الاتحاد الأوروبي في 2025.. تحديات الأمن والقدرة التنافسية والاضطرابات السياسية

مصر تايم 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

دخل الاتحاد الأوروبي العام الجديد ليواجه العديد من التحديات، مع جدول أعمال يتضمن مهاما شاقة تتعلق بالتوترات الجيوسياسية، والتنافسية الاقتصادية، إضافة إلى الاضطرابات السياسية في ألمانيا وفرنسا. ومع إضافة عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، فإن قدرة الاتحاد الأوروبي على الصمود قد تخضع لضغوط شديدة.


وتتمثل القضايا الأكثر إلحاحا في جدول أعمال التكتل للعام الجديد في سد الفجوة مع المنافسين الاقتصاديين، ومواصلة تقديم الدعم لأوكرانيا للتصدي للعدوان الروسي، والحفاظ على علاقة قوية عبر الأطلسي، ثم تعزيز القدرات الدفاعية الشاملة للاتحاد.


ويواجه الاتحاد الأوروبي مهمة مواصلة دعمه المالي والعسكري والدبلوماسي لأوكرانيا، وفي الوقت نفسه تعزيز قدراته الدفاعية الخاصة. وتكمل الحرب الروسية الشاملة على الجارة الشرقية للاتحاد الأوروبي، عامها الثالث في شهر فبراير المقبل.


وقد تكون عودة دونالد ترامب إلى السلطة في 20 يناير/كانون الثاني الجاري حاسمة على جبهات متعددة، حيث يخشى قادة الاتحاد الأوروبي من أن الرئيس العائد قد يقلب الأمن الأوروبي رأسا على عقب، ويوقف الدعم لأوكرانيا، وفي الوقت نفسه يطلق العنان لحرب تجارية مع فرض رسوم جمركية باهظة على السلع الأوروبية الواردة لبلاده.

 

ويتوقع أن تعود العلاقات عبر الأطلسي بين الولايات المتحدة وأوروبا إلى التوتر الذي اتسمت به خلال فترة ولاية ترامب الأولى-2017-2021. وقد يخلف التهديد بزيادة الرسوم الجمركية على واردات السوق الأمريكية من القارة تداعيات اقتصادية قاسية، ويقوض الثقة.
ويشكل تعزيز القدرة التنافسية لاقتصاد الاتحاد الأوروبي قضية ساخنة أخرى في أجندة التكتل خلال العام الجديد، حيث يتخلف الاتحاد على نحو متزايد عن الولايات المتحدة والصين، خاصة في مجالات التكنولوجيا المتطورة والابتكار.


تعزيز القوة الاقتصادية للاتحاد الأوروبي

وسوف تستند جهود تحسين القدرة التنافسية المتعثرة للاتحاد الأوروبي إلى حد كبير على تقرير أصدره الرئيس السابق للبنك المركزي الأوروبي ورئيس الوزراء الإيطالي السابق ماريو دراجي في شهر سبتمبر الماضي.

 

ومن المتوقع أن تنشر المفوضية الأوروبية ما يعرف بـ "بوصلة التنافسية" في 15 يناير الجاري، اعتمادا على ثلاث ركائز تضمنها تقرير دراجي، وهي تتمثل في سد فجوة الابتكار مع الولايات المتحدة والصين،وإزالة الكربون، وتعزيز الأمن الاقتصادي، مع تقليص التبعية للآخرين.


ويتوقع أيضا أن تكشف المفوضية الأوروبية في فبراير المقبل عن خطة تهدف إلى دمج ملف حماية المناخ مع السياسة الصناعية.


ومن أجل أن يتمكن الاقتصاد الأوروبي من منافسة الصين والولايات المتحدة، هناك حاجة إلى استثمارات إضافية بقيمة تتراوح بين 750 مليار يورو و800 مليار يورو (772 مليار دولار إلى 5823 مليار دولار) سنويا، بحسب تقرير دراجي. وتمثل كيفية توفير هذه الأموال قضية رئيسية.


ويرتبط الأمر على نحو وثيق بموازنة الاتحاد الأوروبي المقبلة، والتي سوف تغطي سبع سنوات (2028-2034)، حيث من المقرر أن تقدم المفوضية الأوروبية اقتراحا في هذا الشأن خلال النصف الثاني من العام الجاري.


عام آخر من الانتخابات الحاسمة

ولن يكون التعامل مع هذه التحديات الاقتصادية والدبلوماسية المحورية أمرا سهلا في ظل حالة الغموض السياسي في ألمانيا وفرنسا، أكبر دولتين ضمن الدول الأعضاء في الاتحاد.


ولطالما نُظِرَ إلى باريس وبرلين على أنهما القوتان المحركتان للتكامل الأوروبي، لكنهما تعانيان في الوقت الحالي من فراغ قيادي مدمر.


