العدالة الاجتماعية.. الأساس لمجتمع عادل ومتوازن ومستدام

الغد 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف
في العشرين من شباط من كل عام، يحيي العالم اليوم العالمي للعدالة الاجتماعية، تأكيدًا على أهمية تحقيق العدالة والتضامن والمساواة وتكافؤ الفرص بين جميع أفراد المجتمع.اضافة اعلان
الأكيد أن العدالة الاجتماعية تشكل ركيزة أساسية لأي مجتمع عادل ومتوازن، بل هي التزام سياسي وأخلاقي يتطلب قرارات جريئة لمعالجة الفجوة الاقتصادية والاجتماعية المتزايدة، خصوصًا في ظل التحديات التي يواجهها الأردن.
يدرك الجميع أن الأردن يواجه معدلات مرتفعة من الفقر والبطالة واتساع الفجوة بين الطبقات الاجتماعية، مما يستدعي إعادة النظر في السياسات الاقتصادية الراهنة، فالتوزيع العادل للموارد، وتعزيز الحماية الاجتماعية، وضمان العيش الكريم للجميع، هي أولويات لا تحتمل التأجيل، ورغم التقدم التشريعي في بعض الجوانب، إلا أن التمييز في فرص التعليم والتوظيف ما يزال قائمًا، لا سيما ضد النساء والشباب وذوي الإعاقة، إضافة إلى استمرار فجوة الأجور بين الجنسين.
ان إصلاح سياسات العمل والتعليم أصبح ضرورة ملحة، فالتعليم هو حجر الأساس لتحقيق العدالة الاجتماعية، غير أن التفاوت بين التعليم العام والخاص يعمّق الفجوة الاقتصادية، ويحرم العديد من الفئات من فرص متساوية، كما أن التعطل (البطالة)، التي تستهلك طاقات الشباب، هي نتيجة مباشرة لسياسات اقتصادية غير قادرة على توفير وظائف لائقة ومستدامة، لذا لا بد من إصلاح شامل لسياسات التعليم العالي والتدريب المهني، بما يضمن مواءمتها مع احتياجات ومتطلبات التنمية وسوق العمل.
لطالما كانت الطبقة الوسطى ركيزة استقرار المجتمع الأردني، لكنها اليوم مهددة بالتآكل بسبب سياسات اقتصادية تفرض أعباء ضريبية كبيرة على المواطن العادي، في حين تمنح الامتيازات والإعفاءات لأصحاب الدخول المرتفعة، إن تحقيق التوازن بين تحفيز الاقتصاد والعدالة الاجتماعية يتطلب إصلاحًا ضريبيًا جذريًا يحقق توزيعًا أكثر عدالة للأعباء الضريبية.
يعاني العمال لا سيما في القطاعات غير المنظمة من غياب الحماية القانونية وضعف الأجور وارتفاع تكاليف المعيشة، كما أن بعض العاملين، خصوصًا في القطاعين الزراعي والخدمي، لا يحصلون على الحد الأدنى للأجور نتيجة ثغرات قانونية وضعف الرقابة، وعليه فإن تطوير نظام الضمان الاجتماعي ليشمل جميع العاملين، وضمان شبكة أمان اجتماعي حقيقية، يعد أمرًا ضروريًا.
وبما ان تقديم وتحسين الخدمات الصحية هي حق لكل المواطنين، فهم يواجهون تحديات متزايدة في الحصول على خدمات صحية جيدة، إذ يعاني القطاع العام من ضغوط كبيرة تحول دون تقديم رعاية صحية ملائمة للجميع، لذلك يتطلب الأمر إعادة النظر في سياسات الإنفاق العام، بحيث يتم ضمان توفير رعاية صحية عالية الجودة دون أن تكون التكلفة عائقًا أمام المواطنين.
وإذا ما نظرنا بطبيعة العلاقة بين العدالة الاجتماعية والإصلاح السياسي، فلا يمكن تحقيق العدالة الاجتماعية دون سيادة القانون وضمان المساواة أمامه، كما أن تهميش الفئات الضعيفة في العملية السياسية يعوق تحقيق التنمية المستدامة، لذا فإن الإصلاح السياسي هو المدخل الأساسي لضمان عدالة اجتماعية حقيقية، من خلال تعزيز مشاركة المواطنين في صنع القرار، ودعم دور الأحزاب السياسية والمجتمع المدني في رسم السياسات الوطنية.
لا يمكن الحديث عن العدالة الاجتماعية بمعزل عن أكبر قضية عادلة في عصرنا، وهي القضية الفلسطينية، فاستمرار الاحتلال الإسرائيلي وممارساته القمعية بحق الشعب الفلسطيني يمثل انتهاكًا صارخًا لكل المبادئ الإنسانية، ومن هنا يعبر الأردنيون عن رفضهم القاطع لكل المخططات التي تستهدف تصفية القضية الفلسطينية، مع التأكيد على ضرورة دعم الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، وعلى رأسها إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس. 
مؤسسات الدولة الأردنية كلها، مطالبة بالمساهمة باتخاذ إجراءات حقيقية، وبتبني سياسات وطنية ترتكز على تحقيق العدالة الاجتماعية، من خلال وضع استراتيجيات واضحة وفعالة لمحاربة الفقر والبطالة، وضمان حقوق جميع المواطنين، فتحقيق التوازن بين التنمية الاقتصادية والعدالة الاجتماعية هو السبيل الأمثل لمجتمع عادل ومستدام ولبناء مجتمع ديمقراطي مستقر، حيث تتكافىء الفرص، وتصان الحقوق الاقتصادية والاجتماعية، وتحفظ كرامة الإنسان، واعتبار العدالة الاجتماعية التزام وطني ومسؤولية جماعية.
إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق