إستراتيجية عصبية

الغد 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

بقلم: شموئيل روزنر   10/1/2025

ثمة منظاران يمكن الفحص من خلالهما للأحداث الدراماتيكية التي هزت الشرق الأوسط في السنة والنصف الأخيرتين. الأول  منظار الإخفاق التكتيكي. إخفاق كهذا أدى إلى صحوة غير مسبوقة. لو كانت إسرائيل جاهزة أكثر قليلا للمواجهة، سواء من خلال تحليل أعمق للمعلومات التي أشارت إلى هجمة محتملة أم من خلال مرابطة قوات اكبر على الحدود في صباح الهجمة، لكانت النتيجة مختلفة اكثر بكثير من نتائج جولات العنف السابقة في غزة.اضافة اعلان
وعليه، مثلما قضت هذا الأسبوع لجنة ميزانية الدفاع برئاسة يعقوب نيجل، "ليس النقص في الميزانية وحجم الجيش اديا إلى كارثة 7 أكتوبر". لكنها تنظر إلى الحدث بمنظارين. تقرر بأن السبب هو تكتيكي عمليا (حتى في الشروط الحالية) كان ممكنا منع الخلل، لكنها تنتقل إلى توصيات يوجد فيها بعد تغيير إستراتيجي.
الإستراتيجية هي ما يرون عبر المنظار الثاني. انعطافة أصلها في خلل إستراتيجي، جذورها تعود لبضع عقود إلى الوراء، كلفت إسرائيل غاليا وشكلت لها مثابة دعوة صحوة. إسرائيل فشلت في فهم دوافع اعدائها، في الاستعداد وفي توزيع المقدرات والأموال. لو كانت أكثر استعدادا بقليل للمواجهة، ما كان الأمر سيتغير كثيرا. موقفها الإستراتيجي كان يؤدي، إذا لم يكن في أكتوبر 2023 أو في زمن آخر، إلى نتائج كارثية.
إذا كان الفشل تكتيكيا، فإن ما تحتاجه إسرائيل هو تكيفات. اذا كان الفشل إستراتيجيا فما تحتاجه إسرائيل هو تفكير متجدد. وثمة بضعة إسرائيليين يعنون بمحاولات تخيل تغيير في إستراتيجية إسرائيل يتجاوز التكييفات التكتيكية. الأكثر طموحا منهم يسعون لتخيل إستراتيجية الامن الإسرائيلية من جديد. أي إعادة التفكير في المبادئ التي قررها دافيد بن غوريون. مبادئ بن غوريون، يدعي أحدهم، البروفيسور أفيتار متنياهو – يجب أن نتراجع من جديد. عمليا، يكتب فيقول: "إذا كان لم يحصل مبدئيا تغيير حقيقي في مبادئ مفهوم الأمن التاريخي لإسرائيل فعمليا طرأ تغيير "سلوكي" في الخطى السياسية الأمنية لإسرائيل". بكلمات أخرى، المفهوم القائم لم يعد قائما عمليا. متنياهو هو بروفيسور في العلوم السياسية، والعلاقات الدولية في جامعة تل أبيب. هو من أقام منظمة السايبر الوطنية. د. في الفيزياء والرياضيات وفي اتخاذ القرارات والتحكيم. ما يقترحه يوجد فيه الكثير من التغييرات الصغيرة في إستراتيجية إسرائيل.
بالفعل، كما يكتب، فرضيتان أساسيتان قامت عليهما إستراتيجية إسرائيل ما تزالان ساريتي المفعول: سواء حقيقة ان المحيط يعادي مجرد وجود إسرائيل ام "وجود عدم تماثل كارثي  على الأرض، بالسكان وبالمقدرات بين إسرائيل وبين الدول العربية، في طالح إسرائيل".
لكن التغييرات التي بدأت في الواقع تستوجب تفكيرا متجددا وعلى رأسها حقيقة أن "إسرائيل اليوم بخلاف الماضي هي اقتصاد غربي قوي... إسرائيل يمكنها أن تستثمر اليوم ميزانيات كبيرة في الدفاع، طالما اتخذت جانب الحذر الواجب لعدم الإساءة للاقتصاد".
كيف ستبدو الإستراتيجية الجديدة؟ ليس سهلا شرح المعنى الكامل لاقتراح نتنياهو باختصار، لكن يجدر على الأقل طرح مثال. تغيير مهم واحد يقترحه يتعلق بـ"الردع"، الذي هو واحد من ثلاثة في مفهوم الأمن الإسرائيلي. وهو يقترح أن يستبدل بـ "القسر" الذي يتضمن برأيه عنصرين هما الردع، الذي هو منع سلوك معادٍ من خلال التهديد والاستعداد للعقاب ("لا تفعل")؛ والانفاذ الذي هو عمل ضد العدو كي يوقف سلوكا معاديا ("كف عن الفعل").
الردع والانفاذ يخلقان القسر. وبالقسر يقصد ما يسميه "العصبية". هذا هو المبدأ الأساس الثاني في مفهوم الامن الذي يصيغه ""القسر العصبي" وغير المتوازن، أي ان إسرائيل ستتحول من لاعب مهدد ولكن محتوي إلى لاعب يرد بشكل قاس على كل مس حتى وان كان صغيرا للغاية".
لماذا التخلي عن فكرة الرد المتوازن؟ لان "اصطلاح "المتوازن" خلفه من لا يفهمون ماهية القسر. فالقسر غير ذي صلة اذا كان العدو يعرف بانه سيرد عليه برد مقنون... فقط خوف حقيقي من أن كل تنفيذ صغير لتهديد ما سيرد عليه بضربة غير متوازنة هو ما سيعزز الردع".
إذن فقد اضيف للردع القسر – وعلى ماذا يتخلى متنياهو من مباديء المفهوم القديم؟ عن "الاخطار" الذي "فشل في الاختبارات العليا التي وقف امامها في حرب يوم الغفران وفي كارثة 7 أكتوبر ومعقول الافتراض بانه سيفشل في المستقبل أيضا"، كما يكتب. "الاخطار سيفشل في المستقبل لانه لا يمكن ضمان اخطار عن حرب مفاجئة وخاصة حين تكون المفاجأة هي جوهر خطة العدو". ويقول إن على إسرائيل أن تفترض أن يأتي مزيد من المفاجآت".
سهل أكثر فالقول ليس مثل التنفيذ.. التنفيذ اكبر من القول بلا شك. ومع ذلك متنياهو يؤمن بأن هذا ممكن بل وحيوي.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق