نقلت «رويترز» عن رئيس أكبر جماعة ضغط تجارية سورية قوله: إن الحكومة السورية الجديدة أبلغت رجال الأعمال بأنها ستتبنى نموذج السوق الحرة وتدمج البلاد في الاقتصاد العالمي في تحول كبير عن سيطرة الدولة على الاقتصاد لعقود.
وأضاف باسل الحموي رئيس غرفة تجارة دمشق في مقابلة مع رويترز «اللي هيكون اليوم هو نظام تجاري حر مبني على التنافسية».
ورحب رجال أعمال سوريون بالإشارات التي تدل على أن الاقتصاد سيكون مفتوحاً للاستثمارات اللازمة لإعادة بناء البلاد بعد الدمار الواسع الذي استمر 13 عاماً.
وعلى غرار معظم السكان السوريين، يحاول رجال الأعمال معرفة كيف ستدير «حكومة الإنقاذ الجديدة»، البلاد.
ويقول رجال الأعمال، إنهم ما زالوا يريدون معرفة ما إذا كانت جماعة «هيئة تحرير الشام»، التي تقود قوى المعارضة للنظام السابق، ستحقق هذا الهدف.
وقال رجل أعمال سوري مقيم في بيروت تحدث شريطة عدم الكشف عن اسمه: «لا يزال الناس ينتظرون ليروا ما إذا كان سيكون مجتمعاً مفتوحاً أم دولة إسلامية».
وجاءت تصريحات الحموي غداة اجتماعه مع وفد حكومي برئاسة وزير الاقتصاد في حكومة الإنقاذ السورية باسل عبد العزيز.
تحرير السوق
قال الحموي: إن الوزير عبد العزيز أبلغه بأن النظام المعمول به في الجمارك سيتوقف، وهو ما يلبي مطلباً رئيسياً للتجار ورجال الصناعة.
وأضاف «كل إنسان مسجل في الغرفة يمكن يستورد السلعة اللي بيريدها طبعاً ويطرحها بالأسواق ضمن نظام محدد طبعاً».
وقال أربعة من كبار رجال الأعمال السوريين لرويترز: إن الرسالة التي بعثت بها السلطات الجديدة مشجعة على ما يبدو.
وتضرر الاقتصاد في سوريا بسبب العقوبات الغربية وتدمير المدن التجارية والصناعية الرئيسية في حلب وحمص خلال الفترة السابقة وخسارة عوائد النقد الأجنبي من صادرات النفط.
وتقدر الأضرار بعشرات المليارات من الدولارات.
الليرة السورية
وقبل اندلاع احتجاجات 2011، كان سعر الليرة السورية يبلغ نحو 50 للدولار. وتجاوز سعر الدولار حالياً 15 ألفاً، وهو ما أدى إلى ارتفاع التضخم.
ويرى خبراء اقتصاديون أن استقرار الاقتصاد وفتحه أمام المستثمرين أمر بالغ الأهمية لتشجيع الاستثمارات الجديدة في ظل العودة المحتملة لملايين السوريين الذين فروا من الحرب.
وقال مسؤول كبير يعمل في القطاع المالي في المنطقة والذي تحدث أيضاً شريطة عدم الكشف عن اسمه «سوريا لديها جالية ضخمة ومتعلمة وثرية نسبياً في الخارج والتي سوف ترغب في إعادة بناء البلاد. قد تزيد هذه الجالية بأرقام مزدوجة لسنوات».
وأشار الحموي إلى أنه يتلقى مكالمات مستمرة من رجال الأعمال السوريين في الخارج الذين يريدون معرفة كيف ستتعامل الحكومة الجديدة مع التجارة.
وطالب الحموي رجال الأعمال السوريين بالعودة، مشيراً إلى احتياجات استثمارية هائلة لإعادة الإعمار وتعزيز الصناعة والخدمات.
وقال: «هيكونوا الرافد الأهم بسوريا لتطويرنا».
خزائن «المركزي»
ويوم الثلاثاء، قالت ثلاثة مصادر إضافة إلى الحموي لـ«رويترز»: إن اللصوص لم ينهبوا الخزائن الرئيسية في مصرف سوريا المركزي خلال الاضطرابات التي حدثت في بعض أنحاء العاصمة دمشق يومي الأحد والاثنين.
وقال رئيس غرفة تجارة دمشق: إن السلطات أكدت له أن اللصوص سرقوا بعض النقود من مبنى البنك المركزي، لكن أيديهم لم تصل إلى الخزائن الرئيسية. ولم تتضح المبالغ المحفوظة في الخزائن.
وأضاف الحموي «البنك المركزي أهم نقطة عنده أن المبالغ التي كانت بالبنك المركزي ما زالت مثل ما هي، الحمدلله أن يكون ما في أي تعدٍ صار بالنسبة للمركزي، المبالغ الموجودة بالبنك المركزي اليوم اتسلمت للحكومة الجديدة».
وقال مصدران آخران على اتصال بمسؤولين من المصرف المركزي، إنهما أُخطرا أيضاً بأن لصوص نزلوا إلى شوارع دمشق في الساعات التالية للإعلان عن رحيل نظام الأسد لم يفتحوا الخزائن الرئيسية.
وقال مصدر آخر مقرب من «المعارضة»، بعد أن اجتمع مع محافظ المصرف المركزي: إن جميع الاحتياطيات موجودة في المصرف.
وقالت مصادر: إن محمد عصام هزيمة حاكم المصرف منذ 2021 ونائبته ميساء صابرين لا يزالان يعملان داخل مبنى المصرف.
ولم يصدر المصرف المركزي بيانات الاحتياطيات النقدية منذ أكثر من عقد ولم يتضح حجم الاحتياطات الموجودة تحت تصرفه.
صندوق النقد الدولي
وأحجم صندوق النقد الدولي عن التعليق لـ«رويترز» على موقف سوريا. ويجمع الصندوق بيانات عن أصول البنوك المركزية حول العالم.
وتشير آخر تقديرات صادرة عن صندوق النقد الدولي ومجلس الاحتياطي الاتحادي في مدينة سانت لويس بولاية ميزوري إلى أن إجمالي الاحتياطيات الدولية في سوريا بلغ 18.5 مليار دولار في 2010 قبل الحرب.
وذكر مجلس الذهب العالمي أن المعدن النفيس شكّل 12% من احتياطيات مصرف سوريا المركزي في يونيو/ حزيران 2011، وهو ما يصل إلى 25.8 طن من الذهب. ويتتبع المجلس ممتلكات البنوك المركزية من المعدن الأصفر.
وشوهد موظفو المصرف، الثلاثاء، خلال عودتهم إلى العمل في المبنى الكبير وسط العاصمة دمشق وهم مصطفون عبر البوابات الأمنية خلف أبواب الدخول الخاضعة للحراسة.
وقالت الموظفة سميرة المقلي وهي تنزل من الحافلة: «إن شاء الله حنبلش دوام جديد ونهار جديد وسنة جديدة وعمر جديد، وكل شي جديد إن شاء الله»، وعلت وجهها ابتسامة وهي تسير نحو المصرف.
(رويترز)
0 تعليق