وفي ألمانيا، سوف تظل الحكومة التي يقودها المستشار الاشتراكي الديمقراطي أولاف شولتس في السلطة لحين إجراء الانتخابات المبكرة يوم 23 فبراير/شباط المقبل، رغم أنه يقود ائتلاف أقلية، بعدما تم حل البرلمان.


وترجح استطلاعات الرأي حاليا كفة زعيم الحزب المسيحي الديمقراطي فريدريش ميرتس، حيث إنه أمامه فرصة قوية للفوز بمنصب المستشار الألماني، ولكن يبقى أن نرى الأحزاب الأخرى التي قد تدخل في ائتلاف حاكم مع حزبه المحافظ.


أما في فرنسا، فقد ثارت حالة عدم الاستقرار السياسي في أعقاب الانتخابات البرلمانية المبكرة التي دعا إليها الرئيس إيمانويل ماكرون في يونيو/حزيران الماضي، بعدما حقق اليمين الفرنسي المتطرف نتائج مرتفعة في الانتخابات الأوروبية.


وأعلن ماكرون في 13 ديسمبر/كانون الأول الماضي تعيين فرانسوا بايرو (وسطي) رئيسا للوزراء، وكلفه بمهمة شاقة تتمثل في إخراج فرنسا من الأزمة السياسية التي استمرت على مدار شهور.

وبيرو هو سادس رئيس وزراء في ولاية ماكرون، والرابع خلال عام 2024.


أما رئيس الوزراء البولندي دونالد توسك، الذي تتولى بلاده الرئاسة الدورية الحالية للاتحاد الأوروبي لمدة ستة شهور، حتى يونيو فهو واحد من الساعين إلى ملء فراغ السلطة في الاتحاد الأوروبي.


وهناك أيضا رؤساء مؤسسات الاتحاد الأوروبي: رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، ورئيس المجلس الأوروبي أنطونيو كوستا، والممثلة العليا للسياسة الأمنية والشؤون الخارجية كايا كالاس. كما يقود الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته الجهود الرامية إلى حشد العمل الأوروبي المشترك.


وربما تجد الدول الأعضاء الأخرى في التكتل نفسها منشغلة بسياساتها الخارجية.


وتشهد بولندا انتخابات رئاسية في مايو/أيار المقبل، في خضم رئاسة البلاد للاتحاد الأوروبي.


أما رومانيا، فهي تواجه حالة من الاضطرابات الانتخابية، إثر إلغاء الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية التي شهدتها البلاد في نوفمبر وسط تقارير عن تدخل روسي - مما أدى إلى إلغاء النجاح المفاجئ الذي كان حققه المرشح اليميني الموالي لموسكو كالين جورجيسكو. ويتوقع الآن إجراء انتخابات جديدة في فبراير/شباط، أو مارس المقبلي.


وفي الوقت نفسه، تخوض بلغاريا كفاحا في سبيل تشكيل حكومة مستقرة، بعد إجراء انتخابات برلمانية مبكرة مرتين في 2024، في 9 يونيو/حزيران و27 أكتوبر

 

وأدلى الناخبون البلغار بأصواتهم سبع مرات في انتخابات عامة منذ عام 2021.

 

كوستا يدخل تعديلا جوهريا على القمم الأوروبية

وتولى رئيس الوزراء البرتغالي السابق كوستا، رئاسة المجلس الأوروبي مطلع ديسمبر الماضي. ويمثل المجلس أعلى هيئة سياسية في التكتل، حيث يجمع قادة الدول الأعضاء الـ27، لتحديد الاتجاه السياسي العام للاتحاد الأوروبي.


واستحدث كوستا اتجاه عقد ندوات تحل محل مؤتمرات القمة غير الرسمية لقادة الاتحاد الأوروبي، ومن المقرر أن تعقد الندوة الأولى في بلجيكا يوم 3 فبراير/شباط المقبل، وسوف يتم تحديد موقع اللقاء لاحقا، لمناقشة مسألة دور أوروبا في مجال الدفاع.


وجرى تصميم ندوات كوستا كي تكون بمثابة عزلة أو استراحة، حيث يستطيع زعماء الاتحاد الأوروبي الانخراط في جلسات عصف ذهني لطرح مشاكلهم ومحاولة إيجاد حلول لها سوية.

 

وبالنسبة للندوة الأولى، دعا كوستا الأمين العام للناتو إلى الإفطار، ورئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر إلى العشاء.


ومن المقرر عقد أول قمة رسمية للاتحاد الأوروبي في العام الجديد، يومي 20 و21 مارس/آذار المقبل، في بروكسل.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق