حماية البذرة..!

عكاظ 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف
لا يزال العالم يعيش في منظومة (نظام التفاهة) ودينامو هذا النظام هو الجانب الاستهلاكي، استهلاك كل شيء من غير مصدات للقيم والأخلاقيات، ففي بداية التسعينات هلّلت الدول (بالعولمة) ذات الأضلع الثلاثة (الاقتصاد - الإعلان - الثقافة)، وظهرت أصوات محذرة من تعميم السلوك البشري، لأن العولمة سوف تكون هي مضخة لتوزيع نسخة وحيدة للحياة، بحيث يتم القضاء على خصوصية كل مجتمع عبر الزمن الطويل، (وبغض النظر عما يحمله الفرد من مفاهيم لتلك الخصوصية)، ومع ثورة التواصل الاجتماعي غدونا نستجير بالنار من النار.

ومع إيماني بالتواصل الأممي إلا أن هناك حدوداً أخلاقية تسمو بالإنسان كي لا يتساوى مع بقية الكائنات غير العاقلة.

والملاحظ أن كثيراً من السلوكيات التي تحافظ على إنسانية الإنسان يتم خرقها بحجج مختلفة، قد يكون أهم تلك الحجج أن حرية الإنسان لا تحد أو تقيّد، ومقابل هذه الحجة أن الحرية مسؤولية تمنع الفرد من انتهاك حدود الآخرين وفق القول الشائع (تقف حريتك عندما تتجاوز على حرية الآخرين).. كثرت التجاوزات ورقت أخلاقيات السمو الإنساني حتى غدت لا سماكة لها تعصمها من كشف أي ابتذال.

وقد تابعنا كثيراً من الفضائح التي تموج في برامج التواصل الاجتماعي، والذي أعنيه كشف أسرار البيوت بما لا يليق بالحط من أي خلق سامٍ.

وقد تكون حادثة فردية أدت إلى تنامي مفهوم (الاغتصاب الزوجي)، وأخذ البعض يردده كحق يجب المطالبة به، والتصريح بهذا (أو تناقله كحق) يعد اختراقاً لأخلاقيات أي مجتمع يُصنّف مجتمعاً محافظاً، فالمجتمعات -في أغلبها- تعتبر العلاقة الزوجية سراً خاصاً، لا يذاع ولا يعمم، كما أن المشاكل الزوجية الحميمة وجد لها الشارع منافذ تنفذ من غير نشر الفضائح، فالمرأة تستطيع (خلع) من يرغمها على ما لا تحب، وأوجد للزوج منفذاً بالطلاق (تسريح بإحسان) في فض العلاقة الزوجية، ولأننا نستهلك ثقافات الآخرين، تم استخدام مصطلح (الاغتصاب الزوجي) من خارج حدودنا الثقافية والدينية معاً، ولأن لمواقع التواصل الاجتماعي ضجيجاً وصوتاً مرتفعاً ظهرت مطالبات بإقرار تشريع يعاقب على جريمة (الاغتصاب الزوجي)، وهو مصطلح لا يوجد في ديننا ولا في ثقافتنا العربية، ولو حدث إرساء قانون لتنظيم المعاشرة الزوجية في أي دولة عربية فعلى طرفي العلاقة الزوجية كتابة عقد مضاف لوثيقة النكاح، يظهره الزوجان ويوقعان عليه مع كل معاشرة تحدث!

ومن غير استحضار هذه الصورة الكاريكاتيرية فالشرع حلها مبكراً، فللمرأة طلب الطلاق، وإن رفض الزوج يتم خلعه، والرجل يمتلك حلاً واسعاً بالطلاق، هذه هي الحلول التي عشنا وعاش أسلافنا بها، أما أن تتحول أي قضية أسرية سرية إلى المجادلة فهذا يعد اختراقاً لقداسة الجوانب الحسّاسة في علاقة الزوجين، وإن كان من مطالبة بقانون فليكن هناك قانون لحماية الأسرة من التفكك، وأن لا تترك بذرة المجتمع (الأسرة) نهباً، أو إفساداً لتلك البذرة.


إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق