تسعى مصر إلى تعزيز مكانتها الصناعية والاقتصادية من خلال خطة شاملة تهدف إلى دعم المصانع المتعثرة وتشجيع التصنيع المحلي، في ظل التحديات الاقتصادية التي تواجه العالم، وتأتي هذه الجهود كجزء من رؤية استراتيجية لتقليل الاعتماد على الواردات وزيادة الصادرات، مع التركيز على تحسين جودة المنتجات المحلية لتنافس في الأسواق العالمية.
ومن خلال مشروعات البنية التحتية التي أنجزتها الدولة، تعمل الحكومة على توفير بيئة ملائمة لإحياء الصناعة الوطنية، وخلق فرص عمل جديدة، ودفع عجلة التنمية الاقتصادية نحو مستقبل أكثر استدامة.
خطة شاملة لدعم الصناعة
أعلن الفريق كامل الوزير، نائب رئيس الوزراء للتنمية الصناعية ووزير النقل والصناعة، عن خطة شاملة لدعم المصانع المتعثرة في مصر بهدف إعادة تشغيلها وزيادة الإنتاج المحلي. تتضمن الخطة المحاور التالية:
تقديم قروض ميسرة
توفير قروض بفائدة 15% للمصانع المتعثرة، حيث تتحمل وزارة المالية جزءًا من الفائدة، مع التركيز على تخصيص هذه القروض لشراء الآلات والمعدات وخامات التشغيل، وليس للإنشاءات.
تقسيط الجمارك
إتاحة إمكانية تقسيط الرسوم الجمركية للمصانع التي تواجه صعوبات مالية، لتسهيل استيراد المعدات والخامات اللازمة للإنتاج.
منع إغلاق المصانع
التأكيد على عدم إغلاق أي مصنع إلا بقرار مباشر من الوزير وبعد العرض على مجلس الوزراء، لضمان استمرار العمليات الإنتاجية وحماية العمالة.
تخصيص الأراضي الصناعية
توفير الأراضي اللازمة للمستثمرين الجادين، مع إنهاء ظاهرة "تسقيع" الأراضي، لضمان استخدامها في إنشاء مشروعات صناعية حقيقية.
تبسيط إجراءات التراخيص
إطلاق منصة مصر الرقمية لتسهيل إصدار تراخيص التشغيل والسجلات الصناعية، مما يقلل من البيروقراطية ويشجع على الاستثمار.
دعم سياحة اليخوت
تبسيط إجراءات ترخيص سياحة اليخوت لتستغرق 30 دقيقة بدلًا من 35 يومًا، بهدف تعزيز هذا القطاع وزيادة الإيرادات.
التعاون مع القطاع الخاص
تعزيز الشراكة مع القطاع الخاص لتطوير الصناعة وزيادة الإنتاجية، بما يسهم في توفير فرص عمل جديدة وتحقيق التنمية المستدامة.
أهداف المبادرة
تهدف هذه الخطة إلى تشغيل 8 ملايين عامل مصري بحلول عام 2030، وتعميق التصنيع المحلي، وتقليل الاعتماد على الواردات، وزيادة الصادرات، بما يسهم في دعم الاقتصاد المصري وتحقيق التنمية الصناعية المستدامة.
وقد أعلن كامل الوزير، في تصريحات سابقة، أن مشروعات البنية التحتية التي أنجزتها الدولة ستسهم بشكل كبير في تطوير قطاع الصناعة بمختلف المجالات، وذلك ضمن خطة متكاملة تهدف إلى تقليل الاعتماد على الواردات من خلال تصنيع احتياجات السوق المحلي بجودة عالية.
كما تشمل الخطة تعزيز الصادرات، والاستفادة من المواد الخام التي تمتلكها مصر، بالإضافة إلى دعم الصناعات المتميزة مثل الغزل والنسيج، والتشييد والبناء، والحديد، والأسمنت، والسيراميك.
وأشار إلى أن هذه الجهود تهدف إلى زيادة تدفق العملة الصعبة ودعم الاقتصاد الوطني، مع التركيز على تحسين جودة المنتجات المحلية لتكون قادرة على المنافسة في الأسواق العالمية.
وأوضح أن تحقيق هذه الأهداف يعتمد على محورين أساسيين: إنشاء مصانع جديدة وتشغيل المصانع المتوقفة، وحل مشكلات المصانع المتعثرة بآليات سريعة وفعالة تعتمد على الحوكمة.
كما شدد على أهمية تدريب العمالة الفنية وتأهيلها للارتقاء بمستوى الصناعة المحلية، مما ينعكس إيجابيًا على جودة الإنتاج وزيادة الصادرات.
وأكد على ضرورة اتخاذ قرارات فورية لإعادة تشغيل المصانع المتعثرة، بما يسهم في توسيع الأنشطة الصناعية وزيادة الإنتاج، مع التركيز على توفير فرص عمل جديدة للمساهمة في تقليل معدلات البطالة.
في نفس السياق، أكد خالد أبو الوفا، عضو اتحاد الغرف التجارية ورئيس الغرفة التجارية بمحافظة سوهاج، بأن خطة وزارة الصناعة بقيادة الفريق كامل الوزير لدعم المصانع المتعثرة تمثل نقطة تحول في مسار تعزيز الإنتاج المحلي وإنعاش الاقتصاد الوطني.
وأوضح أبو الوفا، في تصريحات خاصة لـ"الدستور"، أن هذه الخطوة تأتي في توقيت بالغ الأهمية، حيث تواجه العديد من المصانع تحديات كبيرة على المستويات التشغيلية والمالية، مشيرًا إلى أن تحفيز هذه المصانع على العودة للعمل والإنتاج يحقق فوائد مزدوجة، فهو لا يقتصر على الحفاظ على العمالة المصرية وخلق فرص عمل جديدة، بل يساهم في خفض فاتورة الاستيراد وزيادة الاعتماد على المنتج المحلي.
وأكد أبو الوفا، أن الغرفة التجارية بسوهاج على أتم استعداد لتقديم الدعم اللازم بالتنسيق مع الجهات الحكومية لتذليل العقبات أمام المصانع المتعثرة في محافظتنا.
كما دعا أبو الوفا إلى ضرورة وضع آلية شاملة لضمان تنفيذ هذه الخطة بكفاءة، تتضمن تقديم حوافز مالية، وتوفير الدعم الفني، وتبسيط الإجراءات القانونية للمصانع، مؤكدًا أهمية دور البنوك في تقديم تسهيلات ائتمانية ميسرة لدعم هذه المنشآت.
وتابع أن دعم المصانع المتعثرة ليس مجرد مبادرة اقتصادية، بل هو مشروع وطني يهدف إلى تحقيق التنمية المستدامة، ورفع كفاءة قطاع الصناعة، وتعزيز تنافسية المنتجات المصرية في الأسواق المحلية والعالمية.
وأشار أبو الوفا إلى أن المرحلة القادمة تتطلب تكاتف الجهود بين الحكومة والقطاع الخاص لضمان نجاح هذه المبادرة وتحقيق أهدافها المرجوة.
دعم المصانع المتعثرة يعزز صادرات الحرف اليدوية
ويرى هشام العيسوي، رئيس المجلس التصديري للحرف اليدوية، أن خطة الحكومة لدعم المصانع المتعثرة تمثل خطوة استراتيجية لدعم قطاع الحرف اليدوية، الذي يعد أحد أعمدة الاقتصاد المصري والمصدر الرئيسي للعديد من المنتجات ذات الطابع التراثي المميز.
وأكد العيسوي، في تصريحات خاصة لـ"الدستور"، أن إعادة تشغيل المصانع المتعثرة وتقديم الدعم اللازم لها سيساهم في زيادة القدرة الإنتاجية وتحقيق طفرة في صادرات الحرف اليدوية، التي تحظى بإقبال كبير في الأسواق العالمية.
وقال: "الحرف اليدوية المصرية تمتلك سمعة عالمية بفضل جودتها وتصاميمها المميزة، ودعم هذه الصناعة سيؤدي إلى زيادة تنافسيتها ورفع مساهمتها في الناتج القومي".
وأضاف العيسوي أن التركيز على تشغيل المصانع المتعثرة يعني أيضًا الحفاظ على الخبرات الفنية والصناعية المتراكمة لدى العاملين في هذا القطاع، مشيرًا إلى أهمية توفير برامج تدريبية لتطوير مهاراتهم بما يتماشى مع متطلبات السوق العالمية.
وأوضح أن تعظيم صادرات الحرف اليدوية سيؤدي إلى تدفق المزيد من العملة الصعبة، وهو ما يدعم الاقتصاد الوطني ويعزز مكانة مصر كمركز إقليمي لصناعات الحرف اليدوية.
كما أكد أهمية دعم الصناعات الصغيرة والمتوسطة في هذا القطاع وتسهيل الإجراءات أمام المصدرين، لضمان تحقيق أقصى استفادة من المبادرة.
الغرف التجارية: إعادة تشغيل المصانع المتعثرة لا تقتصر على حل المشكلات
وفي نفس السياق أكد محمد فايد، رئيس الغرفة التجارية بدمياط، أن خطة الحكومة لدعم المصانع المتعثرة تأتي في وقت حاسم لتعزيز الصناعة الوطنية وتحقيق التنمية الاقتصادية المستدامة.
وأوضح أن دمياط، باعتبارها واحدة من أهم المحافظات الصناعية في مصر، ستستفيد بشكل كبير من هذه المبادرة، خاصة في قطاعات مثل الأثاث والغزل والنسيج، التي تشتهر بها المحافظة ولها سمعة عالمية.
وأشار فايد إلى أن إعادة تشغيل المصانع المتعثرة لا تقتصر على حل المشكلات التشغيلية فقط، بل تشمل أيضًا توفير فرص عمل للشباب، وزيادة الإنتاج المحلي، وتعزيز قدرة المنتجات المصرية على المنافسة في الأسواق الخارجية.
وقال: "هذه المبادرة لا تساهم فقط في تحقيق التنمية الصناعية، لكنها أيضًا تدعم الاقتصاد الوطني من خلال زيادة الصادرات وجلب العملة الصعبة".
وأضاف فايد أن الغرفة التجارية بدمياط تعمل على التنسيق مع الجهات الحكومية والمصانع المحلية لتقديم الدعم الفني واللوجستي اللازم، مؤكدًا أهمية توفير برامج تدريب وتأهيل للعمالة الفنية لتحسين كفاءتها، مما ينعكس إيجابيًا على جودة المنتجات وزيادة تنافسيتها.
وتابع: نحن بحاجة إلى تضافر الجهود بين القطاعين العام والخاص لضمان نجاح هذه الخطة، مشيرًا إلى أن دمياط لديها الإمكانيات لتكون نموذجًا يحتذى به في استعادة دور المصانع المتعثرة وتشجيع الاستثمار في الصناعة الوطنية".
شعبة الاتصالات: دعم المصانع المتعثرة يعزز التحول الرقمي
في حين تطرق الحديث مع إيهاب سعيد، عضو اتحاد الغرف التجارية ورئيس شعبة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، حول خطة الحكومة لدعم المصانع المتعثرة تمثل فرصة كبيرة لتعزيز التحول الرقمي في القطاع الصناعي المصري، لافتا إلى أن دمج التكنولوجيا الحديثة في عمليات الإنتاج بالمصانع، سواء القائمة أو التي ستتم إعادة تشغيلها، سيساهم في تحسين كفاءة الإنتاج ورفع جودة المنتجات لتنافس في الأسواق المحلية والعالمية.
وأوضح سعيد، في تصريحات خاصة لـ"الدستور"، أن قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات يمكن أن يلعب دورًا محوريًا في إعادة تأهيل المصانع المتعثرة من خلال توفير حلول ذكية لتطوير خطوط الإنتاج وإدارة الموارد بكفاءة أكبر.
وأشار إلى أن الاعتماد على التكنولوجيا في الصناعة ليس مجرد رفاهية، بل هو ضرورة لتحقيق تنافسية مستدامة وتعزيز الصادرات المصرية.
وأضاف سعيد أن دعم المصانع المتعثرة يجب أن يتضمن تطبيق نظم متطورة للتحكم والإدارة الرقمية، مشيرًا إلى أن ذلك سيقلل من الفاقد في الإنتاج، ويزيد من القدرة على تلبية متطلبات الأسواق المختلفة.
كما أكد أهمية الاستثمار في تدريب العاملين على استخدام التكنولوجيا الحديثة، باعتبارها أحد المحاور الأساسية لدفع عجلة التنمية الصناعية، مضيفا أن التحول الرقمي هو المفتاح لتحويل التحديات إلى فرص، ودعم المصانع المتعثرة ضمن خطة شاملة للابتكار التكنولوجي سيجعل مصر مركزًا صناعيًا قادرًا على المنافسة إقليميًا وعالميًا.
0 تعليق