغ إجمالي المساحة المزروعة في المناطق المرتفعة 1,4 مليون دونم بعلي كلها في المناطق الجبلية، و650 ألف دونم مروي في المناطق الجبلية والبادية تستهلك 260 مليون م3 سنويا مياه جوفية، اذ تقسّم الـ650 ألف دونم لـ360 ألفا للأشجار المثمرة؛ و70 ألفا للمحاصيل الحقلية؛ و220 ألفا للخضراوات.
وحول بعض التحديات المتعلقة بها، أشار لضرورة المتابعة المستمرة للآبار العاملة في المملكة، ومراقبة كميات المياه التي تستهلك من كل بئر، بموجب الكميات المحدّدة في رخص الاستخراج الممنوحة، ومطابقة الوضع القائم للبئر مع مواصفاته الواردة في رخصة الحفر والتي تحدّد عمق الحفر والمضخة، منبها من أن "تجاوز كل ذلك، يؤدي للتأثير على المخزون الجوفي، وتجاوز حدود السحب المقررة في موازنة المياه السنوية بشكل جائر".
ومن ضمن تلك التحديات، تخفيض حصة المياه الجوفية المجانية التي تمنح للآبار الزراعية الخاصة في بلد يصنّف من الأفقر مائياً وتترواح بين 75 و150 ألف م3، بالإضافة لتعديل تعرفة هذه الآبار لتتوافق مع نوع المنتج الزراعي والمياه المتوافرة، وحسب المردود والربح المالي المتوقع لكل منتج زراعي.
من جانبها، أكدت الخبيرة بدبلوماسية المياه ميسون الزعبي، إدراك قطاع المياه بأن "المياه الجوفية مورد حيوي"، داعية "المعنيين بإدارة المياه لأخذ ذلك في الحسبان، بتوفير إمدادات مياه موثوقة للزراعة والأغراض الأخرى التي تحقق الاستدامة بإدارة المياه الجوفية". مبينة أن المشاركة الاستشرافية من الحكومات وقادة الصناعة والأفراد، ترجمة عملية للمسؤولية المشتركة عن الأمن المائي للجميع، مضيفة بأن هذه الحقائق تتطلب إدارة موارد المياه الجوفية على النحو الأمثل واستدامتها للأجيال القادمة.
وأكدت "الحاجة لتقديم حلول متقدمة لإدارة المياه الجوفية، بما في ذلك أنظمة الضخ الذكية وتقنيات المراقبة المتقدمة، لتحسين كفاءة استخراج المياه وتوزيعها". لافتة لمساهمة هذه الحلول بضمان الاستخدام الأمثل لموارد المياه الجوفية، وتعزيز استدامتها على المدى الطويل، مشددة على أهمية الشراكات بين القطاعين العام والخاص للتصدي بفعالية لتحديات إدارة طبقات المياه الجوفية، لأنها تسمح بالاستفادة من نقاط القوة في القطاعين، وتعزيز الابتكار وتحسين الأطر التنظيمية وضمان استراتيجيات التكيف.
ورأت الزعبي، أن تنويع استخدام الموارد المائية واعتماد ممارسات الإدارة المتكاملة للمياه، "يمكن أن يفتح إمكانيات جديدة في الحفاظ على صحة طبقات المياه الجوفية، وضمان الأمن المائي للجميع على المدى الطويل".
وبينت أن الاردن "أدرك أهمية الحد من الاعتماد على المياه الجوفية، والحاجة لتنويع مصادر المياه، وبدأ بتحقيق ذلك عبر مبادرات استراتيجية، تشمل توسيع السعة التخزينية الرئيسة للسدود، واستصلاح وإعادة استخدام مياه الصرف الصحي، والتوجه لتحلية مياه البحر والمياه المسوس".
وأوضحت الزعبي، أن استنزاف موارد المياه الجوفية المصحوب بتأثيرات التغير المناخي ألقى بظلاله على أنماط هطول الأمطار، ما يؤدي لهطولات غزيرة مفاجئة، مسببة فيضانات كارثية تعيق تغذية طبقات المياه الجوفية، وتمنع تسرب المياه إليها؛ ما يسهم مع مرور الوقت بتقليل منسوب المياه الجوفية وبخفض مخيف في توافر موارد المياه الجوفية، ما يهدد الأمن المائي.
وتعاني العديد من طبقات المياه الجوفية في الأردن من الاستغلال المفرط بسبب التوسع الكبير في الزراعة المروية التي تعتمد على المياه الجوفية، بخاصة لأغراض الري في المرتفعات، وفق الزعبي التي أرجعت ذلك لعوامل عدة، منها، الاستجابة لفترات الجفاف وانخفاض إمدادات المياه السطحية، أو زيادة الإنتاج الزراعي إما لأغراض الاكتفاء الذاتي أو لتصدير المحاصيل المروية، والإفراط في الاستخدام، كما أن المياه الجوفية في الأردن مهددة بالتلوث الناتج عن الأنشطة البشرية والزراعية والصناعية والمنزلية.
ودعت لـ"تخفيض كمية المياه العذبة المستخدمة في الري واستبدالها بمعالجة للحفاظ على أحواض المياه الجوفية، بما يحافظ على الحدود الآمنة للضخ منها، وتوجيه إعادة استخدام مياه الصرف الصحي المعالجة في المرتفعات لتحل محل الجوفية وليس لري مناطق جديدة".
