المجد لله فى الأعالى.. رسائل الأقباط فى عيد الميلاد المجيد

الدستور 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

«على الأرض السلام وبالناس المسرة»، فى السابعة من مساء ٦ يناير الجارى تدق أجراس كاتدرائية ميلاد المسيح بالعاصمة الإدارية الجديدة، ويتقدم البابا تواضروس الثانى، بابا الإسكندرية بطريرك الكرازة المرقسية، موكب الشمامسة، معلنًا بدء الاحتفال بعيد الميلاد المجيد، وفقًا لتقويم الكنيسة القبطية.

وبمناسبة عيد الميلاد المجيد، وجّه عدد من الآباء الأقباط رسائل معايدة إلى جموع المصريين، متحدثين حول معانى هذا العيد، ونعم الله على البشرية، والتى تجسدت فى إرسال المسيح، لينير طريق البشر، وينشر السلام والمحبة فى ربوع الأرض، داعين الله أن يحفظ مصر وأهلها، وأن يعم السلام والخير والمحبة والفرح فى هذا العالم.

الأنبا باخوم:عيد رجاء وفرح بأن الله مع البشرية

والمحبة الأبدية. الرجاء الذى يقدمه الميلاد ليس رجاءً بشريًا عابرًا، بل رجاء إلهى عميق يتجلى فى وعد الله بأن يكون معنا دائمًا، خاصة فى أوقات الظلمة والتحديات.

فى ميلاد المسيح، يعلن الله أن الظلمة لا تستطيع أن تغلب النور، وأن المحبة أقوى من الخوف، وأن الفرح يمكن أن يُولد حتى فى أبسط الأماكن.

إن الرجاء فى هذا العيد يذكرنا بأننا لسنا وحدنا فى رحلة حياتنا، وأن الله قريب منا، يمشى معنا ويحمل أثقالنا.

استعدادات الكنيسة الكاثوليكية لفترة الميلاد تبدأ قبل موعد العيد بـ٤ أسابيع، من خلال تذكير المؤمنين بأهمية الاستعداد الروحى للميلاد عبر الصلوات والقراءات الكتابية والاعتراف والتوبة والأعمال الخيرية، مرورًا بالزينة والاحتفالات، وفى الختام القداس الليلى.

كريم كمال:مصر مُباركة من المسيح ومحفوظة بوعد إلهى

يأتى ميلاد السيد المسيح حاملًا العديد من الرسائل، أهمها رسالة السلام والمحبة، إذ يقول الكتاب المقدس: «الْمَجْدُ للهِ فِى الأَعَالِى وَعَلَى الأَرْضِ السَّلاَمُ وَبِالنَّاسِ الْمَسَرَّةُ»، لذا يُطلق على السيد المسيح «ملك السلام»، فقد كان يجول ليصنع الخير وينشر المحبة فى هذا اليوم المبارك.

أيّها الأحباء: نرفع قلوبنا نحو السماء، نحو الجالس على العرش، ملك الملوك، طفل المغارة، ونسأله أن يملك على عروش قلوبنا ليكون هو الألف والياء، البداية والنهاية فى حياتنا، كل شىء، به نحيا ونوجد. 

فى عيد الميلاد نقدم لك الذهب كملكٍ على بيوتنا، ونقدم لك عبادتنا لُبانًا وبخورًا نرفع به صلواتنا إليك أيها الكاهن الأعظم، ونقدم لك المر وكل حياتنا بحلوها ومرها، لأننا إن عشنا أو متنا فللرب نحن.

وقد جاء السيد المسيح إلى أرض مصر مع العائلة المقدسة متممًا النبوءات التى ذُكرت فى العهد القديم: «مبارك شعبى مصر»، ليدخل أرضنا وهو طفل على ذراعى السيدة العذراء، فتتبارك بلادنا المصرية بقدومه كما تنبأ النبى أشعياء، ليكون مجىء السيد المسيح والعائلة المقدسة برفقته إلى بلادنا بشارة خلاص.

لقد جاء مثل مجىء يوسف الصديق إلى مصر، وأشبع العالم من خيرات مصر، رمزًا صادقًا عن مجىء السيد المسيح إلى أرضنا الحبيبة مصر، التى بنى فيها «مذبحة المقدس». قال أشعياء النبى: «فى ذلك اليوم يكون مذبحًا للرب فى وسط أرض مصر وعمود الرب عند تخومها»، وهو المذبح الموجود فى دير السيدة العذراء مريم فى أسيوط. لذا، ستظل مصر التى باركها السيد المسيح والعديد من الأنبياء محفوظة بوعد إلهى، ولن يستطيع أحد المساس بها.

وفى غمرة احتفالنا بعيد الميلاد المجيد هذا العام، فى ظل أحداث كثيرة تعصف بالمنطقة وبالعالم، نجد يد الله حافظة مصر وشعبها وأمنها من كل الأخطار، فى ظل قيادة الرئيس عبدالفتاح السيسى، الذى أعاد بناء مصر فى عصرنا الحديث لتكون واحة للأمن والأمان والاستقرار، مؤسسًا لدولة حديثة يتمتع فيها الجميع بحرية العبادة.

وقد مَثّلّ قانون بناء وتقنين الكنائس، الذى صدر فى عهد الرئيس السيسى، مثالًا حيًا وواقعيًا على إيمان الدولة بحرية العبادة للجميع، إلى جانب العمل على إلغاء التمييز بسبب الدين على جميع المستويات، ووضع المناهج الدراسية التى تؤسس لجيل جديد يؤمن إيمانًا كاملًا بأن مصر دولة تؤمن فقط بأن الجميع مصريون، لتظل قوية وشامخة.

نعيش فى ظل قائد واعٍ يقود مصر بحكمة بالغة نحو المستقبل، مؤسس دولة عصرية تؤمن بالكفاءات دون النظر إلى ديانة الأشخاص، وقائمة على اقتصاد وطنى قوى يُبنى بسواعد مصرية، ليسلك الوطن طريقه نحو نهضة اقتصادية واجتماعية شاملة، قائمة على دولة المؤسسات والقانون، وتُطبق المعايير الدولية لحقوق الإنسان.

نشكر الله أنه منحنا هذا القائد، الذى حافظ على وطننا، وقاد السفينة بين العواصف نحو المستقبل الذى نحلم به، ليتحول الحلم إلى واقع نعيش فيه، محاطين بالأمن والاستقرار، فى ظل وجود جيش مصر الباسل ورجال الشرطة الأبطال، فضلًا عن شعب محب للوطن ويحافظ على استقراره.

ندخل العام الجديد ٢٠٢٥، ونستقبل عيد الميلاد المجيد، ونحن نصلى من أجل مصر الغالية، أن يحفظها الله ببركة الميلاد من مكائد الأعداء، وأن يعم السلام والأمان كل مكان فى العالم ببركة السيد المسيح «ملك السلام».

الأنبا أنجيلوس:نهنئ مصر وشعبها.. وندعو الله أن يحفظها فى الحياة والسلام والفرح

يعدّ التجسد الإلهى من أبرز عقائد المسيحية وأعمقها، حيث يمثل تجسّد الله الكلمة، ووفقًا لتعاليم الكنيسة، حجر الأساس للإيمان، فإن الله الكلمة «اللوغوس» تجسّد ليحيا حياة بشرية كاملة، دون أن يفقد طبيعته الإلهية، بل جمع بين الطبيعتين الإلهية والإنسانية فى شخص واحد، هو يسوع المسيح.

وتعتبر هذه العقيدة محورية فى فهم العلاقة بين الله والإنسان، حيث إن الله تجسّد ليخلص البشرية من الخطيئة والموت والفساد، ومن خلال التجسد، يظهر الله محبة غير محدودة تجاه الإنسان.

إن الكلمة قد تجسد ليجمعنا من الفساد إلى الخلود، ومن الظلمة إلى النور، ومن العبودية إلى الحرية، ومن الجهل إلى معرفة الله، وهذا الفهم يظهر أن التجسد ليس مجرد حدث تاريخى، بل هو عملية فدائية تهدف إلى إصلاح العلاقة بين الله والبشر، لذا، يعتبر التجسد الإلهى فى المسيحية ليس فقط بداية عمل الخلاص، بل هو أيضًا إعلان عن طبيعة الله فى علاقته بالبشر. 

