شخصياً لم اتفاجأ من توجيه جلالة الملك الحكومة بالاهتمام بتكنولوجيا المستقبل، ونحن نعلم بانه صاحب النظرة الاستشراقية التي اتضحت في الكثير من المواقف والتحذيرات المتعاقبة لأحداث لم يكن الكثير من قادة العالم يتوقع حدوثها. اضافة اعلان
وكمتابع للتوجيهات الملكية وخاصة التعليمية والاقتصادية والتكنولوجية وغيرها خلال اكثر من عقدين من الزمن، نجد بان الملك سبق له وان وجه الحكومات المتعاقبة، ومنذ بداية القرن الحالي للاهتمام في صناعة المعلومات وجعل الأردن مركز لهذه الصناعة في المنطقة. حيث أطلق جلالته في عام 2003 مبادرة التعليم التي ادخلت الحواسيب وشبكة الإنترنت للمدارس وكانت انذاك الاولى من نوعها على مستوى المنطقة.
كما وسبق للملك ان وجه الحكومات بوضع استراتيجيات شاملة وبيئة تشريعية متطورة لتسهيل الأعمال الالكترونية وتسليح الاردنيين بالأدوات المطلوبة لمواكبة التطورات العالمية المتسارعة، كما وسبق له ان اشار في عام 2010 إلى ان تكنولوجيا المعلومات هي صناعة الحاضر وطموح المستقبل، وكان يطمح عندها لجعل الأردن بوابة المنطقة في التعليم وتكنولوجيا الاتصالات والمعلومات وعمليات الرقمنة.
يضاف إلى ذلك توجيهات الملك السامية للحكومة في عام 2012 بوضع استراتيجية دعم قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات للانطلاق لمرحلة جديدة تعزز دور الأردن كمركز ريادي في هذا المجال،
وسبق وان وجه الحكومات إلى ادخال سياسات واقعية للانتقال بالأردن إلى اقتصاد المعرفة وصناعة المعلومات والتي أسفرت عن انشاء محطات المعرفة التي تهدف إلى الانتقال للاقتصاد الرقمي ووضع الأردن على خارطة العالم الرقمية والتي كانت تتشكل انذاك.
وعلى الرغم من صدور العديد من السياسات الحكومية المتعاقبة للأعوام 2003 و 2007 و 2012 و 2018 وخطة reach 2025 والهادفة إلى بناء القدرات الرقمية ورقمنة الاقتصاد الوطني وتحسين موقع الأردن في التنافسية العالمية الرقمية، إلا ان نتائج هذه السياسات لم تكن في مستوى الطموح.
ان المفاجئة بالنسبة لي شخصيا، كانت في الرسالة التي وجهها جلالة الملك لدولة رئيس الوزراء لتشكيل مجلس وطني لتكنولوجيا المستقبل برئاسة دولته شخصيا" وبمتابعة وإشراف من سمو ولي العهد، وهو الطامح لنقل الأردن نقلة نوعية، وان يجعل منه قوة صاعدة في مجال التكنولوجيا الرقمية على المستوى العالمي.
ان توجيهات الملك بانشاء هذا المجلس جاءت من منطلق إيمانه وولي عهده بان التكنولوجيا لم تعد وسيلة فقط، بل اصبحت اخد الركائز في تطوير اقتصاد الدول.
ان التطورات التكنولوجية المستقبلية المتسارعة، كأحد نتاجات الثورة الصناعية الخامسة والتي قد اتضح منها حتى الان على الاقل عشرين مجال (الذكاء الاصطناعي، والحوسبة Quantum and Edge computing وتكنولوجيا الطاقة المستدامة وتكنولوجيا النانو والحيوية والامن السيبراني وحماية البيانات والواقع الافتراضي والمعزز والمتافيرس وغيرها) لا بد لها إذا ما استغلت بشكل ايجابي ان تحدث تغيرات كبيرة في الاقتصاد وسوق العمل (الذي ستكون احتياجاته لمهارات مختلفة عن المتوفرة حاليا").
ان ايمان الملك بإدخال تكنولوجيا المستقبل ستساهم لا محالة في تحسين معيشة ورفاهية المجتمع بكافة اطيافه، وهو يعلم بان حجم الاستثمارات العالمية ستكون تريليونات من الدولارات.
كما ان تشكيل هذا المجلس وبهذه القوة من المتابعة والإشراف، يعني اننا في الأردن سنحقق النجاحات لإحراز مكانة متقدمة على الساحة الدولية ستؤدي للحصول على منافع اقتصادية واجتماعية وخلق فرص عمل جديدة.
كما ان مثل هذا المجلس وتحت إشراف ولي العهد، سيكون متيقظا" لحجم التغيرات في عالم التكنولوجيا التي ستشهدها العقود القليلة القادمة والتي ستنقلنا لتحديات من نوع آخر قد تفوق حدود الخيال البشري، وإذا لم نكن متابعين لكافة الابداعات والابتكارات الغير تقليدية وبالتالي قد تتشكل لا سمح الله فجوة رقمية بيننا وبين الآخرين.
ان المتابع للأوضاع في الأردن والذي يعيش امناً ضمن اقليم ملتهب، عانى من أزمات اقتصادية متلاحقة نتيجة لمواقفه السياسة وشح موارده والتي انعكست سلباً على مستوى المعيشة وارتفاع نسبة البطالة، والتي اثرت على موقعه في التنافسية العالمية (ان الدول التي احتلت المواقع المتقدمة كانت قد حققت نجاحات كبيرة في التحولات الرقمية).
اننا اليوم الأكثر حاجة لمثل هذا النوع من التوجيه وسنكون اكثر اطمئناناً لعمل هذا المجلس وبمتابعة وإشراف من قبل ولي العهد شخصيا"، وانه سيشكل نقلة نوعية ودافع قوي في تبني خطة ستؤدي لتوفير فرصة واقعية لإحداث قفزة في التحولات الرقمية للانتقال إلى الاقتصاد الرقمي وبكل تأكيد سيحقق زيادة في النمو الاقتصادية وتقليل الفجوة الرقمية وسيغير قواعد اللعبة لتحقيق أهداف التنمية المستدامة.
0 تعليق