غياب الإنجازات.. هل يؤدي إلى دوامة الإحباط ولوم الذات؟

الغد 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف
عمان- لطالما عبرت سعاد (43 عاما) عن فخرها بالإنجازات التي حققتها خلال مسيرتها المهنية، والتي جاءت نتيجة اجتهاد وصبر وعمل دؤوب. ومع ذلك، تعترف سعاد بأنها خلال الثلاثة أعوام الماضية بدأت تلوم نفسها على عدم تحقيق إنجازات جديدة تذكر.اضافة اعلان
توضح سعاد أنها تسعد برؤية نجاحات الآخرين من حولها، لكنها في الوقت ذاته تجد نفسها عالقة في دوامة من جلد الذات. تقول: "مش كراهية ولا غيرة، بالعكس، مبسوطة لنجاحهم، بس زعلانة من حالي"، معبرة عن صراعها الداخلي. وتعترف أن هذا الشعور بالإحباط يستنزف طاقتها، ويجعلها تشعر بأنها أقل من غيرها.
خالد (39 عاما) يحاول التغلب على مشاعر الإحباط التي تسيطر عليه من خلال تذكر إنجازاته الحالية، موضحا أنه يدرك أن تحقيق الإنجازات يحتاج إلى وقت، لكن هذه المشاعر تهاجمه عندما يكون بمفرده.
يرى خالد أن الاستسلام للإحباط الذي يتسلل إليه مع بداية كل عام سيؤدي إلى خسائر كبيرة مستقبلا، لذا قرر مواجهة ذلك بالثناء على نفسه وتشجيع نجاحات الآخرين.
ويضيف أنه يركز على نقاط قوته ويحدد أهداف تتناسب معها، ليظل مؤمنا بوجود إنجازات جديدة تنتظره في المستقبل.
ومع نهاية عام وبداية عام جديد، يبدأ كثيرون بالتفكير في الإنجازات التي تمكنوا من تحقيقها، فيما يسعى آخرون لوضع أهداف جديدة لتحقيق مزيد من النجاحات. وعلى الجانب الآخر، هناك من يعيش إحباط تجاه نفسه، متسائلا: "ماذا غيرت في العامين الأخيرين من حياتي؟".
هذا الإحباط قد يتفاقم عند رؤية الأصدقاء يحققون نجاحات في حياتهم المهنية. ورغم غياب الكراهية أو الغيرة، فإن المقارنة تقود إلى جلد الذات، حيث يبدأ الشخص في إجراء "جردة حساب" لما أنجزه. وغالبا ما يغرق في شعور بعدم تحقيق أي جديد، ليرى نفسه أقل شأنا من الآخرين.
من الجانب النفسي يبين الاختصاصي باسل الحمد، أن الإنسان قد يقسى على نفسه مع التقدم في العمر، وهذا الأمر يتعلق بما أنجزه الإنسان في حياته الماضية وما تعامل معه من مشاكل وعقد الطفولة وتركه فريسة للندم والشك.
يوضح الاختصاصي الحمد، أنه إذا لم نحول التجارب القاسية إلى فرص للتعلم من خلال فهمها والتأمل فيها عبر العلاج النفسي، فإنها تصبح جروحا نفسية يصعب اندمالها. وهذا ما يدفع البعض إلى معاقبة أنفسهم بالبقاء في دائرة اللوم الذاتي وتحميل النفس مسؤولية أمور لم يرتكبوها.
ويتابع، وأما إذا تعافى الإنسان من ماض قاس وتعامل مع الحاضر بإيجابية وطور رؤية حياة مستقبلية وفكر في قيمه وأدواره وأهدافه الحالية والمستقبلية، ووضع الخطط المنطقية لها وعدلها مع الوقت والتعلم؛ ازدادت بصيرته وتقبله وكان راضيا بالعيش.
يبين الحمد أن ترميم الإنسان لنفسه نفسيا والتعامل مع مشاعره بشكل إيجابي يبدأ بالتعرف على هذه المشاعر وفهمها. موضحا أن ذلك يمكن تحقيقه بطريقة بسيطة، فعند الإحساس بمشاعر مزعجة، يفضل تجنب إلقاء اللوم على الآخرين مثل قول: "أنت أشعرتني بالذنب".
ينبغي أنا يسأل الإنسان نفسه "ما الشعور الذي شعرت به؟، كيف كانت أعراضه؟، وما الأفكار التي فكرت بها خلال الشعور المحدد وبعده؟، ما تسلسل الأحداث الذي قادني إلى هذا التفكير؟، وبماذا يمكنني أن أفكر في أحداث سابقة متعلقة بهذا الشعور؟، ما التجربة الأشد قسوة؟، هل التفكير فيها مزعج؟ هل يمكنني سرد القصة المزعجة المتعلقة بالشعور ؟". 
ويشير الحمد أنه إذا استطاع الفرد القيام بهذه المهمة مع شخص مقرب يثق بأنه لن يتأذى من هذا البوح فيفضل فعل ذلك، وإلا فالأفضل زيارة اختصاصي نفسي لمعالجة المشاعر المتعلقة بالأمر ولمعرفة طريقة التعامل معها.
وتذهب "اللايف كوتش" والباحثة الأكاديمية فيروز مصطفى إلى أنه في بداية العام، كثير من الأشخاص يبدأون بجردة حساب، حول ماذا تحقق من أهداف في السنة الماضية وأين وصلت؟، وهذا الأمر قد يجعل البعض من الاشخاص يشعرون بالإحباط، لكن هذا الأمر جزء من طبيعتنا البشرية بأننا نقيس النجاح، لذلك نريد شيئا قابلا للقياس لكي نعلم أين تقدمنا. 
وتوضح مصطفى، أن كل فرد في هذه الحياة هو موجود ضمن رؤية وهدف معين، وهذا هو أساس الخلق وجميعنا نكمل بعض، وعدم إدراك الشخص لماذا هو موجود هذا الذي يخلق فوضى الأهداف التي منها نصل للنهاية بأنه "محبط والعمر يمر وأنا ماذا فعلت بنفسي؟ ولماذا الكل أنجز وأنا لا"؟، وقد تكون هذه نقطة الإدراك الأساسية للبداية أو البذرة التي توقعهم في دوامة جلد الذات. 
هنالك الكثير من التقنيات التي تساعد الفرد بأن يعرف دوره، وفق مصطفى، وأبسطها أنه يعلم نقاط قوته بمعنى أين يقدم من خزان ممتلئ، وأن يضع أهدافا تناسبه، منوهة أن هذا لا يعني أن الإنسان لا يطور من نفسه، ولكن تركيزه بوضع طاقتها في نقاط قوته قد تنجحه أكثر وهدفه الأكبر في النهاية أنه يريد أن يشعر بالإنجاز.
وتذكر أن الخطوة الثانية هي الكيفية، بمعنى أن هنالك فرصا تخرج أمام الفرد بسبب التركيز عليها، لذلك عليه أن يفهمها، مضيفة بأن الاهم التدرج والتجزئة والمرونة وأن يكون هنالك خطة عمل للوصول للنجاح.
ومن جهة أخرى تبين، أن موضوع العمر هو مقياس بالوعي الجمعي يربط بأن عمر العشرينيات للبناء وعمر الثلاثينيات للاستقرار والعائلة، وعمر الأربعين خطوة مختلفة، وهذا الكلام مغلوط لأن كل عمر له نضج معين، وهذا الأمر نراه بتجارب الكثير، فهناك من يكملون الدراسات العليا في عمر خارج الخط الزمني التقليدي، وهنالك الكثير من قصص النجاح لأشخاص في عمر كبير.
وتشير إلى أن تحفيز الذات يبدأ بفهم مبدأ التدرج، وهو قانون طبيعي ينعكس على حياتنا، حيث إن كل إنجاز كبير يبدأ بخطوة صغيرة. وتؤكد أهمية مراعاة التدرج والاعتراف بالضعف البشري، لأن كل سقوط هو درس يحمل معه فرصة للتعلم.
تضيف مصطفى: "التحفيز يكمن في وضع أهداف صغيرة والعمل على تحقيقها بالتدريج، مما يساعدك على رؤية نفسك تسير في الاتجاه الصحيح. لذلك، من المهم أن تثني على نفسك وتقدّر جهودك، لأن التقدير الذاتي هو جوهر التحفيز".
لذا فإن تحفيز الذات يبدأ بفهم مبدأ التدرج، وفق مصطفى، وهو قانون طبيعي يعكس حياتنا، حيث إن الدائرة المكتملة تبدأ بنقطة. وعليه تؤكد أهمية مراعاة التدرج والاعتراف بالضعف، وإن سقوطا يمثل درسا يمكننا التعلم منه.
وتضيف أن تعزيز التحفيز عبر الاطلاع على قصص نجاح الآخرين، حيث يمكن قراءة تجاربهم، ومعرفة كيف بدأوا، وما التحديات التي واجهوها، وأين تعثروا، وكيف واصلوا طريقهم. وتؤكد أن تقدير فكرة الاستمرارية والالتزام عامل أساسي لتحقيق النجاح.
وتؤكد مصطفى أن مشاعر الإحباط وجلد الذات تترك أثرا، وغالبا ما تجعل الشخص عالقا في مكانه، يفقد شعوره بذاته، ويعيش ليقلد الآخرين دون أن يتميز بتفرده.
وتضيف أن البشر، رغم حياتهم ضمن جماعات، يسعون دائما للتفرد، حيث يرغب كل فرد في أن يكون له دور ومساهمة ضمن الجماعة، وهذا هو جوهر التكامل. 
وتلفت الانتباه إلى أن الآثار السلبية لهذه المشاعر موجودة، لكن الحل يكمن في الالتفات إلى الجانب الإيجابي، واكتشاف نقاط القوة الشخصية. 
إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق