عبد الرحمن.. وجه آخر للموت جوعا في غزة

الغد 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف
دفع الجوع الذي تعيشه عائلة نبهان بطفلها عبد الرحمن، للسير لمسافات نحو إحدى التكايا التي أقيمت في مركز لإيواء النازحين من شمال قطاع غزة نحو جنوبها، حاملا معه قدرا فارغا ليملأه بما تيسر من طعام يسد به رمق العائلة الجائعة.اضافة اعلان

وصل عبد الرحمن الذي لا يتجاوز عمره الـ5 أعوام، نحو المركز، وهناك حدثت الفاجعة، حيث لم يسعفه جسده الصغير لمزاحمة الجائعين الذين تجمهروا حول قدر الطعام محاولين الحصول على حصتهم منه، ليسقط عبد الرحمن في القدر الساخن، حتى ساح جلده ولحمه ويصاب بحروق من الدرجة الثالثة في جميع أنحاء جسده.

في مخيم النصيرات حيث نزحت العائلة من منزلها، إثر العدوان الإسرائيلي المدمر والمتواصل منذ عام ونيف، انتظر نبيل نبهان عودة طفله عبد الرحمن بقدر الطعام، لكن الساعات باتت تمضي ولم يعد الطفل، ما دفعه للذهاب والبحث عنه في مركز الإيواء حيث التكية.

يقول الوالد المكلوم، نبيل نبهان (42 عاما) وهو أب لأربعة أطفال أصغرهم عبد الرحمن "نحن نقطن في المخيم الجديد في مخيم النصيرات وسط القطاع بعد خمس مرات من النزوح، حيث كان الموت يطاردنا في كل مكان وفي كل مرة ننجو منه بأعجوبة، ليستقر بنا الحال الآن في المخيم، ويوجد في المنطقة تكية تقدم الطعام للجائعين.

وبصعوبة بالغة يتمالك الأب نفسه، ويكمل "اعتاد طفلي عبد الرحمن على الذهاب لإحضار الطعام لنا من التكية، حيث كل فرد من افراد العائلة يذهب يوميا كل إلى مكان لنبحث عن الطعام، وهذه المرة لم يستطع مزاحمة الناس، في محاولة يائسة منه للحصول على طعام، فوقع في القدر الذي كان على درجة كبيرة من الغليان، ليصاب طفلي بحروق".

ويضيف "تم نقل طفلي المحترق إلى المستشفى وتم التعامل مع حروقه التي أتت على أكثر من 60% من جسده، وبقي على إثرها في العناية المركزة لمدة 4 أيام كونها حروق من الدرجة الثالثة".

أمس رن هاتف الوالد نبيل، على الجانب الأخر أحدهم من المستشفى، يبلغ الأب بضرورة الحضور لوداع طفله عبد الرحمن لأنه مات.

صدم الأب مما أخبره به المتصل، ليهرع بسرعة نحوة المستشفى ويجد جثمان طفله مسجى، بكاه كما لم يبك من قبل، ووارى جثمانه الثرى.

وتعيش والدة الطفل عبد الرحمن في حالة من الصدمة والذهول، ولا تقوى على الحديث أو التواصل مع من حولها، تبقى طيلة الوقت صامتة، وفي حالة شرود، يحاول من حولها مواساتها لكن كلما جاءت في مخيلتها الطريقة التي توفي فيها طفلها تدخل في نوبة صراخ وبكاء شديدة.

وتنتشر تكيات الطعام تنتشر في معظم الأحياء في قطاع غزة، نتيجة حالة الجوع التي يعاني منها المواطنون هناك، ويتجمهر حولها يوميا آلاف المواطنين غالبيتهم من الأطفال والنساء وكبار سن يتزاحمون للحصول على أية بقايا من الطعام لسد رمقهم.

وكان مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)، قال في تقريره اليومي إن أزمة الجوع تستمر في التفاقم في جميع أنحاء قطاع غزة، وسط نقص حاد في الإمدادات، والقيود التي يفرضها الاحتلال الاسرائيلي على وصول المساعدات.

وأضاف أن الشركاء في المجال الإنساني استنفدوا في وسط غزة جميع الإمدادات في مستودعاتهم، في الوقت الذي يواصل فيه الاحتلال رفض معظم الطلبات لإدخال المساعدات الغذائية.

وأشار إلى أن نحو 120 ألف طن متري من المساعدات الغذائية لا تزال عالقة خارج قطاع غزة، علما أنها تكفي لتوفير الحصص الغذائية للمواطنين الغزيين بالكامل لأكثر من 3 أشهر.

وانطلقت تحذيرات من مؤسسات ومنظمات دولية وأممية حول تفاقم الوضع الإنساني والمعيشي في قطاع غزة في ظل مشهد المجاعة الكبيرة، إلى جانب استهداف رجال الإغاثة، وعرقلة دخول المساعدات، حيث بات المواطنون يواجهون خطرا كبيرا بسبب تدني مستويات الأمن الغذائي ووصولها إلى معدلات كارثية تنذر بمجاعة في كل القطاع.

ومنذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023، تشن قوات الاحتلال عدوانا مدمرا على غزة أسفر عن استشهاد وجرح أكثر من 150 ألف مواطن، غالبيتهم من الأطفال والنساء، وآلاف المفقودين تحت الأنقاض، وسط دمار هائل. (وفا)

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق