لن ننتصر في هذه الحرب

الغد 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

بقلم: يئير اسولين   10/1/2025

كلما مر الوقت، قريبا سنصل إلى سنة ونصف من ذلك السبت الحزين، يتعزز الاعتقاد بشأن خسارتنا وكم سنخسر. لا يوجد أي انتصار، سواء عسكري أو غيره، يمكنه محو هذه الخسارة. حتى لو قمنا باحتلال كل الشرق الأوسط وحتى لو استسلم الجميع لنا فنحن لن ننتصر في هذه الحرب. يصعب كتابة ذلك، هذا ألم غريب، لكن مع ذلك هذا هو الشعور. نحن خسرنا في 7 أكتوبر، ونحن نخسر مع كل جندي يقتل وكل مخطوف لم يعد، مع كل عائلة توجد خارج بيتها وكل جندي تذمرت روحه، ومع كل طفل خائف في الفراش.اضافة اعلان
نحن نخسر أيضا مع كل بيت نضطر إلى هدمه، وكل حي نضطر إلى تدميره، وكل جمهور  نضطر أن نقتله. بشكل متعمد أنا أكتب مضطرا. لا أعتقد أن إسرائيل تدمر عبثا أو تقتل عبثا، لكنني اعتقد أن كل عملية كهذه فقط تعمق خسارتنا، وأننا لا ندرك هذه الخسارة، ونخطئ إذا اعتقدنا بأن النصر يبدو هكذا. نحن لا نخسر للعدو، بل لانفسنا، نخسر روح الأمة، الوعي وأولادنا والمكان الذي ربما نريد إقامته هنا.
الأمر المهم جدا الذي تعلمنا إياه هذه الحرب هو أنه يمكن خرق السيادة بالقوة، كما فعلت حماس في ذاك السبت، لكن لا يمكن إعادة السيادة بالقوة، ولا يهم ما هي القوة. السيادة هي مثل الايمان والهوية، يجب بناؤها من جديد، خطوة خطوة، ليس تجاه الخارج بل بالذات تجاه الداخل.
   من لا يسألون أنفسهم ماذا أراد الواقع أن يقول لنا في ذلك السبت، وما يريد قوله لنا منذ ذلك الحين، لن يجدوا أي جواب على ذلك في أي يوم. فطالما أن ضجيج المدافع ما يزال يصم الآذان فنحن، مجتمع تنزف سيادته. هذا لا يعني أنه لا يجب علينا القتال. بل يجب. أنا لست من دعاة السلام، لكن الأمن الحقيقي على المدى الطويل لن يكون لنا اذا لم نعترف بأننا خسرنا. بالتأكيد يجب علينا فعل كل ما في استطاعتنا لإعادة المخطوفين في أسرع وقت ممكن، لكن ليس من أجل النصر. المخطوفون يجب إعادتهم كي نستطيع التعلم من جديد كيفية التنفس. السعي إلى النصر العسكري، الذي يبدو أنه سيمحو الخسارة، أصبح آلية قمع – عند قلائل أصبح آلية خداع، التي هي الأكثر خطورة بالنسبة لنا.
  لقد كتب في السابق هنا بأن التمييز بين الذين يعترفون بالخسارة وبين الذين ينكرونها، ربما هو التمييز الأكثر دقة بالنسبة للمجتمع الإسرائيلي الآن. هذا الاعتراف يزداد حدة فقط. الزعامة القادمة في إسرائيل يجب أن تكون زعامة تعرف كيفية الاعتراف بهذه الخسارة، ليس بمستوى اتهام جهات معينة، بل بمستوى الانتقاد الذاتي العميق لما أوصلنا إلى هذه اللحظة. الاعتراف بمسؤوليتنا جميعنا عن الطريق التي مشينا فيها، وعن القصة التي قمنا بروايتها وعن الأخطاء.
  حتى هذه اللحظة أنا لم أسمع أي زعيم، سياسي أو اجتماعي، من أي طرف يجري حقا انتقاد ذاتي لاذع كهذا. حتى هذه اللحظة لم اسمع أي زعيم يقول بأننا خسرنا وأننا نخسر – ليس فقط بالمعنى العسكري. وأن هناك شيئا عميقا معيبا في فهم الواقع وأنفسنا بالأساس.
  القوة الكبيرة لليهودية، التي مكنتها من البقاء على مدى التاريخ، هي القدرة على الاعتراف بالخسارة والأخطاء والدمار، وتحديد أيام للصوم والحداد سنة تلو أخرى. أمس يوم الجمعة، وهو يوم صوم 10 كانون الثاني، آلاف السنين صام اليهود في اليوم الذي فرض فيه نبوخذ نصر (ملك بابل) الحصار على القدس. انتصارنا الوحيد الحقيقي كمجتمع، والقدرة على الولادة من جديد وخلق مستقبل، تتعلق بشكل مطلق بالقدرة على إدارة بشكل صحيح وسليم وثوري النقاش حول الخسارة.

أخبار ذات صلة

0 تعليق