آخر شيء تحتاجه غزة هو "بلاك ووتر" أخرى

الغد 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف
نوبريت كالرا*‏ - (كومون دريمز) 19/2/2025
‏يقوم ما يقرب من 100 من الجنود السابقين في القوات الخاصة الأميركية بدوريات في نقطة تفتيش في وسط غزة مع عودة الفلسطينيين إلى منازلهم في الشمال. ‏يسلط وجود المرتزقة الأميركيين الضوء على نمط مقلق من التورط الأميركي في العنف في المنطقة. وإذا كان تاريخ المرتزقة الأميركيين قد أخبرنا بشيء، فهو أن هذا يمكن أن يتحول إلى شيء قاتل.‏اضافة اعلان
***
مسلحين حتى الأسنان ببنادق (م-4) ومسدسات "غلوك"، وبجيوب محشوة بسُلفة تزيد على 10.000 دولار، يتمركز في غزة حاليًا 96 فردًا من المحاربين السابقين في القوات الخاصة الأميركية‏.‏
وكانت قد ‏استأجرت هؤلاء المرتزقة شركة "يو. جي. سوليوشنز" UG Solutions ،(1)، شركة المقاولات العسكرية التي مقرها كارولينا الشمالية. والمهمة هي القيام بأعمال دورية في التقاطع الذي ‏‏استخدمته إسرائيل‏‏ لفصل شمال قطاع غزة عن جنوبه. ويَقسم ما أسماه الاحتلال الإسرائيلي "ممر نتساريم" قطاع غزة من المنتصف بطريق محصن وواسع لإعادة إمداد القوات بالأسلحة والدبابات، فضلاً عن توفير نقطة مراقبة وقاعدة لشن هجمات على كل من الشمال والجنوب. وبتسميتها على اسم المستعمرة الاستيطانية التي كانت موجودة في المنطقة نفسها في الفترة بين العامين 1975 و2005، تحولت المنطقة مرة أخرى إلى منطقة عنيفة ومميتة. وبعد انسحاب قوات الاحتلال من المفترق، ‏‏عُثرت على الكثير من الجثث المتحللة وبقايا الهياكل العظمية لأفراد الشعب الفلسطيني‏‏.‏
‏في رسالة بريد إلكتروني بهدف التجنيد من "يو. جي. سوليوشنز"، تصف الشركة الغرض الأساسي من توظيف الجنود بأنه ‏‏"إدارة نقاط التفتيش الداخلية لفحص المركبات".‏‏ وتزعم أنها تبحث عن أسلحة يجري نقلها في غزة -فقط للفلسطينيين بطبيعة الحال، وليس بنادق مرتزقتها أو بنادق زملائهم الأميركيين، ولا أسلحة قوات الاحتلال الإسرائيلية. ونحن نعرف أن هذا يعني أن يقوم هؤلاء الجنود المستأجرون بعمل قوات الاحتلال. ومثل نقاط التفتيش التي تقطّع أوصال الضفة الغربية والقدس المحتلتين، تهدف نقاط التفتيش المسلحة والقمعية هذه إلى ترويع الفلسطينيين، وجعل أراضيهم مساحات أمنية وتوفير بؤر أمامية لشن الهجمات. ومع استمرار وقف إطلاق النار على مراحل، يجب أن تتجه كل الأنظار إلى نقاط التفتيش هذه لضمان رحيل جميع الجنود، أميركيين كانوا أو إسرائيليين.‏
‏إن صور هؤلاء المرتزقة، الذين يتقاضى الواحد منهم ما لا يقل عن 1.100 دولار في اليوم، ويقفون بنظاراتهم الشمسية وبنادقهم في طريق الفلسطينيين الذين يحاولون التنقل في أراضيهم، هي مظهر مثير للغضب؛ لكنها كاشفة أيضًا. كانت القوات الأميركية موجودة على الأرض في غزة مرات عدة خلال الأشهر الخمسة عشر الماضية من الإبادة الجماعية المتسارعة -وبالتأكيد قبل ذلك. وربما يتذكر المرء الصورة التي حُذفت منذ ذلك الحين، التي نشرها ‏‏حساب البيت الأبيض على "إنستغرام" وكشفت عن وجود أفراد من "فرقة دلتا" الأميركية رفيعة ‏‏المستوى في غزة، ناهيك عن العدد الكبير جدًا من الأميركيين الذين يخدمون في الجيش الإسرائيلي -سواء كانوا من المستوطنين أو من القتلة المتحمسين الذين سافروا من الولايات المتحدة- والذين تورطوا في الإبادة الجماعية، وربما سجلوا ‏‏مقاطع فيديو يحتفلون فيها بأنفسهم وهم يفجرون مسجدًا‏‏ أو ‏‏يستعرضون بملابس ضحاياهم‏‏ الداخلية، قبل العودة إلى الولايات المتحدة -إن لم يكن بعد قضاء إجازة قصيرة في ‏‏دبي ‏‏أو ‏‏البرازيل‏‏ أولاً.‏
