علاج أسنان مرتفع.. ورهان على لائحة أجور تضبط "عشوائية" الأسعار

الغد 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف
عمان - "مرات الواحد بيضطر إنه يسكت على وجع أو ألم أسنانه، بأنه يخلعها ويخلص من الوجع، عشان ما يعمل سحب عصب، لأنه أجور السحب كثير كبيرة، مرات بتوصل سبعين دينار للطاحونة الوحدة.. والواحد هالأيام ما معه"، هكذا وصفت أم محمد الحال مع وجع أسنانها وعدم إقدامها على علاجها.اضافة اعلان
وأضافت أم محمد، أن "الظروف الحالية ما بتساعد المواطن على إنه يتعالج، فبروح للوكالة (وكالة غوث وتشغيل اللاجئين)، أو للصحية (المركز الصحي)، إذا ما في إمكانية.. عشان يوقف الوجع"، متمنية أن تكون لائحة الأجور الجديدة لأطباء الأسنان واقعية و"مش بالعلالي"، وأن المواطن ينصف في أسعار العلاج "لأنه غلبان".
فما نعيشه حين تؤلمنا أسناننا، تجعلنا نتردد كثيرا بمراجعة الطبيب، وما حدث في السنوات الأخيرة، يكشف عن تفاوت كبير في أجور أطباء الأسنان، إذ أصبحت زيارة بعضهم، بخاصة من ذوي الأسعار العالية، عبئا يرهق كاهل الأفراد والأسر، ويفرض عليهم خيارين: إما تحمل هذا العبء، أو الصبر على الألم، وعدم الذهاب للعلاج.
وفي هذا النطاق، أطلق إعلان اللائحة الجديدة للأجور (أقرتها نقابة أطباء الأسنان ولم تدخل حيز النفاذ بعد)، تساؤلات حول مدى مواءمتها لحجم دخول الغالبية، وغياب مراعاتها لواقع المواطن المعيشي والاقتصادي الصعب، إلى جانب أنها كشفت أيضا عن مدى عدم إنصافها لأطباء، يعتقدون بأنها لا تحاكي متطلبات تطور المهنة، وما يترتب عليهم من أكلاف، تنعكس بالتالي عليهم وعلى المواطن.
"أصبحت الأسعار معومة تقريباً"، وفق المواطن محمد العياصرة، الذي أكد ضرورة ضبطها لتناسب مختلف فئات المجتمع، وإيجاد خيارات للعلاج تمكّن الغالبية منه، بخاصة وأن الواقع المعيشي عموما صعب.
وبين أن "من لا يملك تأمينا صحيا كحالي، يلجأ لمتابعة أسعار العلاج، للحصول على سعر مناسب، عن طريق التفاوض مع الطبيب على ذلك، وقد يصل الأمر أحيانا لتقسيط فاتورة المعالجة، للمريض المقتدر أو غير المقتدر، ففي النهاية، يريد المريض التخلص من الألم بالعلاج".
كما أكد العياصرة، أن المطلب الضروري لنا في هذا الجانب، يتركز على ضبط الأجور، لنتمكن من الحصول على العلاج، وتلقي خدمة طبية جيدة بسعر مقبول. لافتا إلى أنه في حال كانت مبادرة النقابة بتعديل اللائحة وتعميمها على أعضائها، مراعية لظروف المواطن وقدراته، فسيكون مرحبا بها.
ونوه العياصرة، إلى أن زيارة طبيب الأسنان ضرورة، وأضرار الأسنان والحاجة لمعالجتها تعد شائعة جدا، لكن في الفترة الحالية، قلما يذهب مواطن الى طبيب أسنان للعلاج إذا كان ألمه محتملا، وإذا ذهب للطبيب، فذاك عندما يبلغ الألم عنده حدا لا يحتمل.  
أم جود، رأت أن دخل المواطن الذي يعمل موظفا، لا يساعده على دفع الأجر اذا ما احتاج للعلاج، وغالبا نحتاج كلنا لعلاج أسناننا، لذا فإن تثبيت تسعيرة متوازنة للأجور، يحقق نوعا من العدل والمساواة النسبية للمواطنين، ويمنحهم فرصا لتلقي العلاج، بخاصة وأن علاج الأسنان ضرورة، بالذات للأطفال في العائلات التي تمتلك تأمينا صحيا.
الفروق بين اللائحة والأكلاف والجودة
لكن تحديد أجور العلاج، لا يحظى بتأييد أطباء، يرون بأن اللائحة الجديدة لا تراعي الفروقات في الأسعار بينهم، فمنهم من يقدمون خدمات علاج للمرضى ذات جودة وكلفة أعلى من أطباء آخرين.
وفي هذا الصدد، أشار اختصاصي سحب العصب د. إلياس إحسان، الى عدم التزام أطباء باللائحة، زاعما أيضا، بأن هناك مرضى من طبقات معينة "لا يلتزمون" بأسعار اللائحة، أو يرونها لا تناسبهم، بمعنى أنهم يريدون علاجا مكلفا.
ولفت حسان في هذا الجانب أيضا، الى وجود اختلاف كبير بين إمكانيات الأطباء وقدراتهم الطبية من جهة، وموقع العيادة من جهة أخرى، والذي يلعب دورا بتحديد السعر. مشيرا الى أن تطبيق اللائحة وتحديد أسعار العلاج "غير منطقي في مجتمع فيه طبقات اجتماعية مختلفة"، فبإمكان المريض الحصول على خدمات علاجية في أماكن عدة، لكن ما يهم هو جودة تلك الخدمات.
وعزا التفاوت في أجور الأطباء، إلى نوعية الخدمات وجودة المواد الطبية التي يستخدمونها وموقع العيادة أو المركز الطبي، منوها بأن "تقديم خدمة طبية ذات جودة منخفضة، لا يعني أنها سيئة".
وأفاد، أن ما يشهده قطاع طب الأسنان من تنافس شديد حاليا، يلعب دورا كبيرا في تفاوت الأجور بين الأطباء، برغم الجودة ذاتها، وهذا أفقد المواطن ثقته ببعض الأطباء، وخلق لديه شكوكا حول مصداقية الأجور التي يتقاضونها.
وأضاف إن "المواطن ما يزال غير قادر على التمييز بين طبيب أسنان أخصائي وطبيب أسنان عام، وهذا ما يواجهه أطباء الاختصاص، إذ "يتهمنا الجميع بتقاضي أجور مرتفعة".
وهو ما يوافقه فيه د. محمد يوسف الشلعوط، الذي يرى بأن "الزيادة الكبيرة في عدد أطباء الأسنان والذي يصل عددهم حاليا لنحو 11 ألفا، ويتوقع وصوله لـ15 ألفا في الأعوام الثلاثة المقبلة، يجعل المنافسة شديدة جدا في استقطاب المرضى، لذلك نشهد عشوائية في الأسعار لم يسبق لها مثيل".
وأكد الشلعوط، أن السعر المنخفض للعلاج في ظل ما نعيشه من أوضاع اقتصادية صعبة، سيكون على حساب جودة العلاج، وهذا ما يحدث حاليا في قطاع طب الأسنان الذي تشكل أسعار العلاج المرتفعة لدى أطباء فيه، عبئا على المواطن غير القادر على دفع مبالغ مرتفعة، بخاصة إذا تطلب علاجه جلسات علاج عديدة، كما قد يتطلب لتدخل جراحي، وهذه كلها تضاعف من أجرة العلاج.
ولفت إلى أن عدم ضبط الأسعار يدفع المواطن إلى أن يتحمل ألم أسنانه، ويسكت عنه، وبالتالي تتفاقم حالة أسنانه المرضية التهابا أو تسوسا، وبالتالي "حصول مصيبة أخرى، أو أن يحتاج إلى طبيب، واستخدام مواد علاجية ذات جودة أقل، سيكون لها تأثيرات جانبية".
وبين شلعوط أن التعديلات الأخيرة على اللائحة، تكشف عن توازن بين المواطن الذي سيتلقى خدمة جيدة بسعر معقول، والطبيب الذي سيحصل على دخل مقبول بالنسبة له أيضا، لكنه يلفت إلى أن اللائحة الجديدة تعالج مشكلة أجور العلاجات السنية المستحدثة لطب الأسنان التي لم تكن مدرجة على اللائحة القديمة، مع الحفاظ على أسعار العلاجات التقليدية بما يتناسب مع واقع التضخم الاقتصادي.
فيما اعتبرها إحسان غير عادلة ولا تنصف طبيب الأسنان الذي يعاني اليوم كما يعاني المواطن من ظروف معيشية وارتفاع في الأجور وتضخم اقتصادي.
القدومي: لا يمكن أن نصل للكمال
من جهته، عزا نقيب أطباء الأسنان د. عازم القدومي، ما وصفه بـ"الفراغ (الفروقات)" في أجور أطباء الأسنان، إلى قدرات كل طبيب، وما يستخدمه من أجهزة وما يمتلكه من خبرات، الى جانب قدرته على إجراء العلاجات كافة أو لا، وكذلك العمل في الاختصاصات السنية، و"هذا اختلاف منطقي".
وأوضح القدومي، أن المشكلة في اللائحة القديمة، أنها صدرت في العام 1999 أي قبل نحو ربع قرن، الى جانب أن ما حدث من تطور على طب الأسنان كبير جدا، بالإضافة للدخول السريع للتكنولوجيا على خدمات طب الأسنان، وبالتالي يشكل كلفا كبيرة على الطبيب، لذلك من الطبيعي أن يكون هناك اختلاف كبير في الأسعار.
وقال القدومي، إن "اللائحة الجديدة تراعي الاختلافات وعدم شمول 25 % من خدمات طب الأسنان الموجودة حاليا باللائحة القديمة"، مضيفا أنه بات من المنطقي صدور اللائحة الجديدة، وهي ليست للتغول على المواطن، ورفع دخل الطبيب، بل محاكاة لتطور المهن، وارتفاع الكلف العلاجية لطب الأسنان.
وبين القدومي، أن اللائحة الجديدة لا تهدف لزيادة الأعباء المالية على المواطن، بل لتعريف العديد من العلاجات غير الموجودة باللائحة القديمة، وحتى لا نعطي مجالا لاجتهاد الأطباء، إذ ستكون في مصلحة المواطن عندما تنظم وتحدد.
"هذه الإجراءات الحالية غير محددة، لذلك يستطيع طبيب الأسنان تقاضي الأجور التي يريدها"، وبالتالي تعريفها في اللائحة الجديدة يضبط الأمور ويضعها في نصابها الصحيح، كما أكد القدومي ضرورة الأخذ بالاعتبار مصلحة المواطن، وقدراته في ظل الوضع الاقتصادي الذي يعيشه الجميع، إذ يجب رفع اللائحة قليلا حتى تخدم طبيب الأسنان.
ويتابع "لا يمكن الوصول للكمال في هذه المسألة، ولكن لا بد لأن نلتقي في الوسط حتى نحقق أكبر قدر ممكن من العدالة والمصلحة العامة"، مع الحفاظ على المهنة ومكانة أطباء الأسنان محليا وعربيا، ليصل إلى مصاف العالمية، إلى جانب النظر بمصلحة المواطن.
إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق