
كان أهالي فرسان ينتظرون قدوم الآتين من مدينة جيزان
تحافظ جزر فرسان على عادات وتقاليد خاصة لاستقبال شهر رمضان، ابتهاجًا بمقدمه، وبِشارة بنفحات الإيمان والأجواء الروحانية التي تلقي بظلالها على مظاهر الحياة مثل كافة المجتمعات، في مجتمع ينام بين أحضان البحر.
كان أهالي فرسان ينتظرون قدوم الآتين من مدينة جيزان
ومن هذه التقاليد قديمًا، اعتادت النساء في فرسان، أن يدهنّ البيوت فتزهو النقوش وزخرفات الجصّ ويبدو بياضها ناصعًا، فيما تُفرش ساحات المنازل وأفنيتها الداخلية والخارجية بـ"البِطاح" وهو الحصى الذي تقذفه أمواج البحر على الشواطئ، ويُفرش بنسق خاص، يمنح البيت الفرساني خصوصيته ورائحته البحرية المميزة.
وجالت آمنة بنت موسى عقيلي بذاكرتها نحو عقود مضت، حين كانت تقوم وكثيرات من النساء بتجديد طلاء "رُكب القعايد" وهي قوائم السرير الخشبية، وتهيئة الأواني والأدوات المنزلية، وإعداد البهارات والتوابل، وتجهيز السجادات والأدوات المختلفة المنسوجة من "الطفي" وهو سعف الدوم، وتجهيز التنور الفخاري "الميفا"، وكذلك "الملحّة" التي يجهز خلالها اللحوم، وإعداد الوجبات التقليدية.
وعادت بذاكرتها صوب عادات رمضان قديمًا، حيث كانت تفوح رائحة "المستكة" من الشرْبات الفخارية للماء قُبيل الغروب، ورائحة قهوة القشر المُحلّاة التي اعتاد أهالي جُزر فرسان شرْبها ليلًا من "الجَبنة" الفخارية، مؤكدة أن التعاون وروح الألفة والتآخي وتهادي الأطعمة الرمضانية بين الجيران وأهالي الحي كانت من أجمل الذكريات قديمًا.
وطاف أبكر المشرعي بذاكرته لأكثر من 70 عامًا مضت بحسب ما ذكرته "واس"، حين كان أهالي فرسان ينتظرون قدوم الآتين من مدينة جيزان، ممن امتهنوا نقل الركاب والبضائع.. ليخبروا الأهالي أن رمضان قد هلّ، وأن أهل مدينة جيزان صاموا فنصوم معهم، مضيفًا أنه في تلك الأوقات كان لرمضان خصوصية في قرى جزر فرسان وحاراتها، حيث كان القُرّاء يطوفون بالبيوت ليلًا، ليقرؤوا على أهلها ختمة قرآنية على ضوء فانوس عتيق، فيُسمع صداها عبر الأزقة والطرقات، فيما ينادي المؤذن بصوت رخيم آخر الليل لإعلام الناس بوقت السحور.
وأضاف، آنذاك كان الأطفال والفتيان مجموعات في قراهم يلعبون "المرقع والكف والسّاري"، حين كانت جزءًا من البهجة والمرح، فشغلوا أوقاتهم بهدف الترفيه، وأسهموا بشكل فاعل في المحافظة على التراث الشعبي.
0 تعليق