ليست هذه هي المرة الأولى التي يتم فيها توظيف مرتزقة أميركيين خاصين لتقديم المساعدة للغزوات العسكرية الأميركية. تم التعاقد سابقًا مع شركة "بلاك ووتر"، وهي شركة مرتزقة خاصة مقرها في ولاية كارولينا الشمالية أيضًا، لإرسال مرتزقة أميركيين إلى كل من أفغانستان والعراق بعد فترة وجيزة من الغزوات الأميركية. وبين العامين 2001 و2007، تلقت "بلاك ووتر" ‏‏مليار دولار‏‏ من عقود الحكومة الأميركية. وفي 16 أيلول (سبتمبر) 2007، ذبح مرتزقة "بلاك ووتر" 17 مدنيا عراقيا، تتراوح أعمارهم بين 9 و77 عامًا، وأصابوا 20 شخصا في "ميدان النسور" في بغداد. وقد أدين بالقتل أربعة من مرتزقة "بلاك ووتر": داستن هيرد، وإيفان ليبرتي، ونيكولاس سلاتن، وبول سلاو. وعلى الرغم من الغضب العالمي، أكد الرئيس التنفيذي لشركة "بلاك ووتر"، إريك برنس، أن جنوده تصرفوا "بشكل مناسب". وفي فترة ولايته الأولى، أصدر الرئيس الأميركي ‏‏دونالد ترامب‏‏ عفوًا عن جميع القتلة.‏
‏ليست مذبحة "ميدان النسور" سوى مثال واحد على عنف مرتزقة "بلاك ووتر" في العراق. بين العامين 2005 و2007، هاجم المرتزقة ‏‏الأميركيون المدنيين العراقيين 195 مرة على الأقل‏‏. وتُظهر تصرفات موظفي "بلاك ووتر" -كما ورد في ‏‏سجلات الحرب التي سربها موقع "ويكيليكس‏"‏- أن هذه لم تكن أعمال عنف عشوائية فحسب، بل تكشف التسريبات أيضًا عن الكيفية التي تصرف بها الجنود الخاصون بالتنسيق مع الجيش الأميركي نفسه. وليست "بلاك ووتر" سوى واحدة من العديد من الشركات المماثلة التي مارست العنف الإمبريالي نيابة عن الإمبراطورية الأميركية. وقد لجأت الحكومة الأميركية إلى استخدام الجيوش الخاصة لتعفي نفسها من المساءلة والأفعال، وغالبا ما اختارت استئجار المتعاقدين من القطاع الخاص في السنوات التي أعقبت انسحابها رسميا من البلدان، أو في الأماكن التي أرادت الاحتفاظ بوجود فيها -وإنما بعدد أقل من الجنود الأميركيين.‏
‏يسلط وجود المرتزقة الأميركيين في غزة الضوء على نمط مقلق من التورط الأميركي في العنف في المنطقة. واليوم، يؤدي هؤلاء المرتزقة في غزة دورًا غير خاضع للتدقيق ولا يمكن للجيش الأميركي ولا قوات الاحتلال الإسرائيلية أن يؤدوه، بنفس البنادق والأحذية العسكرية وإنما بشارات مختلفة. ولا يعني هؤلاء الجنود -سواء كانوا من جيش الدفاع الإسرائيلي أو "بلاك ووتر" أو الجيش الأميركي أو "يو. جيه. سوليوشنز"- سوى العنف والموت للشعب الفلسطيني. ويعكس استمرار استخدام المرتزقة الخاصين ضمان التهرب من المساءلة والازدراء السافر لأرواح الفلسطينيين اللذين يميزان السياسة الخارجية للولايات المتحدة في المنطقة، وهو يؤكد الحاجة إلى التدقيق العالمي ويدعو إلى تحقيق العدالة مع استمرار احتمال تصاعد العنف.

*نوفبريت كالرا Nuvpreet Kalra: ناشطة تعمل كمتدربة في وسائل التواصل الاجتماعي لدى منظمة "كود بينك" المناهضة للحروب. تتابع دراستها للحصول على درجة الماجستير في "المساواة على الإنترنت" بجامعة الفنون في لندن. تركز اهتماماتها التنظيمية على مناهضة الإمبريالية، وإنهاء الاستعمار، ومكافحة العنصرية، والقمع الرقمي وحقوق العمال.
*نشر هذا المقال تحت عنوان: The Last Thing Gaza Needs Is Another Blackwater

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق