لسنوات طويلة اشتهرت سويسرا بسرية حساباتها المصرفية، مما جعلها ملاذاً آمناً للأثرياء والمشاهير الذين سعوا لإيداع أموالهم بعيداً عن أعين الرقابة، وكانت هذه السرية جزءاً لا يتجزأ من النظام المصرفي السويسري، مما جعلها وجهة مفضلة للعديد من العملاء الدوليين.ومع ذلك، بدأ هذا العصر الذهبي يتلاشى تدريجياً بسبب تزايد الضغوط الدولية على سويسرا للكشف عن معلومات الحسابات المصرفية لعملائها، بسبب حدوث الكثير من جرائم غسل الأموال، وفي عام 2018، وقعت البنوك السويسرية على اتفاقية التبادل التلقائي للمعلومات المالية مع الاتحاد الأوروبي.فقد كان أحد أبرز أسباب اللجوء إلى البنوك السويسرية في البداية هو التهرب الضريبي لدى أصحاب الأموال الضخمة الذين كانوا يريدون ألا يعرف أحد ماذا لديهم، وكذلك التهرب من دفع الضرائب على الأموال الضخمة المخزنة دون استثمار فعلي، ومع تراجع دور سويسرا، بدأت تظهر مناطق ودول أخرى لتقدم «ملاذات ضريبية آمنة».على سبيل المثال، تصدرت جزر كايمان القائمة لتصبح خامس أكبر المراكز المصرفية في العالم كملاذ ضريبي آمن، كذلك الوضع في إمارة موناكو وجزر الباهاما وجزيرة برمودا وأيرلندا وموريشيوس وجزيرة مان، وكلها تمثل ملاذات ضريبية جذابة، حيث تستضيف عدداً كبيراً من فروع الشركات الدولية بسبب عدم فرضها ضرائب على الأرباح الرأسمالية.هذه الدول تجذب المستثمرين الباحثين عن ملاذات ضريبية آمنة، وقد يبرز تساؤل لدى بعض الأشخاص: هل يمكن للبحرين أن تصبح ملاذاً ضريبياً جذاباً يستطيع أن يخدم استقطاب رؤوس الأموال والمستثمرين مثل تلك الدول؟الإجابة أن هذه الملاذات الضريبية، تحاول اليوم الخروج من تحت هذا التصنيف الذي بات يمثل تهديداً لسمعتها المالية، خاصة مع ارتباط الجريمة المنظمة بمثل هذه الأموال، التي يبحث جامعوها عن مكان يعيد تدويرها لهم ومنحها المشروعية، لذلك لا تعتبر تلك ميزة تبحث عنها بقية الدول، أو تتنافس عليها.ومملكة البحرين لا يمكن أن تكون ملاذاً ضريبياً بحكم توقيعها على اتفاقيات متعددة خاصة بمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، وانضمامها إلى منظمة التعاون الاقتصادي لمكافحة التهرب الضريبي والمنتدى العالمي للشفافية واتفاقيات تبادل المعلومات الضريبية، والازدواج الضريبي، كما أن ذلك سيكون له تأثير سلبي على المؤشرات والتصنيفات الدولية للمملكة.اليوم مملكة البحرين تعمل بقوة على تعزيز البيئة المحفزة لاستقطاب رؤوس الأموال، وتقوم الحكومة مشكورة بتطوير التشريعات بما يضع المملكة في مقدمة الدول الآمنة والمستقرة اقتصاديا والمحافِظة على سمعتها التي بنيت عبر عقود.ولقد بادرت مملكة البحرين عبر المصرف المركزي لمسايرة التطور المالي بترقية تشريعاتها الخاصة بتداول العملات المشفرة وفق ضوابط قانونية تحمي المستثمرين سواء من الداخل أو الخارج، وسمحت لمنصات التداول بالعمل من خلال المملكة، وكل تلك الأمور تؤكد أن مملكة البحرين تقدم مميزات مالية ذات مصداقية وشفافية ومشروعية وخالية من المخاطر لأي مستثمر.لكننا نحتاج اليوم لمزيد من الترويج للبحرين على مستوى العالم بخطة مدروسة تعرف المستثمرين بالتسهيلات التي تقدمها مملكة البحرين لهم ومدى المصداقية والموثوقية في ممارسة الأعمال وجذب الاستثمارات لتعزيز من مكانتها كمركز مالي رائد في المنطقة.
هل يمكن أن تصبح البحرين ملاذاً ضريبياً؟

هل يمكن أن تصبح البحرين ملاذاً ضريبياً؟
0 تعليق