وأوصت بوضع حد أقصى لمخصصات المياه العذبة للزراعة المروية في المرتفعات وتخفيضها في نهاية المطاف، وفقاً للخطط متوسطة وطويلة الأجل، ومن ثم يمكن تحديث خطة إعادة التوزيع وفقاً لذلك، توازيا وإعادة النظر في معايير الجودة لمياه الصرف الصحي المعالجة لتتناسب مع مختلف مجالات إعادة الاستخدام، بالاضافة لدعم البحث العلمي في مجال الاستفادة من مصادر المياه غير التقليدية وتقنيات تحسين استخدامها، وإرشاد خدمات الإرشاد الزراعي التي تستهدف حالات استخدام المياه غير التقليدية، وتطوير البنية التحتية لنقل مياه الصرف الصحي المعالجة للمزارعين في المرتفعات.
كما شددت الزعبي على ضرورة وضع حد أقصى لحصة القطاع الزراعي من موارد المياه الجوفية، مع إعطاء الأولوية للقطاعات الأخرى ذات العائد الاقتصادي الأعلى لكل م3 مستهلك، وإغلاق الآبار مقابل التعويض عن قيمة الأرض أو حقوق استخدام المياه، عندما يتبين أن العائد من هذه الآبار صفر أو سلبي.
وبينت أن هناك حاجة لاستكشاف تقنيات جديدة، تقلل من الاعتماد على المياه الجوفية في الري كالزراعة العمودية التي تعد حلاً مبتكراً يسهم بالحفاظ على المياه ويعزز الأمن الغذائي، ويقلل من البصمة البيئية. فالزراعة العمودية لا تقلل الضغط على مصادر المياه الجوفية حسب، بل توفر أيضاً حلاً للتحديات المتعلقة بالمياه، كتغير المناخ والجفاف، بضمان إمدادات مياه موثوقة وآمنة للزراعة، وتسهم الزراعة العمودية بتحقيق مستقبل مستدام.
وأشارت لدور إعداد الدراسات الفنية والعلمية الكافية لكميات المياه المطلوبة قبل التوسع في أعمال التطوير، بخاصة في المناطق الجديدة، لتحديد إمكانات الخزانات الجوفية، الهادفة لتنظيم استخدام المياه، ووضع الحدود الآمنة للسحب، وحماية مناطق إعادة تغذية المياه الجوفية من التلوث من جميع المصادر، والتوسع في برامج التحول الرقمي ونظم الري الحديثة في منظومة الاستفادة من المياه الجوفية العميقة، والاستفادة من التقنيات الرقمية المتطورة لدعم هذا الإجراء، وتحقيق أكبر استفادة ممكنة من تقييم كميات المياه في أعماق الأرض.
كذلك إعداد وتحديث النماذج الرياضية للمياه الجوفية لطبقات المياه الجوفية والأحواض، لتقدير طاقتها الإنتاجية في ظل احتمالات الضخ المختلفة، وإعداد خطة تقييمية لسيناريوهات تكلفة استخراج المياه الجوفية، والتوسع بتنفيذ شبكات المراقبة والتحكم لتنظيم استخدام الآبار علميا، لتحقيق استدامة المخزون على أطول فترة ممكنة.
وأشارت الزعبي، لأهمية تطبيق اللوائح وإنفاذها، إذ تعد تحدياً لتحقيق الفائدة المرجوة، لذا يتطلب الأمر من الحكومة والجهات المعنية، تشديد العقوبات على المخالفين وتعزيز قدراتها على الإنفاذ بتعزيز الأطر التنظيمية ومراجعة القوانين واستخدام التكنولوجيا الحديثة للمراقبة، ورفع الوعي المجتمعي بأهمية الحفاظ على المياه الجوفية، وفرض تشريعات إدارة المياه الجوفية على أصحاب الآبار على قدم المساواة، ووضع وإنفاذ تدابير صارمة لردع الانتهاكات المستقبلية.
من جانبه، أشار الخبير الدولي في القطاع محمد ارشيد لإمكانية تطبيق النموذج الرقمي لحركة المياه الجوفية، كأداة قائمة بحد ذاتها لتقييم آثار استراتتجيات الإدارة على موارد المياه الجوفية، والتنبؤ بالانخفاض في مستويات المياه الجوفية بحقول الآبار.
ولفت ارشيد لدور استخدام تقنيات الاستشعار عن بعد، ونتائج وبيانات آبار المراقبة لاستخدامها بتقييم مصادر المياه، وتحديد مقدار الهبوط في منسوب المياه الجوفية، إذ وصل الهبوط في بعض المناطق لـ10م وما يتراوح بين 4 و5 م في معظم حقول الآبار.
واشار الخبير الدولي في "المياه" لإعداد خريطة حساسية المياه الجوفية للتلوث، لاسيما وأن الهبوط المستمر في منسوب المياه الجوفية وجفاف العديد من الينابيع "مؤشرات واضحة على الاستخدام المفرط جداً للمياه الجوفية"، مؤكدا ضرورة اتخاذ تدابير حكومية حاسمة للتخفيف من هذه الظروف، توازيا وتأمين إمدادات المياه مستقبلا، من اهمها: القيام بتحسين إدارة المياه المدعومة بالحوكمة الفعالة والمؤسسات المتينة، والاستمرار بمشاريع إعادة تأهيل شبكات الري وتقليل الفاقد ومشروع حوكمة قطاع المياه والمشاريع الأخرى.
كذلك دعا للعمل على الادارة الشاملة للمياه، بحيث تدمج إدارة المياه السطحية والجوفية معا، وهو نهج عالمي جديد في إدارة المياه، والحد من الاعتماد على المياه العذبة في الري، وتكثيف استخدام المياه المعالجة في الزراعة المروية، وزيادة الوعي ببن صانعي القرار وطنيا، وبين أهم مستخدمي المياه من القطاع الخاص، وحماية الموارد المائية من التلوث، وتحديد مصادر بديلة كتحلية المياه، والتركيز على دقة البيانات، وإنفاذ القوانين المتعلقة بالاستخدام غير المشروع.
0 تعليق