شيخ الأحرار

السبيل 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

يناير 15, 2025 2:54 م

خالد حسنين

شهادتي في الشيخ سالم الفلاحات مجروحة، فهو الأستاذ والمعلم والشيخ والنموذج الذي يمثل ضمير الاردنيين، كان قائدا في الإخوان عندما كنت في قسم التخطيط، وعملت بمعيته أمينا للسر عندما كان مراقبا عاما للجماعة، وكنّا نجتمع معا يوميا بالساعات، ونجوب الأردن شمالا وجنوبا، فهو رجل لا يكل ولا يمل، وما زال كذلك حتى يومنا هذا…

وعندما جاء الربيع العربي ترافقنا في التجمع الشعبي للاصلاح، وعرفنا وقتذاك أن العمل الوطني بحاجة إلى وعاء أوسع من أوعية الإخوان المتاحة وقتذاك، فحاولنا توسيع إطار حزب الجبهة ليكون قادرا على استيعاب الكل الوطني، ونجحنا إلى حد ما، ولكن اضطررنا بعد ذلك للذهاب مع مجموعة من الوطنيين إلى تجربة حزبية جديدة وفريدة، تمثلت في حزب الشراكة والانقاذ، وبقينا على علاقة طيبة مع الاخوان حتى تاريخه، وتم حل حزب الشراكة بعد سبع سنوات من تأسيسه، ولكن جذوة العمل الوطني لم تذوِ عند الشيخ السبعيني، فبادرنا بمعيته إلى العمل على تأسيس حزب الشراكة والبناء، والذي ما زال يحاول الخروج من دائرة الاستهداف المستمر سعيا للترخيص.

يوم أمس الثلاثاء كان الاجتماع الدوري للجنة التحضيرية لتأسيس الحزب الجديد، وكان قرار محكمة الجنايات قد صدر بالحكم على الشيخ سالم بالسجن خمس سنوات، ولكن الشيخ أخفى الخبر حتى وقت الاجتماع، وأصرّ في الاجتماع على عدم الاعلان عن الخبر، ولأنني قريب من الشيخ وأعرف طريقة تفكيره أستطيع أن أبوح لكم ببعض أسرار هذه الشخصية الفذة التي ربما لا تتكرر كثيرا في التاريخ الاردني.

الشيخ يرى أن نشر خبر الحكم عليه سيكون مزعجا لكثير من الأردنيين، ويسيء إلى سمعة الأردن، وهو من أشد الناس حرصا على الأردن والأردنيين، فكان قراره بعدم النشر حرصا على وطن يفتديه بنفسه وماله وأبنائه، ولم يكن خجلًا من تهمة مفضوحة لرجل فوق الشبهات، وليس محل اتهام بحال، كما أنني أعلم يقينا وأكاد أقسم على ذلك بأن الشيخ حفظه الله يفضل أن يكون مسجونا مع رفاقه أيمن صندوقة وأحمد حسن الزعبي وصبري المشاعلة وغيرهم، على أن يكون آمناً في بيته بين أبنائه وأحفاده، فهذا الرجل الرمز رغم أنه لا يحب المدح ولا يطيقه، ولكنها كلمة حق يجب أن تقال، هذا الرجل يمثل موئلًا للأحرار، وأبا أو أخا لكافة المعتقلين وعائلاتهم، وحاملا لهمّ الأمة ليلا ونهارا.

أعلم أن مئات المسؤولين العاملين متألمون لسماعهم خبر الحكم على الشيخ سالم، لأنهم أردنيون حقيقيون وأبناء عشائر، ويعرفون مقامات الرجال، ولكن هناك فئة للأسف تعيش بيننا، وأخلاقها ليست من أخلاقنا، تطير فرحا بهذا الخبر الذي أثار لديها دوافع غريزية للانتقام، لأن صوت الشيخ كان يخاطب ضمائرهم المرتهنة لمصالح ضيقة، ويريدون عبر قرار الحكم عليه تشويه سمعته.

أولئك الصغار موجودون في كثير من المواقع، ويحتاجون إلى علاج نفسي طويل الأجل لعلهم يستعيدون شيئا من أخلاق الاردنيين وتاريخهم، ونحن واثقون أنهم مجموعة من الطارئين على المواقع المختلفة، يعرفون الحق ويحيدون عنه، وإن التاريخ يسجل كل موقف وكل فعل، وسيأتي يوم الحساب عاجلا أو آجلا، ولنا في حوادث التاريخ البعيدة والقريبة أكبر العبر.

لا بأس عليك أبا هشام، فمقامك حيث رب العالمين أقامك، مثالا يحتذى، وحرّا لا تساوم على قول الحق، وصوتا صادحا عاشقا لتراب الوطن، محبا لجميع الأردنيين، وهم يبادلونك حبا بحب، وأما الحاقدون الناقمون الصغار فمصيرهم إلى زوال وإن قصر الزمان أو طال.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق