في لحظة تاريخية تُجسّد عمق الأخوّة والمحبّة، وصل حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، ملك البلاد المعظم حفظه الله ورعاه، إلى سلطنة عُمان الشقيقة في زيارة دولة رسمت مشاهد لا تُنسى من الاحتفاء والتقدير. ومنذ اللحظة الأولى، بدت السلطنة وكأنها تتزيّن بأبهى حللها لاستقبال ضيفها الكبير، معبّرةً عن العلاقات الراسخة بين البلدين الشقيقين، التي ترتكز على تاريخ مشترك ومصير واحد.
وعند وصول الطائرة الملكية الخاصة إلى أجواء السلطنة، رافقها سرب من الطائرات العسكرية التابعة لسلاح الجو السلطاني العماني، في تحية رسمية تعبّر عن مكانة جلالته.
وفي المطار السلطاني الخاص، كان في مقدّمة مستقبليه أخوه صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق، سلطان عُمان المعظم، الذي استقبله بحفاوة تعكس عمق العلاقات الأخوية والاحترام المتبادل بين القيادتين.
تحوّلت شوارع مسقط إلى لوحات فنية حية، حيث تقدّم الموكب الملكي نحو قصر العلم العامر وسط احتفاء غير مسبوق. بدايةً، اصطفّت على جانبي الطريق مجموعات الهجانة السلطانية في مشهد يعبّر عن التقاليد الأصيلة للسلطنة، حيث استقبلوا جلالته بأناقة الهجن وجمال العرض.
ومع عبور الموكب، أبهرت الخيالة السلطانية والحرس السلطاني العماني الحضور، حيث تقدّمت كوكبة من الفرسان بخيولها المهيبة، مرتدية الأزياء التقليدية المزدانة بالتطريز العماني العريق، في مشهد يفيض بالمهابة والفخامة.
كان المسير البطيء لهذه المواكب فوق صهوات الخيل بمرافقة الموسيقى العسكرية الراكبة لحظة من السحر الخالص. الألحان الملكية التي عزفتها الفرقة الموسيقية أضافت طابعاً أسطورياً للمشهد، حيث بدا مدخل قصر العلم وكأنه بوابة تعبر نحو صفحات من تاريخ مجيد يعكس عراقة السلطنة وتقاليدها الملكية.
وعند الوصول إلى الساحة الخارجية لقصر العلم العامر، كان الاحتفاء الشعبي في ذروته. واصطفّت فرق الفنون الشعبية بزيّها التقليدي الزاهي، مردّدة الأهازيج التراثية التي تنبض بروح المحبّة والاعتزاز. ومن بين هذه العبارات، علت الهتافات بكلمات: «يا مرحبا بالملك حمد.. شرّفت شعب السلطنة». كان الصوت القادم من القلوب العُمانية رسالة حبّ وامتنان تعبّر عن عمق العلاقة بين الشعبين البحريني والعُماني.
وبعد مراسم الاستقبال المهيبة، عُقدت جلسة مباحثات رسمية بين جلالة الملك المعظم وجلالة السلطان هيثم بن طارق، حيث سادتها روح الأخوة والتفاهم المشترك.
تناولت المباحثات العلاقات الثنائية الراسخة بين البلدين وسُبل تعزيزها على كافة المستويات. وجرى التأكيد على أهمية الشراكة الاستراتيجية التي تجمع البحرين وعُمان، والتركيز على المجالات التي تعكس الأولويات المشتركة، مثل التعاون الاقتصادي، والتبادل الثقافي، وتعزيز الأمن والاستقرار الإقليمي.
وتضمّنت المباحثات نقاشاً معمّقاً حول القضايا الإقليمية والتحديات التي تواجه المنطقة، حيث أبدى القائدان توافقاً كبيراً في وجهات النظر بشأن أهمية تعزيز العمل الخليجي المشترك والدفع نحو التكامل الاقتصادي الذي يخدم تطلعات شعوب الخليج.
كما تناولت الجلسة القضايا الدولية ذات الاهتمام المشترك، مع التشديد على دور البلدين في تعزيز الأمن والسلم الدوليين عبر المشاركة في الجهود الدبلوماسية وتحقيق التنمية المستدامة.
هذه المباحثات لم تكن مجرد لقاء رسمي، بل كانت تعبيراً عن التزام البلدين بتعميق أواصر العلاقات التاريخية والعمل معاً لتحقيق أهداف مشتركة. وقد أثمرت هذه الجلسة عن رؤى مشتركة لمستقبل أكثر إشراقاً للبلدين والمنطقة، مع التأكيد على الدور المحوري الذي يلعبه التعاون البحريني العُماني في تعزيز استقرار المنطقة وازدهارها.
زيارة جلالة الملك المعظم إلى عُمان ستظلّ شاهداً على التلاحم الأخوي بين البلدين، حيث جسّدت هذه المباحثات روح الإخاء والالتزام المشترك بمواجهة التحديات وتحقيق تطلعات الشعبين الشقيقين.
هذا الاحتفاء المهيب والمباحثات البنّاءة هما دليل على قوة العلاقة بين البحرين وعُمان، وعمق التأثير الذي يمكن أن تُحدثه هذه الشراكة على المستويين الإقليمي والدولي.
عبدالله إلهامي ـ مسقط
0 تعليق