إن تجسّد الله الكلمة هو تجسيد للمحبة الإلهية، التى تعلن عن نفسها فى عالم ملىء بالآلام والتحديات. وهذا الحدث العجيب يؤكد أن الله لم يقتصر على مراقبة البشرية من بعيد، بل اختار أن يعيش وسطها ويتألم من أجل خلاصها.

والتجسد الإلهى هو العقيدة الأساسية فى المسيحية التى تؤمن بأن الله الكلمة «اللوغوس»، الذى هو الإله الأزلى، تجسد، بمعنى آخر، تجسد الله نفسه فى هيئة إنسانية ليعيش بين البشر، ويموت من أجلهم، ثم يقوم ليمنحهم الحياة الأبدية.

وهذه العقيدة تُعد حجر الزاوية فى اللاهوت المسيحى، لأنها تتعامل مع معضلة الخطيئة والموت وكيفية تدخل الله فى تاريخ الإنسان لتحقيق الخلاص.

لم يكن التجسد مجرد حدث تاريخى فى الماضى، بل هو أيضًا يشكل دعوة لكل مسيحى للعيش مثل المسيح، ففى التجسد يكمن مثال الحب والإيمان والوفاء لله. 

وحياة المسيح علمتنا كيف نعيش فى العالم لكن دون أن نكون من هذا العالم. لذلك، يرى الآباء أن التجسد يفتح الطريق أمام البشر ليعيشوا فى الاتحاد مع الله من خلال الإيمان، فالتجسد الإلهى هو تأكيد على أن الله محب للبشر ولا يتخلى عنهم، بل اختار أن يشاركهم فى كل شىء، بما فى ذلك الآلام والموت، لكى يعيدهم إلى حضنه. 

من خلال التجسد، أصبح المسيح هو الجسر بين الله والإنسان، وهو الطريق الوحيد للسلام والاتحاد مع الله.

وفى الختام، نهنئ مصرنا الحبيبة، رئيسًا وحكومةً وشعبًا، بعيد ميلاد السيد المسيح، ملك السلام، الذى نطلب إليه أن يحل السلام على كوكبنا المثخن بآلام الحروب والبغضة وفقدان السلام، ويحفظ مصر وشعبها فى حزمة الحياة والسلام والفرح.

الأنبا دميان:ندعو الله بإحلال السلام وانتهاء الحروب

عيد ميلاد السيد المسيح هو عيد الفرح والرجاء والخلاص للعالم أجمع، علينا أن نفرح بقدومه إلينا، نرحب به، ونفتح له قلوبنا، ونجعل له مكانًا ومكانة فى حياتنا.

الكنائس فى ألمانيا تدعو إلى الصوم والصلاة استعدادًا لاستقبال السيد المسيح، ملك السلام، ونتضرع إليه أن ينعم بسلامه على العالم أجمع، وأن يضع نهاية للحروب، خاصة فى قارات آسيا وأوروبا وإفريقيا. 

الأب فيلبس عيسى:يمنح الرجاء للبسطاء والمساكين وسط التجارب والضيقات

إن كلمة الميلاد تعنى المجىء، وكلمة المجىء تعنى ما هو آت وقادم، وزمن الميلاد هو الترقب والاستعداد والتأمل. فقد أتى المسيح لأرضنا كطفل رضيع، وسيأتى ثانية ليأخذنا معه إلى موطننا السماوى، فمبارك هو الآتى والذى سيأتى باسم الله، زمن المجىء هو مسيرة رجاء، تبدأ بالبشارة، فالولادة، فالحياة، فالموت فالقيامة والصعود، وتنتهى بالأبدية.

عندما نتحدّث عن الرّجاء غالبًا ما نشير إلى ما هو ليس بسلطة الإنسان وما هو غير مرئىّ، لأنّ ما نرجوه فى الواقع يذهب أبعد من قوانا ونظرنا، لكن ميلاد المسيح، وإذ يفتتح الفداء، يحدّثنا عن رجاء مختلف، عن رجاء جدير بالثقة، رجاء لا يخيب، مرئىّ ومفهوم، لأنّه مؤسّس على الله. 

إن مسيرة الرّجاء، والتى تتناسب مع زمن الميلاد المجيد، هى مسيرة تاريخ طويل بين الله وشعبه، متجذرة فى عمق كلمة الله. فقد قادنا إليها أنبياء كثيرون بنبوءات عديدة فى «العهد القديم»، دخل فيها الرجاء إلى العالم، والذى اكتمل بتجسد الكلمة.

