السبيل – خاص
يشهد المشهد الإعلامي الإسرائيلي هذه الأيام سلسلة من التحليلات التي تعكس حالة من الإحباط والتشاؤم إزاء الاتفاق المرتقب بين “إسرائيل” وغزة.
وتناول ثلاثة من أبرز المحللين الإسرائيليين – عاموس هرئيل، بن درور يميني، ويوسي يهوشع – التطورات الأخيرة المتعلقة بالمفاوضات حول صفقة تبادل الرهائن والوضع العسكري في غزة. وعلى الرغم من أن كل كاتب قدم رؤيته بشكل مستقل، إلا أن القاسم المشترك في مقالاتهم هو الشعور بالهزيمة والاعتراف بتعقيد الوضع.
صفقة التبادل تحت ضغط أمريكي
وسلط عاموس هرئيل، في مقالته المنشورة بصحيفة “هآرتس” الضوء على الضغط الأمريكي الذي تمارسه إدارة الرئيس المنتخب دونالد ترامب على حكومة نتنياهو للموافقة على صفقة تبادل الرهائن.
وأشار هرئيل إلى أن هذه الصفقة رغم كونها ضرورية لإنقاذ حياة الأسرى الإسرائيليين، إلا أنها تأتي بثمن سياسي وعسكري باهظ.
وقال هرئيل إن الضغط الأمريكي وصل إلى ذروته في اجتماع خاص بين نتنياهو والمبعوث الأمريكي، ما أجبر الحكومة الإسرائيلية على القبول بتنازلات لم تكن لتقدم عليها تحت ظروف أخرى.
واعترف هرئيل بأن الصفقة لن تحقق الأهداف الكبرى التي وضعتها إسرائيل للحرب، مثل تدمير سلطة حماس أو استعادة السيطرة الكاملة على قطاع غزة.
وبدلاً من ذلك؛ يبدو أن الصفقة ستركز على إنقاذ الأسرى، مع تجاهل الأهداف الاستراتيجية المعلنة، وهو ما يثير قلقاً واسعاً بشأن مستقبل الوضع الأمني في المنطقة.
أهمية الصفقة رغم الانتقادات
من جهته؛ اعترف بن درور يميني، في مقالة بصحيفة “يديعوت أحرونوت” بأن صفقة التبادل سيئة من الناحية التكتيكية لـ”إسرائيل”، لكنه شدد على أن وقف الحرب أفضل من استمرارها.
ووصف يميني استمرار القتال بأنه نزيف لا ينتهي، مشيراً إلى أن آلاف العائلات الإسرائيلية تعيش في حالة من الخوف والقلق بسبب الحرب المستمرة.
ورأى الكاتب الإسرائيلي أن الصفقة رغم أنها تأتي بتنازلات كبيرة، إلا أنها تمثل فرصة لاستعادة الأسرى ووقف نزيف الدماء.
ولم يغفل يميني الإشارة إلى الانتقادات الحادة التي تواجهها الحكومة من داخل اليمين الإسرائيلي، وخاصة من قبل شخصيات مثل سموتريتش وبن غفير، موضحا أن هذه الشخصيات تعتبر أي تنازل لحماس خطراً استراتيجياً على أمن “إسرائيل” وهو ما يعكس الانقسام الحاد داخل الأوساط السياسية الإسرائيلية.
الثمن الباهظ للحرب
أما يوسي يهوشع، فقد قدم في مقاله بصحيفة “يديعوت أحرونوت” رؤية أكثر تفصيلاً عن الأثمان الباهظة التي تدفعها “إسرائيل” نتيجة الحرب.
وأشار إلى أن العمليات العسكرية في شمال القطاع، مثل بيت حانون وجباليا، لم تحقق الأهداف المرجوة، بل أظهرت ضعفاً في التخطيط والتنفيذ، كاشفاً عن معاناة الجيش الإسرائيلي من نقص في الموارد والتعب النفسي والبدني للجنود الذين يقاتلون منذ أشهر دون راحة كافية.
وحذر يهوشع من أن الاتفاق المتبلور، الذي يسمح بعودة سكان شمال القطاع، قد يجعل استئناف القتال في المستقبل أكثر تعقيداً وخطورة.
وأشار الكاتب إلى الأخطاء العملياتية في توزيع المسؤوليات داخل الجيش الإسرائيلي، معتبراً أن هذه الأخطاء تعكس أزمة أعمق في القيادة العسكرية والسياسية الإسرائيلية.
توافق ضمني على الأزمة
رغم الاختلاف في زوايا التحليل؛ يتفق الكتّاب الثلاثة على نقطة جوهرية: “إسرائيل” تواجه أزمة حقيقية تتجاوز المعارك العسكرية إلى أبعاد سياسية واستراتيجية عميقة، والحرب التي بدأت بهدف تحقيق نصر واضح على حماس تحولت إلى مستنقع من التعقيدات، حيث يجد السياسيون والعسكريون أنفسهم محاصرين بين المطالب الدولية والضغوط الداخلية.
وفي ختام مقالاتهم؛ يلمح المحللون الثلاثة إلى أن الحلول المطروحة ليست مثالية، لكنها ضرورية لتخفيف حدة الأزمة الحالية.
ويشير هرئيل إلى أن الصفقة قد تكون بداية لتهدئة طويلة المدى تتطلب دعماً دولياً لإعادة إعمار غزة. أما يميني فيدعو إلى تغليب المصلحة الوطنية على الاعتبارات السياسية الضيقة. فيما يحذر يهوشع من أن الفشل في تنفيذ الاتفاق بشكل محكم سيجعل الأثمان المستقبلية أكثر فداحة.
الخلاصة.. تعكس مقالات المحللين الإسرائيليين حالة من الإحباط والتشاؤم بشأن مستقبل الحرب والصفقة المحتملة. ورغم اختلاف تحليلاتهم، إلا أنهم يجمعون على أن “إسرائيل” تقف أمام مفترق طرق حاسم، حيث يبدو أن الخيارات المتاحة مكلفة ومحدودة في آن واحد.
0 تعليق