والرجاء قديم قدم البشرية، بل أقدم منها، فأول رجاء عرفه البشر هو رجاء فى الخلاص، حينما وعد الرب قائلًا لآدم وحواء إن نسل المرأة يسحق رأس الحية، وظل هذا الرجاء محفورًا فى قلوبهم آلاف السنين، حتى تحقق أخيرًا فى تجسد الرب، وفى صلبه عن البشرية.

«وَأَنْتِ يَا بَيْتَ لَحْمٍ، أَرْضَ يَهُوذَا لَسْتِ الصُّغْرَى بَيْنَ رُؤَسَاءِ يَهُوذَا، لأَنْ مِنْكِ يَخْرُجُ مُدَبِّرٌ يَرْعَى شَعْبِى إِسْرَائِيلَ»، نلاحظ أوّلًا المكان الذى ولد فيه يسوع، بيت لحم، وهو قرية صغيرة فى اليهوديّة، حيث وُلد لألف سنة خلَت «داود»، الرّاعى الصغير، الذى اختاره الله ملكًا على إسرائيل.

وبيت لحم ليست عاصمة، ولذلك فضّلتها العناية الإلهيّة، التى تعمل من خلال الصغار والبسطاء والفقراء.

فى ذاك المكان، ولد «ابن داود» المُنتظر «يسوع»، الذى يلتقى فيه رجاء الله ورجاء الإنسان، طفل المِذوَد الملك، بل ملك الملوك الذى اتّضع، ملك مولود فى مذود حقير متواضع، وهُو أخيرًا سيملك ويدين العالمين، طفل المذود يريد أن يولد فى قلبك، المغارة، المذود، وبيت لحم، وأشخاص مشاركون الرجاء الحى، «مريم» و«يوسف» والعائلة المقدسة هى ملتقى الرجاء الصالح. 

بالقرب من «مريم» نجد «يوسف» من نسلِ «يسّى» و«داود»، هو أيضًا قد آمن بكلمات الملاك، وبالنظر إلى «يسوع» فى المذود يتأمّل بالطفل الآتى من الرّوح القدس، وبأنّ الله نفسه قد أمر بأن يسمّيه «يسوع». 

فى ذاك الاسم نجد الرّجاء لكلّ إنسان، لأنّه من خلال ابن المرأة ذاك سيخلّص الله البشريّة من الموت والخطيئة؛ لذلك من الأهميّة بمكان أن نتأمّل بالمغارة، ها هنا الرعاة يسعون نحو الرجاء ويرجونه، لأن أعين الكل إياه تترجى، ونجد فى المغارة أيضًا الرُّعاة الذين يمثلون الفئة والطبقة الكادحة والمسكينة، التى تسعى للحفاظ على الرجاء، إنهم الرعاة المتواضعون والعمال الفقراء الذين كانوا ينتظرون المسيح.

فى ذاك الطفل يَرون تحقيق الوعود، ويَرجون بأن يبلغ خلاص الله كلَّ واحدٍ منهم.

إنّ الذى يثق بضماناته الخاصّة، لاسيَّما الماديّة، لا ينتظر خلاص الله، لنتذكّر على الدوام أنّ ضماناتنا البشريّة لن تُخلِّصنا أبدًا، أمَّا الضمانة الوحيدة التى ستخلّصنا فهى الرَّجاء بالله؛ تخلّصنا لأنّها قويّة وتجعلنا نسير فى الحياة بفرح، وبالرَّغبة بصنع الخير، وبأن نكون سعداء للأبد. أمّا الصغار، كالرّعاة، فيثقون بالله ويرجون به ويفرحون عندما يرون فى ذاك الطفل العلامة التى أشار إليها الملائكة، وإنّ الرّجاء المسيحىّ يظهر فى التمجيد والشكر لله، الذى افتتح ملكوته، ملكوت المحبّة والعدالة والسّلام.

والمسيحية تعطى رجاء للعالم فى وسط التجارب والضيقات، لأن المسيح ربها وسيدها هو رجاء المجد.. رجاء الأمم. 

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق